شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَلْقَةُ الأُولىَ
جلس الفتى قبالة أستاذه الشيخ بعد أن سلم عليه.. فوجده مطرقاً كأنه يفكر في أمر هام شغله ولكن الفتى لم يترك شيخه في تفكيره إذ استأذن أستاذه الشيخ بطرح سؤال عاجل. رد الشيخ لا عليك هات ما عندك من أسئلة.
قال الفتى: كيف كان يتعلم الإنسان علم النحو قبل عصر الكتابة؟.
انفرجت ابتسامة مريحة على ثغر الشيخ ثم قال: لا بد أن تعرف يا بني أن علم النحو كعلم مستقل ((مقعَّد)) بقواعد ثابتة لم يعرفه العرب الأولون إلا بالسليقة والحساسية فاللغة نبض العربي وحسه وعلم النحو هو العنصر الأساسي في إدراك المعنى.. وبالتالي كان العربي في باديته يتلقى علم الكلام صحيحاً ويتحدث به دون لحن.. وما كان ليحتاج إلى علم يعلمه كيف ينطق الكلمة صحيحة سليمة من اللحن ولكن بعد انصهار الثقافات ودخول أفواج كثيرة من الناس غير العرب في الإسلام.. احتاج اللسان العربي إلى وضع منهج مبين واضح يقوم بإصلاح الكلام ووضع التشكيل على آخر الألفاظ حرصاً على استجلاء المعنى وإدراكه.
شكر الفتى أستاذه الشيخ على هذا الشرح المفصل ثم أردف سؤاله بسؤال آخر قائلاً: ما هو أول باب في النحو كان له فضل السبق في التدوين ولماذا سمي هذا العلم بعلم ((النحو)) ؟
قال الشيخ والابتسامة تعلو وجهه: أول باب كان له شرف السبق في التدوين هو ((باب التعجب)) ولذلك قصة معروفة بين أبي الأسود الدؤلي وابنته.
قال الفتى حبذا لو أفضل عليَّ الأستاذ الشيخ بشرح هذه القصة.. رد الشيخ لا بأس.
يقال إن ابنة أبي الأسود الدؤلي جاءت إلى والدها في ليلة قمراء صافية تقول: ما أجملُ السماء يا أبتي.. برفع حرف اللام في ((أجمل)) فقال لها نجومها المتلألئة أو قمرها المنير.. قالت ما أردت أن أسأل عن شيء جميل فيها.. ولكني أردت التعجب من صفاء السماء.
قال أبو الأسود الدؤلي لابنته وابنتاه.. إذا أردت أن تتعجبي فافتحي فاك وقولي.. ((ما أجملَ)) بفتح حرف اللام.
وفي صباح اليوم التالي ذهب أبو الأسود الدؤلي إلى سيدنا علي رضي الله عنه وطلب منه السماح له بوضع قواعد أساسية تعين على ضبط الألفاظ.. فكتب سيدنا علي رضي الله عنه ورقة في النحو وقال لأبي الأسود الدؤلي ((أنحُ)) نحوها ـ أي سر على هداها ـ ومن تلك اللحظة أصبح هذا العلم يسمى بـ ((علم النحو)) وبهذا يكون درسنا اليوم قد تناول النشأة الأولى لهذا العلم. أما ما تراه من اختلاف بين العلماء لا يخرج بحال من الأحوال عن قواعده الأساسية. أو يضيف إليها جديداً ولكن مصدر الإختلاف بين العلماء في المسائل التي يجاز فيها الاجتهاد وإبداء الرأي. فأسفر عن ذلك ظهور المدارس النحوية المتعددة وإثراء علم النحو بمئات المؤلفات والمجلدات. ولكل عالم طريقته وأسلوبه.
وفق الله جميع المخلصين للغة الساعين إلى الإِهتمام والعناية بلغة القرآن الكريم. إنه سميع مجيب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1143  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 4 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج