شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عمل لا تجزىء عنه صدقه
وتدخل ((خديجة على زوجها)) ((منصور)) فتراه مهموماً مغموماً فتسأله قائلة:
ـ ايشبك يا سيدي... وشك مبوز اليوم.. وأنت كأن هموم الدنيا راكباك.. قل لي في شيء مزعلك.. أو هامك.
ـ ايوا يا خديجة.. ايوا...
ـ ايش هوه.
ـ الأولاد...
ـ الأولاد.. ما شاه الله كلهم بخير.. بس ايش اللي سووه حتى زعلوك وأغموك وأحزنوك...
ـ الصلاة يا خديجة.. أشوفهم ما يواظبوا عليها.. وإذا واظبوا واظبوا طمعاً في المكافأة التي أعطيها لهم...
ـ ما في شك مكافأتك عامل كبير من عوامل الترغيب للصغار فيهم.. أما الكبار فإذا ما واظبوا على الصلاة فما لهم غير العصا...
ـ كلامك مظبوط فالله تعالى يقول: بسم الله الرحمن الرحيم: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى صدق الله العظيم (سورة طه آية 132)..
ـ صدق الله العظيم.. فالهداية منه سبحانه وتعالى، ولكن الصلاة ركن من أركان الإسلام لا يجب إهماله...
ـ صدقت يا أم توفيق.. فإنه ركن لا تجزى، عنه صدقة أو مال، فالصوم قد تجزىء عنه كفارة إذا لم يستطع الإنسان أداءه.. والحج يجزيء عنه البديل إذا لم يستطع المرء السفر...
ـ والصوم شهر في السنة والحج مرة في العمر أما الصلاة فخمس مرات في اليوم الذي يجزىء عنها..
ـ أجل لا شيء يجزىء عنها...
ـ أتدري يا أبا توفيق السبب في عدم مواظبة شباب اليوم على الصلاة؟
ـ بلى يا أم توفيق بلى.. السبب هو النقص في التربية الدينية التي نحن بحاجة إليها في البيت وفي المدرسة وفي كل مكان...
ـ نسيت يا أبو توفيق.. الأفكار المستوردة وسمومها التي تقدم لشبابنا يومياً عن طريق المنشورات والكتب والصحف والمجلات...
ـ ووسائل الإعلام كالإذاعة والتلفزيون وغيرها...
ـ ولهذا فنحن بحاجة ماسة إلى توعية دينية...
ـ أجل توعية دينية كالتي كان عليها السلف الصالح إذ لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها...
ـ ولكننا مع الأسف مقصرون في هذه الناحية الهامة أيمّا تقصير...
وكان لمنصور أولاد أكبرهم توفيق وعادل اللذان نراهما يلعبان (النرد) الطاولة وصوت عادل يقول:
ـ ما قلت لك إنك غشيم يا خويا...
ـ أنا غشيم يا عادل.. خذ.. شوف دوشيش...
روح يا توفيق روح... الدوبارة تأكل حجارتك وتقرطهم زي الفاره..
ـ استنّى بس.. هادا حب الأيك.. ايش تقول فيه يا شاطر...
ـ دوسيه يا خساره...
ـ رايح تاكلو مرس يا حدق.. مرس..
ـ لا يا توفيق.. لا.. الدش صلحها.. إيون.. بس..
ـ بس.. ايش.. يا غشيم...
ـ لا تقول غشيم.. بس لا تمسك زهر وأنت تشوف الغلب.. كيف..
ـ وأنت كمان بلاش غش..
ـ طيب وصلنا فين...
ـ واحد.. ثلاثة..
ـ شايفك رايح تغلبني..
ـ هنا دماغ محشي...
ـ محشي...
ـ محشي نخاله يا توفيق...
ـ دماغك هو المحشي تبن ونخاله.. هيا وريني شطارتك...
ـ لا تعلّي صوتك لحسن ماما تسمعك.. وبابا وقت مجيئه قرب كمان..
ـ لو كبسنا ونحن نلعب.. وشافنا التهينا باللعب عن الصلاة...
ـ كان كسر الطاولة على دماغي...
ـ يا ريت يا خويا يا ريت...
ـ وليش هادا التمني.. أنا عدوك...
ـ لا.. بس...
ـ بس ايش...
ـ كنا ركبنا لك دماغ غير دماغك المبلّم...
ـ ليش هيه الحكايه تركيب نص نعل..
وبينما كانا يضحكان، يسمعان صوت الوالدين فيقول توفيق بفزع:
ـ خبي الطاولة... أسمع صوت الوالد والوالدة... أسرع... ويدخل منصور وخديجة فيبتدرهما عادل قائلاً...
ـ أشوفك رجعت بدري على البيت يا بابا..
ـ ايوا أبغي أرتاح يا ولدي...
ـ ليش غداك عند عم صالح نسيتو...
ويضرب منصور على جبينه ويقول:
ول.. ول.. نسيت والله نسيت.. يا الله يا توفيق روح معايا وخلي عادل يتغدى مع أمو...
ويتطلع منصور إلى زوجته ثم يقول:
ـ حوايجي حاضره يا هوه...
ـ ايوا يا سيدي.. يا لله تعال... ألبس...
ـ يا الله وأنت يا توفيق روح فسخ حوايجك وألبس حوايج نظيفة غير هادي...
ـ حاضر يا بابا..
وعندما يذهب منصور للبس حوايجه يقول عادل لتوفيق:
ـ يعني أنا أذكره بالعزومه وأنت تكسب الغذا...
ـ مو أنا سيدك الكبير...
ـ صدقني يا خويا... أنا أفضل غدا البيت مهما كان على العزايم..
ـ الحق معاك.. بس العزايم والقيلات مناسبات طيبة لتمكين الصلات بين الأقارب والأصحاب...
ـ وكمان مكسب معارف جدد...
ـ وبعد ذهاب منصور وابنه توفيق تدخل خديجة على عادل وهي تقول:
ـ يا الله.. قوم نتغدى نحن كمان حتى تروح تزور ابن عمك بعدين...
ـ أنا تعبان يا ماما... وما أقدر أروح...
ـ تعبان من لعب الطاولة... أخوك توفيق.. يروح يزورو كل يوم..
ـ طيب.. أروح.. معاكي وكوني شفيعي عنده...
ـ والصلاة اللي ما عما تواظب عليها مين سيكون شفيعك فيها عند الله...
ـ الله غفور رحيم...
ـ وشديد العقاب.. يا ولدي شفيعك عند ربك واستحقاقك لعفوه وغفرانه - هو بأدائك ومواظبتك عليها.. وعلى قراءة ما تيسّر من القرآن الكريم كل يوم...
ـ أعدك يا ماما بأني سأفعل ذلك...
ـ إن شاء الله تصدق في وعدك مو تكون مواعيد عرقوب...
ـ رايحه تشوفي...
ـ ربنا يهديك.. هيا روح صلي علبال ما أحضر أنا الغدا..
ـ حاضر يا ماما.. حاضر...
ـ وبينا هو في طريقه لتأدية الصلاة يدق جرس الباب فتقول والدته:
ـ شوف مين يدق الجرس يا عادل...
ـ سميرة بنت خالي يا ماما...
ـ يا مرحب.. يا مرحب.. قل لها تدخل...
ـ وتدخل سميرة وهي تقول:
ـ مساء الخير يا عمتي...
وتدخل خديجة مسرعة من المطبخ وهي تقول:
ـ مساء الخير يا روحي.. أهلاً.. يا الله حماتك تحبك.. الغدا حاضر.
ـ بس أنا ما في عندي حماه لسه...
ـ مين يدري يمكن بكره أكون أنا حماتك...
(ويضحكون) وتتابع خديجة كلامها:
ـ الأكل حاضر.. هيا قبل ما يبرد...
ـ وأنا خلصت صلاتي يا ماما.
ـ بسرعة يمكن قلفطتها.. قلفطة...
ـ إلاّ يا ماما.. الفرض والسنة...
وتقول سميرة:
ـ عادل يا عمتي متدين...
ـ شهادتك مجروحة.. مين يشهد لك يا بو الحصين...
ويضحكون وهم يجلسون أمام مائدة الطعام وسميرة تقول:
ـ وعمي أبو توفيق.. فين هوه...
ـ معزوم على الغدا مع توفيق...
ـ أتذكرت.. كمان أبويا معزوم وهوه قال لي روحي أتغدي عند عمتك أحسن ما تتغدي وحدك...
ـ يا مرحباً كثر خيرو أخويا.. كلو ذوق...
ـ شوفي يا عمتي.. عادل كلو ذوق...
ـ ويقول عادل.. ضاحكاً:
ـ طالع لخالي..
ـ نحن إن شاء الله بعد الغدا نرتاح شوية وبعدها نروح نزور ابن عم عادل...
ـ وبعدين يا ماما...
ـ وبعدين نروح نشتري (دبش) سميرة....
ـ (ودبشي) أنا أمتى يا ماما.
ـ عندما تاخد الشهادة.
ـ إذن قليل انتظاري طويل...
 
طباعة

تعليق

 القراءات :884  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.