فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
الرئيسية > كتب "مكة المكرمة عاصمة الثقافة الإسلامية 1426هـ" > الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ محمد حسين زيدان > الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ محمد حسين زيدان - الجزء الثاني - النثر - تمر وجمر > مسامرات ومساجلات وذكريات > احماضة
احماضة ـ وأستاذنا أبو تراب علي أبو محمد لا يهجر مكة وإن كانت إقامته في جدة، ففي أيام الجمع ولياليها يصعد إليها صلةً لرحم واتصالاً برحمة. وهو لا يحب أن ينفرد بنفسه يتآكل في أحلام اليقظة، بل إنه يريد أن يحيا مع الناس، فإذا لم يلزمه البحث وتدعوه المراجعة فإنه يترك الخلوة مع الكتّاب إلى التحلي بزيارة الصحاب.. وحلا له أو هو استملح ذلك فذهب إلى ندوة الأخ الصديق عبد الرحمن فقيه، وإذا هناك جمع من الصحاب الذين يحبون أن يقرأوا له إذا ما كتب، حتى إذا استراح في مجلسه وبعد تبادل السلام والتحية والسؤال عن الصحة الغالية والأعمال العالية خرجوا عليه بسؤال، يتفكرون بهذه الإحماضة. فقال أحدهم: ـ ((شايفين الأستاذ أبو تراب؟)).. فقالوا: ـ عن أي شيء؟ فقال: ـ لقد قرأنا ما كتبه في ((كبوات اليراع)) وهفوات الكتاب فإذا هو قد كال أصواعاً من النقد كأنما هو قد سلقهم بلسان من حديد، فعل كل ذلك معهم جميعاً، ولكنه قد سل الزيدان كشعرة من عجين، فانصفه وما استهانه وما بكته، كأنه لا يرى له هفوة ولا كبوة. فأجابه آخر: ـ معذور أبو تراب، ماذا يصنع والزيدان في كثير مما يكتب يعتمد عليه، يلجأ إليه، فقد أعده المرجع الأول له. فلا يقول إلا ((أستاذنا أبو تراب)). ((شيخنا أبو تراب)). فيرطل له الزيدان أرطالاً من الثناء فلا يستطيع أبو تراب إلا أن يكون المرطل بأرطال أكثر. كان كلهم حبيباً، كلهم صديقاً، إن أحبوا أن يتضاحكوا، ينبشوا أبا تراب، يسح سحاً بقطرات من ندى المعرفة. كان ذلك شأنهم وشأنه. أما شأني فأحب أن يعرفوه، وهو أني لم أصنع شيئاً يستحق النقد حتى توجد فيه الهفوات والكبوات. مقالات سوقية أتسوق بها، ولا أتسلق بجهد يعطي بحثاً تكن فيه الهفوات والكبوات. في استطابة أبو تراب كان وفاء الصديق للصديق، وهو بعيد أن يمكر بي ليعلن عن الهفوة الكبرى وهو أني لم آت بشيء يستأهل ما يحمل أبا تراب على الغضب، سواء للغة أو للفكر والتاريخ. لقد تركني حين تركت ما تأتي به الهفوة والكبوة. هذا اعتراف أغترف به مودة أولئك، وأحترف به البعد عن جفوة، فالإضحاك قد وصلني حتى أضحكني ولو أمكنتني القوة لذهبت زائراً إليهم، فأنا حريص على المودة، فلا أحسب أن واحداً منهم أراد التنقيص من قيمة أبي تراب أو التنغيص على الزيدان!
طباعة تعليق  القراءات :758  التعليقات :0
صفحة 480 من 1092

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج