أبَداً يَحِنُّ إلى الرُّبوعِ ويَنْزعُ |
قَلْبٌ أُنَهْنِهُهُ فلا يَتَوَدَّعُ |
غالَبْتُه، وأنا القويّ فما أرعَوَى. |
ماذا أقوُل لثائرٍ لاَ يَسْمَعُ؟ |
ضاقَتْ به الدُّنْيا فكَيْفَ يَضُمّه |
صَدْرٌ، وأنَّى تَحْتَويه أضْلُعُ؟ |
لا الحسنُ يُطْفئ فيه غُلَّةَ شيّقٍ |
ظامٍ ولا مُتَعُ الصَبابَةِ تَنْفَعُ |
شَغَلَتْه أحْلامُ اللِّقاءِ عَنِ الهَوَى |
وَثناه عَنْ وَتَرِ المُغَنِّي مَطْمَعُ |
ما لاحَ نُورٌ شاحِبٌ في لَيْله |
إِلاَّ تهافتَ خَلْفَه يَتَطَلَّعُ |
أوْ هَدْهدَتْهُ نَفْحَةٌ شَرْقيةٌ |
إلاّ تَنَاهَبَه الجَوَى وَالْمدمَعُ |
حارَ الأُساة بِجُرْحِهِ، وتَناقَلَتْ |
زَفَراته الحَرَّى الرياحُ الأرْبَعُ |
ما حيلتي يا قَلْب... هذا حَظّنا. |
هَلاَّ رَضينا بالذي لا يُدْفَعُ؟ |
هاضَتْ جَنَاحَيْنا العَشِيةَ صَرْصَرٌ. |
وتَقَاذَفَتْنا في السًّبَاسِبِ زَعْزَعُ |
يا قَلْبُ أغْرانا سَرابٌ كاذبٌ |
تُغْرَى بِرَوْعَتِه العُيونُ وتُخْدَعُ |
أوْمَا إلينا بالبَهارجِ والحُلَى |
وتَراقَصَتْ فيه الطُيوفُ الرُّتَعُ |
يا ليتَنا يا قَلْبُ لم نَطْمَعْ ولم |
نَطْمَحْ، ولم يَضْحَكْ علينا لَعْلَعُ. |
هَبْنا جَمَعْنا الْمَجدَ مِنْ أطْرافِه |
ماذا يُفيدُ ومِنْ رَغيف تَشْبَعُ؟ |
ما أضْيَقَ الدنيا على مُتكالبٍ |
جَشِعٍ، وأوْسَعَها على مَنْ يَقْنَعُ. |
لَهْفي على العَهْدِ الذي لا تَمَّحي. |
ذِكْراه مِنْ نَفْسي ولا هو يَرْجِعُ. |
غَمَرَتْ حواشيه البَشَاشَةُ والنَّدَى. |
وتألَّقَتْ فيه النُّجومُ اللُّمَّعُ |
أيامَ نَهْزأ بالزَّمانِ كأنَّنا |
في مأمنٍ مما يكيدُ ويَصْنَعُ |
الرَّبْوَةُ الخَضْراء مَسْرَحُ لَهْونا |
والسَّهْلُ مَرْتَعُنا ونِعْمَ المَرْتَعُ |
تَغْفو على الأْشواك مِلءَ عُيوننا. |
أمِنَ الفُؤادُ فكيفَ يَنْبو مَضْجَعُ. |
غابَتْ وراءَ اللانهايةِ شَمْسُنا |
يا ليتني لمَّا تَدَلَّتْ يوشَعُ! |
* * * |
وطَني، وما وطَني سِوَى أُهزوجةٍ. |
المَجْدُ بَيْتُ قَصيدها وَالْمطلَعُ |
لولا حَنينٌ لَيْس تَخْبو نارُه |
في الصَدْرِ أنْكَرَكَ المُحِبُّ المولَعُ. |
أَو كلَّما قُلْنَا نَجا مِنْ مِحْنَةٍ |
عَضَّتْك نائبةٌ أشدُّ وأفْظَعُ؟ |
بَاعتْكَ في سُوقِ الرَّقيق زَعامةٌ |
زَيْفاء في أوْحالِها تَتَسَكَّعُ |
لَوْ أخْلَصَتْ لَمْ يُنْتَهكْ حَرَمُ الهُدَى . |
ويَعِثْ يهودُ الأرضِ فيه ويَرْتَعوا. |
لكنَّها رَكِبَتْ إلى شَهواتِها |
سُبُلاً يَحُفُّ بها الهَوانُ الأشْنَعُ |
بِئْسَ الزعامةُ لا تُشَرِّفُ ربَّها |
والعَرْشُ لا يَسمُو به مُتَربِّعُ |
* * * |
وطني حَمَلْتُك في فؤادي خَفْقَةً. |
وعلى شِفاهي نَغْمَةً تَتَرَجَّعُ |
فمتى أُعفِّرُ في تُرابِك جَبْهتي |
ومتى يُسالمني الزمانُ وأرْجِعُ |
أرَسيْتُ ف شَطِّ الرجاءِ سَفينتي. |
يَا قَلْبُ صَبْراً عَنْ قَريبٍ نُقْلِعُ!. |