شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
السيدات الفضليات
الأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هذه أمسية يعبق فيها الوفاء.. شعاراً ودثاراً.. نحتفي فيها بمعالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملة: الأكاديمي، وزير العمل والشؤون الاجتماعية على مدى أربع سنوات.. فوزيراً للشؤون الاجتماعية لمدة سنتين-بعد فصل العمل عن الشأن الاجتماعي- ثم العودة أكاديمياً عاشقاً للمكتبات والمعلومات، ومربياً فاضلاً بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
أحياناً يكون الصمت أبلغ بياناً من الكلمات.. ولهذا سأقول كليمات.. عمل فأحسن على قدر ما قدر له فقدر.. وحسبه وجه ربه، وكفى بالله وكيلاً.
وقد اتضحت له أبعاد المشاكل وأهمها قطبان صارخان: وظيفة تحتاج إلى تدريب وتأهيل.. وشأن اجتماعي يصل حد الفقر الذي قال عنه الإمام علي كرم الله وجهه (لو كان الفقر رجلاً لقتلته).. وكلاهما بعيد المنال في ظل سطوة البيروقراطية، والميزانيات، وبنود الصرف، ودوائر التوقيعات والأختام، وغيرها من العوامل التي تزيد جرعة القهر والإحباط.. هكذا وجد معالي ضيفنا الكريم نفسه وسط معادلة غير متكافئة.. وهو الأكاديمي الذي استنار وتسلح بالعلم النافع ليدفع به صروف الأيام والليالي، لم يكن متقوقعاً في قالب أو شرنقة، بل تشهد له سيرته الذاتية الخاصة جداً أنه خاض معترك الحياة العملية وهو في شرخ الشباب، ومرحلة طلب العلم.. لم يتقاعس عن مد يد العون لأسرته، في وقت حوّل بعض الشباب ليله أنساً، ونهاره نوماً.
هذا الأكاديمي الذي تمترس بالتجربة العملية خاض غمار حرب لا هوادة فيها على جبهتين عصيتين.. كان منهجه الدائم احتواء الأمور بعين الإنسانية والعطف واللين.. فلا يراه مراجعوه الكثر إلا هاشاً باشاً.. حتى ليخال كل منهم أنه ذو حظوة لا يدانيه فيها أحد من المسؤول الذي يقف على رأس جانب الهرم الإداري الذي يعنيه.. كرس جهده وعلمه وعلاقاته ليوقد شموع الأمل أمام ذوي الحاجات، والأرامل، والأيتام.. التصق بهمومهم، وآلامهم، وآمالهم الصغيرة.. كان المظلة التي يلجأون إليها في الهاجرة.. ولم يبخل قط بكلمة طيبة، أو بذل أقصى جهد ممكن لإنجاز ما أنيط به من مسؤوليات إدارية وإنسانية بالغة التعقيد.. رصيده في كل ذلك حب لا ينضب للعمل.. واستطاع أن يستنهض همم مرؤوسيه ويدفع بهم طوعاً واختياراً لطي أساليب العمل التقليدي قدر الإمكان، وابتكار آليات جديدة لاختراق جدار البيروقراطية القاتلة.. معترفين في الوقت ذاته أن هناك مشاكل شائكة تستحق الدراسة، ووضع الآليات، والاستراتيجيات التي تستغرق وقتاً ليس بالقصير حتى تأخذ مكانها على أرض الواقع.. وعليه تظهر صعوبة رصد التطورات في مجال العمل الاجتماعي نظراً للفترات الزمنية الطويلة نسبياً لتحقيق النتائج، كلياً أو جزئياً.. وخلاصة القول في سوق العمل أن التدريب والتأهيل لشغل الوظائف شبه الفنية يأتي في مقدمة الأوليات المتاحة لاختراق مسألة الاستقدام.. وأكد هذا مقال سطره معالي ضيفنا الكريم في كتابه "السعوديون. الثبات والنماء" الصادر عن مكتبة العبيكان عام 1416هـ/1995م في الصفحات 54- 55 وأشار نصاً "إننا بحاجة إلى تكثيف الدورات التدريبية لتأهيل مجموعات من خريجي الجامعات لخوض مجالات فنية ومهنية تتناسب مع المؤهل الجامعي الذي يحصل عليه الطالب"-(انتهى كلامه)- يؤيد هذا التوجه أن نسبة 47.2% من التأشيرات الصادرة العام الماضي كانت من نصيب المهن الفنية الهندسية.. وفي كتابه (السعوديون والخصوصية الدافعة) الصادر عن الدار نفسها عام 1428هـ/2007م أشار إلى أهمية توفير البيئة المناسبة لعمل المرأة بحيث تسهم في التخطيط والتنظيم، ثم التنفيذ، وليست مجرد مسوِّقة للسلعة.
إن التعامل مع الشأن الاجتماعي بمختلف أبعاده وصوره جعل معالي ضيفنا الكريم يقول عن نفسه ومؤلفاته أنه (حاطب ليل).. ولا أجد غرابة في ذلك، فالدخول في عمق المجتمع يدعو الدارس الممحص إلى الالتفات إلى بعض التفاصيل التي قد لا ينتبه إليها كثير من ألوان الطيف الثقافي.. فنجده يكتب عن (الفقر) وهو موضوع لا تميل إليه النفس، وإلا لما قال الاقتصاديون الأوائل في القرن التاسع عشر الميلادي عن الاقتصاد إنه: (العلم الكئيب).. بالرغم من ذلك دخل ضيفنا الكريم هذا العالم ضمن سلسلة كتيب المجلة العربية (مواجهة الفقر: المشكلة وجوانب المعالجة).. وهو إسهام مقدّر بشأن التصدي لظاهرة عالمية، فليس هناك مجتمع لا يعاني من الفقر.. وإن كانت الدرجة تختلف، فخط الفقر يتراوح صعوداً وهبوطاً مع درجة الرفاهية في كل مجتمع.. وتنبع خطورة هذا الموضوع من أنه لا يقتصر على فئة دون أخرى، فبمجرد أن يشعر بعض أفراد المجتمع أنهم مهمشون، فإنهم قد يتحولون إلى قنابل موقوتة، وتجد الجريمة بيئة مناسبة للتفريخ والانتشار.. ولا يعني هذا أن كل فقير عبء على المجتمع.. غير أن التحليلات الاجتماعية في معظم دول العالم تربط بين الفقر كبيئة حاضنة للجريمة الفردية والجريمة المنظمة، بل الإرهاب والمخدرات، وغيرها من الأوبئة التي تؤثر دون شك في تماسك المجتمع بكل مكوناته، وتنداح دائرتها ليعم الغرم كل المواطنين دون استثناء.. لذا تتضح حكمة وسمو التشريع الإسلامي في فريضة الزكاة التي نهضت بالمجتمع في صدر الإسلام، وشكلت طريقة جمعها وصرفها آلية لا يعلى عليها لمكافحة الفقر إذا تم تطبيقها بحذافيرها، مع معالجة السلبيات، وما طرأ على الساحة الاقتصادية من تطورات واكبت اقتصاديات السوق، وتشابك المصالح.. نسأل الله الثبات على هديه، وأن يعين كل من يسعى للنهوض بهذا الركن الراسخ.
وليس ببعيد عن ملف الفقر، احتضن ضيفنا الكريم ملف الجمعيات الخيرية، وكان العمل فيها يسير بتلقائية وسلاسة عادية، إلى أن وصلتها شرارة أحداث سبتمبر 2001م، فشهدت هجمة شرسة ضربت عصبها وعمودها الفقري.. ثم اجتاحتها موجة من التشكيك وتصيد الأخطاء، وفتحت العيون لأقصى درجة لترصد كل شاردة وواردة في مجالها.. حتى أوشكت أن تضمحل وينضب معينها وتجف موارد تمويلها.. وبطبيعة الحال أدى هذا الهلع لحالة من الفوضى التي أثرت سلباً وبدرجة كبيرة على أدائها، وبالتالي اضمحلت مشاركتها في معالجة كثير من القضايا الإنسانية التي كانت تنوء بها.. وقد بذل معالي ضيفنا الكريم تحت مظلة القيادة جهوداً مبرورة حتى عادت الثقة تدريجياً لهذه الجمعيات التي نقدر جميعاً دورها الحيوي، ورسالتها السامية في خدمة قطاعات مهمة في المجتمع.. والأمل ما زال معقوداً لمزيد من العطاء، استشرافاً للخير المعقود بناصية الأمة ورجالاتها بمختلف تخصصاتهم، الذين ما فتئوا درعاً يذود عن إخوانهم ويلبي بعض حاجاتهم انطلاقاً من صميم شعورهم بالمسؤولية الاجتماعية، والتضامن والتعاضد والتآزر الذي يشكل وشيجة ترابط بين أفراد مجتمعنا في السراء والضراء.
من ناحية أخرى نلاحظ تعلق ضيفنا الكريم بدراسات وأبحاث الاستشراق، ومن الصدف أن "الاثنينية" السابقة كانت عن الاستشراق، وأشرت إليه بتوسع في كلمتي بتلك المناسبة احتفاء بالأستاذ الدكتور أوليغ بيريسيبكين، المستعرب الروسي الذي قدم شرحاً وافياً عن الموضوع، وما أعقبه من حوار مطول.. وكأن الظروف شاءت أن يأتي جزء من هذه الأمسية كامتداد طبيعي لما سبق، فالموضوع يستحق فعلاً أكثر من أمسية.. وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى.
إن معالي ضيفنا الكريم أبعد الناس عن الأضواء والثناء، ولكن من لم يشكر الناس لم يشكر الله.. أحسبه عقد العزم على العطاء عملاً خالصاً لوطنه ومواطنيه.. وأخلص النية فوهبه الله حب الناس، وكان إنجازه بين مادح وقادح.. وكفى المرء نبلاً أن تعد معايبه.. ولا أزكيه على الله.
أرجو لكم وقتاً طيباً وماتعاً برفقة معالي ضيفنا الكريم، مشيراً إلى أن هذه الأمسية ستكون مسك الختام كما تعودنا أن تحتجب "الاثنينية" خلال فترة الامتحانات، حيث يسهم الآباء والأمهات في توفير المناخ المناسب والمشاركة في الاستذكار مع فلذاتهم.. متمنياً لأبنائنا وبناتنا النجاح والتوفيق.. وعلى أمل أن تتواصل مسيرتنا بعون الله بعد انتهاء العطلة الصيفية.
وإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله،،،
عريف الحفل: وأحب أن أرحب هذه الأمسية بمعالي الأستاذ الدكتور عبد الكريم العلوي المدغيري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق في المغرب ورئيس بيت مال القدس حالياً، أستاذ في الجامعة المغربية فأهلاً وسهلاً ومرحباً به. سعادة الأخ الكريم المفكر والإعلامي وزير الإعلام الأسبق رئيس مجلس رعاة الاثنينية معالي الدكتور محمد عبده يماني يلقي كلمة فليتفضل:
 
طباعة

تعليق

 القراءات :924  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 201 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج