شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يوم محمَّد صلى الله عليه وسلم
(في ذكرى المولد النبوي عام 1370هـ)
يوم أغرُ وليلة غراءُ
فالأرض مشرقة الرؤى فيحاء
والعالم العلويُّ في ملكوته
متهلّل مستبشر وضّاء
الكون في حدث جديد شامل
قد أشرقت أرض به وسماء
وكأنما جنات عدن فُتِّحَتْ
أبوابُها فتضوَّعت أشذاء
ومشت على الدنيا وفي نسماتها
فتعطَّرتْ بعبيرها الأرجاء
وكأنما قبس يثُرُّ شعاعه
بالنور فالدنيا به بيضاء
وكأنما هي نفحة من طيّها
أملْ يَرِفُّ وديمة سَحَّاء
رفّت على الأرواح فهي وشيجة
بين القلوب تراحم ورجاء
وعلى الوجوه تهلل وتبسم
وعلى الشفاه تفاؤل وثناء
ما ذاك إرهاص بأمر كائن
مما يظنُّ الناس والعُرفَاء
لكنّه حدث له ما بعده
في العالمين وحكمة وقضاء
إيوان كسرى زلزلت أركانه
وهوت له شرفاته العلياء
وإذا به لألى الكتاب بكتبهم
عنه وعن أوصافه أنباء
وإذا به البشرى يسير بها إلى
أبناء هاشم والورى البشراء
وإذا به البشرى بمولد (أحمد)
وتَحَوُّل في الأرض منه مضاء
وإذا (بآمنة) ترى في نومها
حلماً وفيه بشائر وسناء
بَصُرت ضياءً مشرقاً من جوفها
فالكون منه مشرق لألاء
قد طال ما غشيَ الوجود من الهوى
ومن الضلال غلائل سوداء
ومشى على الأَرضَين أهلوها بما
تُملي النفوسَ الشِرَّةَ الأهواء
الجاه فيهم للمُدِلّ بماله
والأقوياءُ السادةُ الزُّعماء
والأكثرية دون وعي أنها
منقادة وكما تُساق رِعاء
وإذا (بيوم محمد) وكأنه
حَدٌّ لعهد مُظْلمِ - وضياءُ
وُجِد الهدى في الأرض يوم وجوده
فتقشعت بضيائه الظلماء
مرّت على الأفكار نفحة عبقر
قدسية وعلى العقول رُخاء
فإذا ببعض القوم يبدو شكُّه
في ما عليه الأمة العمياء
لكنهم ما بين من هو خائر
متردد تجري به الدَّهْمَاء
ومُحَيَّر مُسْتَضْعَفٍ في معشرٍ
لا يَستَعزُّ لديهمو الضعفاء
ومَسَوَّد يخشى على سلطانه
أن يستخف بأمره النُّظراء
والحق أعوزهم فلم يُهْدَوْا إلى
ما فيه طبُّ نفوسهم وشفاء
وإذا (محمد) فوق ذاك وإنما
من قلبه للحق كان وعاء
وبنفسه دون الضلال ودون ما
غشيَ الوجودَ حصانة ووقاء
يستلهم الله العليّ هداية
تشفي القلوب ففي القلوب عماء
وتشيع في الكون البهيم أشعة
تمحو الضلال فللهدى أضواء
والحق ميزان النفوس فما لها
لولا هداه قناعة وصفاء
ومن استبان الحق في أعماقه
لم يثنه الكبراء والغوغاء
ولكان في إرضائه لضميره
عمّا يلاقي راحة وعزاء
يتعبد الله العظيم بمعبد
ناءٍ عليه جلاله ورواء
فيه من الحق المبين صفاته
وسبيله كسبيله وعثاء
ناء فليس يُؤَمُّ دون مَشَقَّةٍ
والحق فيه مَشَقَّةٌ وعناء
كهف وكهف الحق ملجأ مؤمن
للنفس فيه سكينة.... ودواء
عالٍ على البيداء يشرف شامخاً
والحق عالٍ ما وراه علاء
يحتاطه الصمت الوقور وإنه
للروح رَوْحٌ، والعقول غذاء
عار، ودنياه الطبيعة وحدها
وطبيعة الحق المبين عراء
لله درّ (حراء) في عليائها
كَرُمَت على الدنيا بذاك (حراء)
أفضى إليه (الله) في جنباتها
وَحْياً تبارك ذلك (الإيحاء)
ومشى (النبي) إلى العوالم داعياً
للحق وهو المنهل الرَّواء
يدعو إلى الحقّ الصُّراح بشرعة
عن غيرها للعالمين غَناء
ضمنت حقوق الناس كيف تنوَّعت
أحوالهم وتعدَّدت أنحاء
الحق أصلٌ ثابت في أُسِّها
وذوو الحقوق بحقهم أسواء
والعدل أُسُّ بناء كل حضارة
يفنى الزَمان وللبناء بقاء
تتعاقب الأجيال، وهو مُخَلَّدٌ
رأسٍ يعزّ بصُنْعه البَنَّاءُ
وتعشق الحق المبين جماعة
فهمو على حرماته أُمناء
ومشوا على الدنيا به وهمو على
أعبائه وبحملها أكفاء
والحق أسمى ما تكون نهاية
لكنه في طَيِّه أعباء
وإذا همو من بعد موت (محمد)
خلفاؤه والقادة النبلاء
رفعوا على الدنيا مشاعل هديه
فتضوأت بضيائها الأجواء
وتغلغلت أمداؤه في جوفها
فإذا على أمدائها أمداء
ومشوا عليها قادرين أعِزَّةً
بالحق، أنفسهم به بيضاء
فالمستعزُّ بعزهم يأوي إلى
ركن وفيهِ مناعة شَمَّاء
والمستظلُّ بظلّهم في وارف
منه وفيه لغيرهم أفياء
والمستجير جوارهم في مَأْرِزٍ
فهمو بذاك السادة الكرماء
وهمو الخيار منابتاً ومرابعاً
للخير في رحباتهم إذْكاء
ليس القويّ بسيد ما لم يكن
يحميه حق بَيِّنٌ وإباء
أما الضعيف فليس إلا من تكن
تستضعف العثرات والأخطاء
أكرم بهم عظماء غير مدافع
موتى وأحياء، همو (الخلفاء)
الخالدون على الدهور بذكرهم
فوق التراب وتحته أحياء
وأتى على أعقابهم خَلْفٌ لهم
أهوت به الأطماعُ والخُيلاء
أغراه من دنيا الحياة رواؤها
وظواهر خدَّاعة جوفاء
والنفس مولعة بما هو هَيِّنٌ
فيه لمحض رِغابها إغراء
فتقسموا شيعاً وبُدِّد شملُهم
فإذا المُلاء ممزقٌ أشلاء
وإذا تشقق للخلاف مسارب
في أمة فعلى الجميع عَفاء
ومضت سنون تعاقبت أجيالها
والمسلمون الكثرة البَلْهاء
استحكم الدَّاءُ العُضَال بجسمهم
حتى تأصّل في الدماء الداء
وتشدَّق المتشدقون بمنطق
وتبارت الرُّواد والخطباء
والداء يفتك عابثاً في أمة
عزَّت على حكمائها... الأدواء
لن تستقيم أمورها إن لم تفد
(ذكرى) لمطلع هديها إيماء
ما ذاك بالتبريز في تصويرها
لحناً يصاغ من الشعور براء
ما ذاك بالإطراء في خير الورى
فهو (العظيم) ودونه العظماء
ما يبلغ الإطراء شأوَ (محمد)
في المجد وهو السِّدْرةُ العصماء
إن كان يوجبه الوفاء مُؤكِّداً
فأقلُّ ما يُزجي البخيل ثناء
من يَدَّعي حبَّ (النبي) ولم يُفِدْ
من (هديه) فسفاهة وهَراء
الحبُّ أول شرطه وفروضه
إن كان صدقاً طاعة ووفاء
بل إنه قبس يشيع أشعة
في النفس تستهدي به وتضاء
تستلهم (الذكرى) المعاني ثَرَّةً
والذكريات المنهل الرَّوَّاء
وتفيد منها ما يكون سلاحها
في الحادثات ففي الخطوب بلاء
وتفيد منها ما ينير سبيلها
للخير فهي المشعل الوضَّاء
لله ما أسمى النبي وإنها
أسمى الزمان الليلة الغراء
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :589  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 861 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.