شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
باب ما جاء في فتح الكعبة
ومتى كانوا يفتحونها، ودخولهم إياها، وأول من خلع النعل والخف عند دخولها
حدّثنا أبو الوليد قال: أخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن عبد الله بن يزيد عن سعيد ابن عمرو الهذلي عن أبيه قال: رأيت قريشاً يفتحون البيت في الجاهلية يوم الاثنين والخميس وكان حجابه يجلسون عند بابه فيرتقي الرجل إذا كانوا لا يريدون دخوله فيدفع ويطرح وربما عطب وكانوا لا يدخلون الكعبة بحذاء يعظمون ذلك ويضعون نعالهم تحت الدرجة، أخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن أشياخه قالوا: لما فرغت قريش من بناء الكعبة كان أول من خلع الخف والنعل فلم يدخلها بهما الوليد بن المغيرة إعظاماً لها فجرا ذلك سنة، حدّثني محمد بن يحيى حدثنا عبد العزيز ابن عمران عن عبد الله بن أبي سليمان عن أبيه أن فاختة ابنة زهير ابن الحارث بن أسد بن عبد العزى وهي أم حكيم بن حزام دخلت الكعبة وهي حامل فأدركها المخاض فيها فولدت حكيماً في الكعبة فحملت في نطع وأخذ ما تحت مثبرها (1) فغسل عند حوض زمزم وأخذت ثيابها التي ولدت فيها فجعلت لقاً - واللقاً أنه لم يكن يطوف أحد بالبيت إلا عرياناً - إلا الحمس فإنهم كانوا يطوفون بالبيت وعليهم الثياب وكان من طاف من غير الحمس في ثيابه فإذا طاف الرجل أو المرأة وفرغ من طوافه جاء بثيابه التي طاف فيها فطرحها حول البيت فلا (2) يمسها أحد ولا يحركها حتى تبلى من وطيء الأقدام ومن الشمس والرياح والمطر وقال ورقة بن نوفل يذكر اللقا:
كفى حزناً كرى عليه كأنه
لقى بين أيدي الطائفين حريم
يقول لا يمس، حدّثني جدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن إسحاق الهمداني عن زيد بن يثيع (3) قال: سألنا علياً عليه السلام بأي شيء بعثك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه في حجته سنة تسع؟ قال: بأربع، لا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يجتمع مسلم ومشرك في الحرم بعد عامهم هذا، ومن كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم عهد فأربعة أشهر، قال أبو محمد: ووجدت (4) في كتاب قديم فيما سمع من أبي الوليد ومن كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته ومن لم يكن له عند النبي صلى الله عليه وسلم عهد فعهده (5) أربعة أشهر، حدّثنا جدي قال: حدثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر عن الزهري أن العرب كانت تطوف بالبيت عراة إلا الحمس، قريش وأحلافها - والأحمسي المشدد في دينه في بعض كلام العرب - فمن جاء من غيرهم وضع ثيابه وطاف في ثوب أحمسي قال: فإن لم يجد من يعيره من الحمس ثوباً فإنه يلقي ثيابه ويطوف عرياناً وإن طاف في ثيابه ألقاها إذا قضى طوافه يحرمها فيجعلها عندها فلذلك قال تبارك وتعالى: خذوا زينتكم عند كل مسجد.
حدّثني جدي قال: حدثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: السملة (6) من الزينة، حدّثني جدي عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي داود (7) عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن كثير أنه سمع طاوساً يقول: يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة فتبلوا (8) حتى يأتي، يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد يقول (9) لم يأمرهم بالحرير ولا بالديباج ولكنه كان أهل الجاهلية يطوف أحدهم بالبيت عرياناً ويدع ثيابه وراء المسجد فيجدها ثم إن (10) طاف وهي عليه ضرب وانتزعت منه ففي ذلك نزلت قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، حدّثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد في قوله تعالى: وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة قال ابن جريج: لما أن أهلك الله تعالى من أهلك من (11) أبرهة الحبشي صاحب الفيل وسلط عليه الطير الأبابيل عظمت جميع العرب قريشاً وأهل مكة وقالوا: أهل الله قاتل (12) عنهم وكفاهم مؤنة عدوهم فازدادوا في تعظيم الحرم والمشاعر الحرام والشهر الحرام ووقروها ورأوا أن دينهم خير الأديان وأحبها إلى الله تعالى، وقالت قريش وأهل مكة: نحن أهل الله وبنو إبراهيم خليل الله وولاة البيت الحرام وسكان (13) حرمه وقطانه فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلتنا ولا تعرف العرب (14) لأحد مثل ما تعرف لنا فابتدعوا عند ذلك أحداثاً في دينهم أداروها بينهم فقالوا: لا تعظمون شيئاً من الحل كما تعظمون الحرم فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمكم وقالوا: قد عظموا من الحل مثل ما (15) عظموا من الحرم فتركوا الوقوف على عرفة، والإفاضة (16) منها وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج (17) ودين إبراهيم ويقرون لسائر العرب أن يقفوا عليها، وأن يفيضوا منها إلا أنهم قالوا: نحن الحمس أهل الحرم فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرم ولا نعظم غيره ثم جعلوا لمن ولدوا من سائر العرب من سكان الحل والحرم مثل الذي لهم بولادتهم إياهم يحل لهم ما يحل لهم، ويحرم عليهم ما يحرم عليهم، وكانت خزاعة وكنانة قد دخلوا معهم في ذلك، ثم ابتدعوا في ذلك أموراً لم تكن حتى قالوا (18) لا ينبغي للحمس أن يأقطوا (19) الأقط ولا يسلؤا السمن وهم حرم ولا يدخلوا بيتاً من شعر ولا يستظلوا إن (20) استظلوا إلا في بيوت الأدم ما كانوا حرماً ثم رفعوا في ذلك فقالوا: لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاءوا به معهم من الحل في الحرم إذا كانوا (21) حجاجاً أو عماراً ولا يأكلون في الحرم إلا من طعام أهل الحرم إما قراء وإما شرا وكانوا مما سنوا به أنه إذا حج الصرورة من غير الحمس - والحمس أهل مكة قريش وكنانة وخزاعة ومن دان بدينهم ممن ولدوا من حلفائهم وإن كان من ساكني الحل (والأحمسي المشدد في دينه) - فإذا حج الصرورة من غير الحمس رجلاً كان أو امرأة لا يطوف بالبيت إلا عرياناً الصرورة أول ما يطوف إلا أن يطوف في ثوب أحمسي إما عارية وإما إجارة يقف أحدهم بباب المسجد فيقول: من يعير مصوناً؟ من يعير ثوباً؟ فإن أعاره أحمسي ثوباً أو أكراه طاف به، وإن لم يعره ألقى ثيابه بباب المسجد من خارج ثم دخل الطواف وهو عريان يبدأ بأساف فيستلمه ثم يستلم الركن الأسود ثم يأخذ عن يمينه ويطوف ويجعل الكعبة عن يمينه فإذا ختم طوافه سبعاً استلم الركن ثم استلم نائلة فيختم بها طوافه ثم يخرج فيجد ثيابه كما تركها لم تمس (22) فيأخذها فيلبسها ولا يعود إلى الطواف بعد ذلك عرياناً، ولم يكن يطوف بالبيت عريان إلا الصرورة من غير الحمس، فأما الحمس فكانت تطوف في ثيابها فإن تكرم متكرم من رجل أو امرأة من غير الحمس ولم يجد ثياب أحمسي يطوف فيها ومعه فضل ثياب يلبسها غير ثيابه التي عليه فطاف في ثيابه التي جاء بها من الحل فإذا فرغ من طوافه نزع ثيابه ثم جعلها لقاً يطرحها بين أساف ونائلة فلا يمسها أحد ولا ينتفع بها حتى تبلى من وطئ الأقدام ومن الشمس والرياح والمطر وقال الشاعر يذكر ذلك اللقا:
كفى حزناً كرى عليه كأنه
لقاً بين أيدي الطائفين حريم
يقول لا يمس، (23) فصار هذا كله سنة فيهم وذلك من صنع إبليس وتزيينه لهم ما يلبس عليهم من تغيير الحنيفية دين إبراهيم فجاءت امرأة يوماً وكان لها جمال وهيئة فطلبت ثياباً عارية فلم تجد من يعيرها فلم تجد بداً من أن تطوف عريانة فنزعت ثيابها بباب المسجد ثم دخلت المسجد عريانة فوضعت يديها على فرجها وجعلت تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله
وما بدا منه فلا أحله
قال: فجعل فتيان مكة ينظرون إليها وكان لها حديث طويل وقد تزوجت في قريش، قال: وجاءت امرأة أيضاً تطوف عريانة وكان لها جمال فرآها رجل فأعجبته فدخل الطواف وطاف في جنبها لأن يمسها فأدنى عضده من عضدها فالتزقت عضده بعضدها فخرجا من المسجد من ناحية بني سهم هاربن على وجوههما فزعين لما أصابهما من العقوبة فلقيهما شيخ من قريش خارجاً من المسجد فسألهما عن شأنهما فأخبراه بقضيتهما فأفتاهما أن يعودا فرجعا إلى المكان الذي أصابهما فيه ما أصابهما فيدعوان ويخلصان (24) أن لا يعودا فرجعا إلى مكانهما فدعوا الله سبحانه وأخلصا إليه أن لا يعودا فافترقت أعضادهما فذهب كل واحد منهما في ناحية".
 
طباعة

تعليق

 القراءات :719  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.