شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صحيفة ((أم القرى))
تعتبر ((أم القرى)) أُولى الصحف في العهد السعودي، صدرت بمكة المكرمة في 15/5/1343هـ، الموافق 12/12/1924م، ولا تزال تصدر ((أسبوعياً))، حتى الآن، وتمثل الجريدة الرسمية للبلاد، تحت إشراف وزارة الثقافة والإعلام.
ويتم طباعتها في ((مطبعة الحكومة))، وصدرت في أول أمرها في أربع صفحات، ثم تضاعف العدد في عام 1936م، فصدرت في ثمان صفحات، وأحياناً في عشر صفحات. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية انخفض عدد صفحاتها إلى أربع، ثم عادت إلى حجمها الطبيعي قبل الحرب.
ويصف الأستاذ الدكتور منصور إبراهيم الحازمي محتوى الجريدة على النحو التالي: ((لم تكن مواد الجريدة تخضع لمنهج معين في الترتيب والتبويب. غير أن الصفحة الأولى غالباً ما تخصص للافتتاحيات، وقد تنشر فيها القرارات والبلاغات الرسمية، وظهر فيها ميثاق الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية، وقد تنشر في المكان المخصص للافتتاحيات في الصفحة الأولى مواد أخرى ليس لها صفة رسمية أو إدارية كبعض قصائد المديح والمناسبات وبعض البحوث المسلسلة والمقالات في الدين أو الأدب أو القانون أو الاجتماع أو غير ذلك، أما الأخبار المحلية والعالمية فلا تنشر عادة في الصفحة الأولى بل يخصص لها بعض الصفحات الداخلية.. وربما أفردت بعض الصفحات الداخلية لعدد من الأبواب الثقافية، كالصفحة السادسة التي استأثرت في فترة من الفترات بالأدب والاجتماع وكانت تنشر بها المقالات والبحوث المسلسلة في هذين الموضوعين، وربما خصصت بعض أعمدة ((أم القرى)) لكاتب معين ينشر فيه انتاجه تحت عنوان ثابت، كالعمود الذي كان ينشر فيه ((أبو صفوان))، ((هاشم زواوي)) خواطره عن الصيف، وكعمود الدكتور حسني الطاهر ((صور من حياتنا)).. كما يلاحظ أن هذه الأعمدة أو المقالات ذوات العنوان الواحد الثابت ليست بالضرورة مستقرة في صفحة معينة أو زاوية خاصة من الجريدة، بل كثيراً ما تنتقل من صفحة إلى أخرى أو تتعدد أماكنها في الصفحة الواحدة)).
وقد قام الأستاذ ((الحازمي)) مشكوراً باصدار ((معجم المصادر الصحفية))، لدراسة الأدب والفكر في المملكة العربية السعودية، وكان القسم الأول عن صحيفة ((أم القرى))، من سنة 1343هـ، إلى سنة 1365هـ، ظهر في طبعته الأولى عام 1394هـ، ثم أعادت وزارة الثقافة والاعلام طباعته عام 1424هـ، ـ 2003م، أما القسم الثاني فكان عن صحيفة ((صوت الحجاز)) أصدر في 1426هـ، ـ 2005م.

الإشراف ورئاسة التحرير
تناول الأستاذ عثمان حافظ هذا الموضوع في كتابه ((تطور الصحافة في المملكة العربية السعودية))، بشيء من التفصيل حيث قال: ((كان الشيخ يوسف يس ـ رحمه الله ـ الذي تولى رئاسة الشعبة السياسية المشرف على تحرير جريدة ((أم القرى))، وكان يعاونه في الاشراف عليها وتحريرها الشيخ رشدي ملحس ـ رحمهما الله ـ.
وقد أسندت إدارة ورئاسة تحرير أم القرى بعد ذلك لعدد من الأدباء والمثقفين، فتولى إدارتها والاشراف عليها بعد الشيخ يوسف يس ـ الشيخ رشدي ملحس ـ وكان الرجل الثاني في الشعبة السياسية، ثم تولى تحريرها الشيخ محمد سعيد عبد المقصود خوجة، مدير مطبعة الحكومة ومدير إدارة الجريدة ـ رحمه الله ـ وفي عام 1355هـ، تولى رئاسة تحريرها الشيخ فؤاد شاكر، ثم أسندت رئاسة التحرير للأستاذ عبد القدوس الأنصاري وذلك في ربيع الأول عام 1359هـ،.. وفي عهده صدر أمر سمو نائب جلالة الملك الأمير فيصل ((الملك فيما بعد))، بالحاق رئاسة تحرير أم القرى بديوان سموه إدارياً وتحريرياً، ثم استقال الأستاذ الأنصاري في آخر عام 1361 هـ، وعين الشيخ أحمد ملائكة مشرفاً على جريدة أم القرى، ثم عهد للسيد هاشم يوسف الزواوي بالاشراف عليها. وتولى محمد خليفة شعبان تحرير ((أم القرى))، فترة من الزمن بالوكالة، ثم عهد بتحريرها للشيخ الطيب الساسي، وقد تولت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر الاشراف على ((أم القرى))، في عهد مديرها العام الأستاذ عبد الله بلخير، وأسند تحريرها إلى الأستاذ محمد عبد الرحمن الشيباني ـ وكيل وزارة الاعلام آنذاك ـ ثم الأستاذ هاشم عزوز)).
ويقول الأستاذ عثمان حافظ: ((ولم يذكر اسم أحد من هؤلاء المديرين أو المحررين في الجريدة عدا اسم الشيخ يوسف يس الذي استمر إلى أوائل عام 1345هـ، ثم رُفع من الجريدة، وكل الذين كانوا يعملون في التحرير والإدارة لم تُذكر أسماؤهم في الجريدة، مما أوجد حلقة مفقودة في تاريخ من تولى تحرير الجريدة والمدة التي تولاها محرروها على وجه الدقة)).
غير أن الدكتور ((الحازمي)) توصل إلى وضع قائمة بأسماء رؤساء التحرير والمدة الزمنية التي نشط كل منهم خلالها في نشر معظم انتاجه. وجاءت القائمة على النحو التالي:
1 ـ يوسف ياسين: من سنة 1343هـ، إلى سنة 1347هـ، ((1924 ـ 1928م)).
2 ـ رشدي ملحس: من سنة 1347هـ، إلى سنة 1349هـ، ((1928 ـ 1930م)).
3 ـ محمد سعيد عبد المقصود: من سنة 1350هـ، إلى سنة 1355هـ، ((1930 ـ 1936م)).
4 ـ فؤاد شاكر: ((من سنة 1355هـ، إلى سنة 1359هـ، ((1936 ـ 1940م)).
5 ـ عبد القدوس الأنصاري: من سنة 1359هـ، إلى سنة 1360هـ، ((1940 ـ 1941م)).
أهمية جريدة ((أم القرى))
وبالاضافة إلى الأهمية التاريخية لهذه الجريدة العريقة، فقد وجد الدكتور ((الحازمي))، أن هناك بعض المميزات الخاصة بها من أهمها:
أولاً: أنها الصحيفة الرسمية للدولة التي تعبر عن سياستها واتجاهاتها في الداخل والخارج، وقد نشر بها جميع اللوائح والأنظمة والمراسيم التي تنظم مرافق البلاد ومصالحها العامة، كما نشر بها بعض الخطب التي ألقاها جلالة المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود إثر دخوله مكة المكرمة وبعض مراسلاته إلى الزعماء العرب، وجميعها وثائق مهمة لا يستغني عنها المؤرخ أو الباحث.
ثانياً: أنها عنيت بالنواحي العملية التطبيقية التي تهدف إلى البناء والاصلاح الداخلي، ولا سيما الاصلاح الديني والاصلاح الاجتماعي والاصلاح في ميدان التربية والتعليم. ومن ثم نستطيع القول إن صحيفة ((أم القرى)) هي جريدة الجماعة لا جريدة الفرد. وهي تهتم بالتفكير الايجابي السوي الذي ينسجم مع تقاليد البلاد ومصالحها العامة أكثر من اهتمامها بالمواقف السلبية أو للمواقف الذاتية التي قد تشذ عن العُرف العام. ومن هنا فهي محافظة وحريصة على هذه المحافظة.
ثالثاً: أنها اهتمت بما يطلق عليه الأدب الرسمي أكثر من اهتمامها بالأدب الخاص، وهيذا ينسجم مع ما ذكرناه سابقاً من أنها جريدة الجماعة لا جريدة الفرد، فالأدب الرسمي بهذا المفهوم، هو الأدب الذي يعني بالأمة ممثلة في زعمائها ورجالاتها المصلحين، في حين أن الأدب الخاص ينصب في الغالب على توضيح مشاكل الفرد ومواقفه من الحياة والناس. لذا فقد احتفظت لنا ((أم القرى)) بشعر المديح والمناسبات كما احتفظت لنا ((صوت الحجاز)) بالأدب الخاص. وكلا الاتجاهين إنما يكمل بعضهما بعضاً. وهذا لا يعني أن الأدب الرسمي مجرد من العواطف الفردية أو المشاعر الخاصة بل معناه أن هذه العواطف والمشاعر تتجه إلى الأمة في مجموعها بدلاً من تركزها حول الذات.
((أم القرى)) والأدب
عُرفت جريدة ((أم القرى)) بالصبغة الرسمية منذ نشأتها، لكن هذه الصبغة ـ كما يقول الدكتور محمد عبد الرحمن الشامخ ـ:((أخذت تقل في أوائل العقد الرابع من القرن العشرين، وبدت ((أم القرى)) حينئذ ـ ولا سيما حين تولى محمد سعيد عبد المقصود الاشراف على تحريرها ـ كما لو كانت جريدة غير رسمية، ذلك لأن صفحاتها قد حفلت بالمقالات الأدبية والتاريخية والاجتماعية التي كان يكتبها محرروها وبعض الأدباء البارزين مثل: محمد حسن كتبي، وأحمد السباعي. ولقد قامت ((أم القرى))، بدور مهم في رعاية الحركة الأدبية وانعاشها..)).
ويؤكد ((الحازمي))، على هذا الدور بقوله: ((وازدهرت في أيام محمد سعيد عبد المقصود المقالات والبحوث التي تتناول الأدب والتاريخ أو تنتقد بعض العيوب الاجتماعية، وطرق التعليم البالية، بينما استر هذا الاهتمام بالأدب في أيام فواد شاكر، وأولت الجريدة عناية خاصة بالمحاضرات، وقد كانت نشطة في فترة رئاسته لأم القرى.. أما في أيام عبد القدوس الأنصاري فقد اضمحلت الجريدة نظراً للظروف الاقتصادية التي كان يمر بها العالم خلال الحرب العالمية الثانية)).
أثر الحرب العالمية الثانية
كان للحرب الأثر البالغ على صحف البلاد عامة، ويصف الدكتور الشامخ تلك الفترة كما يلي: ((إن نشوب الحرب العالمية الثانية قد أثَّر في ((أم القرى)) وحدَّ من طموحها، إذ أن صفحاتها قد أنقصت في 9 يناير 1941م، إلى أربع صفحات. وفي 8 أغسطس 1941م، صغر حجم هذه الصفحات، وصارت الجريدة مجرد نشرة رسمية لا تحوي سوى الاعلانات الحكومية وبعض الأخبار المحلية والخارجية. ولقد قُُدِّر لأم القرى آنذاك أن تصبح الصحيفة الوحيدة التي تصدر في المملكة العربية السعودية طوال ما بقي من فترة الحرب، ذلك لأن الصحف والمجلات الأخرى قد احتجبت عن الصدور حين أعلن في 24 جمادي الآخرة 1360هـ، الموافق 18 يوليو 1941م. هذا البيان الرسمي: ((بناء على نقص كميات الورق الموجودة في هذ البلاد، فقد قررت الحكومة توقيف صدور جميع الصحف والمجلات في هذه الظروف الحاضرة، وسيدوم هذا الموقف إلى نهاية الأزمة، ويستثنى من ذلك جريدة ((أم القرى))، التي ستكون بنصف حجمها الحالي وتصدر في مواقيتها المعتادة)).
ويذكر الأستاذ عثمان حافظ نقلاً عن السيد هاشم زواوي ـ وكان المسؤول عن تحرير جريدة أم القرى ـ: ((أن الورق قد نفذ من مستودعات جريدة أم القرى في عام 1362هـ، والمطلوب من الورق لم يصل ولم يكن وصوله قريباً بأسباب الحرب وصعوبة المواصلات فاضطرت الجريدة للتوقف وذلك في عام 1362هـ،.. ولما علم جلالة المغفور له الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ بذلك أمر معالي الشيخ عبد الله السليمان ـ رحمه الله ـ وزير المالية ـ آنذاك ـ بسرعة احضار ورق للجريدة من بعض البلاد العربية المجاورة بصورة مستعجلة ووصل الورق بعد جهد وصدرت الجريدة على ورق أبيض صقيل وحجم صغير استورد من بعض البلاد المجاورة.. وكان السيد هاشم زواوي يقوم بزيارة للمدينة المنورة عندما وصل الورق فطلبه الوزير من المدينة سريعاً وقطع إجازته وعاد إلى مكة حيث أصدر الجريدة)).
مطبعة ((أم القرى))
ظل تاريخ مطبعة ((أم القرى)) ـ الذي تحول اسمها إلى ((مطابع الحكومة)) ـ مرتبطاً بالجريدة حين يأتي الحديث عنها. وتعتبر إدارة الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود لجريدة أم القرى ومطبعتها نقطة تحول في تاريخ الادب والطباعة في الحجاز آنذاك.
ففي سنة 1354هـ، ـ في عهد إدارته ـ ابتاعت عدداً من آلات الطباعة الحديثة، وفي سنة 1356هـ، افتتحت قسماً خاصاً بالتجليد على الأسلوب الحديث.
وكانت أول بعثة طباعية أوفدت ألى مصر للتخصص في فنون الطباعة المختلفة تتألف من سبعة أشخاص، وكان ذلك في سنة 1357هـ، وتلتها بعثة أخرى في عام 1358هـ، للتخصص في فن الحفر والزنكوغراف، لم يمكن لها نشوب الحرب، البدء في دراستها فعاد أفرادها إلى الوطن، كما عاد أفراد البعثة الأولى التي استطاعت بما تعلمته من فن الطبع والتجليد الحديثين أن تخطو بأعمال المطبعة خطوة جريئة موفقة، نشاهد آثارها واضحة جلية فيما تنتجه الأقسام الفنية فيها، انتاجاً يشهد بأثر ذلك التعلم ويدل على الذوق الجميل وجمال الفن))، أحمد محمد جمال، ماذا في الحجاز، ط2، 1408هـ.
وقد تحدث العديد ممن عاصروا محمد سعيد عبد المقصود ـ رحمهم الله ـ عن جهوده التي بذلها في سبيل الارتقاء بالمطبعة نذكر منهم:
الأستاذ محمد عرب الذي قال: ((ومنذ أن تولى إدارتهما ـ أي محمد سعيد عبد المقصود ـ عكف على إصلاحهما بكل ما أوتي من جهد، وبحرارة الشباب المتوثب الطموح حتى وصلا إلى ما وصلا إليه من نجاح ملموس نشاهده في آلات الطباعة وما يتبعها من آلات للقص والتخريم، والتجليد وغير ذلك، والحق أنه لو أمدَّ الله في عمره لكان للمطبعة شأن غير هذا، ولكانت تضارع نظائرها في العالم الخارجي)).
ويقول الأستاذ عبد الله عريف: ((.. تسلَّم عمله بالمطبعة الحكومية، وفيها آلة طباعة واحدة تُدار باليد، فتركها وهي إدارة يحسبها الناس دولة في وسط دولة، كما عبَّر أحد كبار الموظفين، شغل بها الأفكار والناس، وأرسل بعثة فنية إلى مصر وألحقها بأخرى، وبنى داراً للمطبعة حالت الظروف دون تمامها..)).
كما يقول الأستاذ عبد القدوس الأنصاري: ((عندما توجهت إلى مكة لأداء فريضة الحج التقيت بالأستاذ محمد سعيد عبد المقصود ووافق على استمرار طبعة مجلة ((المنهل)) بمطابع ((أم القرى)) التي أطلق عليها بعد ذلك مسمى ((مطابع الحكومة))، وقام بمشروع جديد لرفع مستوى الطباعة في المملكة العربية السعودية، فقد أخذ قطعة أرض في باب مكة ((البيبان)) بطول ربع كيلو متر، وعرض ربع كيلو متر، وخططها وسوّرها لكي يقيم عليها مطابع الحكومة.. وقد سافر إلى مصر، واتفق مع المطابع هناك، غير أن حدوث الحرب العالمية الثانية أوقف كل شيء، ومرض ـ رحمه الله ـ وتوفى وحزنَّا عليه حزناً شديداً)).
* المراجع:
1 ـ ((الصحافة في الحجاز))، د. محمد عبد الرحمن الشامخ، ط1، 1391هـ ـ 1971م، بيروت.
2 ـ ((تطور الصحافة في المملكة العربية السعودية))، عثمان حافظ، ط3، 1398هـ، ـ 1978م، جدة ج1.
3 ـ ((معجم المصادر الصحفية ـ صحيفة أم القرى))، أ.د. منصور إبراهيم الحازمي، ط2، 1424هـ، ـ 2003م، الرياض.
4 ـ ((ماذا في الحجاز))، أحمد محمد جمال، ط2، 1408هـ، مكة المكرمة.
5 ـ ((الغربال))، حسين عاتق الغريبي، ط1، 1420هـ، ـ 1999م، جدة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :4042  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 3 من 52
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج