شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يوْمِيّات شَهيد في لبنَان
سبع قصاصاتٍ هي
عثر عليها أحد أَقرباء الشهيد
مغطاة بالدم،
وقمت أنا بترجمتها من لغة الشهيد إلى لغتي
كان هذا في أعقاب الغزو الصهيوني للبنان عام 1982
القصاصة الأولى
ذبِحْتُ بقرطبةٍ مرتينْ
وفي الْقدسِ كنتُ قَتيلاً على دُفْعتَينْ
وكنتُ بسيناءَ نِصْفَينْ بالضِّفَّتَينْ
ولمَّا تعثَّرَ مُهْري بصخر "الشَّقيفِ" (1)
سمعتُ.. كأني سمعتُ نِدَا
لَهُ بَعْضُ صَوْتٍ، وبعضُ صَدى
-: أَيا مَنْ تُقاتِلْ
وتَحْمِلُ رأسَكَ كالشَّمْعدانِ
أَمامَ الْقَوافِلْ
بِكُلِّ الْحُروبِ تموتُ بسَيفيْنِ
سَيْفِ الْعَدُوِّ
وسيفِ أخيكَ بأَيْدي الْقَبائِلْ
فَهَلاَّ علمتِ
لماذا أَموتُ بكلِّ الْحروبِ على دُفْعَتينْ؟
القصاصة الثانية
ساءَلْتُ مُهْري
وهو يَجْتازُ الْخَنادِقَ والْخِيامْ
وسألتُ سَيْفي
وهو يَبْكي جُرحَهُ الْمُمْتّدَّ في حَجْمِ الظَّلامْ
-: أَيُّ الْحَشائشِ والتَّمائمِ والْمُدامْ
تَشْفي الأَعارِبَ مِنْ مُضاجَعِة الْكَلامْ؟
الرُّومُ في نَزَواتهمْ
يَهْوُونَ كالسَّيْلِ الْعُرامْ
مُتَسَلِّلينَ إلى خُدورِ الْمُحْصَناتِ
بدارِ عُقْبَةَ أَوْ هِشامْ
وبَنو الْعُمومَةِ عاكِفونَ على نَسيجِ اللَّغْوِ
في دارِ الْكَلامْ
في كُلِّ حَيٍّ نَصَّبوا صَنَماً
تُراقُ لَهُ الأَضاحي كُلَّ عامْ
في الْجاهِليَّةِ، كانَ يُدْعى: اللاَّتَ. أَوْ هُبَلاً
وبَعْدَ الْحَجِّ صارَ خَليفَةً
مَلأوا يَدَيْهِ مَصاحِفاً
وَوَراءَ كُلِّ هَزيمَةٍ
نَسَجوا لِعِزَّتِهِ وِسامْ
القصاصة الثالثة
سَمِعْتُ الْمَصاحِفَ تَبْكي
وأنتُمْ جَميعاً، قَتيلٌ بَكى قاتِلَهْ
وكانَ الْيَهودِيُّ يَسْحَبُ ناقَتَهُ
مِنْ قَناةِ السُّوَيْسِ إلى طَبَرِيَّا
وتاريخُكُمْ كُلُّهُ راحِلَهْ
صَرختُمْ: تَعالَ الْمُخَلِّصَ
أُدْنُ الْفِدائِيَّ
والسَّيْفَ والْقابِلَهْ
وقلتُمْ: لتاريخنا حُرْمَةٌ قَدْ تُباحْ
وأَرْضُ الرُّؤى تُسْتَباحْ
أما مِنْ نَبيلٍ يذودُ عَنِ الْقافِلَهْ؟
وجِئْتُ إليكُمْ، ورَأْسي ثَقيلٌ.. ثَقيلٌ مِنَ الْحُزْنِ
أَحْمِلُهُ تارَةً فوقَ حافِرِ مُهْري
وأُخرى على طَرَفِ الْمِقْصَلَهْ
وكانَ صَليبي على كَتِفَيَّ سِراجاً
يُضَوِّئُ أَيَّامِيَ الْمُقْبِلَهْ
وقلتُمْ: وراءَكَ نَحْنُ
نُقاتِلُ حتى نُخَضِّبَ بالدَّمِ
كُلَّ مَواسِمِنا الْمُمْحِلَهْ
ولما رَفعْتُ جَوادي وسَيْفي
إلى قِمَّةِ الْجُلْجُلَهْ
تَلَفَّتُّ حَوْلي
فما كان إلاَّ صَليبي
وهذا الْيَهودِيُّ، والْحَبْلُ، والْمَهْزَلَهْ
القصاصة الرابعة
إلَيْهمْ أنا أَنْتَمي
ولم أَنْسَ طَعْمَ جُروحي
وإنْ كنتُ يومَ الْقِتالِ بَلَعْتُ فَمي
نَشَرْتُ مَحَبَّتَهُمْ في الْغُيومِ النَّدِيَّهْ
وطُفْتُ بِحُبِّي عليهِمْ
مِنَ الأَطْلَسِيِّ إلى الْقادِسِيَّهْ
وكانَ دَمي
شَفَقاً يَفْضَحُ الْغَزْوَ والصامِتينَ عَلَيْهِ
مُلايَنَةً أَوْ تَقِيَّهْ
وما كنتُ أطلبُ منهمْ
وِساماً يُزَيِّنُ صَدْري
ولا شَمْعَةً أَوْ هَدِيَّهْ
وقلتُ لَهُمْ:
عُروقي حِبالٌ خُذوها
وشُدُّوا مَراكِبَكُمْ في هِياجِ الْبِحارْ
وعَلَّقْتُ رَأْسي ثُرَيَّا بسَقْفِ هَزائِمِهمْ
فَصارَ الدُّجى كَالنَّهارْ
ودَحْرَجْتُ جِذْعي على رَمْلِ أَخْطائِهِمْ
ولاذوا بذُلِّ الْفِرارْ
ولم يَكْتَفوا بالْفِرارِ ولكنَّهُمْ
قَتَلوني
القصاصة الخامسة
أَيُّها الْعَرْشُ الَّذي يحرسُهُ الْغَزْوُ
وتحْميهِ مَطايا الْغُرَباءْ
وعلى كاهِلِهِ مِسْخُ خَليفَهْ
كَيْفَ هَجَّرْتَ الرَّعِيَّهْ؟
ولِمَنْ تَمْلأُ بَطْنَ الْبُنْدُقِيَّهْ؟
ولماذا تَسْجُنُ الْمَقتولَ في الْبِئْرِ
وتُسْمي قاتِلَ الطِّفْلِ ضَحِيَّهْ؟
أيُّها العرشُ، امْتَطاكَ الأعْوَرُ الدَّجَّالُ
والسَّفَّاحُ والْقَوَّالُ
والْمُتَّخِذُ الشَّعْبَ مَطِيَّهْ
والذي يَضْحكُ في السِّرِّ إذا ما حَمْحَمَتْ
خَيْلُ الْمُغيرينَ
ويَحْني رَأْسَهُ لِلْبُنْدُقِيَّهْ
القصاصة السادسة
ما لِحُكَّام الطَّوائِفْ
وَزَّعوا أَدْوارَهُمْ بالْعاصِفَهْ؟
فَتَمِيميٌّ يُهادِنْ
ومَعَدِّيٌّ يُلايِنْ
وَنِزاريٌّ يَصُبُّ الزَّيْتَ في نارِ هَوازِنْ
وكُلابِيٌّ يُنادي في الْمآذِنْ
أَنَّ مَنْ أِسْلَمَ لِلْغَزْوِ سِلاحَهْ
فهوَ آمِنْ؟
نَسِيَتْ عَرّافَةُ الأَعْرابِ أنَّ الْعاصِفَهْ
سوفَ تَنْداحُ لِتَجْتاحَ الرُّؤى والْعارِفَهْ
ثم تَرْتَدُّ لِتَهْدِيمِ بُنَى الآنَ وأُخْرى سالِفَهْ
ولقد تَسْتَلُّ قَيْساً وَنِزاراً ومُضَرْ
وبَني عُذْرَةَ والْحُبَّ ورِحْلاتِ قُرَيْشْ
والذي ضَوَّأَ أَحْناءَ الْحَضاراتِ
وأَعْراقَ الْبَشَرْ
إنَّها النارُ
ولا فَرْقَ إذا جاءَتْ
على أَيْدي الصَّليبِيِّينَ أَوْ خَيْلِ التَّتَرْ
القصاصة السابعة
أَوْرَقَ الْقَبْرُ غَداً
فَوْقَ عُروقي الْمُشْرِقَهْ
ناشِراً هذا الأَريجَ الأُمَوِيّ
لِيَراني نَجْمَةً مُؤْتَلِقَهْ
فأنا الْعَنْقاءُ في كُلِّ زَمانٍ عَرَبِيّ
أَرْتَقي مِنْ قَلْبِ وِدْيانِ الرَّمادْ
بَعْدَ أَنْ يَخْبو ضَجيجُ الْمَحْرَقَهْ
أَرْفَعُ الأَسْتارَ عَنْ زَيْفِ الْقَوافِلْ
أَفْضَحُ السارِقَ سِكِّينَ الْمُقاتِلْ
والذي الْتَفَّ مَعَ الزَّيْفِ بِظِلِّ الرّايَةِ الْمُحْتَرِقَهْ
فاحْفَظوا هِيْئَةَ سَيْفي
واذْكُروا صورَةَ وَجْهي
واقْرَؤُوا بَصْمَةَ كَفِّي
فهي بعدَ الْقَتْلِ والتَّمْثيلِ تَرْتادُ الْعُصورَ اللاَّحِقَهْ
فإذا احْمَرَّ الأُفُقْ
وإذا زَغْرَدَ مِنْ فَرْحَتِهِ ثَغْرُ الشَّفَقْ
اُنْظُروا نَحْوَ الأَعالي
لِتَروْا صَدْري لِسَقْفِ الْكَوْنِ سَقْفا
وضُلوعي وُلِدَتْ في الْقَهْرِ قُرْآناً وسَيْفا
وهَوىً عِفّاً وتاريخاً أَشَفّا
لا تَقولوا:
إنَّهُ ماتَ
وعادَ الْيَوْمَ كَيْفا؟
فأنا شاهدُ عَصْرٍ
وشَهيدٌ لَنْ يَكُفّا
لم يَمُتْ مَنْ غاصَ في الأَصْنامِ سَيْفا
بَلْ إلى الْميلادِ زُفّا
1983
 
طباعة

تعليق

 القراءات :374  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.