شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فعِش في خلودِك يا حافظُ (1)
زجرتُ البكاءَ وعِفتُ الحَزَنْ
وقلتُ لقلبي إلامَ الوَهَنْ
أذلك دأبُك في الحَادثا
تِ ألم يبتهِرْك عتوُّ الزمنْ
إذا ما افتقدتَ أُساة الجرا
ح بكيتَ الطلولَ وعافِي الدِّمَنْ
أليس لِشعرِك إلاّ الحنيـ
ـنُ ومحضُ العويلِ وفرطُ الشجنْ
رويدَك حسبُك ما قد أرقـ
ـتَ فأنت ودمعُك ملك الوطنْ
* * *
فقالَ ظلمتَ وكيف اَكُفـ
ـفْ وأنت العصيُّ وأنت المطيعْ
أأُشقى حياتَك بالمؤلماتِ
وأبقى أسيرَك خالى الضُّلوعْ
وتنعي عليَّ امتثالَ الكُلُوم
وتبغي السُّلُوَّ وأنت الوَلوعْ
ومنك التمستُ وفيك ابتأستُ
فماذا اجترمتُ وأنت الهلوعْ
أتطمعُ مني بغيرِ الطِياعِ
فقلتُ معاذَ – فهاتِ الدُّموعْ
فما كان إِلا كلمحِ البَصَرْ
تغشى السَّحابُ به وانهمرْ
كشوقي غَداة رثَى )حافظاً(
وكالنيلِ يومَ نعاهُ القدرْ
فخلتُ الدموعَ نجومَ الدُّجى
توارى الظلامُ بها وانحسرْ
وما كدتُ انجو بِطُوفانِها
ولكن طَفِقتُ أُناجي القَمرْ
فقالَ قسوتَ فهذا الثُّكالُ
فقلتُ أعوذُ بربِّ البشرْ
* * *
أحافظُ شعبُك أهلُ الحجازِ
وأهلُ العراقِ وأهلُ اليمنْ
وأنتَ لِمصرَ كما للِشامِ
ولو لم يُوَفَّ إليك الثَّمنْ
يرفُّ بوحيك نورُ الزُّهُورِ
ويشدو بنوْحِك طيرُ الفننْ
ويُشرَبُ نخبُكَ في السًّابقينَ
حُماةِ البيانِ وكنزِ اللّسَنْ
وأنت فحسبُكَ هذا الخُلودُ
وتلك الحياةُ وهذي المِنَنْ
* * *
فكم في شعورِك ضَجَّ الأنينُ
وهام َ الخليُّ وسُرَّ الحزينْ
وكم في حُنُوِّك من بائسٍ
وكم في دمائك من مؤمنينْ
سكبتَ فؤادَكَ مُستلهماً
ومجَّدتَ قومَك في العَالمينْ
فتلك الكِنانةُ مُعتزّةٌ
بخير البناتِ ورُشْدِ البنينْ
أصمَّ نداءُك سمْعَ الجمادِ
وهذا تُراثُك في الخَالدينْ
أصختُ ومصرُ وبلدانُها
تُرتِّلُ شدوَك ألحانُها
تُقدِّرُ فيك النبوغَ العظيمَ
ويهتُفُ باسمِكَ فِتانُها
ويقفو سبيلَك أبطالُها
ويحمي ربوعَك إيمانُها
وترنو إليك عيونُ الفنونِ
ويَهذي بسحرِك فنانُها
فلو كنتَ تشهدُ آثارَها
لفازَ بعُجبِك إِتقانُها
توقرُ فيها جِلالَ العلومِ
وفاضتْ بذلك منها اليراعْ
ونافسَ فيها القديمُ الجديدَ
وكان الهجومُ وكان الدِّفاعْ
وظلَّ الكفاحُ يَمدُّ الهُداةَ
ويروي الطُغاةَ اليقينُ المشاعْ
فأثمرَ ذاك انطلاقَ العقولِ
فثمَّ الشموسُ تُريقُ الشُّعاعْ
وكنتَ تَهيبُ بها للحياةِ
فها هي تَفخرُ بالاضطلاعْ
* * *
أراها توافتْ لميقاتِها
كما هي أجدرُ بين الشعوبْ
وهبَّتْ تُنافحُ عن مَجدها
بروحِ النُّهوضِ وعزمِ الوَثوبْ
وراحت تُنازعُ هذا البَقاءَ
فَيفَرَقُ منها جَنانُ الخُطوبْ
وإني لألمسُ تيَّارَها
يَرُوعُ الشمالَ ويعرو الجنوبْ
* * *
ففي الشرقِ منها سناءُ البدورِ
وفي الغربِ عنها حديثُ العظمْ
وفي كلِّ مجدٍ لها آيةٌ
يدلُّ عليها استباقُ الهِممْ
كأن (الحَضارةَ) مِيراثُها
فليستْ تُشاطرُ فيها الأممْ
وأحرَ بشعبٍ عَريقِ الأُصولِ
بلوغَ السماءِ كَباني (الهَرمْ)
وآيةُ ذلك أخلاقُهُ
فأما الحياةُ وأما العَدمْ
* * *
نقلتُ إِليك تَحايا الحِجازِ
كنسجِ الرِّياضِ ولونِ الورودْ
وما كان ذلك مُستغرباً
وأنت عليه العزيزُ الودودْ
وفاءً لِحقِّكَ في أُمّةٍ
تُحبُ لِمصرَ علوَّ الجدودْ
فعشْ في خلودِكَ يا (حافظُ)
فمِصرُكَ أضحتْ عرينَ الأُسودْ
وفيها الكُماةُ وفيها الكُفاةُ
كما كنتَ تَنشدُ خيرَ العُهودْ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :637  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 489 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج