شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رحلَة إلى مَديْنةِ الرّسول صلى الله عليه وسلم
(في زيارة عام 76)
ولما شددت الرحل قال محدثي:
أرى صاحِبي عجلان ملء ثيابه
ترى هل حزمت الأمر أم أنت مسرع
خطاك، فلم تحفل بكل صعابه
فقلت: بلى لكن إلى الله هجرتي
وللمصطفى المختار ثُم صحابه
أما إننا وفد النبي وضيفه
فأكرم بمضياف تُرى في جَنابه
مشينا نشد الرحل نحو الذي به
هدى الله أقواماً مشوا في ركابه
لنقرئه منا السلام مُعَطَّراً
بذكراه نستهدي بها في رحابه
ونأمل عفو الله عن كل زَلَّة
ونستلهم الله الهدي عند بابه
وحسبك من قرب (الرسول) ووصله
وقد غاب عن دنياك غَيْبُ خطابه
وإن لبعض الغيب في النفس هزَّةً
يُقَصِّر عنها ماثل في ثيابه
كذلك ذكرى النابهين وإن جرى
بها الدهر صخَّاباً بطيّ عُبابه
تَرَدَّدُ في مسمع الزمان وخلده
وتَعْلَقُ منه في جبين كتابه
فقل للألى ظنوا الحياة غنيمة
قنعتم بماء ضاحل بل سرابه
تعجلتمو زيف الحياة فغرّكم
فتونٌ لها يُغري بريقُ خِضابه
ولَلْبَاقياتُ الصالحاتُ خوالدٌ
على الدهر أبقى للفتى في مآبه
سلاماً - رسول الله - من قلب مدنف
هواك وحَرُّ الشوق قد بَرَّحا به
أتاك يُغِذُّ السير، لهفان، مسرعاً
يُبَلّل جوفاً صادياً من لُعابه
ألحَّ عليه الوَجْدُ، والشوق، والهوى
وكلهمو يضني الفتى من عذابه
ولكنّ شقوى الحب، بِرٌّ، ورحمة
مذاقهما حلو على رغم صابه
قعدتُ فلم أشخص إليك، ولم يكن
هواي، مصيرُ المرء فوق حسابه
وأخشى الذي أخشاه، أنْ كنتُ مبعداً
عقوبةَ محروم، وِفاقاً لِعابه
وما كنت - وأيم الله - أسلوك إنما
حليف ادكار، رغم طول غيابه
وما كنت - عمري - جاحداً فضل نعم
فكيف بربي، ثم هادي صوابه
ولكن يعزيني يقيني بأنني
محب، وهذا شافعي في عتابه
وإن عظيم النفس من كان حبه
شفيعَ محب، مُقْصِرٍ في جوابه
وأي عظيم لا تُرى أنت فوقه
ومن مثل قلبي صادقاً في حُبابه (1)
وكنتُ على البعد المُمضّ أزُفُّها
تحية مشتاق تُصَوِّرُ ما به
فأسمع في أعماق قلبي إجابة
يَرِفُ لها قلبي رفيف شبابه
إجابة من يُربى الكرامة مُجْزِلاً
كريماً، يحاكي المزنَ عند انسكابه
فكيف وقد أمسيت مذ شد رحلنا
على قاب قوسين، هنا، في رحابه
حبيبي رسول الله طوبى لمدنف
لقاء حبيب بعد طول اغترابه
وتلك لعمري - حظوة دون حظوتي
بلقياك في أرض الهدى ومآبه
شددت إليك الرحل في مطلع الهدى
إلى مصدر الإشعاع غِبُّ احتجاجه
ركنت إلى (الأنصار) للحق داعياً
فكان بنو الأنصار آساد غابه
وحسب بني الأنصار ما خَلَّدتْ لهم
صحائفُ مجد في جليل كتابه
جزيتهمو عنها جزاءً مُوفَّقاً
كدأبك في شتى الفِعال النوابه
رجعت بهم من بعد فتحك (مكة)
(ليثرب) إكرامَ الشَّرى وغِضابه
وقلت لهم قولاً يكافئ حبَّهم
وإنك أدرى بالهوى وطِبابه (2)
"لو أن عباد الله ساروا بمسلك
وعاف بنو الأنصار شتى دِرابه
سلكت مع الأنصار عقبى حفاظهم
على الحق حتى أصبحوا كجِرابه"
ومن هو أولى منك بالفضل والنهي
جزاء كريم، أو رعاية نابه
ألا يا صَفِيّ الله.. قد طبت مولداً
وطبت فَتِيًّا في ربيع شبابه
فكنت (أميناً) في قريش وسيداً
حبيباً إليهم، طاهراً في رِغابه
رضوه لأمر ليس يُرْضي لمثله
سواه فكان الخيرَ فصلُ خطابه
وكنت ترى في ما حواليك أمة
وليس لها في العلم غير حَبابه (3)
تلمست باب الله تستلهم الهدى
كأنك تدنو منه فوق هضابه
وتستنزل الإلهام نجوى مُنَبَّئ
فرشَّدك الرحمن هَدْيَ صَوابه
ورحت تنادي الناس: هذي سبيلكم
إلى الله. فامشوا خُشَّعاً نحو بابه
وما هي إلا البِرُّ والخير والتُّقى
ونصرةُ مظلوم، ودرأُ مُصابه
وكنت (مثالَ الدعوة الحيَّ) رائعاً
تعيش لمحض الخير بل لِلُبابه
ضربت من الأمثال ما يرفع الورى
فسارت مع التاريخ فوق ضبابه
تشق لنا سبل الرشاد كأنها
صُوىً تُرشد الساري طريق احتطابه
ولكننا حدنا عن النهج قيّماً
ضلالَ جهولٍ، سادرٍ غير آبه
فإن جرَّنا للخير داعٍ من الهوى
خفي، عجزنا عن تمام نِضَابه
ومن أضمر السوأى وأظهر غيرها
فلا بد أن يبدو بغير حجابه
وإنا ذوو دعوى بعيد حدودُها
كحُلْم شَروبٍ غارقٍ في شرابه (4)
فحق علينا أن نبوءَ بوزرنا
جزاء كذوب مفحش في كِذابه
إلى الله نشكو أنفساً ضل سعيها
تملكها غي هوت عن غلابه
فسخرت الدنيا متاعاً معجلا
غرور غبي مسرف في طِلابه
ومن يأمن الدنيا يكن مثلَ آمن
أَذى الليث امّا افتر عن بعض نابه
فيا رب إني في جوار (محمد)
وعبر رؤى التاريخ - غِبّ اصطحابه
إليك رفعت الكف ألتمس الرضا
وأرتضع الغفران، حلوى رُضابه
فما لغريق في الخطيئات شافع
لديك - وأنت الله غير منابه
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :616  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 863 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.