شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدكَ اللهمَّ كما ينبغِي لجلالِ وجهكَ وعظيمِ سلطانِك، وأصلِّي وأسلمُ على سيِّدِنَا وحبيبِنَا وقدوتِنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينْ.
الأستاذاتُ الفضلياتْ..
الأساتذةُ الأكارمْ..
السلامُ عليكمُ ورحمَةُ اللهِ وبركاتُه:
تَأْتلِقُ اثنينيتُكم الليلةَ ودائرةُ تكريمِها تنداحُ لتلامسَ مرافئَ الإنسانيةِ المتجليةِ في عطاءِ رجلٍ من رجالاتِها الذينَ سخَّرُوا خبراتهم وطاقاتِهم وعِلْمَهم لأهدافٍ ساميةٍ. سعداءَ باستضافةِ الجرَّاحِ والطبيبِِ السعوديِّ معالِي الدكتورِ عبد اللهِ بن عبد العزيزِ الرّبيعة المديرِ التنفيذيِّ للشؤونِ الصحيةِ في الحرسِ الوطنيِّ ومديرِ جامعةِ الملكِ سعود بن عبد العزيز للعلومِ الصحيةِ، الذِي ذاعَ صيتُه تلاحقُه عدساتُ المصورينَ وتتناقلُ إنجازاتِه وكالاتُ الأنباءِ العالميةِ، موجهاً باسمكم جميعاً كلمةَ شكرٍ وتقديرٍ لهذهِ القامةِ التي بذلتِ الكثيرَ في ساحاتِ العطاءِ بعنايةٍ كريمةٍ من قيادتِنا الرشيدةِ، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بِه وبصحبِه الكرامِ، متطلعينَ إلى الإرتواءِ من عِلْمِه وسابغِ فضلِه.
يُؤسفِني أنْ يكتنِفَنا الحزنُ مجدداً لفقدِ الشاعرِ والأديبِ المعروفِ الأستاذِ حسن مصطفى صيرفي، الذِي شَرُفتِ "الاثنينيةُ" بتكريمِه بتاريخِ 27/6/1413هـ الموافقِ 21/12/1992م، وبفقدِه طوتِ المدينةُ المنورةُ، على ساكِنها أفضلُ الصلاةِ والتسليمِ، بل الوطنُ كلُّه، صفحةَ شاعرٍ غَرِدٍ، وأديبٍ أريبٍ، أثرى أمْسياتِ محبِّي شِعرِه الجزلِ بالغالِي والنفيسِ من دررِ عطائِه وبديعِ صورِه.. نسألُ الله سبحانَه وتعالى أن يُكرمَ نُزلهُ ويُوسِّعَ مَدخلَهُ ويسكنَه فسيحَ جنانِه معَ الصدِّيقينَ والشهداءِ والصالحينَ وَحسُنَ أولئكَ رفيقاً، وأن يُلهمَ آلهُ وذويهِ وعارفِي فضلِه الصبرَ وحسنَ العزاءِ.
كمْ هيَ عصيبةٌ تلكَ اللحظاتُ التي ينتظرُ فيهَا الأبوانِ ما تتمخَّضُ عنْهُ عمليةُ فصلِ طفليهِما التوأمينِ السياميينِ التي تتطلَّبُ قدراً كبيراً من الدرايةِ والتوفيقِ والمهارةِ والخبرةِ، وكمْ هوَ جميلٌ رؤيةُ البسمةِ ترتسمُ على وجهيهِما وهمَا يعانقانِ مولوديهِما منفصلينِ لأولِ مرةٍ بعد معاناةٍ وألمٍ مُضنييْنِ. معالِي ضيفنا الكريمِ قامَ بعدةِ عملياتٍ من هذا النوعِ كمَا تعلمونَ، واستطاعَ بتوفيقٍ من اللهِ وبمساعدةِ فريقٍ طبيٍّ متعددِ التخصصاتِ أنْ يرسمَ ملامحَ السعادةِ على وجوِه كثيرٍ منَ الأمهاتِ والآباءِ من مختلفِ الجنسياتِ، فأصبحَ بإنجازاتِه الطبيةِ العالميةِ مفخرةً للأمةِ، ودليلاً دامغاً على ما شهدَه القطاعُ الصحيُّ في المملكةِ من تقدمٍ يماثلُ نظيرَهُ في البلدانِ المتقدمةِ، بتبنٍّ ورعايةٍ شخصيةٍ من خادِم الحرمينِ الشريفينِ الذِّي لم يدَّخرْ وُسْعاً في تقدِيم الدعمِ السخيِّ لعلاجِ هذه الحالاتِ النادرةِ تعبيراً عن القِيم الإنسانيةِ الساميةِ المستمدِة من دينِنَا الحنيفِ الذِّي يحثُّنا على التراحمِ والتوادِّ والتكافلِ بِغضِّ النظرِ عن العرقِ أو اللَّونِ أو الدينِ.
وبهذِه المناسبةِ أقتطفُ شهادةً منْ أرقى أكاديمياتِ الجراحةِ في فرنسا المنشورةِ في جريدةِ الرياضِ بتاريخ 7/1/1428هـ الموافق 25/1/2007م في العدد 14095، >أوضحَ رئيسُ أكاديميةِ الجراحةِ الوطنيةِ الفرنسيةِ السيد (شارل بروا) بمناسبةِ انتخابِ وتكريمِ معالِي الدكتورِ عبد الله الربيعة كأولِ طبيبٍ خليجيٍّ ينضمُّ لهَا. أنَّ المملكةَ قدمتْ للعالِم خبرةً نجحتْ فِيها بتفوقٍ فِي عملياتٍ بالغةِ التعقيدِ وبالتالي يُعتمدُ عليهَا بشكلٍ كبيرٍ كمرجعٍ علميٍّ وبحثيٍّ في إجراءِ عملياتِ فصلِ التوائمِ السياميةِ. وأكَّد (شارل بروَا) أنَّ هذَا النجاحَ أَعطى للمملكةِ سمعةً عالميةً رائعةً وخبرةً جيدةً في قُدرةِ الأطباءِ السعوديينَ على التّمَيُّزِ والمهارةِ في إجراءِ عملياتٍ جراحيةٍ ذاتِ طابعٍ خاصٍّ وحساسٍ في نفسِ الوقتِ، وأعطتْ بُعداً كبيراً في العملِ الإنسانيّ حيثُ ضمَّتْ هذِه الحالاتُ جنسياتٍ عربيةً وعالميةً مختلفةٍ ولمْ تقتصر فقطْ على الحالاتِ المحليةِ. ولعلَّ هذَا يؤكدُ حُبَّ شعبِكُم للإنسانيةِ ولعملِ كلِّ ما يخدمُها سواءً على الصعيدِ الطبيِّ أو الإغاثِيِّ أو المجالاتِ الأخرى، وعلى رأسِكُم قائدكُم الملك عبد الله بن عبد العزيز الذِي تكفَّلَ بعلاجِ تِسْع حالاتٍ تَمَّتْ بنجاحٍ فهوَ المبادرُ الأولُ لَها، وهذا تميزٌ يحسَبُ لكُم كشعبٍ سعوديٍّ إنسانيٍّ نبيلٍ، انتهى.
إنَّ هذِه الإنجازاتِ الطبيةِ التِي نجَح فارسُ أمسيتِنا فِي تحقيقِها بمعيّةِ فريقهِ الطبيِّ أسهمتْ في توجيهِ رسالة سلامٍ إلى العالمِ أجمع، وهيَ في كُنْهِهَا دعوةٌ إلى الانصهارِ فِي بوتقةِ التلاحمِ والتعاونِ والتعاضدِ خدمةً للإنسانِ الذي كرَّمَه اللهُ عزَّ وجلَّ، ونافذةٌ يتعرَّفُ من خلالِها الغربُ على المكانَةِ المرموقةِ التي توصَّلتْ إليَها المملكةُ في مجالِ الاستثمارِ المعرفيّ في الموارِد البشريةِ الوطنية.
إنَّ الحديثَ عنِ الإنجازاتِ يتطلبُ مساحةً أكبرَ إلاَّ أنِّي أختصرُ فأقولُ إِنَّ اتساعَ مساحةِ التحصيلِ المعرفِيّ لفارسِ أمسيتِنا جعلتْهُ أُنموذَجاً يُحتذَى بهِ في الجدِّ والاجتهادِ والوصولِ إلى مراتِب العالمية، وحرِيٌّ بشبابِنَا الاستفادةَ من تجربتِه والرشفِ من عذبِ سيرته، لأنَّ تأخُّرَ المسلمينَ اليومَ عن القيادةِ العالميةِ نتيجةٌ منطقيةٌ لقومٍ نَسَوْا رسالتَهم الإنسانيةَ، وحطُّوا من مكانَتِها، وشابُوا معدِنَها برُكامٍ من الأوهامِ، وأهملُوا السننَ الربانيةَ التِي تُفْضِي إلى بلوغِ كثيرٍ من المرامِ وتحقيق الأمانِي، فالبناءُ المتكاملُ للإنسانِ يتطلبُ على نحوٍ جوهريٍّ تشييدَ إنسانيتِه بالتزامن مع تنميتها بالمعرفةِ.
مِن بينِ نشاطاتِ فارسِ أمسيتنا اهتمامُه بالاستراتيجيةِ والتخطيطِ الصحيِّ على المستوى الوطنيِّ، وكما هوَ معروفٌ فالدورُ الذِي يلعَبُه التخطيطُ في توفيرِ البيئةِ السليمةِ والخدماتِ الصحيةِ الملائمة هو الإطارُ الكفيلُ بتحقيقِ الأهدافِ المستقبليةِ للمنشآتِ الصحيةِِ. فبلادُنا بحاجةٍ إلى تكوينِ أطرٍ وكوادرَ طبيةٍ متخصصةٍ في المجالِ الصحيِّ ذاتَ درايةٍ باستراتيجياتِ التخطيطِ الذي يسهمُ في تحسينِ جودةِ الخدمةِ الصحيةِ ومواكبةِ التطورِ العالميِّ في هذا الباب، وهذا يدفُعنا إلى الحديث عن التعليمِ الصحيِّ العالِي الذِي لا ينفصمُ عن ضيف أمسيتنا الذي يتربَّعُ على قِمةِ هرمٍ علميٍّ نفخرُ بهِ، بصفتِه مديراً لجامعةٍ الملكِ سعود بن عبد العزيز للعلومِ الصحيةِ، إلاَّ أنَّ اليدَ الواحدةَ لا تصفقُ كما يقولونَ، فرغمَ ما تَمَّ إنجازُه في هذا المجالِ إلاَّ أنَّ التعليمَ الصحِيَّ بصفةٍ عامةٍ في المملكةِ ما زالَ يعانِي مِنْ بعضِ المعوقاتِ، ولا يلبِّي حاجةَ سوقِ الخدماتِ الصحيةِ المتزايدةِ، منْ هنَا وجبَ التفكيرُ في حلولٍ عَمَليةٍ لتأهيلِ القُوى العاملةِ الصحيةِ الوطنية، والتِي تتطلَّبُ دراسةً مستفيضةً ومتأنيةً بدءًا بالمقرراتِ والمناهِج الدراسيةِ وانتهاءً بتوفيرِ الوسائلِ الضروريةِ لتخريجِ كوادرَ وطنيةً مؤهلةً علمياً ومعرفياً، لئلاَّ تتخبَّطَ بعضُ المشاريعِ الطبيةِ في شرنقةِ البيروقراطيةِ التي تقفُ في وجهِ أيِّ مشروعٍ حضاريٍّ، بالإضافةِ إلى ضعفِ التواصلِ بينَ مراكز البحوثِ العلمية والجامعاتِ. ولعلَّ ضيَفنا الكريمَ أفضلُ منْ يتحدثُ عنْ صعوباتِ التعليمِ العالِي بحكمِ ديناميكيته وخبرتِه ودرايتهِ بالصعوباتِ التي يلقاهَا طلابُ الطبِّ خاصةً المغتربينَ منْ أجلِ التحصيلِ العلميِّ.
ومنَ النقاطِ المهمةِ التي تُسجَّلُ لضيفِ أمسيتِنا قيامُه بالعديدِ من الإنجازاتِ الأخرى في مجالاتٍ مختلفةٍ، فقامَ إلى جانبِ عملِه كجرَّاحٍ وإداريٍّ بإعدادِ العديدِ من أوراقِ العملِ والبحوثِ الطبيةِ وَأَسهمَ في إنشاءِ عددٍ من المشاريعِ الطبيةِ والوحداتِ الصحيةِ وتولَّى مناصبَ إداريةٍ وأكاديميةٍ مهمةٍ، بالإضافة إلى تقديمِ العديدِ من المحاضراتِ القيّمةِ في عددٍ من الدولِ حولَ العالِم.
وإذَا كانتْ أحداثُ الحادِي عشر من سبتمبر قدْ أعطتْ صورةً سوداويةً للمملكةِ العربيةِ السعوديةِ في الإعلامِ الدّوْليِّ، فإنَّ مثلَ هذِه الإنجازاتِ الطبيةِ للمملكةِ وتبنّيها وتكفُّلَها بنفقاتِ إنجازِ هذه العملياتِ الجراحيَّةِ الدقيقةِ بأيدِي أبنائِها تُسهمُ في مسحِ تلكَ الصورةِ القاتمةِ التي استُغِلَّتْ من قبلِ بعضِ الأجهزةِ الإعلاميَّةِ المغرضةِ دونَ إنصافٍ لدورِهَا على أكثرَ من صعيدٍ سياسيٍّ واقتصاديٍّ واجتماعيٍّ وثقافيٍّ، متجاهلينَ دورَهَا الإنسانيَّ بوقوفِها مع كافةِ دولِ العالِم في أوقاتِ الشدائدِ والمحنِ والكوارثِ، ودعمِها العاجِل والفوريِّ السخيِّ حجماً ونوعاً، وهوَ عملٌ جُبِلتْ عليهِ المملكةُ وشعبُها الذي يمارسُ قيمَ التكافلِ على أعلى مستوياتهِ وفِي أبهى صُوَرِهِ.
هَذَا غيضٌ من فيضِ كنوزِ فارسِ أمسيتنا، الذِي عُرِفتْ عنْهُ الدقةُ ومتابعةُ تفاصيلِ كلِّ عمليةٍ يجرِيها، بحنكةٍ وسرعةِ بديهةٍ وتنظيمٍ إداريٍّ ناجحٍ وَفْقَ أرقى أساليبِ الإدارةِ الطبيةِ الحديثةِ.
أُرحبُ مرةً أخرى بضيفِنا الكبيرِ الذِي قدمَ خصيصاً من الرياضِ للقائكمْ، شاكراً ومقدراً معكُم تفضُّله ليكونَ بينَنا وصحبه الكرام وهوَ وفاءٌ يحفِّزُ على المزيدِ من العطاءِ للوطن، سائلينَ اللهَ سبحانَه وتعالَى أنْ يوفِّقَه ويسدِّدَ خُطَاه، وأنْ يجمَعنا دائماً على طريقِ الخيرِ والعملِ لما فيهِ مصلحةُ الإنسانيةِ.
متمنياً لكمْ وقتاً ممتعاً في معيةِ معالِي ضيفنا الكريم، وعلى أملِ أن نلتقي الأسبوعَ القادم بمشيئةِ الله لنحتفيَ بالسيدةِ الفاضلةِ الدكتورة الجوهرة بنت محمد العنقري، العضو المؤسس لجمعيةِ حقوقِ الإنسان بالمملكة، والتي لَها بعضُ المؤلفاتِ والأبحاثِ حولَ التغذيةِ والجمعياتِ النسويةِ، بالإضافةِ إلى نشاطاتِها الصحفيةِ والاجتماعيةِ ممثلةً في عقدِ الندواتِ ورئاسةِ بعضِ الجمعياتِ النسوية التي تنشطُ في خدمةِ قضايا المجتمع والأُسرة.
فإِلى لقاءٍ يتجدَّدُ وأنتمْ بخيرٍ.
والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :754  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .