شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
وفي هذا العهد كانت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد قد بدأت تشيع بين القبائل ويكثر أنصارها وقد بعث النجديون إلى مسعود يستأذنونه في الحج ببعض جموعهم فلم يوافق على دخولهم وندبوا بعض علمائهم فناظروا علماء مكة ولم ينتهوا معهم إلى وفاق.
مساعد بن سعيد: وتوفي مسعود في عام 1165 وبوفاته نودي بالإمارة للشريف مساعد بن سعيد وبايعه أكثر الأشراف والأعيان وفي مقدمتهم ابن أخيه محمد بن عبد الله بن سعيد إلاّ أن فريقاً من آل بركات أبوا أن يوافقوا على ذلك وانحازوا إلى بعضهم في وادي مر فأرسل الشريف مساعد من يسترضيهم وكان من المندوبين لذلك ابن أخيه محمد بن عبد الله فلما اجتمع الغاضبون بالمندوبين صارحوهم بأننا لا نوافق إلاّ على إمارة محمد بن عبد الله، وبذلك قام محمد بن عبد الله من صفوف المندوبين منضماً مطالباً بحقوقه في الإمارة.
وهكذا مني مساعد من أول يوم لتوليته بالمنازعات التي ما لبثت أن تطورت إلى حروب طاحنة في الشهور الأولى من حكمه.
ذلك أن محمد بن عبد الله انتقل مع مؤيديه إلى الطائف فاستمال بعض البطون من عتيبة ثم احتل الطائف، ثم تقدم منها إلى مكة فعسكر في دقم الوبر في أواخر جمادى الآخرة من السنة نفسها 1165.
وخرج للقائه عمه مساعد فاحتال محمد بإشعال النار في رؤوس الجبال لإيهام المقاتلين بأن جيشه مقيم فيها ثم انسل إلى مكة فلما انتهى إلى المحصب بأعلى مكة علم به عمه فكرَّ عليه فكانت موقعة عظيمة بجوار المنحنى في المعابدة هزم في نهايتها محمد بن عبد الله ثم جرى الصلح واستقرت الأحوال وذلك في نصف شعبان من السنة نفسها وكتب مساعد إلى دار الخلافة يطلب تأييده بعد أخيه مسعود فوافاه التأييد (1) .
وفي عام 1169 عاجلت المنية محمد بن عبد الله فازداد الاستقرار واستطاع مساعد أن يسوس البلاد بسياسة سلفه مسعود فشاع الأمن والطمأنينة في أطرافها إلى عام 1171.
وحدثت منافرة بين الشريف مساعد وبعض الأشراف فاتصل عبد الله الفعر بأمراء الحج الشامي والمصري في موسم 1171 وأغراهم ببعض المال وطلب عزل مساعد وتنصيب مبارك بن محمد بن عبد الله بن سعيد فتم ذلك لمبارك دون أن يشعر مساعد ولما أرادوا إعلان ذلك في 21 ذي الحجة وزعوا فيلقاً من العسكر على سطح الحرم وفوق المآذن وبعض الدور مما يلي دار السعادة بجوار باب الوداع حيث يسكن مساعد (2) .
ولست أدري أي نظام ذلك الذي يبيح لأمراء الحج أن يعزلوا أميراً منصوباً بتأييد من الخلافة ليقيموا غيره، إننا إذا افترضنا وجاهة الشكاوى التي اتصلت بأمراء الحج فإننا لا نستطيع أن نفهم أن يكون لهم صلاحية العزل والتنصيب دون اطلاع الخليفة واستصدار أمره في ذلك. ولكنها فوضى الإدارة تأبى إلاّ أن تساعد على تفاقم المشاكل بين الأشراف وزيادة الاضطراب في البلد الأمين.
واستيقظ الأمير مساعد على صوت الرصاص فأدرك حقيقة الموقف فاستنجد بعسكره من اليمنيين وأرسل إلى حاكم السوق ليجمع له ما استطاع من السوقة في حارات مكة فتكون له بذلك دفاع استطاع أن يواجه الموقف به.. وقد دارت رحى القتال بينهم عنيفة في شوارع مكة نحو 24 ساعة ثم انجلى الموقف بانتصار الشريف مساعد وهزيمة عسكر أمراء الحج، وبهزيمة أمراء الحج وقع النهب في معسكراتهم حتى لم يبق لهم ذخيرة أو عتاد فالتمس أمراء الحج من مساعد الصلح ورجوه إعادة ما نهب منهم فقبل ذلك وأعاد ما استطاع إعادته من منهوباتهم.
ولم ينته الأمر عند هذا الحد لأننا نجد أمير الحج الشامي أحد أبطال الحادثة المذكورة يعود إلى إمارة الحج في الموسم التالي عام 1172 وما كاد يفرغ الحجاج من مناسكهم حتى يدعو إلى مجلس عام للنظر في شؤون عين زبيدة ويطلب إلى مساعد حضوره ثم يبدأ البحث في موضوع العين وينتهي بالقبض على مساعد فيعرف الحاضرون أن الاجتماع لم يكن له من غرض إلاّ اعتقال الشريف مساعد.
وباعتقاله اضطربت الأمور في مكة وكادت الفتنة تقع لولا أن أمير الحج أبرز في مجلس عام بالمسجد مرسوماً جديداً يخوله تولية من يراه صالحاً لمكة (3) .
ولسنا في حاجة لتفسير الرواية لأن المفهوم بالبداهة أن أمير الحج وقد هزم في عامه السالف استطاع أن يعد عدته لإنفاذ فكرته فاصطحب سلاحاً جديداً يخوله حق العزل والتنصيب وهكذا تتسع الإدارة العثمانية لشتى الرغبات الجامحة وقد تكون معذورة بالنسبة لأعمال حكّام هذه البلاد.
جعفر بن سعيد: وباعتقال مساعد عرضت الإمارة على أخيه الشريف جعفر وكان ميالاً إلى السلم لا تنازعه أطماع الحياة الزائفة وقد رأى أنه لا بد مما ليس منه بد فقبل منهم بشروط اشترطها عليهم فيها أن لا يسيئوا إلى أخيه وأن يسلموه له ليحتفظ به كوديعة فقبلوا منه ذلك.
فلما تولى الأمر ظل على أمره إلى أن غادر الحجاج مكة ثم عاد يعمل من أجل أخيه حتى مهّد له الأمور ثم أعلن عن تنازله عن الإمارة في 14 محرم عام 1174 (4) .
ولو هيئ في كل زمان جعفر كهذا يضمر الخير لغيره ويعمل في سبيل مصلحة أخيه أكثر مما يعمل لنفسه لألغيت تسعة أعشار الحروب في تاريخ العالم القديم والحديث.
مساعد بن سعيد للمرة الثانية: واستقر الأمر بعد ذلك للأمير مساعد عدة سنوات لم يحدث في خلالها ما يعكر الأمن إلاّ فتنة أخيه أحمد بن سعيد الذي أراد أن يجليه فيها عن مكة في عام 1175 فلم يستطع وذلك أنه خرج مغاضباً من أخيه إلى وادي نعمان (5) بالقرب من عرفة وجمع بعض أعرابها ليهجم بهم على مكة فلما انتهى إلى أبي لهب في جرول خرج لمقاتلته مساعد فهزمه ثم صالحه وبذلك رجعت الأمور إلى مجاريها (6) .
نجد تطلب الحج: وفي هذا العهد أرسل النجديون يستأذنون في الحج فلم يؤذن لهم.
آل بركات يَسْتَعدون محمد على بلوط في مصر: ونشب الخلاف بين مساعد وجماعة من أشراف ذوي بركات في عام 1182 وعلى رأسهم عبد الله بن حسين بن يحيى البركاتي وتطور الخلاف فانتقل عبد الله إلى وادي فاطمة واجتمع عليه ذوو بركات فقر رأيهم على محاربة مساعد ثم اتفقوا على أن يبدأوا باحتلال جدة فجمعوا جموعهم من البادية وأحاطوا بسور جدة فتحصن أهلها ورموهم بالمدافع وجعلوا الكبريت المشتعل في بعض النشابات وقذفوهم به فاحترقت العشش التي كانوا ينزلون بها حول السور فظهر لعبد الله استحالة نجاحه فعاد إلى وادي فاطمة (7) .
وكانت مصر في هذه الأثناء قد ثارت على العثمانيين بقيادة كبير القوّاد العسكريين فيها محمد علي بك بلوط واستطاع محمد علي بك بلوط أن يرسل جنوده إلى الشام بقيادة محمد بك أبي الذهب فيفتح أكثر البلاد فيها وقد رأى ذوو بركات أن يتصلوا بصاحب مصر الجديد ويستمدوا عونه لمساعدتهم على إجلاء ذوي زيد من إمارة مكة ونقلها إليهم (8) .
وهكذا توجه عبد الله بن الحسين إلى مصر واستطاع أن يقنع ((محمداً علياً بك بلوط)) بوجاهة رأيه ووجدها محمد علي فرصة طيبة لاتصال نفوذه بمكة فأمر أمير الحج المصري بأن يصطحبه إلى مكة وأن يساعده على توليته الإمارة وذلك في سنة 1183.
والذي يبدو أن أمير الحج المصري عندما انتهى إلى مكة أدرك أن الأمر أصعب مما صوره عبد الله بن الحسين ورأى أن أمير الحج الشامي يميل إلى مساعدته فأخفى ما أضمره وشعر مساعد بما أخفى فأرسل إلى أمير الحج المصري عقب الفراغ من منى بيومين أن يغادر مكة بعسكره منعاً لما يحدث من التشويه فارتحل أمير الحج المصري دون أن يظهر شيئاً من الخلاف.
وكبر على ذوي بركات أن يخفقوا فبذلوا من أموالهم لرجال البادية حتى اجتمع منهم خلق كثير وعسكروا بهم في وادي مر في أواخر ذي الحجة من السنة نفسها عام 1183.
وعلم مساعد بالأمر فحصَّن الجبال المطلة على المعابدة وجرول وخرج للقائهم في شهر المحرم عام 1184 فاقتتلوا قتالاً شديداً أسفر عن فرار آل بركات وبفرارهم عاد الأمن إلى استقراره في مكة.
ولم يدم أمر مساعد في مكة بعد ذلك طويلاً فقد وافته المنية في أواخر شهر المحرم عام 1184 بعد أن حكم مكة نحواً من عشرين سنة إذا استثنينا بعض الأشهر التي تولاها أخوه في عهده (9) .
عبد الله وأحمد أبناء سعيد بن زيد: وبوفاة مساعد نودي بالإمارة لأخيه عبد الله بن سعيد في 28 محرم عام 1184 ولم يدم فيها إلاّ أياماً ثم نازعه أخوه أحمد بن سعيد فرأى عبد الله أن يسالمه حقناً للدماء فتنازل له عن الإمارة فتولاها أحمد في مجلس حافل بالقاضي وكبار العلماء والأشراف والأعيان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :339  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 153 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج