شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شرط إسرائيل للانسحاب من لبنان
تناقلت وكالات الأنباء أن أهم شرط طرحته إسرائيل للانسحاب من لبنان، هو ضمان عدم عودة الفدائيين إليه. ولا ندري من هو الذي تطلب إسرائيل ضمانه. ولكن المفهوم طبعاً أن الولايات المتحدة تظل هي المرشحة دائماً لأي ضمان من أي نوع تطلبه إسرائيل.
ولكن المسألة ليست في من الذي يضمن، وإنما في كيف يضمن بغير حصد الأرواح البريئة وتشريد الفدائيين من الفلسطينيين وغير الفلسطينيين عن أراضيهم لحماية أرواح سكان المستوطنات في شمال إسرائيل... والولايات المتحدة هي الأقدر طبعاً على أن تقدم الضمان الذي تطلبه إسرائيل ولكن دون أن تطلق هي رصاصة واحدة وتلك عملية تبدو سحرية دون شك، ولكنها مكشوفة في نفس الوقت لأن كل الذي عليها أن تفعله هو أن تعطي الضوء الأخضر لقوات إسرائيل لتقوم بحصد الأرواح عندما تشاء وكيفما تشاء وحتى بدون أي سبب من الأسباب التي تبرر بها أعمال القمع والإرهاب.
منذ أسابيع نشرت الصنداي تايمز تقريراً لمراسلها من بيروت يقول إن منظمة التحرير الفلسطينية قد جهزت 1500 فدائي وسربتهم إلى بيروت سراً بحيث يختفون في أماكن حددتها لهم بدقة في أنقاض مخيمات الفلسطينيين في بيروت الغربية وأن لهؤلاء قيادة تتمركز فيما يسمى نادي حيفا الرياضي وأن الفدائيين بأسلحتهم وصواريخهم وقنابلهم الروسية قد انتشروا فعلاً وأن ما لا يقل عن 24 فدائياً منهم يتواجدون الآن في حي برج البراجنة في بيروت...
بغض النظر عن صحة أو عدم صحة تقرير مراسل الصنداي تايمز، فإن الذي يجب أن تعيه إسرائيل والولايات المتحدة أن عودة الفدائيين الفلسطينيين ستظل مطلباً مفروغاً منه، وستظل الطريق إلى تحقيقه مفتوحة مهما بقيت إسرائيل محتلة فيه لأن الذين أصبحوا اليوم فدائيين ليسوا الفلسطينيين فقط وإنما كل لبناني يشعر بمسؤوليته نحو وطنه ودولته المستقلة ومستقبله على المدى القريب والبعيد.
* * *
قضية فلسطين والحق العربي، وقد اصطلحوا على تمييعها، وطمس معالم الحقائق فيها فسمّوها قضية الشرق الأوسط... هذه القضية تتكاثر الدلائل والمؤشرات اليوم على أنها تواجه واحداً من المنعطفات الحادة، التي يصعب القول ما إذا كان السبيل بعده سوف يكون ممهوداً بحيث يتيح الانطلاق والوصول إلى واحد من المشاريع والمبادرات المطروحة للحل السلمي، أم أن المنعطفات سوف تظل تتلاحق واحداً بعد الآخر، وتظل القضية تدور في الحلقة المفرغة، التي ظلت تدور فيها حتى اليوم.
ولا نحتاج أن نقول إن مشاريع ومبادرات الحل السلمي، إن كانت قد طرحت، متلاحقة واحداً بعد الآخر، ومنها مبادرة الرئيس رونالد ريجان، قد ظلت دائماً تصطدم - بمواقف إسرائيل، وتصرفاتها ومن هذه المواقف والتصرفات، ما كانت ولا تزال تقترفه من جرائم، وتشنه من حروب، وتمارسه من عمليات قمع، وتنكيل، لم تسلم قط من قتل الأبرياء، بذريعة ملاحقة من تتهمهم بمقاومة عدوانها وجرائمها.
وكان نصيب مبادرة الرئيس الأمريكي ريجان، ذلك الرفض المتغطرس الذي واجهها به بيجن في التو واللحظة رغم أن المبادرة المرفوضة، كانت تلتمس رضاء إسرائيل وتتوخى مصلحتها في انحياز صريح لأهدافها، وتجاهل أصرح لحقائق الموقف من جهة، وللجوهر في قضية الشعب الفلسطيني من جهة أخرى وذلك بحصر الحل المقترح في نطاق اتفاقيات كامب ديفيد التي أجمعت الدول العربية على رفضها، وعلى الأخص بعد أن مزقت إسرائيل أهم مضامينها بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي أنكرت عليه ولا تزال تنكر حتى المحدود الهزيل في إقامة كيانه على أرضه، التي أصرت على أن تظل مغتصبة وأن تنشر عليها ظلها، وترسخ فيها وجودها بدعوى أنها أرض إسرائيل.
وفي رحلته الأخيرة إلى واشنطن، وعلى ضوء عملية الابتزاز الذكية التي قام بها شيمون بيريز، رئيس وزراء إسرائيل، واستطاع أن يبتز ما لم يسبق أن حصلت عليه أي دولة أخرى من الدعم السخي، أخذ ينشر تصريحاته عن اعتزام حكومته الانسحاب من لبنان، ولكن بنفس الأسلوب اللولبي المعروف، الذي يريد به إعداد الساحة لابتلاع مراوغاته، وتمحكاته، إذ أعطى عملية سحب قواته فترة من الزمن تتراوح بين ستة إلى تسعة شهور... وهذا مع الشروط التي يضعها، وهو مدرك، احتمالات اصطدامها بعقبات تحول دون تنفيذها أو قبولها ومنها موافقة سوريا على نشر قوات الأمم المتحدة في مناطق الانسحاب... ومنها كذلك، وهو الذي سيتعذر قبوله، إن انسحاب قوات إسرائيل من البقاع سوف يتوقف على استمرار الدور الذي تقوم به الميليشيات المنشقة العميلة.
وتأتي هذه التصريحات، إلى جانب تصريح أفضى به لمجلة درشبيجل الألمانية. يقول فيه، إن حكومته سوف تزيل كل مستوطنة تقام في الأرض المحتلة بصورة غير قانونية. ونرى أن التصريحات عن المستوطنات في الأرض المحتلة، لا يشير إلى تلك التي أقيمت فعلاً طوال مدة حكم الليكود وإنما هي تشير إلى التي (تقام)... والكلمة واضحة وتعني المستقبل وهو ما يرسمه بذكاء بالنسبة لخطة تسلله إلى إيهام الإدارة الأمريكية باستعداد إسرائيل لقبول مبادرة الرئيس ريجان التي سبق أن رفضها بيجين.
قبل هذه التصريحات سبق أن دفعتها الولايات المتحدة الأميركية، بقرار الدعم السخي الذي لم يسبق له مثيل، والذي كان في نفس الوقت ثمناً لأصوات اليهود في الانتخابات وبهذه التصريحات، تتلامح رغبة الإدارة الأميركية، في أحياء مبادرة الرئيس ريجان، والمشروع في تحريكها بمجرد انتهاء الانتخابات، التي لا تزال استطلاعات الرأي العام، تشير إلى تقدم الحزب الجمهوري فيها حتى اليوم.
ودون دخول، في متاهة مبادرة الرئيس ريجان، وما تنطوي عليه من منزلقات ومنعطفات تعوق تقدمها، حتى في حالة موافقة إسرائيل على قبول مبادئها، فإن الساحة العربية اليوم تزدحم بأكثر من مؤشر يؤكد أن المنعطف الذي تواجهه المسيرة العربية، يستلزم، أكثر من أي وقت مضى... شحنة من الصحو، والتنبيه، استعداداً لاحتمالات وتطورات، فيها من خطر الانجراف نحو المزيد من التعقيد والضياع وتشتت الصف والكلمة بقدر ما فيها من أمل القدرة على الخروج من الحلقة المفرغة التي ظلت تدور فيها القضية حتى اليوم...
 
طباعة

تعليق

 القراءات :633  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 164 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج