شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتب ساهمت الاثنينية في نشرها > أحجار شاهدية من متحف الآثار والتراث بمكة المكرمة > التقديم: بقلم الأستاذ الدكتور سعد بن عبد العزيز الراشد
 
التقديم
تحتفي الأمم بذاكرتها الثقافية وتعنى بنشر تراثها العلمي لإطلاع المتلقين على ما يحمل من مضامين وينبئ عنه من دلالات، وقد حظي تاريخ مكة وتراثها بمزيد من عناية الباحثين المسلمين قديماً وحديثاً لما له من أهمية تاريخية عالمية فهو رمز للوحدة الثقافية بين المسلمين مهما اختلفت أزمنتهم وأمكنتهم.
ورغم تعدد الجوانب المضيئة لتاريخ البلد الحرام فإن الذي يستوقفنا هو تاريخها المدون على الأحجار الشاهدية لكونها مصادر أصلية ومعاصرة لزمان كتابتها ولا تخضع لدوافع المؤرخ أو ميوله أو نوازعه، كما أن فيها جزءاً متمماً لتاريخ لم يكتبه التاريخ ولها فضل في حفظ ذاكرة الأمة وتدوين عوالم حضارتها.
وثمة حاجة ماسة لدراسة هذه الأحجار الشاهدية من حيث الجوانب التالية:
أ ـ الملامح الفنية (الخط ، الزخرفة، طرائق وأساليب البناء)؛ فهذه الشواهد تحمل في طياتها دلائل عديدة توضح إِبداع الخطاط المسلم ومهاراته وتطور الكتابة العربية، كما تحمل طابع الثراء الزخرفي ولا سيما الزخارف النباتية والهندسية التي انتشرت في الفن الإِسلامي.
ب ـ الملامح التاريخية والاجتماعية والاقتصادية (الأحداث، الوظائف، الحرف والمجموعات السكنية)؛ حيث أضفى التتابع الزمني للشواهد المزيد من الأهمية فعبرت عن فكر وثقافة عاشها مجتمع مكة ويتضح ذلك في العديد من الوظائف العلمية والدينية التي أوضحتها نصوص الألقاب والأنساب، كما عكست لنا ملامح حضارية لبعض صور الحقب التاريخية في مكة.
ج ـ الملامح الثقافية والأدبية (اللغة، الشعر، الفكر) ويتضح ذلك في مضامين النقوش وما تحتويه من حسن استهلال وختام واقتباس؛ فهي شاهد على لون أدبي يتوافق مع بيئة مكة وموروثها التاريخي.
وحتى يومنا هذا فالمنشور من النصوص العربية في الفنون والعلوم والمعارف المختلفة لا يمثل غير جزء ضئيل من مجموع التراث العربي المخطوط، كما أن هذا التراث المبثوث في الأحجار الشاهدية يهدده الفقد وخطر الزوال وأفعال الزمان ويحوطه الجهل التام بمحتواه.
ومن هذا المنطلق تبنت وكالة الآثار والمتاحف نشر هذه المجموعة النفيسة من الأحجار الشاهدية والبالغ عددها 73 حجراً شاهدياً متممة لنشرها السابق لمجموعة 586 حجراً شاهداً؛ خدمةً جليلة لتاريخ البلد الأمين وللباحثين في الدراسات الأثرية والتاريخية والحضارية والثقافية والاجتماعية.
وهذا المشروع العلمي ما كان ليظهر إِلى حيز الوجود لولا أن قيض الله له الأستاذ الأديب عبد المقصود محمد سعيد خوجه الذي تفضل بتمويل الطباعة على نفقته الخاصة إِيماناً منه بأهمية هذا العمل، وإِسهاماً في توثيق تاريخ مكة الخالد الذي امتزجت فيه مختلف الأجناس والذي يحتل مكان الصدارة من التاريخ الإِسلامي عامة، فأسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل في موازين حسناته، وأن يكون قدوة حسنة لغيره من المواطنين الصالحين في بلادنا لبذل أموالهم لخدمة البحث العلمي ، لتتبوأ مكان الصدارة بين الأمم وليعود إِليها سابق مجدها.
كما قيض الله لظهور هذا الجهد العلمي الرصين والعمل الجاد أخي الفاضل الأستاذ الدكتور ناصر بن علي الحارثي أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة أم القرى وهو الباحث المتخصص في الدراسات التاريخية والأثرية للبلد الحرام، وله خبرة واسعة في مجال المدونات الخطية جمعاً وقراءةً ونشراً. ومن المؤمل أن يكون عمله هذا تمهيداً لقراءات متعددة للنصوص وتحليلاً لمضامينها المختلفة يقوم بها باحثون آخرون لتغطية ملامح فنية وتاريخية واجتماعية واقتصادية وثقافية وأدبية لم يغطها الباحث، بغية تكامل حلقات البحث العلمي وتضافر جهود الباحثين ومراكز البحث العلمي.
ومن الموافقات الحسنة أن تتزامن طباعة هذا الكتاب مع الترتيبات النهائية لافتتاح متحف مكة للآثار والتراث بعد تجهيزه واستكمال خطة العروض المتحفية فيه، احتفاءً بمناسبة اختيار مكة عاصمة للثقافة الإِسلامية.
مؤملين أن تتآزر هذه المشروعات العلمية والثقافية في إِيجاد مناخ حضاري يعني بجوانب العلم والفكر والثقافة، ويسهم في خدمة البحث العلمي في بلادنا.
والله ولي التوفيق
أ.د سعد بن عبد العزيز الراشد
وكيل وزارة التربية والتعليم للآثار والمتاحف
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1845  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 77
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.