شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حفل تكريم الأستاذ محمد حسين زيدان (1)
وفي حفل تكريمه تحدث وهو ضيف الأمسية، عن سيرته الذاتية وذكرياته القديمة في المدينة ومكة وجدة فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد نبي الرحمة وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخواني جميعاً، أهلي وعشيرتي، لا أدري بماذا أبدأ، ولكن التقليد يحتم عليّ البدء بالشكر لله، فصانع الجميل شاكره، وشاكر الجميل صانعه، لأنه لا تجد باخلاً بالشكر إلاَّ وهو الباخل على نفسه بصنع الشكر، ولا تجد باخلاً بالجميل إلا وهو أكثر بخلاً بالشكر، لهذا أشكر الابن عبد المقصود على هذا الاحتفاء الذي أشعر فيه بفرحة كبرى، لأنه تقدير وتكريم، وأحذف من نفسي الترحة، لأني لا أحب أن يكون هذا التكريم، وداعاً. الشكر للمحتفي بي لا يكفيني، فأنتم الذين حضرتم كلكم قد احتفل بي، كلكم قد أكرمني، إنما هو الداعي له فضل الدعوة، ولكن فضل التلبية عندي أكبر، لأنه سعي إلى صنع الجميل يلزمني بأن أشكر هذا الصنيع لكم، أحمده لكم حمداً كثيراً. يعجزني أن أقول لا حينما طلب مني أن ألقي الكلمة، ويسعدني أن قلت الكلمة الشاكرة له ولكم، فماذا تريدون مني إلاَّ أنني أمامكم عجوز قد احتفلت بالقراءة؟
أتعرفون أوّل من علّمني القراءة؟ لقد علّمني سوق (الحراج) وجريدة ((ألف - باء))، كنت لا أقرأ الصحف، لأن الصحف لا تأتينا. قبل ((العهد السعودي))، كنا نفتش في الحراج لنجد بعض الكتب التي يعرضها أصحابها للبيع نتيجة الفقر والعوز والجوع الذي ألمَّ بهم فيبيعونها بمبالغ زهيدة لا تتجاوز قيمة الواحد القرش أو القرشين، فأنقب عن كتاب ينفعني، فأشتريه وأقرؤه، ومن هنا تعلّمت القراءة من هذا السوق، ثم تعلّمت القراءة في مكتبة كنت أبيت فيها لمدة لا تقل عن سنتين، فيها أمهات الكتب وكنت أقرؤها.
لكن السؤال المهم: كيف تعلّقت بالصحف والمجلات؟ السبب يرجع إلى جريدة ((ألف - باء))، أريد أن تضحكوا من هذين البيتين لشاعر من العراق، لكنه ليس الزهادي ولا الرصافي، يقول الشاعر:
أنت عندي بمنزل لم ينله
غير سلمى وابنها إسحاق
أنا مُخْرَنبقٌ وغير عجول
ولقد طال في الهوى اخْرنْبَاقي
فاخرنبقت مع نفسي، وكلمة اخرنبقت جعلتني أفتش وأقرأ.
ويعلَّق الشاعر أبو ريشة بقوله:
وآخر نبقوا دهراً يريدون التي
طاروا بها من بعد اخرنباقي
فاخرنبق معناها سعى وتحفز.
ثم يوالي الأستاذ محمد حسين زيدان ذكرياته، لكنه قبل أن يبدأ الحديث يفاجأ بدخول الأستاذ ضياء فيقول:
وما دام الأستاذ عزيز وصل، فأنا أؤكد لكم بأنه قرأ قبل أن اقرأ، فأنا قرأت بعض كتب التراث، لكنه قرأ كتب الميراث. فأنا ((مُخْرنبق)) وغير عجول، فكلمة (اخرنبق) هي التي دفعتني إلى القراءة وصنعت مني أديباً وكاتباً وقارئاً وخطيباً.
ولقد زاملني الأستاذ عزيز ضياء في المدرسة، فلا تصدقوا ادعاءه بأنني أكبر منه سناً، يزعم أنني كنت عجوزاً حينما كان ولداً صغيراً.
وفي المدرسة أذكر حادثة أفخر بها، حيث جمع الأستاذ أحمد صقر الصفَّين الأكبرين اللذين طلبتهما عبد الحميد عنبر والنقشبندي، عثمان حافظ وأحمد العربي. فسألهم عن كلمة تفاوت هل هي اسم أم فعل؟ فقالوا: إنها فعل، غروراً بالتاء في أول الكلمة، فرفعت إصبعي دلالة - كما تعلمون - للاعتراض على إجاباتهم فقلت: إن هذه الكلمة اسم. قال الله تعالى: مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ (الملك: 3) فقد سبقها حرف جر، ولا يسبق حرف الجر إلاَّ الاسم، كما لحقها التنوين في آخرها والتنوين لا يدخل إلاَّ على الاسم النكرة، وهنا بادر الأستاذ أحمد صقر بمنحي درجة الامتياز وأثبتها في كرّاسته.
في اليوم الثاني، جمع الأستاذ أحمد صقر الصفين، فإذا هو يقرأ في وفاء الوفاء عن تاريخ المدينة، فإذا فيه خبر أن الشمس كسفت في اليوم السادس عشر من الشهر، فسكت جميع الطلبة إيماناً منهم بصحة الخبر، فاعترضت على ذلك وقلت: إن هذا خطأ فقال: الأستاذ صقر: هل أخطأ المؤلف السمهودي؟ فقلت: لم يخطئ المؤلف، ولكن المطبعة قد تكون المخطئة، لأن الشمس لا تنكسف إلاَّ إذا كان القمر في المحاق أي في نهاية الشهر، فأعجب المدير بإجابتي ومنحني أيضاً درجة الامتياز.
ثم سأل سؤالاً آخر بقوله: ((النهر ماء عذب يجري منحدراً)) ما معنى كلمة عذب؟
فأجاب أحد الطلاب بأنه الماء الذي يجري كذا وكذا وكذا.. فرفعت إصبعي وأجبت أن معنى كلمة عذب هو: حلو، فمنحني أيضاً درجة الامتياز. وفي نهاية الأسبوع اجتمع الصفان الكبيران مع صفنا، فسألهم الأستاذ: هل كلمة كرسي ممنوعة من الصرف؟ فتصوّر الإخوان أن الكرسي لا يجلس عليه إلاّ رجل أعجمي! فهو أيضاً أعجمي، لأن الكرسي لم يكن مستعملاً بين سكان المدينة، فأجابوا جميعهم بأنه أعجمي ممنوع من الصرف، فرفعت إصبعي هنا، وقلت: لقد ورد في القرآن في قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ (البقرة: 255)، فهي كلمة قرآنية، فأخذت أيضاً درجة الامتياز، وهكذا حصلت على أربع درجات ممتازة خلال أسبوع واحد.
ويختتم الأستاذ زيدان كلمته، بقوله:
أظن أن الرحلة طويلة ولا أرغب أن أطيل عليكم، فاسمحوا لي أن أقول لكم السلام عليكم وفي أمان الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :923  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 7 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج