شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حديث الملائكة
في كتابي "الغربال" تناولت بالتفصيل حياة "محمد سعيد عبد المقصود خوجه" (1) ثم أشرت في نهاية الفصل الثاني إلى (أنني أتطلع إلى ينابيع أخرى أستقي منها معلومات جديدة يمكن أن تضيف شيئاً إلى ما ذكر).
وبعد صدور الكتاب وانتشاره، تفتحت أمامي نوافذ عديدة كشفت عن أبعاد أخرى، لشخصية الأديب الراحل، فسارعت إلى تسجيلها لتضاف هنا -كما وعدت به-، وكان أن التقيت بالأستاذ أحمد صالح ملائكة، وهو رفيق درب للأستاذ محمد سعيد عبد المقصود -يرحمه الله- لازمه طيلة حياته، ويعرف الشيء الكثير عنه، وقد منحني من وقته -جزاه الله خيراً- ما مكنني من تسجيل بعض ذكرياته عن الأديب الراحل، والعصر الذي عاشه.
كان لقائي بالأستاذ (أحمد ملائكة) –في منزله بجدة– مساء يوم 20/8/1420هـ، وامتد اللقاء زهاء الساعة، تحدث فيه بإسهاب عن علاقته بـ (محمد سعيد عبد المقصود)، وما يعرفه عنه خلال المسيرة الطويلة التي رافقه فيها، فيقول الشيخ أحمد:
تعرفت على (محمد سعيد عبد المقصود) أثناء دراستي بمدرسة الفلاح وارتبطت معه بصداقة طويلة استمرت إلى وفاته يرحمه الله عام 1360هـ، وتواصلت هذه العلاقة الحميمة مع ابنه الشيخ (عبد المقصود) إلى الآن والحمد لله.
وفي الفلاح شاركت معه في إصدار صحيفة حائطية. ثم عملت معه في مطبعة (أم القرى)، وجاءت فترة كلفت فيها بتحرير جريدة (أم القرى) لمدة ثمانية أشهر تقريباً.
كان (محمد سعيد) قبل التحاقه بمطبعة (أم القرى) - يعمل بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -كما علمت-، وقد عمل في المطبعة كموظف عادي عندما كان الشيخ يوسف ياسين مسؤولاً عن المطبعة والجريدة. وعندما انتقل يوسف ياسين إلى الشعبة السياسية مع الشيخ رشدي ملحس، كُلِّف (محمد سعيد عبد المقصود) بإدارة المطبعة وتحرير الجريدة، لما أظهره من حيوية في العمل، ورغبة في نشر العلوم والآداب، وقد قام بعمله هذا على أكمل وجه.
كان الوسط الثقافي –آنذاك– حافلاً بالأدباء والشعراء أمثال: حمزة شحاته، ومحمد حسن عواد، وعبد الوهاب آشي، ومحمد حسن فقي، وأحمد السباعي، وأحمد قنديل، وغيرهم ممن ملأوا الساحة الثقافية بشعرهم وكتاباتهم الأدبية والاجتماعية، التي كانت تنشر في "صوت الحجاز" و "أم القرى". وفي الفترة التي كان (محمد سعيد عبد المقصود) مسؤولاً عن تحرير جريدة (أم القرى) اتسع المجال أمام الأدباء والشباب لنشر خواطرهم الأدبية والاجتماعية على صفحاتها.
- وكتب (محمد سعيد) مقالات في الأدب، كما كانت له مقالات اجتماعية مثيرة نشرها تحت اسم (الغربال) تناول فيها الكثير من العادات والقضايا الاجتماعية.
اهتمامه بالطباعة
ويتذكر الشيخ أحمد ملائكة ذلك العشق الذي كان يحمله (محمد سعيد عبد المقصود) لمطبعة (أم القرى): كان جلَّ اهتمامه أن تصل المطبعة إلى المكانة المرموقة في فن الطباعة، وتحصل على موافقة سامية من جلالة الملك عبد العزيز آل سعود لإرسال بعثة إلى مصر للتخصص في فنون الطباعة. وبالفعل وصلت أول بعثة إلى القاهرة عام 1357هـ، والتحق أفرادها بالمطبعة الأميرية. أذكر منهم: السيد محمود حافظ، وكان متخصصاً بفن التجليد، ومحمد خير الحلفاوي، بقسم الصف، وعبد الرحيم ملاه، وحسن خشيفاتي، وحبيب سلطان، وهؤلاء دخلوا قسم الطباعة، وانضم إليهم في القاهرة سعد الدين أسعد، ومضوا فترة تقرب من سنة وأربعة أشهر، حيث أنهوا دراستهم وعادوا إلى الوطن لينهضوا بمطبعة (أم القرى) إلى مستوى أفضل.
ثم أرسلت البعثة الثانية، والتحق أفرادها بمطبعة (المساحة) بالقاهرة، لتعلم فن الحفر والزنوغراف، ولم يكملوا دراستهم بسبب قيام الحرب العالمية الثانية.
وكان مراقب البعثة آنذاك الشيخ محمد عمر رفيع الذي تولى مهمة الإسكان والإشراف على شؤون البعثة في مصر.
وقد وضع (محمد سعيد عبد المقصود) نصب عينيه –إذا عادت البعثة– أن يزيد من فاعلية الدور الذي تقوم به المطبعة، لتتولى كافة المهمات التي يجدر أن تقوم بها، فهو يرى بأن معمل الطوابع التابع لوزارة المالية، لا بد أن يكون ملحقاً بالمطبعة. ولزيادة إمكانيات المطبعة سعى إلى توفير قطعة أرض كبيرة تقع في المكان المسمى بـ (البيبان) بجرول، وبدأ في تخطيطها وإقامة بعض المباني التي لم تكتمل بسبب قلة الموارد المالية نتيجة قيام الحرب العالمية.
من أعمال المطبعة:
إضافة إلى ما تقوم به المطبعة من أعمال طباعية تخص الدوائر والمؤسسات الحكومية، وتنفيذ طباعة بعض الكتب التاريخية والأدبية، فقد تولت إصدار تقويم (أم القرى).
ويذكر الشيخ ملائكة أن محمد سعيد عبد المقصود كلف فلكيًّا لعل اسمه (محي الدين كرينشي) بإعداد التقويم ليصدر سنوياً في صورة منظمة ومطورة.
كما كلَّف رجلاً آخر اسمه (محمد صادق) لتصميم (شهادة الميلاد)، وكانت أول شهادة صدرت –آنذاك– تحمل اسم (عبد المقصود) ابن الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود. وسجلت بعده اسم ابنتي - وكانت المطبعة تقوم بمهمة طباعة شهادة الميلاد، وتتولى وزارة الصحة عملية التسجيل.
وكانت مطبعة (أم القرى) تجد الدعم من الحكومة وعلى رأسها الملك عبد العزيز، ونائبه في الحجاز الأمير فيصل –يرحمهما الله– وكل الدوائر الحكومية كانت تنفذ أعمالها الطباعية في (أم القرى) فقط، الأمر الذي كان يتطلب منا بذل الكثير من الجهد والوقت لإنهاء كافة الالتزامات.
ولهذا كانت (المطبعة) تشغل معظم وقت الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود، وتأخذ الكثير من جهده الذي لم يبخل به.
صفاته وأخلاقه:
يصف الشيخ أحمد ملائكة، صديقه ورفيق دربه الأستاذ (محمد سعيد عبد المقصود) على النحو التالي:
كان يرحمه الله فارع الطول، أبيض البشرة، طلق المحيا، مع صرامة تظهر أثناء العمل. تكسوه لحية صغيرة، ويعتبر ابنه (عبد المقصود) أشبه الناس به خلقة وخلقاً وحباً للأدب، والعمل الجاد.
ومن أصدقائه المقربين الأستاذ عبد الله بلخير، لازمه بعد تخرجه من الفلاح والشيخ أحمد خليفة النبهاني، وكان كثير التردد عليه في مكتبه بالمطبعة، وكذلك بعض الأدباء مثل: أحمد السباعي، وحمزة شحاته، والسيد هاشم زواوي، وغيرهم.
كان أديباً مغرماً بالقراءة رغم التزاماته العملية، يمارس هوايته في القراءة والكتابة بعد أداء صلاة الفجر. ولا يتردد في المساهمة في أي مشروع خيري أو أي عمل يخدم الأدب، ويذكر الجميع (حفل التعارف) (2) الذي كان فيه الدينمو المحرك لفعالياته.
وفي عمله الوظيفي كان –يرحمه الله– شعلة من النشاط الحي، والإخلاص الدؤوب، يبث روح الأداء الفعال في نفوس العاملين معه - وكان منضبطاً في دوامه الرسمي، مضحياً بأوقات راحته لصالح العمل، حتى في أيامه الأخيرة، لم ينقطع عن متابعة شؤون المطبعة، رغم مرضه الشديد وحاجته إلى الراحة. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :574  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 108 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .