شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أصوات
حفاوة قديمة متجددة (1)
بقلم: محمد رضا نصر الله
ـ صديقي وصديق الأدباء:
ما زلت أتذكر تلك اللحظة التاريخية في منزلكم القديم، حين اجتمع قبل عقدين ونيف نفر من أهل الكلم الطيب.. لو شاءت مؤسسة حكومية أو أهلية جمعهم في تلك الليلة الليلاء، لما تمكنت إلا بكبير عناء..
أما أنتَ يا أبا محمد سعيد وابنه، فقد تحلقوا حولك، على اختلاف أصولهم ومشاربهم.. بسهولة ويسر.
هذا هو علاّمة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر المحتفى بذكراه العطرة في نديّكم العامر، وقريب منه علاّمة آخر طالما عارك المحققين وأساتذة اللغة والأدب.. أعني صاحب ((شواهد القرآن)) الشيخ أبا تراب الظاهري.. وليس بعيداً عنه شاعر الأمة العربية في لحظات تجليها التحرري.. عمر أبو ريشة ويا للعجب كيف اجتمع شمله إلى شاعر تمزقت أعصابه وبحَّ صوته في استنهاض بلده.. وأمته العربية.. إنه شاعر اليمن عبد الله البردوني؟!!
يا ترى من كان يدير هذا المجلس الأدبي الراقي؟!
هل غير شيخ المرتجلين الأستاذ محمد حسين زيدان.. لقد تلاعب بألفاظه وراقص معانيها مما حفّز الشاعرين العربيين على إنشاد الغرر من قصائدهما السائرة على كل لسان.
هكذا هو ديدن العرب في مجالسهم الزاهية بأصحاب القرائح..
ـ لكن هل خشي زوّار مجلسك إهمالاً لغير الشعراء؟!
كلا!.. فالكل توجه بمجامع قلبه صوب حمد الجاسر يطلب منه الحديث.. إلا أنه تردد فعن أي أمر يتحدث، وقد شنَّف الشاعران الآذان..
هنا تداخل الشيخ أبو تراب مستثيراً في الشيخ أبي محمد الحديث في مصطلح لغوي اتصل بـ ((مجتمع)) الحاضرين.. فهل الأصوب مجتمع بفتح التاء، أم بكسرها.. ومنها انطلق لسان الجاسر سيَّالاً بالمعارف التاريخية، هادراً بموضوعه الأثير علاقة الشعر بالمكان.. وكأنه يؤكد أصالة الإبداع بتعبيراته المحلية.. هو ما جعل العرب في فتوحاتهم الغابرة ينشدُّون نحو مرابع شعراء الجاهلية وصدر الإسلام، وما أتى بعدُ من عصور أموية وعباسية.. كانوا فيها لا ينفكون عن ذكر المواقع والديار في الحجاز ونجد والأحساء.. وهم بذلك الانشداد، كأنهم يحاولون ملء سنوات اغترابهم خارج جزيرة العرب.. مهد العروبة.. بحسب تعبير الدكتور عبد الوهاب عزام.. وقبل ذلك وبعده مهبط الوحي والتنزيل، بصياغة وجدانهم الشعري على منوالهم القديم.. حتى إنني قرأت ذات مرة لشاعر من قرطبة الأندلسية، وهو يهفو إلى مرابع أجداده في دارين!! ومنها ـ كما تعلمون ـ كانت تسير قوافل الفرزدق بجرِّ الحقائب، مكتنزة بالعطور المطيبة.
ـ لقد أفاض الشيخ الجاسر في تلك الليلة الوضيئة، فراح يذكر مقاطع من شعر الشريف الرضي ومهيار الديلمي.. أبرز شاعرين وردت في قصائدهما أسماء المواقع والديار.. فاهتاج لذلك مجلسك وماج..
لمَ لا؟ وقد ذكر شيخنا الراحل حجازيات الشريف الرضي. تلك التي وقف عندها الدكاترة زكي مبارك في كتابه الماتع ((عبقرية الشريف الرضي)) حيث كان يقود قوافل الحجيج أميراً لها، ونقيباً للأشراف.. وإذ تحط رحال هذا الشاعر الشريف والسيد الجليل.. الفقيه المتكلم في ((حقائق التأويل)) والمحدث الأديب في ((المجازات النبوية)) فإنه سرعان ما يستعيد لياقته الشعرية على مقاسات الجمال الباذخ العفيف بين الحطيم وزمزم!
أراني خرجت عن موضوع احتفائكم الوفي بعلم من أعلام بلادنا.. بل عَلاَمة من علاماتها البارزة.. لكن عذري أنه مقبول عندكم أيها الكرام.. يا من تحلقتم بارحة أمس في اثنينية السيد الكريم عبد المقصود.. تتدارسون علم الجاسر وأدبه وكفاحه على أكثر من صعيد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :371  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 156 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج