اشتهر حافظ إبراهيم في شعره بين الناس بمادته الوطنية والاجتماعية والإصلاحية الرصينة والجادّة. لا يدرك غير القليل أنه كان أيضاً من أظرف الخلق وأحضرهم نكتة. المدهش في أمره أنه عاش عيشة مزدوجة -كما يفعل أكثرنا-، ولكن ازدواجيته تمثلت بجدّه عندما يكتب شعراًً وظرفه عندما يتعامل مع أصحابه، ولا سيما عبد العزيز البشري، رحمهما الله .
لاحظ صديقه خليل مطران، شاعر القطرين، أن حافظ ابراهيم دأب على لبس بدلة قديمة متهرية لا يغيّرها بأخرى، فقال له: "ليه يا حافظ بها البذلة، المبهدلة على طول"، فأجابه حافظ: "علشان فيها صفتين مبجلتين: القدم والوحدانية "!
حدث في أيام الجهاد من أجل الاستقلال أن نفت السلطات البريطانية أحمد شوقي إلى إسبانيا. كما نتوقع من أي منفي عن بلاده، داهمت أمير الشعراء موجة عارمة من الحنين إلى القاهرة ونيلها فبعث بالأبيات التالية إلى صديقه حافظ إبراهيم:
يا ساكني مصر إنا لا نزال على
عهد الوفاء -وإن غبنا- مقيمينا
هلا بعثتم لنا من ماء نهركمْ
شيئاً نبل به أحشاء صادينا
كل المناهل، بعد النيل، آسن
ما أبعد النيل الاّ عن أمانينا
تلقى شاعر النيل أبيات امير الشعراء، فأجابه عليها بنفس الوزن والقافية وعدد الأبيات: