شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
القومية العربية ((7))
وفي العصر الحديث ومن محاسن القومية العربية أنها جندت شعوبها لحرب الاستعمار، فالشام لم تسكت والعراق ما كان خاملاً وإنما كان ينتظر، وجاء دور مصر التي لم تكن قبل الحرب العالمية الثانية أو حتى قبل عام 1948م تنادي بالقومية العربية، أول صوت ارتفع وليس في يده سلطان هو صوت عبد الرحمن عزام ومن إليه وكانوا قلة؛ لأن مصر قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها كان فيها من يدعو إلى بقاء مصر عثمانية مستنداً إلى وثائق التاريخ وقيمة الدولة ألا وهو زعيم مصر الوطني الشاب النظيف مصطفى كامل، كان ينادي بذلك ومعه إخوانه في الحزب الوطني، أما لطفي السيد فكان يدعو إلى أن مصر أمة وحدها لم يتنكر لإسلامها، وكان يعتز بعروبة اللغة، وجاء سعد زغلول ثائراً تقوده ثورة سنة 1919م بل لعلّ دنشواي التي لم يكن لها حين ذاك تمسك برأي عاقل يتأنى كانت له في سنة 1919م وكان بها أيضاً، فسعد أمسك بزعامة مصر وكان له رأي عن عروبة مصر كنهج سياسي يريد أن يكون العرب معه بينما هو أحد فصحاء اللغة الشاعرة.
سعد لم يَدْع للعروبة قومية لمصر، فحين وصل إلى مصر د/عبد الرحمن الشهبندر والشيخ كامل القصاب وهما من زعماء الشام استقبلهما سعد زغلول وعرضا عليه أن يمدوه بالسلاح وأن تكون ثورة الشام معه فقال كلمته المشهورة ((لا. صفر + صفر = صفر)) حدثني بها كامل القصاب - يرحمه الله حين تشرفت بلقائه في المدينة المنورة. كان الشهبندر والقصاب غاضبين ولكن بعد تفكير طويل عرفت أن سعداً ما أراد التنصل من العروبة ولكنه أبى أن ينقاد للتكتل؛ لأنه يعرف أن الإنجليز أسقطوا التكتل في الدولة العثمانية كما أسقطوا التكتل للقوميين العرب، فلا يمكن لسعد أن يضع مصر أمام شراسة الاستعمار الإنجليزي يحاربهم باسم مصر وحدها يفاوضهم باسم مصر وحدها انصرف عن التكتل وكان بذلك حصيفاً.
وجاءت حركة 23 يوليو سنة 1952م وهي سداسية المتلهفين، القصر أرادها ليقضي على الجيش كما فعلها عمه توفيق، ظن أن جيش احتلال أمس هو جيش احتلال يومه وجيش الاحتلال أراده كما السفارة الأمريكية لحساب اليهود في فلسطين، فالقضاء على الرمز العربي في صالح اليهود، والأخوان المسلمون تلهفوا عليها طلباً للإصلاح ولسيادة الإسلام وجاء الضباط الأحرار ففعلوها وكسبوا فلا جيش الاحتلال تحرر وأمريكا باركت وإسرائيل فرحت ولكن خاب ظنها. كل هذا أشعل القومية العربية في مصر فتحقق حلم الشام حين انضمت مصر إلى القومية؛ لأنهم يعرفون أن أي فرقة بين مصر والشام جلبت المهالك وأن أي وحدة وئام بين مصر والشام أعطت الإِسلام والعرب حطين وعين جالوت.
وهكذا عادت مصر إلى العروبة ولم تكن خارجها بالفعل، وإنما هو الإعلان وتحمل المسؤولية ولكن ماذا جرى، ضاع الأمل فإذا القومية أصبحت شعوبية العرب على أنفسهم لا على غيرهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :765  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 679 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.