شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مقدمة الكتاب
بقلم: محمد بن أحمد العربي
زفرة... ودعاء
أبتاه نفسي للفداء
لو كان يجديك افتداء
نظراتك الحيرى تمزّ
قني ويعصف بي النداء
وأنا حسير عاجز
ويمور في صدري الدعاء
حتى الدّموع تحجّرت
وعزّ عن عيني البكاء
ربّاه فارحم ضعفه
فلأنت تفعل ما تشاء
جدة: الخميس 11 شوال 1419هـ الموافق : 28 يناير 1999م
عبرة... ورثاء
أبتاه قد نكاء الحمام جروحي
وودت لو أن أفتديك بروحي
ووقفت مكتوف اليدين وليس لي
إلا سكائب دمعي المسفوح
نعم المربي والمعلم كنت لي
دعمت بنياني، رفعت صروحي
برحيلك النائي شعرت بغربتي
يا طول ترحالي وطول نزوحي
رباه بالإيمان كفّف عبرتي
واجعل دواء الصبر برء قروحي
جدة: الخميس 9 ذو القعدة 1419هـ الموافق: 25 فبراير 1999م
وقبل هذا وذاك: [بضع كلمات...]
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (إبراهيم: 41) صدق الله العظيم.
وأقول:
نم قرير العين، في حضن السماء
قد رفعناها اكفّا بالدعاء
للذي قد وسعت رحمته
كل مخلوق له فيه رجاء
تلك دعوانا بفضل اللَه قد
أسفرت فينا صباحاً ومساء
فاجعل اللَّهم مثواه فراديساً وعلّـ
ـليّين مثوى الشهداء
وارحم اللَّهم موتانا وموتى
المسلمين الصالحين الأتقياء
أبتاه:
... وهذا الجهد المتواضع من محبيك.. يهدي إلى روحك الطاهرة باقة عطرة بالعرفان والوفاء.. من كل محبيك، وهم بفضل الله كثر، يذكرونك بالخير وبالدعاء وهل يبقى للمرء سوى الذكرى، وقد تركت بفضل الله عاطرها، جزاك المولى خير الجزاء وأحسن مثواك مع الأبرار والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، اللَّهم ألحقه بالرفيق الأعلى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وأفضل صلواتك ربي وسلامك على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى الآل والصحب أجمعين.
الداعي لك بالمغفرة والرضوان، ابنك: محمد بن أحمد العربي
توطئة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فما كان لهذا الكتاب أن يرى النور لولا الجهود الدائبة والمخلصة من العديد من محبي الأستاذ أحمد العربي، فهو (رحمه الله) لم يترك شيئاً معداً للنشر من آثاره الأدبية، بل أنه لم يكن، حريصاً، أو على الأصح راغباً في نشرها، وهذا أمر يطول الحديث عنه، ونراه واضحاً بين ثنايا ما سينشر في هذا الكتاب، تلميحاً وتصريحاً، مما ستدركه فطنة القارئ الكريم، ولا يستدعي معه المزيد، ويجدر بنا الانتقال إلى جانب آخر، هو الإشادة بوافر التقدير والإمتنان بالجهود الخيرة التي بذلت من إخوة أفاضل كرام، لجمع شتات محتويات هذا الكتاب، من بطون مجلات وصحف شتى، متناثرة، ضاربة في أعماق الزمن، لما ينوف عن سبعين عاماً، وقد أكل الدهر وشرب على أكثرها، مما صعّب مهمة البحث، ولكن الهمم القعساء بذلت كل ما في وسعها لتذليل ما قابلها من صعاب لتقديم هذا السفر - الذي وإن بدأ متواضعاً - بالنسبة لمكانة كاتبه في نفوس محبيه وعارفي فضله، إلا انه في الواقع ثمرة جهد حثيث ودأب متواصل للحصول على أفضل ما توافر وأتيح لإخراجه.
وهنا لا بد من وقفة عرفان لهؤلاء الإخوة الكرام، نزجي فيها الشكر لوفائهم وإخلاصهم، ويأتي في مقدمة هؤلاء، الشيخ عبد المقصود خوجه، الأخ الدكتور عاصم حمدان، الأخ الأستاذ نبيه الأنصاري (رحمه الله)، وابنه (الأستاذ) زهير، الأخ الأستاذ حسين بافقيه، والأخوة الأساتذة فاروق بنجر، حسين الغريبي، محمد الحسن، ولا تنسى تشجيع أستاذ الجيل المربي الكبير الأستاذ عبد الله عبد الجبار (حفظه الله)، وحثه على إنجاز هذا الكتاب، لرفيق دربه، وأستاذنا الكريم الأستاذ: عبد الفتاح أبو مدين، لمبادرته في طلب نشر هذه الآثار الأدبية في إصدارات نادي جدة الأدبي، ولكن - سبقه بها عكاشة - فجزاهما الله خيراً.
ولا يفوتني أن أستميح الإخوة الكرام عذراً - ممن ساهموا معنا - ولم يرد ذكرهم، وحسبي أن ما قدموه لن ينسى، وخصوصاً وأنه قد عن صدر نفوس كبيرة ملؤها الوفاء، أثابهم الله.
الكاتب، والكتاب:
بداية لا نطيل التحدث عن الكاتب، فسيجد القارئ الكريم، في ثنايا الكتاب ما قد يفي بالغرض وربما يزيد، إلا أن لمحة موجزة، عن بعض ما قيل عنه - من جميع أو معظم من عرفوه - قد تكون مفيدة، ولنبدأ بما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله في مقال للشيخ/محمد بن صالح بن عذل - في العدد العاشر من مجلة الحرس الوطني - لسنتها الثالثة - لشهر شوال 1402هـ - يوليه 1982م، تحدث فيه عن لمحات من حياة جلالة الملك فهد، ومما جاء في فقرة منه: [.. ويذكر الملك فهد من المدرسين الذين تتلمذ عليهم وتاثر بهم: أحمد العربي وحامد حابس وعبد الله الخياط] (انتهى).
أما رفيق مسيرته التعليمية، الأستاذ عبد الله عبد الجبار، فقد كان مما جاء في كتابه [التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية]، في القسم الثاني منه الخاص (بالتيارات الأدبية) وفي الباب الخامس، في فصله الثالث: الكلاسيكية الحية، كتب في ص 270 - ص 273 ما يلي:
النسور الحجازية:
وأما المثل الثاني فهو قصيدة لأحمد العربي أحد أساتذة الجيل الجديد يحيي فيها نسور الحجاز ويصف نمو أجنحتهم الصغيرة في رباه الحبيبة ويصوّر خروج الشعب لاستقبالهم في حماسة بالغة ويطلب إلى الجماهير أن تتآزر وتكتتب لتبني أسراب الطائرات ويهتف بها:
أرأيتموا في الجو طيراً دون أجنحة يطير؟
ثم يتساءل في عجب وأسف:
أنكون أول مبدعي الطيران آخر من يطير؟
كل ذلك وغيره من المعاني العجيبة الرائعة يصبه الشاعر في اسلوب عذب جزل وإطار تقليدي رفيع:
أهلاً بقادمة النسور
طليعة العهد النضير
الرافعين لواء مجد
بلادهم فوق الأثير
ويسترسل الأستاذ عبد الله في استعراض مقاطع من هذه القصيدة حتى ص 273 من الكتاب.
وهذه القصيدة ستنشر كاملة في هذا الكتاب بعنوان [ولقد بدأنا اليوم نشعر بالحياة وبالنشور]. ولنر ما كتبه معالي الأستاذ محمد عمر توفيق عنه في جريدة البلاد السعودية في العدد (802) في 17 جمادى الأولى 1368هـ 19 مارس 1949م في زاويته (في الميزان)، إذ قال: السيد أحمد العربي، في الخامسة والأربعين أو حواليها، تلقى دروسه في المدرسة الراقية في المدينة المنورة والمسجد النبوي.. ثم في مدرسة الفلاح بمكة.. وأكمل دراسته في دار العلوم بمصر. ثم سافر إلى جاوة، وعمل فيها مدرساً، ثم عاد من هنالك وعمل في المدينة أول ما عمل.. أستاذاً في مدرسة العلوم الشرعية - وكنت فيها من تلاميذه - ثم عمل في مديرية المعارف العامة، ومازال إلى اليوم. فهل أنصفناه؟ كلا والله.. وأنا أقولها بملء قلبي ولساني، بأنه يمثل ((الجندي المجهول)). نلمس آثاره في هؤلاء الذين تبتعثهم المعارف سنوياً إلى مصر من أبناء المستقبل. ولئن كان هو قد متعه الله بمزايا المجاهدين الذين ينسون أنفسهم إذا عملوا. فمثل هؤلاء يجب أن ينصفوا والمسؤلون أعرف بما يجب تحقيقه لهؤلاء ثقافة، وأخلاق تصلح لأن تكون قدوة للكثيرين، ولا نكاد نعرف منه.. أو عنه إلا كل ما يشرف الشباب والشيوخ في بلادنا. وفي غير بلادنا، ولولا أنني أعرف تمسكه بمبدئه الخلقي، لقلت يا حبذا لو يمد عنقه قليلاً عسى أن ينصف؟ ولكنه لن يفعل.. فهل يفعل المسؤولون؟ [شهادات الوفاء هذه محل تقدير كبير لكل المخلصين].
كما كتب علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر في المجلة العربية في العدد (156) لشهر محرم 1442هـ - أغسطس 1990م في السلسلة رقم - 53 في [من سوائح الذكريات] قس ص 23 عن أساتذته (في المعهد العلمي السعودي)، ما يلي: - ومن خيرة مدرسي المعهد في ذلك العهد الأستاذ لسيد أحمد بن محمد العربي، كان من أفراد أول بعثة سافرت إلى مصر للدراسة، وقد تخرج في (دار العلوم)، وأسند إليه في المعهد تدريس النحو، وكانت له في نفوس الطلاب منزلة سامية من الإجلال والتقدير، لما يتصف به من علم وعقل وخلق.. ونكتفي بهذا القدر مما كتبه الشيخ حمد الجاسر (رحمه الله).
وما كتبه معالي الأستاذ عبد العزيز الرفاعي (رحمه الله) في تقديمه لكتابه [الإمام الشافعي الفقيه - الأديب]، الذي نشرته دار الرفاعي في مكتبتها الصغيرة، والمقدمة والكتاب، ضمن دفتي هذا الكتاب.
فضلاً عما كتبه عنه العديد من تلامذته في كتبهم في مناسبات مختلفة، نذكر على سبيل المثال ما كتبه عنه المربي الأستاذ/عبد الله بغدادي، في كتابه: [الإنطلاقة التعليمية في المملكة العربية السعودية] (3 أجزاء). والأستاذ السيد محسن باروم، في [كتابيه: (في موكب الذكريات) ومن أعلام التربية والفكر في بلادنا)]، وما كتبه أيضاً الدكتور إبراهيم بن فوزان الفوزان، في كتابه [الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد] (3 أجزاء). وما كتبه الأستاذ محمد حسين زيدان، في بعض كتبه، وفي مناسبات عديدة، والأستاذ محمد أحمد جمال، في كتابه (ماذا في الحجاز؟)، وفي مناسبات أخرى، وأخيراً ما كتبه الأستاذ عابد خزندار، في ((نثارة)) في جريدة عكاظ، لرثائه، ولا يسع المجال لسرد كل من كتب عنه، وما كتب - من محبيه وعارفي فضله جزاهم الله خيراً - وهم كثر بفضل الله، مما نرفق صوراً عنه في ذيل هذه المقدمة.
بقيت لمحة موجزة عنه: فقد كانت طفولته في زمن حرب ومجاعة في المدينة المنورة، فرَّ فيها معظم أهلها إلى الشام، فيما كان يعرف بـ: (السفر برلك) أواخر العهد العثماني، وبقي مع والديه وأخيه محمد ويصغره بعامين - وقد توفي بالجدري هنالك - وبعد أن بقي فترة هناك عاد بعدها للمدينة، وكانت تلك فترة مخاض كبير عرفته الجزيرة، وإرهاصاً لتغييرات جذرية فيها، وفي خضم ذلك كله نشأ الفتى وترعرع في بيئة علمية، ودرس على يد نخبة من علماء المدينة المنور، وفي المسجد النبوي الشريف - غذت طموحاته في المعرفة والعلم - بلبانها، فنهل منها ما شاء الله له، ثم واصل في مصر، وعاد بعد تخرجه في (دار العلوم) - بعد رحلة كفاح مضنية - ليسهم في النهضة العلمية في وطنه، (ومما يجدر ذكره، أن جريدة الأهرام المصرية كتبت في العدد 16740 بتاريخ 17/7/1931م، في صفحتها الأولى تحت صورته، ما يلي:
السيد أحمد العربي، عضو البعثة الحجازية في مصر وقد جاز امتحان دار العلوم العليا وأتم دراسته في أقل من أربع سنوات وكان من أوائل الناجحين، وهو من أعيان المدينة المنورة). ولقد تم له في إسهامه هذا بفضل الله وتوفيقه الريادة فيها، مجاهداً بعلمه، وقلمه في سبيل نشر العلم مع نفر من رفاقه الروّاد في هذا الحقل، والذين نذكر منهم على سبيل المثال: السادة محمد شطا، إبراهيم النوري، ولي الدين أسعد، إسحاق عزوز، عبد المؤمن مجلد، محمود قاري، صالح خزامي، عبد الله خياط، وخلافهم ممن أسهموا في النهضة التعليمية - بدعم من أولي الأمر - الذين ما فتئ يستحثهم في العديد من المناسبات شعراً، ونثراً، لطلب المزيد من الدعم لتطوير وتقدم مرافق التعليم في البلاد، ولم يكن في مدحه لهم تواقاً إلى منفعة شخصية، بل كان في ذلك حاثاً ومحفزاً لمزيد من الدعم، رائده تحقيق ما يرفع من شأن هذه النهضة المباركة التي كانت من أغلى أمانيه ورفاقه.
وبعد أن شعر بقيامه بما يمليه عليه ضميره في أداؤ واجبه آثر الانسحاب من الأضواء، ليعيش باقي عمره في دعة وهدوء، وبتواضع العلماء، رأى أن الكثير مما كتبه شعراً، ونثراً، لا داعي لإعادة نشره لاستنفاذه الغرض المتوخي منه، بل أنه قرر في أحد مقالاته في مجلة المنهل، نشرته بعنوان: [الشعراء الذين تأثرت بشعرهم] قال فيه: .. لأني لا أدعي لنفسي منزلة في الشعر تضعني في صف الشعراء الذين يتميز شعرهم بطابع خاص وسمة واضحة الملامح. ولعلّي لا أظلم نفسي ولا أخدع القارئ الكريم إذ أنا أعلنت هنا بأن قرضي للشعر لم يكن سوى نزوة من نزوات الشباب كانت بمثابة صدى للمحيط الذي اندمجت فيه عندما كنت طالباً في الأزهر ودار العلوم، إلى أن يقول: ولما كنت واحداً من هؤلاء الشبان فقد جذبني ذلك التيار الصاخب إلى زمرة الشعراء والمتشاعرين وخضت عبابه مع الخائضين، ثم ما لبثت أن شعرت بقصر نفسي دون مباراة فرسان هذه الحلبة ففضلت - بعد أن جربت في الشعر حالي - فضلت أن أنهزم مع صاحبي الذي فرق الهيجاء.
من هنا يتضح لنا جلياً سبب عدم رغبته في الاستجابة للعديد ممن رغبوا في أن يزودهم بشعره لنشره، وإن كنا اقدمنا، في هذا الكتاب، على ما يخالف رغبته - فنستميحه العذر (رحمه الله) ولعلّ عذرنا وشفيعنا في ذلك هو تحقيق رغبة العديد من محبّيه.
وبالرغم من عدم وجود إخوة أشقاء له، فإن الله عوضه عنهم بإخوة روحيين، زاملوه في مسيرة حياته ربطتهم وشائج صداقة حميمة، هم: السيد عثمان حافظ، وقد زامله في مراحل تعليم الأولى بالمدينة، والسادة محمد شطا، وولي الدين أسعد، والشيخ هاشم دفتردار، وقد زاملوه في الدراسة بمصر، والشيخ عبد الحق النقشبندي (المحامي)، والدكتور فهمي بكير (الصيدلي)، فكانوا إخوة له لم تلدهم أمّه.
الكتاب:
ولئن طال الحديث في الفقرة السابقة عن الكاتب - رغم الحرص على اختصارها - إلا أن إطلالة على الكتاب آن آوانها، فقد تجمعت مواده، بفضل جهود إخوة أوفياء كما أسلفنا. من ثنايا مجلات وصحف شتى، بعضها ضارب في أعماق الزمن من قديم - مما يقرب من ثلاثة أرباع القرن - وبعضها وجد في أوراق مبعثرة كاد يعفي عليها الزمان، مما وجد بين أوراق المؤلف رحمه الله، فكان كل ذلك رافداً ثراً لمواد هذا الكتاب تم جمعها ومن ثم ترتيبها - قدر المستطاع - حسب تسلسلها التاريخي، وإلمَ نزعم أن الكتاب يحتوي كل إنتاج الأديب، ولكنه القدر المتاح مما توافر، بعد التمكن من فك الغموض الذي اكتنف بعضه وحسبنا أن جهد المقل هذا، قد يقيه الضياع.
كما أن فقد البعض لأجزاء منه، مما حال دون نشره، وبأمل أن يتاح مستقبلاً توافر النواقص أو الوصول لبعض المفقود، برغم تأكدنا بوجود الكثير مما لم يتح الحصول عليه، ولكي نعطي صورة موجزة عن مؤلفات الأديب، يمكننا أن نسرد في عجالة، ما وجد بخط يده عن هذه المؤلفات، وذلك رداً على الطلب الملح وخصوصاً معالي الأستاذ عبد العزيز الرفاعي (رحمه الله) - فقد كان دائب الحرص - على نشر هذا الناتج الثرّ للأديب، كيف لا وهو الابن الوفي البار، واللصيق بشيخه، والعارف لقيمته ((رحمهما الله)) وخلافه آخرون، فقد كتب: ((إجابة على السؤال عن مؤلفاتي، المطبوعة، وغير المطبوعة)):
أقول لم يطبع لي شيء من المؤلفات سوى:
1 ـ كتاب (الإمام الشافعي - الفقيه الأديب).
2 ـ (مجموعة من الأذكار المأثورة، والصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم).
3 ـ (الهجاء والمطالعة) بالاشتراك مع المرحومين، السيد محمد شطا والأستاذ عمر عبد الجبار.
ويوجد لديّ ثلاث مجموعات من الأحاديث التي أذعتها في الإذاعة السعودية وهي:
أ) أحاديث أذعتها عن الحضارة العربية في العصر الجاهلي والعصور الإسلامية بعنوان (أمجادنا في التاريخ).
ب) أحاديث أذعتها عن التربية عند العرب في الجاهلية والإسلام.
ج) أحاديث أذعتها في تفسير بعض آي الذكر الحكيم.
واستجابة لاقتراح بعض المحبين أفكر في طبع أحاديث (أمجادنا في التاريخ) وأسأل الله التوفيق.
ـ [مما يؤسف له أن سلسلة طويلة من حلقات (أمجادنا في التاريخ) فقد أكثرها بعد إعددها للطباعة]. كما يوجد لديّ تراجم لبعض الشخصيات الإسلامية الرائدة في العلوم والآداب والسياسة منها:
أ ـ ترجمة (حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن العباس) رضي الله عنه.
ب ـ ترجمة (شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت) رضي الله عنه.
ج ـ ترجمة إمام دار الهجرة (مالك بن أنس) رحمه الله.
كما يوجد لديّ مجموعة شعري المتواضع، وأرجو أن أوفق إلى طبعه، استجابة لرغبة بعض الأبناء الكرام والأصدقاء الأعزاء. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، [أكد الواقع عدم رغبته في الاستجابة]. هذا جهد المقل - نضعه بين يدي القارئ الكريم - راجين أن يحقق بعض ما صبا إليه تلامذة وأبناء أحمد العربي، ومحبوه، راجين الله أن يتغمده - ومن رحل إلى دار الحق - من رفاقه بفيض رحمته، وأن يحفظ من ينتظر، ويبارك في حياتهم، راجين من القراء الكرام غض الطرف عما قد يعتوره من نقص هو من طبيعة البشر، فلَّله الكمال وحده. [وفضلاً عن التسلسل التاريخي - المشار إليه آنفاً - لتريب الكتاب، فإن القارئ الكريم، سيجده في جزأين، خُصص الأول منه: للشعر، والثاني للنثر].
ولا يسعنا في الختام إلا أن نزجي الشكر من الأعماق لكل من ساهم في هذا الجهد، وشجع ودعم إخراجه لحيز الوجود، آملين أن يحوز قبولهم ويلقي لديهم الصدى المأمول، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
نماذج مما كتبه أصدقاؤه وتلاميذه عنه
[من رجال التربية والتعليم (1) : - مربي الجيل الحاضر - السيد أحمد بن محمد العربي]
بقلم: المربي الكبير الأستاذ/عمر عبد الجبار (رحمه الله).
هو أحمد بن محمد بن رشيد يتصل نسبه إلى محمد بن عبد الله بن الحسن، الملقب (بالنفس الزكية)، هاجر والده إلى المدينة وهو طفل وبعد أن حفظ القرآن تلقى علومه بالمسجد النبوي ثم رحل إلى المغرب لإكمال دراسته فالتحق بجامعة القروين فتلقى العلم عن كبار علماء المغرب بضع سنين ثم عاد إلى المدينة، فواصل دراسته، ودرّس بالمسجد النبوي ثم بالمدارس الحكومية والأهلية، وقد رزق عام 1323هـ ابنه الوحيد السيد أحمد، فحفظه القرآن ثم ألحقه بمدرسة ابتدائية، ولما أعلنت الحرب العالمية الأولى سافر إلى الشام وصحب معه ابنه وألحقه بمدرسة ابتدائية، ولما ألقت الحرب أوزارها رجع السيد أحمد العربي إلى المدينة مع والده فأتم دراسته الابتدائية والمتوسطة بمدارس المدينة ثم شرع في طلب العلم مدة قصيرة اكتسب خلالها طرق التدريس بالمسجد ثم سافر إلى مكة فالتحق بمدرسة الفلاح ولكن طموحه إلى ارتشاف العلم من منهل عذب، دفعه إلى الزوح إلى القاهرة فالتحق بالجامع الأزهر فجد واجتهد وثابر على دروسه إلى أن تحصل على شهادته الإبتدائية والثانوية النظاميتين كما درس في القسم العالي منه المواد المقررة ثم انتقل إلى مدرسة دار العلوم العليا فواصل دراسته فيها إلى أن تخرج منها عام 1350هـ، وما إن عاد إلى مكة مزوداً بسلاح العلم والأدب والأخلاق إلا وعيِّن مدرساً بالمعهد العلمي السعودي - وكان آنذاك ((بأجياد)) - فقام بواجبه خير قيام، غرس خلالها في نفوس طلابه الرغبة في طلب العلم وشجعهم على مواصلة دراستهم للوصول إلى الهدف السامي لخدمة الوطن، ثم قام برحلة عام 1352هـ إلى أندونيسيا فنزل ((جاكرتا)) فاختارته جمعية الإرشاد مديراً لإحدى مدارسها لما لمسته في فضيلته من علم وأدب وخلق سمح - وكان الخلاف بين الإرشاديين والعلويين في ذلك الوقت قد بلغ أشده - ففكر في التوسط بين الفريقين بالصلح والتوفيق ولكن اضطرته برقية مستعجلة بمرض والده إلى العودة إلى المدينة لإكتساب رضا والده وكان باراً به إلى أن لقي ربه.
وما إن وصل المدينة المنورة إلا وعمت الفرحة بين زملائه رجال العلم فعيّن مدرساً بمدرسة العلوم الشرعية بالمدينة المنورة ثم نقل منها إلى الرياض لإدارة مدرسة الأمراء وتعليمهم، ولا يزال أمراء البيت المالك يقدرون له تربيتهم، وقد اجتمعت معه بسمو الأمير منصور رحمه الله مرة فاعتز بأستاذيته وأثنى على الجهود التي بذلها في تعليمهم.
ولما ضمّت مدرسة تحضير البعثات إلى المعهد العلمي السعودي عيّن فضيلته مديراً للمدرستين فأدار شباب المعهدين بحزمه ونصائحه وكان بجانب إدارته يلقي سلسلة من المحاضرات القيمة في التربية وعلم النفس، على مديري المدارس ومدرسيها بمكة المكرمة، كان لها أثرها في توجيههم إلى أحدث الطرق والاتجاهات التربوية.
وكان سعادة السيد طاهر الدّباغ ((مدير المعارف العام)) - رحمه الله - يعتز به ويثني على جهوده في كل مناسبة ويسند إليه أهم أعمال المعارف بجانب إدارته للمعهد وتحضير البعثات، فقد اختير عضواً بمجلس المعارف الأعلى، وعضواً بالهيئة الإدارية للمعارف وعمل خلالها على طيب قلبه وحبه للخير.
ولما أسست لجنة تشجيع المدارس الليلية - الخيرية - اختارته اللجنة بالإجماع رئيساً فكان موفقاً في وضع مناهجها ونجاح رسالتها.
ولما أسس مكتب التعليم الثانوي والابتدائي بمديرية المعارف العامة عيّن فضيلته مديراً له وكان فضيلة مدير المعارف الشيخ محمد عبد العزيز بن مانع يثق به ويقدر له جهوده ويثني على نشاطه ويسأل الله أن يكثر من أمثاله في المعارف ديناًوخلقاً وعزّة نفس.
وعلاوة على كل عمل أسند له كان يشترك في عدة لجان لخدمة الثقافة وإشاعة التعليم في هذه البلاد، فقد انتدب لبعض المهام التعليمية والمؤتمرات الثقافية في داخل البلاد وخارجها كما انتدب لمفاوضة شركة الزيت العربية الأمريكية في الظهران بشأن المدارس التي قامت بتأسيسها في المنطقة الشرقية وبعض مدارس نجد لتعليم أبناء العمال.. فوضع لها مناهج خاصة تتفق ومدارك العمال، والمواد التي يحتاجونها، كما أنشأ فصولاً دراسية لمكافحة الأمية بين العمال الكبار وانتهز فرصة وجوده بالظهران فزار مدارس المنطقة الشرقية وبعض مدارس نجد والتفتيش عليها كما قام بزيارة تفقدية للبعثات العلمية بمصر وكتب تقريراً عن حالتها وما تتطلبه من وسائل إصلاحها والنهوض بها.
ومن المؤتمرات التي اشترك فيها كممثل للمعارف المؤتمر الثقافي لجامعة الدول العربية المنعقد في جدة، كما اشترك في إحدى دورات اليونسكو المنعقدة في بيروت.
وبعدها.. عيّن عضواً بمجلس الشورى فكان موضع تقدير رئيس المجلس ومحبة الأعضاء والأخذ برأيه في مهام ما يعرض على المجلس لدراسته.
وصدر الأمر الكريم بتعيينه مديراً عاماً للأوقاف العامة.. فملأ المركز وأداره بحكمته وحزمه ودماثة أخلاقه، وهو إلى ذلك عضو بمجلس الأوقاف الأعلى، ورئيساً للمجلس التأديبي التابع لوزارة الداخلية.
قرأت في صحف أندونيسيا خبر وصول السيد أحمد العربي إلى ((جاكرتا)) ونشاطه وثقافته والثناء على مساعيه فاعتزمت السفر إلى ((جاكرتا)) للتعارف به إلا أنه عاد إلى المدينة قبل أن أحقق أمنيتي.
ولما قدمت إلى مكة أول ما فكرت فيه زيارته بعد عودته من الرياض، فإذا بي أمام فتى عربي ملء بردته، مجد، سمح الطبع، رضي النفس، حلو الحديث، ينعم بعلم وفير، وثقافة إسلامية، شديد في عقيدته، لطيف في معشره، وبعد سنة من هذا التعارف اشتركت مع فضيلته في تأليف ((الهجاء الحديث والمطالعة الحديثة)) فكان جذاباً في حديثه حر الضمير في آرائه، نبيل البسمات في اتزانه، دليل على نبل وكرم حاتمي.
ومضت خمسة أعوام على هذه الاجتماعات المتوالية التي تم في أول عام منها التأليف والنشر فإذا بالأمر الكريم يصدر بتعييني معاوناً لفضيلة السيد أحمد العربي بالمعهد وتحضير البعثات فسررت من هذا التعيين لمعاونة أرق الناس شعوراً وألطفهم معشراً وأحلاهم شمائلاً وأكرمهم رفداً.
خمسة أعوام قضيتها بجانب السيد أحمد العربي لمست منه خلالها شدة الملاحظة إذ لا يكاد يعرض لسمعه أو بصره شيء إلا أداره على وجوهه ووجهه في الطرق التي يقتنع بصلاحها برأي حصيف وأسلوب منمق وكلام جميل..
لقد كانت أساليب السيد أحمد العربي أداة إصلاح وتهذيب وإنتاج، فكان من واجب متخرجيه الساخطين على التأديب أن يرجعوا بذاكرتهم إلى عهد دراستهم ليتذكروا أثر سياسة السيد أحمد العربي في تكوينهم وإعدادهم لخوض غمار الحياة فيتخذونه قدوة في وسائل التربية والتعليم التي تتفق وبيئتنا - لا شرقية ولا غربية - لإصلاح الفاسد وتقويم المعوج.
ويكفيه أنه أستاذ هذا الجيل الذي تولى أهم المناصب في القضاء والطب والإدارات المختلفة، وهذا الأستاذ عبد الله بغدادي مدير التعليم بمكة يعتز بأستاذه السيد أحمد العربي، إذ يقول في ندوته: أستاذنا العربي من أولئك الرجال الأفذاذ الصناديد ولكن الرجال قليل!! وهو من القلائل الذين قل أن تنجب البلاد أمثالهم وقل أن يسعدنا الزمن بأمثالهم.
إنه مثالي في أخلاقه مثالي في أدبه مثالي في إخلاصه، تبدو مثالية الرجل واضحة جلية في كل خطوة يخطوها يؤثر في نفسك برقة خلقه ودماثة أدبه تأثيراً يترك بها صدى طيباً وينتزع منك احترامه عن إعجاب وحب وتقدير.
جاهد منذ مطلع حياته بإخلاص في سبيل عزّة بلاده وسعادتها في أهم ناحية من نواحي تقدمها، ساهم مساهمة فعّالة في نشر الثقافة، نشرها في كل مكان، في الفردوس الاستوائي - أندونيسيا - في المدينة، في الرياض، حتى ألقى عص التسيار في مكة واستقر بالبعثات ولازمها منذ تأسيسها حتى اليوم، وظل مكانه ثابتاً كالصخر لا يجزع ولا يلين بل صبر جالد كافح وناضل.. لم يطلب جزاء ولا شكوراً لا ترقية ولا مادة بل أعرض عن بريقها الزائف المسيطر الجارف ومضى حصداً ومشى قُدماً يؤدي رسالته العليا ويعمل لمبدئه الأول، المبدأ الذي يجب أن يتفانى فيه كل شخص مبدأ الإخلاص للمليك والوطن والأمة، لا يبغي من وراء ذلك إلا رضاء الله وراحة الضمير، وقد أدى رسالته في الحياة على خير وجه وحقق الله أمانيه وظهرت بواكير غرسه (ولكن ما أعددت لهذا اليوم؟ قال شهادة)أنظر هذا شاب مثقف وذاك حذق العلوم وحاز كل فضيلة، آبوا إلى وطنهم ليساهموا في خدمته ويعملوا في حقول الإنتاج ليعيدوا مجد البلاد إنهم أبناء (العربي) وهو والدهم الروحي وكفاه ذلك شرفاً وفخراً يعتز به الرجال المخلصون.
هذه ثمرة يانعة وتلك زهرة ناضرة إذا شممت إنصاح عطرها الشذي، فاعلم أن (العربي) من المساهمين في تكوين (باقتها الجميلة) وتقديمها هدية للوطن الغالي.
هذه صفحة ناصعة، خالدة، تالدة، باقية على الزمن لا تبلى مع القرون ولا يمحوها كر الدهور، وهذا هو الخلود، وهذه هي العظمة، فبالعلا يخلد الرجال وبالفعال النابه، ويجب علينا أن ننشر ذلك ليرى فيها - من يريد أن يرى - مثالية الرجال وعظمة الشخصية، ليؤمنوا أن العظمة لا تقاس بمقياس مادي، وإنما العظمة كل العظمة في دنيا الخلود بمقدار إخلاص الرجال للوطن، وبمقدار إيثارهم مصلحة الجماعة على المصالح الذاتية.
وهكذا كان (العربي)، وهكذا سيظل، وهو لا شك مع الخالدين، يجب أن ننشر هذه الصفحة الناصعة لهذا المربي الكبير والأستاذ العظيم ليستوحي منها النشء والشباب مثلاً ومبادئ ليعمل مثله ويجد ويكدح ويخلص فينتج.
والسيد أحمد العربي علاوة على علمه وأدبه وحسن إدارته، شاعر وفي شعره دليل على قوة إيمانه وثروة آماله، ورقة شعوره، في جزالة لفظ ووضوح أسلوب، استمع إلى تحيته للجيل الحديث إذ يقول:
إنما ينهض البلاد بنوها
وبهم تستعيد كل فخار
[ويورد الأستاذ عمر خمس أبيات أخرى من هذه القصيدة، وهي منشورة كاملة في هذا الكتاب]. رحم الله الأستاذ عمر عبد الجبار، وجزاه خير الجزاء على وفائه وإخلاصه لرفيق دربه ((م.ع)).
كتب الأستاذ أحمد محمد جمال في جريدة (عكاظ) بتأريخ 13/6/1401هـ ما يلي:
[أستاذي السيد أحمد العربي]
أثار كاتبنا الكبير الأستاذ محمد حسين زيدان بما كتبه عن زميل دراسته ورفيق صباه وشبابه السيد أحمد العربي، أثار في نفسي ذكريات الدراسة والصبا معاً. فلم أملك مشاعري إلا أن أسجل هنا تحية عاجلة لهذه الشخصية التربوية الحبيبة.
إن السيد أحمد العربي: أستاذي الذي أحبه وأجله إلى اليوم، ومن رفاقي تلامذته الذين يحبونه ويجلونه الأستاذ عبد العزيز الرفاعي، والأستاذ عبد العزيز الربيع، وغيرنا من محبيه كثيرون... ولكن الذاكرة الآن لا تسعفني بأسمائهم.
كنا طلاباً في المعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة في الفترة الدراسية ما بين (1358 و 1360هـ) وكان السيد أحمد العربي يومذاك يجمع بين إدارة المعهد ومدرسة تحضير البعثات... حيث كانت تضمهما بناية واحدة، هي بناية ((القلعة)) بجبل هندي في حي الشامية..
ـ وكان السيد أحمد - حفظه الله وأمد في عمره - يدرسنا مادة الأدب العربي.. فكان بليغاً ومؤثراً في تدريس هذه المادة لأنه هو أديب ضليع، وشاعر بديع، وخطيب ممتع ومشبع بصوته وأدائه.
ـ وكان يشجعنا فيما نكتب من نثر وقصص وشعر، ثم نلقيه في ندوة الخميس بالمعهد كل اسبوع، وكان يشجعنا معه الأستاذ (شيخ بابصيل) رحمه الله الذي كان يشغل وظيفة وكيل لإدارة المعهد.
ـ وقد ذكرني الأستاذ عبد الرزاق بليلة - وهو من جيل يكبرنا ببضع سنين - بقصيدة رائعة ألقاها السيد أحمد العربي في حفل استقبال أول فوج من الطيارين السعوديين - كان من روائعها هذا البيت:
أنكون أول مبدعي الطّـ
ـيران آخر من يطير؟
ـ إن السيد أحمد العربي صاحب فضل كبير في حقل التربية والتعليم على أجيال متتابعة من الشباب في المملكة لأن المعهد العلمي السعودي ومدرسة تحضير البعثات كانا يضمان طلاباً من مختلف شباب المملكة. ذلك لأنهما الوحيدان يومذاك المختصان بالدراسة الثانوية وكان الطلاب يفدون من أنحاء المملكة القريبة والبعيدة.
ـ ولن ينسى هؤلاء الطلاب - مهما كبروا مقاماً أو كبروا سناً - هذا الفضل الكبير للسيد الجليل.
أحمد محمد جمال
وكان الأستاذ أحمد جمال قد كتب في كتابه [ماذا في الحجاز] الصادر في طبعته الأولى عام 1364هـ في فصله الخامس عن (( نماذج من رجال التعليم )) ص 53 ما يلي:
الأستاذ أحمد العربي:
معلم بارع، ومربٍ قدير لأساليب تعليمه وتربيته الحديثة أثر بيّن في نهضة التعليم في الحجاز، وهو بعد أديب كبير، صوال القلم في النّثار والنظيم وخطيب يسمع ويمتع... ولد بالمدينة، سنة 1323هـ، وأحرز إجازة التدريس من دار العلوم العليا بمصر سنة 1350هـ وفي سنة 1352هـ عيّن أستاذاً بالمعهد العلمي السعودي بمكة، ثم مديراً لمدرسة الأمراء بالرياض، وهو الآن مدير المعهد العلمي ومدرسة تحضير البعثات وعضو مجلس المعارف (2) .
مثال من شعره (3) :
خففي السير يا عروس البحار
وارفقي في سراك بالسّفار
إنما تحملين أفلاذ شعب
حادب بالبنّوة الأبرار
إنما تحملين آمال جيل
زاهيات كأنضر الأزهار
يا شباباً نضا إلى المجد عزماً
لا يبالي عواصف الأخطار
سر على اليمن في سبيل المعالي
وامض قدماً في ذلك المضمار
واقتبس من معاهد العلم في مصـ
ـر شعاعاً يهدي سبيل السّاري
أنت عنوان أمة الخلف الفاضـ
ـل والمعشر الكريم النّجار
إنما ينهض البلاد بنوها
وبهم تستعيد كلّ فخار
وبنوها لا ينهضون بغير الـ
ـعلم والعلم أثمن الأذخار
فلقد مهد السبيل إلى النهـ
ـضة (عبد العزيز) فخر نزار
كتب المربي الكبير الأستاذ عبد الله عبد المجيد بغدادي في الجزء الأول من كتابه المعنون بـ:
[الإنطلاقة التعليمية في المملكة العربية السعودية]، في الفصل الذي تحدث فيه عن: [أوائل المديرين للمعهد العلمي]: (المعهد الإسلامي سابقاً)، في الصفحة 267 ط3 - ما يلي:
ـ وفي عام 1358هـ أدمجت إدارة المعهد وتحضير البعثات في إدارة واحدة، وعيّن السيد أحمد العربي مديراً (للمعهدين)، وبعد أن تقرر عام 1365هـ فصل إدارتي هاتين المؤسستين أسندت إدارة المعهد إلى الأستاذ الكبير البحاثة عبد الله عبد الجبار، كما عيّن الأستاذ محمد حلمي معاوناً له، وقد كان ذلك في 17 محرم 1366هـ. ثم يواصل الأستاذ عبد الله بغدادي، في نفس الصفحة كما يلي:
والسيد أحمد العربي (أمد الله في عمره) شخصية تربوية هامة أسهمت في الحركة التعليمية منذ انبثاقها وأوائلها وطلائعها وكان في كل أعماله الإدارية والتعليمية مثلاً طيباً وأمثولة المربين والمعلمين علماً وحزماً، وله قصائد شعرية تعتبر من غرر الشعر العربي، وقصيدته: ((أيها العيد كم تثير شجوني)) قصيدة رائعة فذّة، برغم أن أبياتها لم تتعد الثمانية والعشرين بيتاً إلا أنها جمعت فأوعت، وأجملت فأبدعت، وأوجزت فبدّت، مما يدل على قريحة مبدعة، وعقلية مفكرة وعاطفة جياشة شديدة الحساسية تنفعل لآلام الناس وتنزعج لكروبهم وتخف لنجدتهم مع دعوة الناس للتدبر والتأمل، وموعظتهم.. نقتطف منها هذه الأبيات الثمينة ذي اللهجة الرصينة والحكمة الرزينة والتبصر لعواقب الأمور:
[يورد الأستاذ البغدادي عشرة أبيات من هذه القصيدة، وهي منشورة كاملة في هذا الكتاب] ثم يواصل الأستاذ البغدادي:
والقصيدة تحفة فنية وجدانية واقعية رائعة، فمن يطلبها فليرجع إلى كتاب ((وحي الصحراء)) فإنه واجدها مع غرر شعره وقصائده. (وهي موجودة أيضاً في هذا الكتاب كما أسلفنا). ثم ينقل الأستاذ البغدادي ترجمة حياته - السيد أحمد العربي بقلمه، كما كتبها في نهاية كتابه (الإمام الشافعي - الفقيه الأديب)، والذي نشر في المكتبة الصغيرة الصادرة عن دار الرفاعي، وهو أيضاً منشور هنا في هذا الكتاب.
ثم يواصل الأستاذ البغدادي:
وأحمد بن محمد بن رشيد العربي هو مربي الجيل المعاصر وأحد رواد التربية والتعليم في الوطن كله، وهو أستاذ ومعلم لجيل من رواد النهضة الشاملة.
أخذت منه كثيراً وتتلمذت عليه وتعلمت على يديه الكثير تعليماً وإدارة، فقد كنت معاوناً له في إدارة مدرسة تحضير البعثات بمكة من عام 1368/1370هـ وبعدها عينت خلفاً له في إدارة هذه المدرسة الثانوية الكبيرة، والسيد أحمد العربي يتميز بشخصية فذّة أو شخصية نفّاذة رغم أنه لا يتصف من حيث المظهر بطول فارع.. ولا بعرض سميك.. بل على العكس تماماً، فإنه ناحل الجسد نحولاً لافتاً للنظر.. إلا أنه يسيطر بشخصيته النفّاذة على طلبته.. بل على طلبة مدرستين كبيرتين هما أكبر مدارس المملكة آنذاك.. في حقل الدراسة الرسمية، وهما المعهد العلمي السعودي، ومدرسة تحضير البعثات.. فقد كان مديرهما معاً.. حيث أطلق عليه لقب (مدير المعهدين) وكان من طلبته من يكاد يقاربه في السن.. يتمتع بعمق في الثقافة وأدب رفيع من طراز بديع وهو من خيرة أدباء العربية الذين يحسنون صناعة الكلمة وإبداع الحرف وتنسيق الأسلوب، وبكل ذلك يعد قدوة مثلى.. وقد كان خير قدوة وأفضل أسوة لطلابه.. فهو مهيب حازم، بارع الحديث حسن الصوت، متناسق الملامح، بعيد النظر، وهو أديب، شاعر، عالم.. إنه ينتزع منك ((احترامه)) عن إعجاب وحب وتقدير، وبكل ذلك فهو ثروة هائلة في التربية والتعليم، وهو وفي مخلص لرسالة التعليم، أقبلت عليه الدنيا فتركها وتفرغ لرسالته الكبرى، أداها خير الأداء، أمد الله في حياته. [كتب ذلك قبل وفاته رحمه الله، وأمد الله في حياة الأستاذ البغدادي وأحسن جزاءه].
[كتب المربي الكبير، الأستاذ السيد محسن باروم، في كتابه [من أعلام التربية والفكر في بلادنا] ط1 في الصفحة 11، (أحمد محمد العربي من الأعلام الرواد في التربية والأدب) (أحمد محمد العربي في سطور) وبدأ بنقل ترجمة حياته بقلمه - المنشورة في كتابه (الإمام الشافعي - الفقيه الأديب)، ثم استطرد: يسعدني أن أتناول بالحديث الموجز عن سيرة علم من أعلام التربية والفكر والثقافة في بلادنا العربية السعودية، في عصرها الحديث وهو مربي الأجيال السيد أحمد محمد العربي، الذي تمثل حياته فترة من فترات التطور والنشوء والارتقاء لهذه البلاد في عهد مؤسسها الراحل العظيم جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود.
فقد ولد الأستاذ السيد أحمد العربي في المدينة المنورة في أوائل عام 1323هـ، وطلب العلم على علمائها في المسجد النبوي الشريف، وبعدها في المسجد الحرام بمكة المكرمة علوم الشريعة واللغة العربية حتى أتقن أصولها ومعارفها العامة، ثم دفعه طموحه إلى الاستزادة من هذه العلوم، بانخراطه في سلك البعثات العلمية السعودية التي حرص موحد هذه الجزيرة على إرسالها إلى مصر، للنهل من مواردها العلمية الصافية، حيث التحق بدار العلوم، وتخرج فيها عام 1350هـ.
وعاد الشاب المثقف الطموح يشق طريقه بقوة واقتدار في مجالات التربية والتعليم: مدرساً قديراً، تميز بين أقرانه بسعة العلم وقوة الشخصية ورحابة الفكر وبلاغة الأداء اللغوي وحسن التمكن في فن التدريس إضافة إلى بروزه في مناحي الفكر والأدب والشعر، يدبج المقالات ويقرض الشعر، وينشره في ((صوت الحجاز))، ثم ((البلاد)) مما لفت إليه الأنظار فاختاره جلالة الملك عبد العزيز، لتأسيس أول مدرسة لتعليم أبنائه الأمراء بمدينة الرياض في أواسط عام 1354هـ. حيث اضطلع بمهام التأسيس والتوجيه التربوي والثقافي لطلابها، مما أكسبه ثقة جلالة الملك عبد العزيز، فعيّنه مديراً لها، إلى أن اتجهت الأنظار إلى كفاءته العلمية والتربوية والأدبية لإدارة مدرسة تحضير البعثات في مستهل عام 1356هـ ثم انضاف إليه المعهد العلمي السعودي وبقي في هذ العمل التربوي والإداري الحساس يربي أجيال الشباب بما يغرسه في أعماق وجدانهم من ضروب المشاعر الوطنية الكريمة، من حب للعمل، والإنتاج في سبيل هذا الوطن، وما ينميه في قرارة نفوسهم من ألوان القيم الروحية والفكرية والاجتماعية والإنسانية الفاضلة، ليدفع بهم إلى مقدمة الصفوف لإنماء مناهج الثقافة، وطرائق التفكير، وتراث الإنسانية في مجالات الأدب بفنونه وأجناسه المختلفة، والعلم ونظرياته وفروعه المتعددة.
وقد استطاع خلال هذه الحقبة من عمره المديد أن ينشئ أجيالاً من شباب هذا الوطن على حب العلم، والبحث عن المعرفة بما آتاهم الله من قدرات فكرية، ومدارك عقلية حتى غدوا في مستقبل الأعوام رجالاً كراماً، ومثقفين بارزين في طليعة العاملين لخدمة مليكهم ووطنهم وأمتهم.
ومن المؤكد أن في طليعة هؤلاء الرجال الذين كان لهم أدوار بارزة في الحياة الثقافية والأدبية والإدارية الإخوة والأصدقاء الفضلاء أحمد محمد جمال، وعبد العزيز أحمد الرفاعي، وسراج خراز - رحمهم الله - وعبد الله بغدادي، واللواء علي زين العابدين، ومحمد عبد القادر فقيه - أمد الله في عمرهم - فقد أثروا الحياة الأدبية والثقافية في بلادنا بإنتاجهم الفكري والأدبي الخصب، الذي كان أحد مراجع التوجيه اللغوي والأدب القوي الذي حظي به هؤلاء الشباب من مربيهم الفذ السيد أحمد العربي.
ولست أنسى بعض قصائد شاعرنا الموهوب السيد أحمد العربي التي ضمنها كتاب ((وحي الصحراء)) في منتصف الخمسينات من القرن الرابع عشر الهجري، فقد كنا نتلوها ونحن شداة للأدب، وطلاب للمعرفة وسعاة إلى الزاد الثقافي، بمختلف صوره وألوانه، بكل شغف واهتمام وتطلع إلى الجديد في عالم الفكر والأدب والثقافة يشدنا ذلك الشعر إليه، بما اشتمل عليه من نصاعة البيان، وقوة المعاني وتوهج العاطفة.
وأرقلت بي وبصحبي من ابناء جيلي سفينة الحياة حتى وجدت نفسي وجهاً لوجه مع أستاذنا السيد أحمد العربي في رحاب مديرية المعارف العامة منتصف عام 1371هـ حين كان يشغل منصب مدير مكتب التعليم فيها، وكنت آنذاك قد انتقلت إلى هذه المديرية مفتشاً للغة العربية فكانت سعادتي عظيمة وسروري بالغاً بلقائه والتعرف به شخصياً، ومجاذبته أطراف الحديث في مكتبه، وفي أبهاء مبنى المديرية وهو باسم الثغر متهلل الوجه دائماً، عذب الحديث، فصيح اللغة في غير تكلف ولا تقعر لها فكنت التقط من بين ثنايا أحاديثه درراً من العلم، ولطائف من المعرفة، ولمحات من الثقافة، أضيفها إلى رصيدي الفكري في ابتهاج بالغ وسعادة غامرة.
ولقد بقي هذا الأثر الفكري في أعماق وجداني حتى إذا غادر السيد أحمد العربي منصبه التعليمي في مديرية المعارف وتقلبت به عجلة الحياة بين مديرية الأوقاف العامة وعضوية مجلس الشورى بين عامي 1372هـ - 1392هـ كنت أردد دائماً بيني وبين نفسي قصيدته (أيها العيد) المنشورة في ((وحي الصحراء)) فأطرب لمعانيها، مما يدفعني إلى اقتراح تقديمها ضمن النصوص الأدبية المقررة على طلاب المرحلة المتوسطة كنموذج للإبداع الشعري المعاصر، ذي النزعة الإنسانية المؤثرة ليجد فيها هؤلاء الطلاب ما أجده في نفسي من متعة الفكر، وطمأنينة النفس، وزاد الروح والاندفاع لعمل الخير.
إن السيد أحمد العربي (4) هو أحد الرواد القلائل الذين تركوا بصمات قوية في حياة أبناء أجيالنا الحاضرة وإنني أتوجه إلى الله القدير وهو يجتاز عامه الثالث والتسعين أن يمتعه الله بالصحة السابغة، والعافية التامة وأن يجزيه خير ما يجزي به الصالحين من عباده وأن يبارك في أولاده الأصليين، والروحيين، ليكونوا امتداداً لحياته العامرة بضروب المكرمات والتضحيات والقيم الإنسانية العليا، فإنه ولي ذلك والقادر عليه.
(وجوزيت يا سيد محسن، على نبلك ووفائك، وأنعم عليك بالشفاء الناجز العاجل) (م.ع).
أحمد العربي
كتب الأستاذ عابد خزندار في زاويته اليومية (( نثار )) بجريدة (عكاظ) في العدد 11873 يوم الأحد 12/11/1419هـ الموافق: 28/2/1999م، ما يلي:
قلائل أولئك الذين عاشوا في حياتنا وعصرنا، ولكنهم لم يحيوا حياتهم، وإنما حياة الوطن، ولم يعيشوا لأنفسهم، وإنما عاشوا لقضية آمنوا بها وخدموها وضحوا من أجلها، ومن هؤلاء أحمد العربي، وقد عرفت الرجل عن كثب ستة أعوام هي عمر دراستي في مدرسة تحضير البعثات، وأشهد أنني أيامها لم أفهمه بل كنت واحداً من الساخطين عله، والناقمين على نهجه في إدارة أمور المدرسة، وكنت أيامها مراهقاً مصاباً بما يمكن أن يسمى بمرض الطفولة الوطنية، كنت أريد لوطننا أن ينهض نهضة تختصر الزمن وتتجاوز المراحل وتسبق التطور الطبيعي، ولم أكن أدرك أن ذلك مستحيل وقد يؤدي إلى الإنتكاس والرجعة إلى الوراء، أو حتى الردة إلى مهاوي التخلف الذي كنا نريد أن نتجاوزه، وكانت لي بعض المغامرات التي لم تكن بريئة من الحماقة والصبيانية والتي دفعني إليها هذا الاندفاع الصبياني، أذكر منها أنني كنت أعتقد أن التقدم في بلادنا لا يتحقق إلا إذا اقلعنا عن الزّي الذي كنا نلبسه واتخذنا الزّي الإفرنجي لباساً لنا، وفعلاً نفذنا الفكرة أنا وبعض الزملاء وخرجنا من بيوتنا مرتدين الزّي الإفرنجي، وتجمعنا في أحد الأماكن، وذهبنا معاً إلى المدرسة في جبل هندي (5) ، وكان منظرنا، ونحن نسير في الشوارع مثيراً للفضول والقيل والقال والاستنكار الخ.. وكان السيد أحمد العربي في استقبالنا على باب المدرسة فأمرنا بالرجوع إلى بيوتنا، وفي ثاني يوم جمعنا وأفهمنا أن التقدم لا يتم بتحدي التقاليد والعرف والخروج عليهما، بل إن ذلك يؤدي حتماً إلى النقيض أي الرّدة، وأضاف مؤكداً على كل كلمة يقولها إن مدرسة تحضير البعثات نفسها تجربة جديدة على مجتمعنا وأن هناك العديد من فئات المجتمع التي ترى فيها خروجاً على التعليم المتعارف عليه، وأن بعض الآباء قد أخرجوا ابنائهم منها لأنها تدرس اللغة الإنجليزية والكيمياء والفيزياء، وأن هؤلاء وغيرهم يتربصون بالمدرسة، ويتحينون الفرص للإيقاع بها وقفلها، وإننا بتصرفنا هذا قد قدمنا لهم لما يسعون إليه، وقد اقتنعت بكلام الرجل، وقامت بيني وبينه علاقة حميمة لا تختلف عن علاقة الابن بأبيه، وكنت أحس فيما بعد وإلى الآن بأن محمداً ونزاراً هما الأخوان اللذان لم تلدهما أمي (وأنا لا أعرف هشاماً ولو أنني بالطبع أعتبره أخاً لي) ومضت الأيام واستطاع أحمد العربي أن يقود سفينة تحضير البعثات في بحر تلك الأيام المتلاطم إلى أن أصبحت شيئاً مألوفاً وطبيعياً بل نموذجاً جرى تطبيقه في كل أنحاء المملكة، بل تطور الأمر وأصبحت لدينا جامعات للبنين والبنات، وكل ذلك بعطاء رجال في مقدمتهم أحمد العربي. وأحمد العربي لم يكن مجرد موظف صاحب رسالة، بل كان مسكوناً بالهم الوطني والاجتماعي، يتجلى ذلك في قصيدته التي حيا فيها أول دفعة من طياري المملكة، والتي يقول فيها:
أهلاً بقادمة النسور طليعة العهد النضير
الرافعين لواء مجد بلادهم فوق الأثير
أما الهم الاجتماعي فيتجلى في هذه القصيدة:
أيها العيد كم تخطيت قوماً
هم من البؤس في شقاء قطين
لم تزدهم أيامك الغرّ إلا
حِسرة في تأوه وأنين
وبعد: فلا أستطيع أن أقول إن أحمد العربي قد مات، فنحن تلامذته امتداد لعطائه وحياته.
عابد خزندار
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1518  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 112
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج