شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
 
مع النبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج
أَمَضَّني البعد عن ناديك واللَّهف
وأنت من أنت.. لا صدّ ولا جَنَف
وبي (لطيبة) شوق ليس يعدله
إلا (لأم القرى) من نفسي الشَّغف
هما الرياض، وأنت الزرع، واحدة
مهد الغراس، وأخرى الجَنْي والقطف (1)
وإن تكن كل أرض الله دارته
فالفضل مشتمل، والحُظوة الشرف
وفي رحابك ريُّ المؤمنين، وما
في ساحة الفضل إسراف ولا سرف
وكلّ فضل وإن عمّ الورى غدقاً
فالأقربون لهم من فيضه الرَّأفُ
ومن تكن في رحاب المصطفى نبتت
أصوله، فله من رَوْحه كنف
متى تعود إلى أحضان راحتها
نفس تخضخضها الآمال والأسف
ظمأي إلى منهل رَوّاء تألفه
وما سواه ففي إحساسها جُفُف
والموطن الأصل للإنسان عالَمُه
فيه التُراث وفيه الكسب والهدف
هتفت باسمك والأحداث محدقة
من كل صوب وقد أودى بنا الضعف (2)
طافت بي الذكريات البيض فانبعثت
فيّ الشجون وإني الموجَع الدَّنِف
يَغَصُّ بالسر صدري لا يبوح به
فالدمع مُنْبَجِسٌ والنفس تنذرف
طافت بي الذكريات البيض ماثلة
أمام عَيْنَيّ من أحداثها طُرَف
رأيت في صورة المعراج رائدنا
عبر السموات.. لا وَهْمٌ ولا خَرَفُ
سرى إلى المسجد الأقصى وَخلَّفَهُ
إلى السموات والأفلاك لا تَجِف
مشيئة الله سِرّ السّر في بشر
دانت له الفلك، والأرواح والنُّطَفُ
والنفس ترقى بسر النفس ما قَصُرت
عنه المدارك والأفهام والثَقَف
رأيته يتخطى الفلك موعدُه
(بسدرة المنتهى) ريُّ ولا رَشَف
سرى وأفضي إليه الله ثم دنا
وظلمة الليل ما زالت لها سُدُف
قالت له زوجه، هلا سكت على
هذا الحديث فعُذْري لو همو صَدَفوا (3)
إني عرفت الذي لا يعرفون، فبي
في ما تقول يقين فوق ما أصف
والمرء حِلْفُ رشاد في معارفه
وحين يجهل قد ينتابه الصَّلَف
فقال: والله ما لي لا أحدّثهم
بما شهدت ولم أكذب وقد عرفوا
وكان ما كان من هذا الحديث كما
أراده الله للإيمان يعتصف
أمّا النبي ففوقَ الوصف جوهره
حتى أخال به الإيمان يتصف
والناس من حوله صنفان: منصرف
إلى الرشاد: وقوم للهوى صُرِفوا
ليبلوَ اللهُ من يمضي لغايته
على ثبات ومن يرتَدُّ أو يقف
ومن هنا بدأ (الإسلام) وثبته
لم تخلق النَّصْرَ أحداث ولا صُدَف
وإن (يوم حنين) شاهد عجب
لله في خلقه، للناس منكشف
في مثل يومي هذا كان معرجه
إلى السماء وكان الفَحْصُ والزَّلَفُ (4)
وكان معرج صدق للعقول إلى
أمدائها من معين الله تغترف
وكان بدأ خطى الإنسان ثابتة
إلى المعارف والمجهول يكتشف
هي الحقيقة إن يحظ البصير بها
عاشت على نورها الأجيال تقتطف
فما أراه إذاً حولي؟ امتسق
مع البداية؟ أم منها به نُتَف
كلاَّ.. أُجِلُّك عن هذا الخليط وما
هذا الخليط بغير الشكل يلتحف
ليس (الحواريُّ) من جارى ومن شغلت
منه (الطقوسُ) فؤاداً هَمّه التَرف
كأنما نحن أشباح مُشَوَّهَةٌ
للمؤمنين وبئس الجوهر الخَزَف
هذي (يهود) غزت مسرى النبي ولم
تحفل بما جمع العُرْبان أو حَلَفوا
والمسلمون بشتى الأرض واجفة
قلوبهم وعلى أبصارهم سُجُفُ
قامت على عيننا بل في جوانحنا
دويلة أُسُّها العدوان والزنف (5)
دويلة من شرار الناس جَمَّعهم
على الرذيلة من أغراضهم سلف
فكيف لو جمعتنا من عقيدتنا
على الفضيلة أعراقٌ ومُؤْتَنَف
إذاً غمرنا فجاج الأرض، لا عددا
رثَّ الحقيقة في الأحداث ينجرف
إذاً غمرنا فجاج الأرض، لا صوراً
جوفاء، إن رابها الأعداء ترتجف
إذاً غمرنا فجاج الأرض، لا شِيَعاً
كلٌّ إلى نزعات النفس ينصرف
إذاً غمرنا فجاج الأرض، لا نِسفاً
أهون بها من بقايا الأَجْبل النسف (6)
إذاً غمرنا فجاج الأرض، أفئدة
عصماء بنّاءةً والشمل مؤتلف
لكن قعدنا عن التاريخ مكتسباً
وملؤنا العجب بالميراث والعَجَف (7)
كأننا في خلال السوق مُتَّجِرٌ
شراؤه فيه سوء الكيل والحَشَف
أكدي بأشياخنا ضعف، وفتيتنا
ألوي بهم عن مجال العِزَّة الرَّخف (8)
وقد تَشَكَّل فينا الضعف في صور
شتى مصادرها: الأهواء والطنف (9)
وأرخص الناسَ حبُّ العيش في دَعَةٍ
والعيشُ أهون ما نرجو ونحترف
وأعذب العيش للأحرار مذ عشقوا
معنى الكرامة - إذ يلقونها - الشَّظَف
وما أبرئ نفسي من غوايتها
إني إذاً لامرؤ بالحق يعترف
لكنّ معرفة الأدواء مدرجة
إلى الشفاء وجَرّا القطرة الوَطَف (10)
وما (فلسطين) أو معنى قضيتها
إلا قضية رُوَّادٍ لنا انحرفوا
وللشعوب من الرُّواد أمثلةٌ
ما أفدح الرزء أن هانت بل التَّلف
وسيّدُ القوم مرآة لأنفسهم
فالمرء ينبئ عنه الرأس لا الطَّرف
يا صاحب البيت أنَّ البيتُ من ألم
و (القدس) أوذيَ فيه القدس والشرف
وأنت أحكم عدل في حكومته
ومَنْ سواك لصوت الحق ينتصف؟
يا ربّ.. آن - وقد فاض الأذى وطغى -
أن يطهر (القدس) من أرجاس ما اقترفوا
يا ربّ والعدل شرع أنت جوهره
فاحكم بما شئت فيما فيه نختلف
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :897  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 856 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

وحي الصحراء

[صفحة من الأدب العصري في الحجاز: 1983]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج