شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قَالتْ.. وَقُلْتُ؟!
الأبيات الأربعة الأُوَل نُظِمت منذ عهد بعيد وهي تختلف في رَوِيِّها عن بقية القصيدة.
عِشِيَّة لاقَيْتُ المليحةَ في الدُّجى
فقالتْ أما يَخْفى عليك مَكاني؟!
فقلتُ بلى لكنَّ لي بين أضلُعي
عُيوناً تُرِيني جَدْولي وجِناني!
وأَنْتِ هُما.. أنتِ التي لا تُرِيحني
بِوَصْلٍ . ولا تُشْقى بِقَطْعِ عِناني!
تَدَفَّق إِلهامي من شَكاةً فحاوِلي
تَدَفُّقَه بالحَمْدِ بِضْعَ ثَواني!
* * *
فَقالتْ سَتلْقاني الحَفِيَّةَ بالهوى
هَواكَ. ولا أصْبو إلى عاشِقٍ ثاني!
أَلَسْتَ الذي يُزْجِي القوافِي شُرَّعاً
فَتَفْعَلُ ما لا يَفْعَلُ اللَّهْذَمُ القاني؟!
أَلسْتَ الذي يُمْسي ويُصْبحُ شادِياً
بِحُبِّي. ولو ألْقَيْتُه بَيْن نِيرانِ؟!
أَلسْتَ الذي عافَ الحِسانَ وبرَّني
بِحُبٍّ شجاني .. واصْطَفاني بألْحانِ؟!
* * *
فقلتُ رعاكِ الله . يا ذاتَ بَهْجَتي
ويا سِرَّ إْلهامي. وصَبْوَةَ أشْجاني!
فما أَنْتِ لي إلاَّ الحياةُ فإنْ نَأَتْ
تَلاشَيْتُ واسْتَخْذى يَراعي وتَبْياني!
وعادتْ بلا شَدْوٍ طَرُوبٍ بَلابلي
بِقَفْرٍ مُخِيفٍ ما بهِ غَيْرَ غِرْبانِ!
فأنْتِ عُيوني أَسْتَشِفُّ بها الرُّؤى
وأَنْتِ.. وقد أَسْمَعْتِني الحُلوَ.. آذاني!
* * *
فقالت لقد مَجَّدْتَني وَرَفَعْتَني
إلى قِمَّةٍ.. يا صِنْوَ مُسٍّ وسَحْبانِ!
فَتُهْت على كلِّ الحِسانِ. فَقُلْنَ لي
لقد صِرْتِ عند الشِّعْرِ أَنْضَرَ بُسْتانِ!
ولَمَّا نَعُدْ في فِكْرِه وشُعورِهِ
سوى شَجَر ذاوٍ يَلُوذُ بِقِيعانِ!
نَراهُ كمجْنُونٍ بَلَيْلاهُ.. سادِرٍ
بغَيٍّ.. وما يُشْقِي الهوى غَيْرُ غَيَّانِ!
* * *
فقُلْتُ لها تيهي على الغيدِ وافْخَري
عَلَيْهِنَّ.. حتى يَنْقَلِبْنَ بِخُسْرانِ!
فإِنَّكِ بَدْرٌ يَسْتِثيرُ كواكِباً
غَيارى حَوالَيْهِ. هَذَيْنَ ببُهتْانِ!
هَذَيْنَ بهِ حِقْداً عليكِ ونِقْمَةً
عَلَيَّ. وما أَشْقى . فَلَسْتُ بِشَيْطانِ!
قد اخْتَرتُ ما أرْضى الضَّمِيرَ وصانَهُ
من العَبَثِ المُزْرِي بِشِعْري وعِرْفاني!
* * *
فقالت ولن أَشقى بِحُبَّكَ عاصِماً
فما ضَلَّ أَنْ أَثَرْتَ حُبَّكَ وُجْداني!
وما ضَلَّ إيماني بِهِ مُتَبَتِّلاً
ولا ضَلَّ -يا مَن يُسْعِدُ الحُبَّ- حُسباني!
وجَدْتُ به بعد الضَّلالِ هِدايتي
إلى كلَّ ما يَطْوي الظُّنُونَ.. بإِيقان!
وما خِفْتُ مِن حِقْدٍ عَلَيَّ فَرُبَّما..
تَنَوَّرْتُ مِنه في الدَّياجيرِ شُطْآني!
* * *
فقُلتُ لها هذا الحُبُّ فاسْعَدِي
وكَلاَّ. فقد لاقَتْ بِه السَّعْدُ نَفْسانِ!
أراه جَدِيراً بالرِّضا وهِباتِهِ
وسوف أُوافِيهِ بأَكْرَمِ قُرْبانِ!
جَزاني بشِعْرٍ ثم ثَنَّى بِعِفَّةٍ
وثَلَّثَ ما أَشْجاهُ بالشَّغَفِ الحاني!
فإِن شاءَ قُرْباً لم أكُنْ عنه نائِياً
وإنْ شاءَ بُعْداً كنْتُ منه أَنا الدَّاني!
* * *
فقالت. وقد سَمت الدُّموعَ بعَيْنِها
تُضِيءُ كنجم شَعَّ في عَيْنِ رُبّانِ!
فَدَيْتُكَ. ما أَنْقى هواكَ يَرُدُّني
إلى الرُّشْدِ يَشْفيِني من الشَّنآنِ!
ولَسْتُ أبالي بالحِسانِ يَنُشْنَني
فما هُنَّ في عَيْنَيَّ غَيْرُ قيانِ!
وما أنا إلاَّ حُرَّةٌ طَهّرَ الهوَى
حَشاها. فما عَاشَتْ كَعَيْشِ غَواني!
* * *
فَقُلْتُ لها هذا هو العَيْشُ يزدري
بكل مَتاعيْ عَبْقٍ وجُمانِ..!
ويَزْهُو بَلأْلاءِ الجَمالِ مُزَمَّلاً..
بِطُهْرٍ.. فما يَخْزى من النَّزَوانِ!
أَبانَتْ لِيَ المِرْآةُ منكِ كريمةً
حَصاناً تَجَلَّتْ في هُدىً وحَنانِ!
سأَشْدو. وتَشْدُو بالهوى وشُجُونِهِ
وجَلَّ الهوى يَشْدُو به قَلَمانِ!
* * *
أشادَتْ بِشَدْوِي واسْتجابَتْ لِجَرْسِهِ
وقالتْ. لقد حَلَّقْتَ يا كَرَواني!
جدة/ الجمعة: 15/محرم/ عام 1418هـ
24/يونيو/ عام 1994م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :349  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 73 من 174
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.