شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 4 ـ
عتبة: هل أنت بخير يا جابر بعد غارة الروم أمس..
جابر: بخير والحمد لله ولكنني أرى ليل الغارات الرومية وكأنه ليس له صباح.
عتبة: ولشد ما يحز في نفسي أن يسكت معاوية بن أبي سفيان على ذلك بعد أن جمع له الخليفة عثمان أرض الشام..
جابر: والغريب يا عتبة أن معاوية قبل أن يصبح والياً على الشام أشترك مع أخيه يزيد في فتح ساحل دمشق وهو يعرف أهمية هذا الساحل..
عتبة: ولعلَّ غارة أمس من أسوأ الغارات التي شهدتها مدينة بيروت..
جابر: طالما لهم قاعدة حصينة على سواحل دمشق يأوي إليها أسطولهم يكون في مأمن من أي تعديات عليه..
عتبة: لا أظن معاوية يسكت على هذه الغارات فربما تكون مقدمات إنزال رومي على ساحل دمشق..
* * *
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت تميمة تقول):
تميمة: ما أثبت جنانك يا سمية لقد شاهدت كل شيء..
سمية: أين كنت؟
تميمة: قريبة منك حين حاول بعض ركاب الزوارق من الروم الوصول إلى حيث كنا نضمد جراح المقاتلين ولولا يقظتك وصرختك وطعنك أول علج منهم بالرمح لأخذنا على غرة..
سمية: إنه نصر من الله تعالى لقد كنت فيمن عهد إليهن بالتضميد وباستعمال السلاح إذا اقتضى الأمر..
تميمة: كأنك تدربت على أيدي أحد الأحباش..
سمية: لم أتدرب بالضبط ولكني رأيت أحد الأحباش يدرب أخي على رمية الرمح وعلى الطعن به فأخذت التدريب النظري والعملي من أخي جابر..
تميمة: ولكن إلى متى نظل على هذه الحال يا أختاه..
سمية: كل ليل له آخر وما يدريك إذا جاءتك الأنباء غداً بأن معاوية بن أبي سفيان قد جهز جيشاً لوضع حد لهذه الغارات..
تميمة: من يدري.. من يدري..
* * *
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت جورجيوس يقول):
جورجيوس: أراك جد حزين اليوم يا ماركوس..
ماركوس: كيف لا أكون وقد فقدت أعز صديق لي بالأمس.. يا ليتني اهتدي إلى تلك المرأة المسلمة التي طعنته بالرمح فأقتلها واشرب من دمها..
جورجيوس: وأنى لك أن تهتدي إليها..
ماركوس: يقيني أنني سأهتدي إليها في إحدى غاراتنا الليلية..
جورجيوس: كيف..
ماركوس: إن لها يا جورجيوس رمية رمح خاصة وطعنة تختلف عن رماة الرماح الآخرين من المسلمين.. يظهر أنها تدربت على أيدي جماعة من الأحباش..
جورجيوس: أتدربت أنت على أيدي الأحباش..
ماركوس: لا.. ولكني رأيت بعضهم حين أحضرهم القيصر يلعبون برماحهم ويطعنون بها بنفس الطريقة التي استعملتها تلك المرأة.. الويل لها مني..
جورجيوس: إننا الآن نمر بفترة ذهبية فالمسلمون في فترة ركود بعد ذلك الاندفاع الذي كان كالسيل الجارف أيام خليفتهم عمر..
ماركوس: أخشى أن يكون ركود المسلمين هو كالسكون الذي يسبق العاصفة..
جورجيوس: ليت قيصرنا ينتهز هذا السكون فيضرب ضربة قاضية نسترد بها ما فقدنا من مدن ساحل دمشق..
ماركوس: قيصرنا قال جملته التاريخية: السلام عليك يا سوريا سلاماً لا لقاء بعده..
جورجيوس: لقد قالها وهو في حالة يأس.. ولم يجد من يقول له أن الفرس غلبوا الروم بضع سنين وكانت جيوشهم تهدد القسطنطينية ولكننا هزمناهم بصبرنا وجلدنا وقوة تحملنا..
ماركوس: قتالنا مع الفرس بالأمس يختلف عن قتالنا مع العرب اليوم..
جورجيوس: كيف يا ماركوس..
ماركوس: عندما كنا نقاتل الفرس كان سكان سوريا من العرب يقاتلون معناً جنباً إلى جنب لأنهم كانوا يكرهون الأكاسرة أما اليوم..
جورجيوس: أما اليوم ماذا؟
ماركوس: العرب في سوريا يقاتلون مع إخوانهم العرب المسلمين عدواً مشتركاً هو نحن الروم.. ولذلك فعندما قال الإمبراطور هرقل جملته التاريخية كان على حق.. فيما قال..
جورجيوس: إذن فلماذا لا نجلو عن البلاد السورية ونبقى على حدودها الأصلية فنتخلص ومن الضحايا التي تذهب بالمئات يومياً..
ماركوس: لا أدري يا جورجيوس ولكنني موقن أن إمبراطورنا سيضطر عاجلاً أم آجلاً إلى الجلاء عن البلاد السورية جميعها..
* * *
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عتبة يقول):
عتبة: لقد صدقت فراستك يا جابر فها هو معاوية بن أبي سفيان يوجه حملة للاستيلاء على قاعدة الروم الحصينة على ساحل دمشق..
جابر: وقائد الحملة كما علمت من القواد الذين كان لهم جهاد مشرف في فتوح الشام وهو من المقربين إلى معاوية فقد زوجه أخته..
عتبة: ولكني أكاد أجزم أن هذا القائد لا يستطيع حصار قاعدة الروم من البحر..
جابر: ربما كانت لديه خطة لا نعرفها..
عتبة: ولكني أخشى أن يقوم الروم بهجوم غادر على قواتنا وهي مكشوفة لديهم وإذا لم يقوموا فإن عوامل البرد والمطر والعواصف سيكون لها أثر كبير على المسلمين.
جابر: هذا صحيح ولكني موقن أن قائد هذه الحملة قد حسب لهذا الأمر وسنرى ذلك بأم أعيننا لأننا قد أمرنا أن نكون في عداد الحملة..
عتبة: ذكرتني وكنت قد نسيت ذلك وسآخذ معي تميمة وأنت..
جابر: وأنا لن أترك أختي سمية.. لا تنسى إنهما قد تمرستا على فنون التمريض وأختك سمية على فنون الضرب والقتال بالإضافة إلى التمريض..
* * *
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها معاول وأزاميل ووقوع أحجار وصوت جورجيوس يقول):
جورجيوس: انظر ما يفعله المسلمون الذين يحاصرون قاعدتنا..
ماركوس: إنهم يبنون حصناً كبيراً يلجأون إليه ليلاً ليأمنوا غائلة التقلبات الجوية ومباغتتنا لهم..
جورجيوس: وشيء آخر هو أهم مما قلت يا ماركوس..
ماركوس: ما هو؟
جورجيوس: بناء هذا الحصن سيحطم معنوياتنا..
ماركوس: صدقت.. إنه سيجعلنا نيأس من نزوح المسلمين عنا قبل الاستيلاء على قاعدتنا..
جورجيوس: ما العمل؟
ماركوس: لا أدري.. ولكني علمت أن قائدنا كتب إلى الإمبراطور يسأله مدَّنا بقوات نستطيع الاستيلاء على الحصن الذي بناه المسلمون وفشلت محاولتنا السابقة في الاستيلاء عليه..
جورجيوس: حقاً إن قائد المسلمين عبقري جداً.. أترى إمبراطورنا يمدنا بما نستطيع به هدم ذلك الحصن..
ماركوس: حتى لو أمدنا فلن نستطيع يا جورجيوس ذلك لأن قوى المسلمين تتزايد كل يوم وتحدق بنا من كل جهة وها أنت ترى أن الحصار يشتد يوماً بعد يوم..
جورجيوس: ومؤننا ستقل شيئاً فشيئاً وسيكون مصيرنا التسليم بدون قيد أو شرط..
(يسمعون هرجاً ومرجاً فيقول ماركوس):
ماركوس: صه يا ماركوس فإني أسمع هرجاً ومرجاً.. أذهب وسل يا جورجيوس وأتني بالخبر اليقين..
( نسمع صوت ارتطام مراكب بالماء وبالصخور تختلط بغمغمات وهمهمات وأصوات مهمة تعلو وتنخفض نسمع بعدها موسيقى الرحيل ثم صوت جورجيوس يقول):
جورجيوس: إنها مراكب يا ماركوس يبعث بها الإمبراطور للهرب فيها خشية الوقوع في قبضة المسلمين..
ماركوس: مدحي لك يا قائد المسلمين لقد بنيت حصن نجاحك على أشلاء هزيمتنا واندحارنا..
المذيع: من هو القائد.. وما هي قاعدة الروم الحصينة؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :874  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 29 من 83
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.