شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إسرائيل واليهود
• ناحوم جولدمان، رأس الصهيونية اليوم، ويكاد يكون الثالث في التسلسل العددي لزعماء اليهود.. هرتزل، وايزمان، ناحوم..
هذا الحاخام في دنيا السياسة في أكثر من اتجاه، سواء وراء الأطلسي، وفي أوروبا أو في إسرائيل، هو في يقين اليهودي الموجه والمعلم، فرئاسته لمؤتمر صهيون قد مكّنت له أن تكون الكلمة لليهود، أو أن مكانته قد أوصلته إلى هذه القمة في سلم التدرج اليهودي.
وأكاد أزعم أنه يستطيع أن يقيم ويقعد ويأمر وينهي ويعزل ويولي كل أصحاب المناصب في إسرائيل.
هذا الحاخام خرج على الدنيا القلقة المعذبة يهدي اليهود ورذائلهم بالكلمة اليهودية، يصور للناس أنها لم تكن من طريق إسرائيل الدولة، ولا من طريق الصهيونية العصابة.
ـ قال كما تلطفت في الخبر عنه الإذاعة الوسيط في نشر الأخبار الكائدة والمغيظة لكل عربي، والمرجحة والمزخرفة لكل ما هو عن إسرائيل قال: إنه ينصح لإسرائيل أن تعلن موافقتها على قرار مجلس الأمن وتعترف بالانسحاب، كلام هو طبق الأصل كما يطلبه قرار مجلس الأمن، وكما رضيه فريق من العرب على الجبهة!!
وتدهش الدنيا من هذه الخطوة، كأنها أمر صدر من رئيس المؤتمر الصهيوني إلى إسرائيل!!
غير أن الحقيقة أنها جرعة مهدئة فقد يصدقها كثيرون، فالاتحاد السوفياتي وفرنسا يمكن أن يمكثا زمناً يدرسان ويستخبران ناحوم نفسه عن هذه الخطة ليمضي زمن تنظم خطة جديدة لإسرائيل، أو أنها لتبرئة من يناصرون إسرائيل على المكشوف.
فهي تعطي إسرائيل زمناً يتنفس فيه الحديد النار، والكثير يرسل إليها يومياً.
وهي تعطي دولاً تصر على تطبيق قرار مجلس الأمن جرعة طاردة لكثير من عزمها أو حزمها أو ضغطها.
وأكثر من ذلك فهي كإشارة خضراء تضيء الطريق أمام ((سيسكو)) لا في فلسطين المحتلة، وإنما في نواحٍ أخرى غير عربية.
كلام ذهب مع الريح لن يكون فعلاً. وإنما هو الفعل المطلوب يخدع أنصار قرار مجلس الأمن ولا يضر إسرائيل قطعاً، فلو كان فيه شيء من الفعالية والجدية لطال أمد ترديده، ونشروا عن سيسكو بعض ما يؤيده.
لكنه قول فقط لا غير، نبعت منه أقوال أخرى.. منها الإعلان عن الشخصية الفلسطينية التي هي صاحبة الحق في مقاومة إسرائيل والحرب معها والمفاوضة.
أمة العرب نهب الأرض، وهتك العرض، وإملاء الفرد من عدو لئيم، كنا نعد وجوده باطلاً بوعد بلفوري لا يملك من أعطاه حق العطاء له، المجد لوعد بلفور، فقد أصبح وبقرار من مجلس الأمن صكاً مشروعاً ووثيقة مبصومة بتوقيع الدول كلها لأن دول مجلس الأمن هي الممثلة لدول الدنيا كلها، ومنها نحن العرب.
الذين أعطوا وعد بلفور هم الذين صاغوا قرار مجلس الأمن ليزيلوا عنهم وصمة، وليجعلوا منه الوثيقة وعليها البصمة العربية بعد الدولية العالمية.
أهي مصادفة أن يكون وعد بلفور، قراراً يضعه كارادون؟ لا. بلفور وكارادون دولة واحدة!
إنها دعم للتصرفات والختم للحلقات.
إن قرار مجلس يحمله يارنج قد أزاح ذكرى وعد بلفور وجعله صكاً ووثيقة، لا وعداً باطلاً، فلو لم تكن خسارة العرب في يوم 5 يونيه إلا هذا التبدل في النظر نحو وعد بلفور لكانت الخسارة أكبر.
لكن أمة العرب لن تبالي بشيء من هذا فإذا ما أعدت القوة للحرب أمكنها أن تزيل الباطل بحد السيف، ولا تسأل عن قرار أو عن وعد.
لكن الحرب ثقة في النفس ووحدة في الجمع، وعدة في السلاح وثقة في ميدان المعركة.
ومع كل ذلك شك في الأصدقاء كأكثر من الشك في الأعداء.
فقد يخدع بالصديق بأكثر مما يخدع بالعدو.
ألا قهراً لك يا يوم 5 يونيه فإن لأمتنا أيامها البيض تمحو بها اليوم الأسود..
ـ قنبلة.. تفجرت في الحي اليهودي في بيروت. وكثير هي القنابل التي تفجّر اليوم في أكثر من بقعة في الدنيا، ولكنها أشد ما تنفجر على الأرض العربية، والإنسان العربي من يد اليهود.
القنبلة التي تفجرت في الحي اليهودي في لبنان كثرت الاعتذارات نحوها.. كل عربي تبرأ منها.. لا خوفاً من اليهود، ولا لأن اليهود في أي مكان عواطفهم مع إسرائيل وضد وطنهم، هم لا وطنية لهم... وطنهم المؤقت الآن في نزعاتهم هو هذه البقعة من أرضنا... لأن وطنهم الدائم هو حيث تكون المراتع الخصبة للتخريب والتدمير!
لقد كان الاعتذار مفاجأة للرأي العام العالمي، ولكن.. ألا نسأل أنفسنا أن هذه القنبلة قد انفجرت في مدرسة خلت من الطلاب، فلم يصب أحد.. ألا نسأل أنفسنا بدل أن نعتذر، فنرد الاتهام إلى اليهود أنفسهم، فهم يصنعون ذلك!
فجّروها في المدرسة كقنبلة تتفجر قنبلة في الرأي العام العالمي.. يشينون على العرب بأنهم يقتلون اليهود المواطنين.. لا أشك في أن اليهود يصنعون ذلك.. وكان ينبغي أن يكون تحقيق يضع الاتهام على الفاعل الحقيقي ليطلع الرأي العام على ذلك.. لكن العرب يحرمون أنفسهم من الوسائل التي لديهم لسبب، أو لآخر.. لا أقول إنه الخوف، ولا المجاملة، ولكنه شيء آخر هو الحساب لبعض الفرقاء الذين يخافون، أو يجاملون.
إن اليهود سيفجرون كثيراً من القنابل.. سيقتلون بعضهم لينالوا شيئاً من الدعاية ضد العرب، فهم حينما يخسرون في أي استفتاء أصواتاً كانت معهم فأصبحت ضدهم يحاولون اكتسابها بشيء من هذا القتل لأنفسهم!
ففي أكثر من مرة في عصور التاريخ يتعمدون الإساءة ليقتلوا.. لتكون النتيجة سرقة العواطف من المخدوعين بهم.
لقد قلنا من قبل إن وجود دولة يهودية تسلبهم هذه العواطف ولكي يحتفظوا بها يقتلون أنفسهم بقنبلة يفجرونها، أو بحرب يستمرون فيها كهذه الحرب القائمة بيننا وبينهم، وخطأ آخر نقع فيه.. هم يذيعون عن أزمة في اقتصادهم فنفرح بإذاعة الخبر، والواقع أن هذه الأزمات الاقتصادية ما هي إلا إسمية يتعمدون إذاعتها تسلية لنا، ويتعمدون إذاعتها سرقة لعواطف الآخرين، وإلا فالخزائن مفتوحة لسد عجزهم.. بل ولزيادة قواهم الاقتصادية.. فأكثر من بنك بتصرفهم، وتبرعات اليهود تنهال عليهم، ودول كبرى تفتح لهم حساباً تهديهم السلاح دون قيمة، أو تبيعهم السلاح، وهذا البائع هو دافع القيمة، لا تخدعوا أنفسكم فإسرائيل لن تكون - ما دام وراءها هؤلاء - في أزمة اقتصادية!!
ـ بشيء من الوضوح.. وبأكثر من صراحة أطرح هذا السؤال:
لقد شغلتنا وسائل الإعلام بالحديث المكرور عن إسرائيل.. عن اليهود والصهيونية.. كل وسائل الإعلام في الدنيا جميعها كأنما تحالفت على وضعين هما في صالح إسرائيل:
ـ وضع يركز الألم في الأمة العربية.. يزعزع الأمل فيها.. ليثبت كل فكر لها.. ذلكم في الحديث عن الهزيمة.. إزالة آثار العدوان.. أعداؤنا من يعينهم.. أصدقاؤنا من يعيننا.. لا أكتمكم أنه قد تبلبل فكري وانشطر وجداني، وسخرت من كل ما أعرف.. من كل ما أريد التعرف عليه لأن كل ما أسمع قد سخرني لأن أسخر من نفسي!
ـ والوضع الثاني هو النتيجة للوضع الأول.. قصد عامد لتغطية وإخفاء ما ستصنعه إسرائيل في المستقبل!
ومن المؤسف أن الذين ساروا في الوضع الأول يعلمون الكثير عن الوضع الثاني، ولكنهم لسبب أو لآخر سكتوا عنه أو حتى أسكتونا، ولا أعني بذلك نفسي، وإنما كان الإسكات لكل لسان عربي!!
لقد صرح ليفي أشكول قبل مدة - وبعد 5 يونيو - تصريحاً لم أسمع أي تعليق عليه، أو أي تحذير منه، أو أي حملة عليه.. يقول أشكول: (على العرب أن يعرفوا أن الأوان قد آن لكي يعترفوا بقوميات على هذه الأرض).. أشكول لا يتمنى ذلك أمنية يرسلها في الهواء، وإنما يحضر الأذهان إلى عمل سيجري.. من صالح إسرائيل أن يكون لأنه دعامة لوضعها.. تثبيت لكيانها، فهي قومية جديدة طارئة في العالم العربي.. لا يمكن أن تعيش داخل القومية الواحدة.. من هنا كان المخطط.. الغزو أولاً.. الاحتلال ثانياً.. الانحلال ثالثاً (!).
لا بد من أن هناك مخططاً.. ليست إسرائيل صاحبته وحدها بل كلهم: استعمار.. صهيونية.. شيوعية.. أصحابه.. كلهم يعمل له!
إن القومية العربية قوة تساندها قوة الجامعة الإسلامية فلا بد من أن تفتت هذه القوة.. فالشيوعية كمبدأ - تحارب القومية، إما بالقضاء عليها وإما بتشتيت قواها إلى قوميات في أقليات.. يعني أن كل ذلك فيه الخطر على الذين ذاقوا الألم من هذه الأقليات!.. تستخدم من ذلك المذاهب الاجتماعية والمذاهب الدينية، والنعرات القومية.. بمعنى أن العالم العربي سيفاجأ بهذا التفتيت.. لا تقوم معه هذه القوميات المتعددة إلا وهي مرتكزة على إسرائيل، ومن هم وراء إسرائيل، وكلهم - وبهذه النقطة بالذات - سيكونون إن لم يكونوا مع إسرائيل!!
لماذ لا تسلط الأضواء من وسائل الإعلام على حال كهذه.. للوقاية كقوة داخل الشعوب العربية لتحمي قوتها المعدة لإزالة آثار العدوان؟!
ـ وماذا تعني الحرب مع إسرائيل؟
لا أجيب عن هذا، فالمجيب - تعبيراً بكلمة - هما اليهوديان الصهيونيان الإسرائيليان ليفي أشكول.. ودافيد بن جوريون، والمجيب عملياً رجال هم الذين يمدون إسرائيل بكل عتاد المعركة إعداداً لحرب تشنها إسرائيل، أو استعداداً لدفاع يقي إسرائيل حرباً قد تشن عليها من العرب.
حرب تشنها إسرائيل خاطفة وقاسية ومحطمة وشاملة لا رحمة فيها، ولا أسرى، ولا عمارة ولا حياة لشيء.
إن إسرائيل تفترض أمرين لا ثالث لهما. فإما أن تبيد نفسها وإما أن تبيد العرب. حتى السلم لا تريده فليس لها معه حياة، في الحرب أمل الحياة لإسرائيل!
ليفي أشكول يقول: (إن موت إسرائيل واحد يقتله العرب صعب أن تعوضه اليهودية، أما العرب فلديهم عدد كبير من الرجال ما أسرع أن يصل إلى ميدان المعركة التي تطول..) كلام صريح وواضح، ولكي يتجنبوا ذلك ينبغي لهم أن يضربوا الضربة القاصمة، تحطم كل القوة العربية، لا ينفع معها تعويض بالرجال إلا بعد فترة ليست بالقصيرة.
وبن جوريون قال: (إن الحرب لما تنته بعد مع العرب، فالحرب التي ينتصر فيها العرب تعني فناء إسرائيل، أما الحرب التي ينهزم فيها العرب فلا تعني إلا حرباً بعدها، وبعدها، وهكذا فإما هزيمة إسرائيل تنتهي معها الحرب، وإما الحروب المتجددة مع العرب).
وهذا كلام صريح واقع، وليس فيه تحذير للعرب يعلن قوة العمق، وسعة المدى، وطول الامتداد، وكثرة المدد، وإنما هو يعني الحرب القاصمة بكل المهلكات، وليست هي في ما يعلن عنه من طائرات فانتوم، أو دبابات أي شيطان، وإنما هو الأخفى والأشر.
فالحرب ضد إسرائيل لا تقدر عليها خاطفة منا أو منهم، كل القدرة التي أرجوها هي ألا نمكن إسرائيل من حرب خاطفة تشنها سريعة علينا..
فإسرائيل في وضع كوضع النازيين في الحرب العالمية الثانية أو حتى كوضع أسلافهم من الحرب الأولى. انتصارهم خاطف في حرب صاعقة.
والعرب كالآخرين انتصارهم في طول الزمن وامتداد الرقعة وتعطيل قوة ألا تكون صاعقة خاطفة.
ولن يكون إلا بصبر وحشد ودموع ودم كالتي أهداها تشرشل لقومه في تقييم لحرب صاعقة شنها النازيون، وحرب طويلة صبر عليها وأعد لها الحلفاء.
إن إسرائيل تملك من كل دقيقة ساعة صفر تشن فيها الحرب على العرب، كقوة معدة، وكقدرة على عصيان الآراء والنصح..
أما العرب فلا أعلم متى تحين ساعة الصفر؟ لعلّ هذا من أسرار الحرب.
• كثير هي المضحكات المبكيات.. سرحان سرحان عربي، واسم أبيه بشارة، وكوهين يهودي لا أعرف اسم أمه! فأولادنا نحن العرب ينسبون لآبائهم ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ.. أما اليهود فالولد لأمه ((كل من لم تلده يهودية فليس يهودياً))!
هذا العربي أوشك العرب أن يتبرأوا منه لسبب أو لآخر.. فلنلتمس لهم معذرة رغم أنه الجانب المبكي.
أما كوهين فقد قتل المئات.. خرب فرنسا.. أحرج ديجول.. في ليلة واحدة نادوا على المطافئ ألف مرة لإطفاء ألف حريق.. أمسكوا به.. لم يجلدوه، لم يحاكموه لم يسجنوه.. بل دللوه! رحلوه، وكان في الإمكان أن يرحل من باريس إلى تل أبيب، لكن قوة الصهيونية.. حظوة اليهود عند هؤلاء الناس أملت أن يرحل إلى لندن.. وإلى لندن بالذات.. وهزت لندن أكتافها لا تريده.. سمحت له ساعات وإذا باليهودية.. بالصهيونية.. بكل ثقلها العالمي تملي على بريطانيا أن تمدد إقامته أربعة عشر يوماً!!
لقد اختاروا بريطانيا بالذات.. إعلاناً على مظهر القوة لهم. فأعجب لمجرم يعامل معاملة الأبطال، وأعجب لقوم سرحان يتبرأون من سرحان!!
بأسلوب الغجر، وبأكثر من تعبير وقح كانت الحملة على سرحان، وعلى العرب.. حتى إن اليهود - كبراعة سياسية - أعلنوا عطفهم عليه.. بالعطف على أبيه.. يبيحون له أن يشهد محاكمة ولده.. أما كوهين فبأسلوب من عهر العقول.. تنظم له كل التسهيلات بكل التوصيات.. فما أشد خطر اليهود على العالم.. هم يغررون بسرحان ليقتل.. ليغتال.. ثم هم يقتلون عربياً في شيكاغو لديه علم عن سرحان.. تغطية للجريمة.. لئلا يظهر غير سرحان!
إن الاغتيال فظيع.. ولكنه أكثر فظاعة من هذه المنظمات السرية.. غررت بسرحان، وبأمثال سرحان!
الآلات يحطمونها.. أما فتاهم فيحمونه..
ليس همي أن أمجد سرحان، ولكن كل همي أن أظهر بعض ما يصنعه اليهود، فهم وراء كل جريمة.. كل فتنة.. كل دمار في العالم!!
سمعنا في الأخبار.. كما قرأنا في الصحف عن ((يوسف سيسكو)) وكيل وزارة الخارجية الأمريكية، والمكلف بالتفاوض مع أكثر من طرف بشأن ما بين العرب وإسرائيل، وهذا يعني أنه سياسي يحمل عبئاً لم يكلف به إلا وهو قد نال كثيراً من المعرفة والمعلومات عن قضية الشرق الأوسط، أو مشكلة الشرق الأوسط.
قالوا: إن ((يوسف سيسكو)) في هذه الأيام سيزور القاهرة على حد ما أذاعته لندن نقلاً عن صحيفة ((الأهرام)) وليس هذا الخبر المعني بهذا التعليق.. إنما هما استنتاجان جانبيان حول هذا الخبر..
ـ أولاً: ليست السياسة الأمريكية، ولا رجلها في حاجة إلى مزيد من العلم عن هذه المشكلة.. وهذا يعطي الحق لبعض المعلقين المتفائلين أن يتنبأوا بشيء جديد من الولايات المتحدة نفسها تبغي أن يعلمه المفاوض لهذا السياسي الأمريكي كمقدمة لحوار جديد، أو كشيء مغلق جاء في هذا الحوار يبلغ من الرأس للرأس دون مكاتبات.. دون مراسلين.. من رأسه هو إلى رأس يقابله في المنطقة.
ـ ثانياً: ويظهر أن هذا التكهن قد باض وفرخ عند كثير من الناس فجاء إسحق رابين سفير إسرائيل في واشنطن، أو مندوبها لدى البنتاجون يقضي على هذا التكهن ليقول: (إن زيارة يوسف سيسكو لا تعني أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة أو في موقف إسرائيل)!..
أهكذا يعلم إسحق رابين من أسرار السياسة لينفي كل تكهن كأنه هو الناطق باسم السياستين؟!
من هنا تغتصب إسرائيل هذا الإرهاب الدولي، من هنا تعتسف إسرائيل الرأي الأمريكي.. من هنا ينبغي ألاَّ يجزع أحد من تصريح رابين فخير لنا أن نعرف ذلك من أنفسنا قبل أن يعرفنا إياه رابين!!
ـ إسحق رابين ذهبوا به إلى واشنطن ليكون سفيراً يشتري عدة الحرب، ويشتري الأصوات المؤيدة لإسرائيل.. ويظهر أنه لم يوفق في صفقة الخمسين.. لم يوفق في شراء خمسين طائرة فانتوم فأخذ يبوح بما يكربه!
ـ قال: إن إسرائيل لن تكسب الحرب في هيئة الأمم، إسرائيل ستوالي القمع بشدة، أحسبه الثناء الأول على المنظمة الدولية.. والكشف الواضح لموقف إسرائيل منها، من قال لك إن إسرائيل ستكسب الحرب في هيئة الأمم؟
لقد خدعوك، يكفي أنها كسبت زمناً من القوة التي عطلت هيئة الأمم.
إن هيئة الأمم كسب للسلام، فيها يكسب السلام، لقد صنعها السلام لتقتل صناعة الحرب.
ولكن هكذا اليهود يحسبون كل شيء للدمار حتى هيئة الأمم يفترضون فيها أن تكسبهم الحرب.
فرغم كل شيء فقد اتضح وافتضح أمر اليهود، وسيعرف العالم الكثير عنهم.
ـ هناك فظائع ارتكبها هتلر والنازية ضد اليهود، أصبحت عقدة الذنب، فأخذوا يكفرون عنها.
وهناك فظائع ارتكبها أكثر من وضع في الغرب مع العرب هي أشد فظاعة من فظاعة النازية، وآخرها هذا الطغيان النازي الجديد في إسرائيل، فلم يكن إلا عن يد الذين وعدوا وأعانوا واعترفوا وساعدوا وناصروا فلماذا لا تأخذهم عقدة الذنب؟
لا نريدهم أن يساعدونا، وإنما نريد رد الطغيان بالكف عن عونه ومناصرته.
إن الشيوعية قد وجدت مجالها بهذه التصرفات.. فحذار.
أحسب أن الوضع في شرق أوروبا قد أسمعهم ناقوس الخطر، إن النصر على هتلر لم يأت من أوروبا لكنه كان من شمال أفريقيا وإن الرد على روسيا لن يكون من أوروبا ولكن من الشرقين الأدنى والأوسط ولا حتى من الشرق الأقصى.
لا تبيعوا الشرق الأدنى لخصومكم، وإسرائيل لو علمتم أداة خفية لخصومكم.
حذار.. حذار.. لا يكفي أن تصرفوا النظر عن إمداد لهم بالفانتوم. وإنما الكافي أن ينفذ قرار مجلس الأمن على صورة مسكنة.
أما السلام فشيء آخر لعلّه لن يكون إلا بالحرب. الحرب المطهرة لأرضنا من هذه لأقذار.
ـ صفر زائد صفر يساوي صفراً.
كلام يطرد في الحساب العقلاني. إذا ما استمرأت عاطفة كعاطفة سعد زغلول أن تقول ذلك في وقت نجد لسعد ألف عذر وعذر.
وصفر مرفوع بقوة قدرها واحد أو أكثر من مليون يساوي واحداً..
رقم عدمي له قيمة في الرياضة العالية يعرف إثباته إنسان تعلم بعاطفة الشاعرين بالناس والخلق والقوة والضعف والوجود والفناء.
هذا الفارق البعيد مداه هو المعادلة الصعبة في الوضع العربي هذه الأيام.. وهو ليس المشكلة الصعبة أمام إسرائيل وما إليها.. هم يعرفون القانون في الجبر. ويعملون بالقاعدة الحسابية، إن الجبر كقانون رياضي هو أخطر وضع يمكن أن تجابه به إسرائيل من العرب إذا ما ارتفعوا بقوة الأس الواحد.. أو الأكثر ليكون الكم الواحد والكيف الواحد.
والشيطان نفسه تعامل مع الإنسان بالقاعدة الحسابية، كل حرصه نسف المعقول بقانون المقابلة الجبرية رياضياً.
والصغار ((كل الصغار)) ما كانوا ولن يكونوا إلا تلامذة العقلانيين حسابياً.. والشيطانيون كذلك في تشيطن أكثر من أبلسة الأبالسة..
والكبار.. الكبار.. يسخرون الصبر والحذر لعملية تقدم جبرية خلقياً، لتتم العملية بالمقابلة الجبرية رياضياً.
والناس كل الناس، هم شيء واحد إذا ما سلموا من تلامذة الشيطان، وأساتذة الصهيونيين.
هذا كلام اليوم عند من يقول هو معلوم، وغير مفهوم عند الذين يفوتهم مجهول لديهم في معادلة جبرية ذات المجاهيل المتعددة.
• جندي أمريكي من الذين يحاربون في فيتنام سمع أزيز الطلقات تصيب روبرت كيندي، فأفزعه ذلك كما لم تفزعه قاذفات اللهب والصواريخ، والقنابل والسموم، يطلقها هو ورفاقه على الفيتناميين، أو يطلقها عليهم الفيتناميون، في فيتنام يحارب عن غرض أمريكي. أما قتل الأمريكي بيد أمريكية وداخل الولايات المتحدة، وفي لوس أنجلوس مدينة الجميلات والممثلات والفن والبهجة فهذا شيء مفزع!
ـ قال: نحن هنا نمنع القتل، وهم في الولايات المتحدة ينشرون القتل والعنف، يا إلهي هذا شيء مخيف!
كلمة أطلقها كما يحس وبما يعتقد، أما قاتل جون كيندي ومارتن لوثر وروبرت كيندي، ثم قاتل الممرضات، وقاتل الطلاب برميهم من مكان عالٍ فهذا شيء تختلف فيه وجهة نظرهم عن نظرة الجندي، يحارب من أجل الولايات المتحدة..
فما هو السبب؟
السبب سيظهره في تحقيقاته وتقارير لجانه ميلتون ايزنهاور، كلفه الرئيس جونسون بذلك كمخرج من الأزمة، أو كحل للأزمات!!
والسبب تحدثوا عنه أن همفري قدم تقريراً فلم ير النور، فالذين أهملوا رأي همفري هم الذين سيحتالون على ميلتون لئلا يقول الحقيقة وإن أصر عليها فسيلحق بجون ومارثن وروبرت، طبيعة العاملين في الظلام!
أهي مرحلة ((النهلست)) قتل وجرائم ثم تكون الكارثة كصورة تتكرر لم يمضِ عليها ستون عاماً، كانت في روسيا ومن صنع اليهود، ولا تحب أن تتكرر في الولايات المتحدة، لكن اليهود لا بد من أن يصنعوا ذلك.
يصنعون الخراب في كل بلد يعيشون فيه، يعيثون فساداً.
قد لا يكونون هم الذين دبروا قتل روبرت مباشرة، لكن الأسباب الداعية للقتل هم أساسها. ومن أجلهم قتل روبرت، وبفعالهم يقتل القتلة، والجريمة تلد الجريمة.
والاغتيال قد يكون حماقة طارئة من كل إنسان، ولكنه في اليهودية شريعة وقانون وممارسة وغاية ومبدأ.
اسألوا صحائف التاريخ تجدوا أن الغيلة هواية اليهود وحرفتهم وأساس كل كيان لهم في أي كيان يلجأون إليه.
لقد قتل جون كيندي، وكان روبرت المدعي العام أي حامل الاتهام، ومستخرج الدليل وطالب الإدانة حماية لأمن الدولة والأمة والأفراد. أعني أن روبرت قد عميت عليه الحقائق فأخابت الدلائل ولم يظهر من هو المجرم. فأي قوة خطيرة كانت وراء هذا الإخفاء؟
ـ وبدأ الخوف يفعل فعله في قلوب اليهود وأعصابهم.. في إسرائيل، فهذه التصريحات التي تنشر على لسان ((موشي ديان)) ليست هي مظهر القوة ولا هي فعل الشجاعة، وإنما هي من عمل الخوف.. فإن نحن عاجلناهم به.. بالعمل المتلاحق، أو عالجنا أنفسنا بالأسباب التي أدت إلى خوفهم أفلحنا، وإلا فالخوف سلاحهم بعد.. يفعلون به الأفاعيل.. هم لا يقدرون على الشجاعة، وإنما قدرتهم بهذا الخوف، فما عرف التاريخ مثلهم خشية من الخوف يفرون منه دائماً، ولكنهم يعالجون بالدس والتآمر والتمرد والمكر في الشعوب التي تنخدع بهم لتكون آلة في أيديهم يفرون من الخوف إلى أمن بهم، أو يستنفرونهم من عمل الخوف ليكونوا معهم علينا!
الخوف صناعة في أيديهم، ولكن إن صنعناه نحن في نفوسهم جلب لنا النصر على شرط المعالجة لئلا يستعملوا سلاحاً!
لقد انعكس الأمر فيما بيننا وبينهم.. في ميزان القوى، ولا أعني قوة السلاح، ولا عدد الرجال، وإنما أعني القوة في شجاعة النفوس..
كنا قبل 5 يونيو نسلط الخوف على أنفسنا منهم، وقد لا يكون هذا الخوف من جيش اليهود ولكنه كان خوفاً من عمل القوى الأخرى التي تجسم لدينا خيالاً فظيعاً بأن هذه القوى ستهلكنا من أجل اليهود إن نحن حاربناهم..
ثم إنه تجسد وتجسد حتى أصبح الوهم حقيقة فإذا كل طائرة، وكل جندي نحسبه من هذه القوى التي أمدت إسرائيل!
إن الحرب أول كفاءة فيها هو إماتة الخوف فإذا مات الخوف في جيش.. في أمة محاربة كان لها النصر، ولقد مات اليوم - بعد عام - هذا الخوف فينا.. بينما هو بدأ يسري في أعصاب إسرائيل.. فكل تصريح لديان و لغيره كان من عمل الخوف، وحتى تصريح مستر ((راسك)) فإن رأيي يخالف رأي الناشرين له، أو السامعين.. إن مستر راسك حينما نشر رأيه بسطه للدنيا.. لا يسأل عن فَرح به أو منكر له!.. فمن حقنا - ونحن من أصحاب هذه الدنيا.. من أصحاب الحق المهدور فيها - أن ندلي برأينا فيه.. لا أحسب إلا أن مستر راسك قد عرف هذا الخوف بدأ في إسرائيل فأحب أن يعطيهم الجرعة في ((برشامة)) مغلفة بالسكر.. لا يغص بها عربي في ظاهر الأمر، وتفرح بها إسرائيل في باطن ما نعني.. كل ما تعنيه في نظري أنه لا تغيير في سياسته.. هي المبادئ الخمسة.. هي قرار مجلس الأمن.. هي مهمة يارنج.. أي إنها ما تريده إسرائيل.
ـ وكثيراً ما تلح فكرة على كاتب تشده إليها ليطرح موضوعها على صورة سؤال قابل للحوار والنقاش!
ولكنه في الكثير من حاله في زمانه ومناخه يفكر أيضاً للفكرة نفسها!
هل هي ملائمة لوقتها أو لوقته تحوطاً بالتوقيت يصلح مناخاً لطرحها؟
أو لما يحن بعد زمان الطرح لها؟ سيان! فلسوف ألقيها عن كاهلي فقد ضقت ذرعاً بها!
الفكرة الحث عليّ في سؤال عن الدروز في إسرائيل؟ هم عرب ولا شك.. أبناء معروف تمتد أعراق لهم إلى المناذرة ولخم وغسان، وهم لم يبالوا باحتلال اليهود للأرض. فلم يرحلوا لاجئين كغيرهم من العرب الفلسطينيين، أمسكوا بالبقاء ولم يطردهم اليهود.
بل إن فريقاً قد كثر سوادهم به قد انضموا إليهم ليتعايش جميع الدروز مع اليهود في فلسطين المحتلة كمواطنين في دولة إسرائيل وهم أيضاً قد تنادوا للإقامة في إسرائيل، وكجزء من جيشها، وكقوة لها شأنها اليوم في دعم القوة الإسرائيلية!
وحجتهم أنهم قادرون على الثبات في العيش في أرضهم كمواطنين في دولة اليهود.. قاله لي أكثر من درزي تحدثت معه:
وليتهم صانوا القدرة العربية تعيش في أرضها؟ لا.. لا.. إنهم أصبحوا اليوم الطغيان الشرس المفظع المفجع.. ينكل بالعرب والفدائيين.. بل إنهم الفرقة التي اجتاحت غزة بزي عربي كأنهم جيش العرب فخدعوا وأهلكوا، وهم الأداة للتنكيل بالعرب اليوم، كأنما اليهودي يقتل العرب مرتين، القتيل والقاتل، قتل الإراقة لدم المقتول، وقتل من الفرقة في وجدان القاتل، والسؤال أطرحه على أكثر من زعيم بينهم له مكان السيد والقديس في السهل والجبل من أرض عربية، كما أسأل عنه عبد الله النجار بالذات، ألف كتاباً عنهم، يسميهم الموحِّدين المحمديين حتى ليقول لي: هل هذا من عمل الموحدين المحمديين؟
ولو كان كاتب العرب الفذ عباس محمود العقاد حياً - يرحمه الله - لسألته هذا السؤال كنقاش لما أورده من حجاج يشفع لهم به في كتابه ((فاطمة)) الزهراء رضي الله عنها.
السؤال قائم فإن النكبة تجل عن الصبر على ما يفعله الدروز من عون اليهود. ولكنه الخوف من شيء اسمه الرأي العام العالمي غرس فينا الخشية من المصارحة عن فعل أقلية أو طائفة.. نجامل ونتحمل فنلقي الضير والحيف خوفاً من الضجة تديرها قوة مغرضة!!
إني ما زلت أسأل عن إجابة، ولكني لن أجدها عند من سألت غير أني سأجدها تحدياً وتعذيباً وبطشاً من عرب يعيشون في إسرائيل يقتلون عرباً لحساب اليهود.
• تعريفان درجنا عليهما.. تلقيناهما بالقبول والترديد والتأكيد هما:
إسرائيل ركيزة الاستعمار.. إسرائيل جسر للاستعمار قديمه وحديثه.
لكن حرب يونيه وما جاء بعدها أظهرت أن هذين التعريفين لا ينطبقان تمام الانطباق لأن الاستعمار ينصرف على ما نسميه الاستعمار القديم أو الاستعمار الجديد..
لينحصر هذا في فريق معين أتخذ اسماً جديداً: الإمبريالية كتأكيد للحصر وتوكيد للنفي.. تبعد به هذه الصفة عن فريق ثانٍ.
إن إسرائيل لم تعد ركيزة تقفز منها دولة مستعمرة.. تفتح أرضاً.. تستغل شعباً.. وهي لم تعد جسراً يعبر منه الاستعمار الجديد.. استغلالاً.. وانتقالاً وإغلالاً.. قد يكون القصد من معرفتها أولاً أن تكون كذلك في تخطيط الذين يقولون إن إسرائيل ولدت لتبقى.. ولكنها الآن فيما أعتقد أصبحت غير ذلك.
لقد أصبحت مشكلة الجميع حتى إسرائيل نفسها.. هي مشكلة ذاتها.. لا تطيق أن تكون سيدة نفسها.. وهي في خيالنا الآن تتأرجح بين من تختاره سيداً لها.
إسرائيل مشكلة إسرائيل.. مشكلة حلف الأطلسي والرأسمالية والاستعمار، وهي مشكلة حلف وارسو والشيوعية.. وهي مشكلة العرب.. وبهذا كله أضحت مشكلة عالمية.. وأصبحت مدولة كما لا تريد إسرائيل.. وكما لا نريد.. فهي في هذا الوضع ليست أقل من خط برلين - بغداد.. وليست أخف من داتزج وليست هي البعيدة الشبه بفيتنام في سايجون ومن هم حماة السايجون، هم تركوها تصنع نفسها علّهم يستغلونها.. يصنعون بها مناطق النفوذ لهم.. والقبض على المصالح.. فإذا بها تكاد تقضي على مناطق نفوذ سبقت.. لتحل محلها مناطق نفوذ لحقت.
فهم وإن اختلفوا في المظهر على وفاق في النتيجة.. الاتفاق على الغنيمة.. الغنيمة هي المشكلة.. مشكلتنا ألا نكون الغنيمة..
ومشكلة إسرائيل لمن تكون الغنيمة.. ومشكلة المعسكرين شرقي وغربي متى يتم توزيع الغنيمة؟..
فالمعركة المدوخة.. والتي على ضوئها تكون المعركة الفاصلة.. لنا أو علينا.. أو الهدنة القاتلة لإسرائيل لا علينا..
فالهدنة سلام مؤقت لا تطيقه إسرائيل.. وهي حركة مستمرة لإعداد الجندي العربي وتوحيد الجهد العربي.
المشكلة هي أن الذين صنعوها أول الأمر.. هم الخاسرون لها تالي الأمر والذين يعلنون المناواة لها الآن هم الكاسبون اليوم..
والذين أعانوها ويعينونها سيضطرون لقبول التوزيع للغنيمة.. فهم في مشكلة منها تتضخم مشاكلهم بها.. هي مشكلة نفسها.. ومشكلة العرب.. ومشكلة الاستعمار جديده وقديمه ومن ورائه يكون الكسب للخاطفين.. أما إسرائيل فلديها الثعلبة لتكون مع الفريق الكاسب.. فعندها رصيد من الرجال في كل مجال ولكل الأحوال ومع كل المذاهب.. يعملون لها عمل السادة..
ـ ولن ندير الخد الأيسر يا ابن الهمفري. فلقد صفعنا قبلك أيام حرب الصليب همفرياً لعلّه من أجدادك - فالاسم لكما اسم عليه طابع الأنجلوسكسوني. صفعه صلاح الدين، حين غزا كرش (أرناط)..
أنت مع إسرائيل بكل قواك.. وليت أنك جعلت التصريح باسمك. بل أنت جعلت نفسك كل الولايات المتحدة. وهذا ما تقضي به الملابسة والملامسة.. لأنك الرئيس الثاني الآن، ولأنك الرئيس الأول بعدُ إذا ما نجحت في الانتخابات.
تصريحك يقول:
أمريكا مصممة على الوقوف بجانب إسرائيل. أمريكا لن تجعل إسرائيل تقف مكتوفة اليدين ضد من تحدثه نفسه بتدمير إسرائيل.
الأمريكيون يقفون بشموخ لمشاركتهم بجزء بسيط في معجزة إسرائيل!
إسرائيل دولة تمثل جزءاً من تراث أمريكا الروحي، ولذا نضحي من أجلها!
هذا كلامك! فهل هو الجديد؟ ليس هو الجديد منك ولا عليك فقد صرّحت بمثله من قبل أوجزنا رداً عليه فيما مضى من أيام.
فهل أجد من يعتذر لك بأنك لم تقل إلا كمرشح في الانتخابات تشتري أصوات اليهود.. حرباً منك على منافسيك.. كنيدي ومكارثي العضوين في حزبك، ونلسون روكفلر ونيكسون من حزبك الخصيم صانع أسباب الحرب كالمحافظين في بريطانيا ليتحمل أثقالها حزبك الديمقراطي كحزب العمال في بريطانيا أيضاً، كسير التاريخ في أكثر من حال.
وهب أنا نقبل هذا العذر الآن! فهل نقبله لننسى أنك لم تقله إلا كمبادئ تطالب بها يوم تكون الرئيس؟ إنك تعرض على الناخبين برنامجك ومبادئك كرئيس مقبل. فلا وجه للاعتذار عنك بمسؤولية الواحد المرشح. لأنك ستكون المسؤول الأول إذا ما نجحت في الانتخابات.. لا عذر.. لا عذر. إنا لن ندير الخد الأيسر.. فهذه دعوة قد نسخها ديننا.. فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ.
ثم أنت لم تقل هذا كرجل روحي مع أخلاق المسيح عليه السلام.. وإنما أنت وقفت تعزف على أوتار قيثارة نيرون يرقص على نغمها النشاز عصابة من طغمة اليهود.
وقفت على حريق في الشرق الأدنى تغني لليهود. ليس هذا من عمل الروح المسيحية، وإنما هو عمل اليهودية الشرسة.
كل تصريح يناصر اليهود فيه كسب للعرب. فلسنا الغاضبين منك ولا عليك.
إن العرب بتصريحك يكسبون الزيادة في المعرفة.. ليكسبوا أنفسهم.. وإنا سنكسب الشعب الأمريكي كما يكسبنا إذا ما تبرأ فعلاً من قولك حينما يسقطك في الانتخاب.. ساعتها نصدق الاعتذار عنك لأنهم صدقوا في العمل ضد تصريحك..
• .. وسمعت المخبر من إذاعتنا أمس الأول. يخبرنا أن حكومة سيلان الجديدة برئاسة السيدة ((بندرنايكا)) قد قطعت علاقتها السياسية مع إسرائيل.. أحسبه توقيفاً على شرط أن تنفذ إسرائيل قرار مجلس الأمن الصادر بحكمه عليها بالجلاء عن الأرض العربية التي تحتلها. بعد حرب الأيام الستة من شهر كهذا الشهر ((يونيه)) حزيران قبل أعوام ثلاثة.
هذا عمل مشكور من ناحيتين اثنتين:
1 - فيه مناصرة للعرب تعلن الحرب على البطل بالصورة التي استطاعت. فقطع العلاقة بين دولتين إعلان للخصومة، بيان عن عدم الرضا من الحكومة التي أشعرت بقطع العلاقة على الحكومة التي تطغى وتهزأ وتتحدى وتصنع في الأرض الموقف الصعب ضد السلام.
2 - مناصرة سيلان لموقف القرار وعمله وتنفيذه. فكأنما تقول: إن قرار مجلس الأمن قد وضعت عليه موافقتي وتوقيعي، فلكي أحترم هذه الموافقة والتوقيع فينبغي أن أكون معه بقوة أملكها دفاعاً عنه. واندفاعاً معه. لأبين لأعضاء الهيئة عموماً. ولأعضاء مجلس الأمن خصوصاً أن يتخذوها من المواقف ما يؤدون به موافقتهم على القرار، وما يدعمون به توقيعهم عليه.
إن سيلان دولة صغرى. لكنها بهذا العمل تصبح في احترامها لتوقيعها أكبر من دول كبرى لم تفعل شيئاً مساعداً لهذا القرار.
إن سيلان حكومة فيها أكثرية مسلمة فألزمت حكومتها صاحبة الأغلبية الحاكمة أن تكون مع إسلام الكثيرين من رعاياها.
وإن سيلان شعب تعايش مع الإسلام والعرب في التاريخ الطويل. فلا بدع أن تبدي عواطفها من خلال هذا الموقف.
وإن سيلان تنفعل بالأسطورة ذات الحقيقة المتأصلة في نفوس أهلها، والتي لها سلطان مؤثر في النفس العريقة من خلال الخبر والتاريخ.
هذه الأسطورة، الخبر، تقول: إن قدم أبي الإنسان قد نزل في سيلان. يعني أن هذه الأرض كانت أماً لأرض الناس جميعاً.
ولا أظن العرب في موقفهم اليوم إلا الشاكرين لسيلان على هذه العاطفة النبيلة والاتجاه المعين عن عقل مدرك لمشاكل الشرق كله.
تحيتي لسيلان. تقديراً وشكراً. ولا أكثر ولا أقل.
• .. وتصب إسرائيل طغيانها على العرب.. في الأردن الصامد بقنابل النابالم، فيشكو العرب إلى مجلس الأمن شكوى لا تطلب العدالة من مجلس الأمن، وإنما هي تعم الدنيا بالعجز عن رد الطغيان.. كأنما العالم - بكل إنسانه - قد خلا من وجدان الإنسان، فلا رادع بقوة، ولا مدافع عن قانون!
حال لا تطاق.. من العجز أن نطلب العون أو العدل من أحد، ومن شيء آخر لا أسميه ألاَّ نطلب من أنفسنا.. عن أنفسنا الدفاع عن أرضنا!
افهموها كما شئتم، فلئن عتبنا على الدنيا فإن هذه الدنيا ترد العتاب علينا بإلقاء اللوم.. بالوصمة.. بالمعابة.. كأنما كل ما يصنع بنا نحن الذين صنعناه بأنفسنا!
الشكوى إلى مجلس الأمن أصبحت كقراراته ((حديث خرافة يا أم عمرو))!!
لا نقولها هذه الأيام.. فالذين لا يعملون جدير بهم ألا يقولوا!
.. وإنما تقولها الأجيال القادمة تصب سخريتها لا على الطغاة وحدهم.. لا على إسرائيل وحدها وإنما على الذين حاربوا ((موسيليني)) و((هتلر)). كان بعض ما أساءا فيه تحطيم عصبة الأمم.. بينما هم هؤلاء يحطمون الميثاق، وهيئة الأمم، ومجلس الأمن، والقانون الدولي، والأعراف الأخلاقية بأسلوب ناعم..
لو كان لي من الأمر شيء لما شكوت إلى مجلس يقدم بعض أعضائه القرار الصريح.. يجمع عليه الأكثرون.. فإذا الأقلون يخضون مقدمي هذا القرار إلى صيغ مائعة كهذا التصريح بلسان دولة تقول إنها تعرض خرق إيقاف القتال!.. أي كلام إنشائي هذا؟!.. إنه لا يضرنا بل ينفعنا.. نتعلم منه كيف تقهر الظروف الدول الكبرى!!
إن أي تصريح، وأي بيان مشترك أصبح لا يفيد كقرارات مجلس الأمن، حديث خرافة.. الفائدة أن نتلمس الخلاص بكل وسائل الخلاص، ولكن بإخلاص.. إخلاص الجميع.. نضع كل سبب للفرقة تحت أقدامنا.. لنعين أنفسنا، وعلى الأقل لا نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الموت المقطر.. نأخذه جرعات في كل يوم ضربة من إسرائيل. فلتكن الضربة الواحدة علينا أو لنا.. لعلّ الدنيا تتنبه.. لعلّهم يعرفون أن العربي لا يموت كالمختنقة.. كالموقوذة.. كالمتردية.. يعني فطيس!
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم!
الذين يموتون بالأمراض خير لهم أن يموتوا بالقنابل!
إن الشكوى لمجلس الأمن أصبحت المخدر الجديد.. بل هي أخطر أنواع المخدرات.. هو أخطر من الحشيش والأفيون، والطاطورة، والهيرووين، والكوكايين، وحبوب الهلوسة، وحبوب الكونقو.. كل هذه تخدر الأفراد.. أما قرار مجلس الأمن فمخدر الشعوب المستضعفة، وهذا أخطر. ومن واجبنا أن نتجنب تعاطي المخدرات!!.
ـ حسبت إسرائيل أنها ملكت بوسائلها الرأي العام العالمي.. تثيره ضد العرب.. وقد نجحت في ذلك إلى حد بعيد في الأيام الأولى. فهو على الأصح في الأشهر الأولى!
شيء من وسائلها، وأشياء ممن أعانها.. لكن الشيء الأكيد تقاعس بعض الرؤوس في أكثر من دولة.. ليس أمام الضربة المذهلة، وإنما أمام الرغبة الذاهلة!
لكن الرأي العام العالمي - ولا أستطيع أن أقول إنه خرافة - قد اتضح له ما تفعله إسرائيل.. ولم يتضح له ذلك بما جرى في مجلس الأمن، أو في هيئة الأمم من كلام فضح إسرائيل.. إنما الوضوح جاء أكثر وأكثر من مواقف إسرائيل نفسها.. فكثير من الدول في أوروبا تسأل نفسها بإلحاح عن هذه المواقف من إسرائيل:
ـ إغلاق قناة السويس - إغلاق المطارات حيناً بعد حين؟
ـ أوروبا تسأل نفسها الآن عن الشلل الذي أصاب المواصلات؟
هذا الموقف من إسرائيل شاهد يفتح آذان الرأي العام العالمي عن طريق الصراخ في أوروبا، وليس أبخس القيمة للكلام في مجلس الأمن لأن هذا الصراخ في الغرب قد أعطى الكلمة في مجلس الأمن الأذن المصغية.. تسمع فظائع إسرائيل..
من هنا.. جئت في هذه اللحظة أشكر للباكستان، وللسنغال موقفهما يتزعمان الشكوى في مجلس الأمن ضد ما تفعله إسرائيل من فظائع وآثام.. في الأرض المحتلة.
إن الباكستان والسنغال بهذه الشكوى قد منحتانا الفرصة لأن نفتح أعين أعضاء مجلس الأمن.. الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة.. الأعين في التلفاز الأمريكي ليشهد الفظائع.. مصورة بالكلمة، والصورة.. ليعرف أن النازية كانت أقل من ذلك!
فالنازية قتلت رجالاً.. لكنها ما هتكت نساء.. ما جزرت أطفالاً.. ما هدمت بيوتاً على أصحابها.. ما فجّرت في المساجد والكنائس.. ما تباهت بما فعلت.. كنت أيام النازية أتمنى هزيمتها لحساب الإنسان، لكن هذا الإنسان حينما امتلك القوة أصبح يطغى.. بعين نازية أخرى.. هي نازية بالفعل، وشيوعية في المستقبل، ولن تكون غير ذلك!
أشكر للباكستان وللسنغال هذا التمكين لنا في إعلان الفظائع.. فلعلّ إسرائيل - إن لم تستح أو تخف - يستحي الآخرون إن لم يخافوا!!
ـ فوضى عالمية.. كأن العالم قد خلا من العقلاء، فقد أخذته اليهود بما صنعت وتصنع من كل عاقل. إن حلم الصهيونية قبل أن تسود في الأرض أن تفرض سلطانها على الفكر وعلى النفوس، وكثير من الشعوب والدول قد وقع في ذلك.. فأهدروا إنسانية الإنسان، أما نحن العرب فأحسبنا بالصمود في حرب اليهود سيعرف الإنسان أنا مخلصوه من خدر اليهود وسلطان الصهيونية!
هذه الطائرات التي تفجر أحدثت فوضى عالمية، في خطوط المواصلات ما صنعها إلا اليهود، لو خسروا رجالاً منهم. إن اليهود يريدون هذه الفوضى العالمية، فهم يتهمون العرب بأنهم قد فجروا الطائرة النمساوية. والعرب أنكروا ذلك، فلماذا لا يتهم اليهود أنفسهم بأنهم صانعوها ليثيروا الرأي العام العالمي كما فعل غيرهم قبلهم في قتل السردار، أو إغراق ((كتشنر))؟.. هذا احتمال راجح، وهناك احتمال قد يزعم بعضهم أن الذين فجروا هاتين الطائرتين قد استأجرهم ((البزنس)) من بعض العرب أو من أنصار العرب. ((البزنس)) له فعله.. الأجر المدفوع له عمله.. لا تعجبوا فإذا كان أكابر الرجال في الدول الكبرى قد طوعتهم الصهيونية لأغراضها بالأجر المدفوع ((بزنس)) فلا يبعد أن يغرى عامل في طائرة.. حمّال حقائب.. مهندس بأجر مدفوع.. ليضع المتفجر. فحينما فجرت أخلاق الرجال بالخضوع للصهيونية تفجرت أحوال الدنيا بهذه الفوضى. أفليس هناك عقل يعود إلى شعوب كبيرة تقول للصهيونية: قد رفعنا يدك عن أكابرنا لينقذوا دنيا الإنسان من هذه الفوضى العالمية؟ يحسب اليهود أنهم بما يصنعون يؤلبون الدنيا على العرب؟.. لا..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1117  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 567 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية الكاملة وأعمال نثرية

[للشاعر والأديب الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج