شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
السيد عبيد مدني
وما كان زيداً هلكه هلك واحد
ولكنه بنيان قوم تهدما
ولد السيد عبيد سنة 1324هـ ووالده السيد عبد الله مدني في رابع إخوانه السيد عبد الجليل والسيد عبد العزيز والسيد زين العابدين أبناء المرحوم السيد محمد مدني الذي تولى خلافة قاضي المدينة كما كان أمين ديوان المحكمة، وكان ذا مال وأعوان وعبيد، وهو الذي بنى قصر الصالحية بالشونة وسكن فيه مع أولاده، وبعد وفاته سكنه أولاده الثلاثة إلا السيد عبد الله والد السيد عبيد فإنه سكن داراً بسويقة المعروفة بيت المفتى، وتزوج السيد عبد الله من شقيقه السيد زكي البرزنجي، ابن السيد أحمد البرزنجي، وبنى السيد عبد الله الفندق الكبير خارج باب المجيدي، به أكثر من ثلاثمائة غرفة لإسكان الحجاج، كما نزل في هذا الفندق الكثير من الشخصيات البارزة من الأتراك في مقدمتهم أنور باشا وجمال باشا (السفاح) وزير الحربية وطلعت باشا وزير المالية. واشتهر السيد عبد الله بكرمه وكان بساطه ممدوداً لكل غاد ورائح وكان ينفح الفقراء منحاً خفية دنانير ذهبية، وأنجب ابنه البكر الصديق السيد عبيد وفرح بمولده وأنفق الكثير يوم ولادته وبعد سبع سنوات من عمره توفي السيد عبد الله رحمه الله. لقد عرفت الصديق عبيد مدني وأنا لا أتجاوز الثانية عشرة وكنت تلميذاً بزقاق الكبريت، ففي عطلة الظهر كان السيد عبيد يأتينا ليلعب معنا حيث كان بيتهم في سوق القماشة (بيت المفتي) لأن والدته بقيت في البيت بعد وفاة والده ولما وقعت الحرب العظمى سنة 1333هـ أمر حاكم المدينة العسكري فخري باشا بإجلاء أهل المدينة للشام والأناضول خوفاً من انقطاع الأرزاق من الشام وخوفاً من ميل الشريف مع الحلفاء صار سكان المدينة يسافرون تباعاً، واتفق المحامي السيد عبيد بسفري السيد زين العابدين وبقاء الأخوين عبد الجليل وعبد العزيز بالمدينة وبقي السيد عبيد مع والدته معهم وانتقلا لقصر الصالحية، وبعد سنتين من الحرب انكسر الأتراك وتعقبهم الجيش البريطاني لسورية ودخل الحجاز في حكم الشريف الحسين وصدر الأمر برجوع من كان بدمشق وغيرها للمدينة فرجع السيد زين العابدين للمدينة وذلك سنة 1337هـ وكنت بدوري بدمشق فرجعت ودخلت المدرسة الفيصلية إحدى المدارس التي أنشأها الشريف تيمناً بأسماء أولاده الأمراء، وأدخل السيد عبيد للمدرسة الفيصلية، وكنت وإياه في الصف الأول فتوطدت بيني وبينه الصداقة حتى نلت الشهادة التحضيرية ودخلت بعدها للصف الراقي وخرج السيد عبيد ولم يواصل دراسته في المدرسة بل أخذ في الدرس بالحرم الشريف، وكان مولعاً بالأدب فتتلمذ على المرحوم الشيخ العمري فكان الشيخ يأتيه للبيت فيدرس عليه، وكنت بدوري أذهب لدار السيد عبيد في السوق وأسمر عنده وكثيراً ما تعشيت معه واطلعت على مكتبة والده الحافلة بالكتب الثمينة فأعجبني منها كتاب ألف ليلة وليلة فقال لي خذه جزءاً جزءاً واقرأه في بيتك. ثم إني سافرت للهند لطلب العلم سنة 1342هـ وبقيت ثلاث سنوات حتى نلت الشهادة العالمية ورجعت سنة 1345هـ. وتوظفت مدرساً بمدرسة العلوم الشرعية وزرت صديقي السيد عبيد فوجدته قد قطع شوطاً بعيداً في العلم والأدب، فكنت أزوره بعد العصر إلى فندقه الذي كان يذهب إليه بعد عصر كل يوم فيجلس في حديقة البستان المتصل فكان يزوره أصحابه ومنهم الداعي ونمكث إلى المغرب ثم يرجع كل منا لداره. ثم إن السيد عبيد حُبب إليه بيع الفندق حيث كان يؤجره لبعض المدرسين بأجرة طفيفة فباعه لمحمد بن لادن، واشترى بثمنه دارين بمصر إحداهما له والثانية لأخيه السيد أمين مدني، ومكث الأخوان وأقاما بها وسافرت أنا لمصر سنة 1372هـ مع الأولاد للاصطياف فاجتمعت بالسيد عبيد وكثيراً ما كنا نجتمع في الولائم لدى صديق الطرفين السيد ولي الدين أسعد رحمه الله أو في شقة السيد محمد مدني وغيرهم، ولما قام عبد الناصر بثورة الاشتراكية توقفت رواتب الموظفين السعوديين المقيمين بمصر فاضطررت للرجوع وأبقيت الأولاد بمصر وأدخلتهم بمدرسة السيد ولي الدين أسعد، وكان ابني الأكبر عبد العزيز بمصر في البعثة العسكرية فبقوا معه، وبعد بلوغي الستين أحلت للتقاعد وأصبت بالقرحة وأجريت لي عملية جراحية وبعدها أصبت بداء الاكتئاب وبقيت عدة سنين أعاني من المرض حتى شفاني الله فاجتمعت بالسيد عبيد في حفل مؤتمر الأدباء بمكة المكرمة سنة 1395هـ ورجعت للمدينة ورجع السيد عبيد للمدينة وفي السنة الثانية سنة 1396هـ ذهبت لمصر للعلاج مع أم الأولاد فعلمت بوجود السيد عبيد هناك فسألت الشيخ عبد القدوس عن مكانه لأزوره فقال لي هو بمصر، بيد أنه لا يعلم مكانه لأنه لم يكن في داره التي اشتراها سابقاً فرجعت للمدينة في أخريات رمضان تلك السنة. وعلمت من الشيخ عبد القدوس أنه والسيد عبيد سيبقيان بمصر حتى انتهاء الصيف وبعد عيد الفطر 12 شوال 1396هـ كلمني الشيخ عبد القدوس بالتليفون من المدينة قائلاً لي لقد جئت من مصر للاشتراك في عزاء المرحوم السيد عبيد مدني الذي توفي بمصر وجاؤوا بجثمانه بالطائرة اليوم لدفنه في البقيع، وقد صلى عليه في المسجد النبوي ودفن فسألته عن مكان العزاء لأذهب للعزاء فقال لي دار ابن عمه السيد ماجد مدني من طريق قباء فذهبت بعد المغرب واشتركت في العزاء وبكيت على صديق وزميل نور الله مرقده ورحمه الله. تزوج السيد عبيد أولاً بابنة عمه السيد عبد العزيز وأنجب منها ابنه البكر السيد عدنان وبعد وفاتها تزوج من كريمة السيد عبد الله جمل الليل وأنجب منها الدكتور غازي ونزار وعصام وبنتاً واحدة وقد شغل من الوظائف عضوية مجلس الشورى سنين عدة ثم اثر العودة للمدينة للإقامة بها الإقامة الدائمة وبنى داره في طريق سلطانه سكن فيها مع ابنه السيد عدنان وكان تزوج السيد عدنان ووكل أموره عليه. وأن الصديق الأستاذ عبد القدوس أبّنه في مجلة المنهل بما يليق بصديق مثله العمر طويل وكان يعدُّه شاعر المدينة بحق ومؤرخها الوحيد رحمه الله رحمة واسعة وأفاض عليه من سجل رحمته ورضوانه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1662  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج