شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الرايخ الرابع
رغم أن العالم كلّه أصبح مستسلماً لوجود قوتين عظميين، هما اللتان تتحكمان في مصيره سلاماً وحرباً، وفقراً وغنى، وائتلافاً واختلافاً. فإن هاتين القوتين العظميين، بكل ما تمتلكانه من ترسانات أسلحة الفتك والتدمير، لن تغفل إحداهما لحظة واحدة عن أن هناك قمقماً فيه ذلك المارد الذي ينتظر فتح غطاء هذا القمقم، لينتصب عملاقاً، يشبه، إلى حد كبير، ذلك المارد الذي يعرف الأطفال أنه مجرد أسطورة، مثل كنج كونج، ولكن بفارق هام جداً، وهو أن هذا العملاق المقيم أو المسجون في ((القمقم))، حقيقة استطاع أن يزلزل سلام العالم، مرتين، إحداهما في الحرب العالمية الأولى، والثانية في التي تلتها... وفي الحربين كان العملاق هو نفسه الذي رقص رقصة الحرب على سطح الكرة الأرضية كلها، ويطول كثيراً إيجاز الأسباب التي انتهت في المرتين إلى إدخاله في القمقم. ولكن، لا جدال في أن إدخاله هذا القمقم، ما كان ليتم لولا تجمهر وتجمّع جميع قوى الأرض ومنها هاتان القوتان العظميان.
وفي تاريخ الأمة الألمانية أنها عانت كثيراً من الانقسام والتفكك، فكانت في فترات طويلة دويلات، أو دوقيات، لكل منها نظام حكمها، ورئيس دولتها. بل لكل منها ثاراتها ضد الأخرى، والحروب هي التي كانت تفصل في هذه الحروب. إلى أن ظهر بسمارك ذلك السياسي الداهية، والقائد العسكري الموهوب، ثم قبل ذلك (الروسي) الذي استطاع أن يوحّد معظم دويلات ألمانيا تحت مجلس اتحادي عرف باسم (الرايشساغ)... وخلال أقل من نصف قرن ظهرت ألمانيا (عملاقاً) زلزل كيان أوروبا، بل وأيقظ روسيا من إغفائها التقليدي الطويل.
وبعد بسمارك، والحرب العالمية الأولى، التي أشعلتها ألمانيا ثم خسرتها، ثم بعد (الرايخ الثالث) بقيادة هتلر، والحرب العالمية الثانية التي خرجت منها إلى القمقم الذي ظلت تعيش فيه، وحولها جيوش أربعة حلفاء منهم أميركا والاتحاد السوفيتي... بعد كل هذا - والمارد لا يزال في القمقم، بدأت منذ أسابيع حركة (توحيد) ألمانيا... حركة انسياح ألمانيا الشرقية في ألمانيا الاتحادية الغربية... ولا يستطيع أحد أن يجزم، بأن هذا الانسياح سوف يتم فعلاً، ولكن لا شك إطلاقاً في أن القوتين العظميين بالذات هما اللتان تراجعان حساباتهما، في ((الديموقراطية)) التي تنادي بها ألمانيا الشرقية ومعها تلك الدول التي تدور - ولا تزال - في فلك الاتحاد السوفيتي...
إن مراجعة الحسابات، واستعراض مراحل التاريخ، ترى (الرايخ الرابع)...، ولا تجهل القوى التي تطوق المارد في قمقمه العتيد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أن هذا ((الرايخ الرابع)) ينتظر قيادة عبقرية، أو (مجنونة)، مثل بسمارك، أو (هتلر). وقد يكون مما يطمئن أميركا والاتحاد السوفيتي، أن هذه النوعية من القيادات، لا تزال في علم الغيب... والموجودون على الساحة، يظهرون ((كالحملان الوديعة))، ولكن من يضمن أن يكون وراءهم، من يفتعل هذا المظهر الوديع، وإن قحف دماغه مشحون بذكريات سقوط برلين، وانتحار هتلر ومعه ايفابراون... وكل منهم، لم تستطع إسرائيل أن تنزع عنهما أوسمة الانتصارات، التي حققوها، وكذلك رماد الهزيمة التي حاقت بهم... نتيجة لأنهم واجهوا العالم... العالم كلّه بكل مدمراته... فهل آن لألمانيا أن يكون لها ((رايخها الرابع)) في انتظار ذلك العبقري... أو (المجنون)؟؟؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :748  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج