شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تاريخ مدينة جدة (1)
إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (2)
(صدق الله العظيم)
أقدمت - وأحجمت - أكثر من مرة لكي أكتب كلمة. أعبر بها عما شعرت به من غبطة واعتزاز لا في المجال الأدبي والإنتاج المثمر البناء فحسب وإنما لأنني - بالإضافة إلى ما يأخذ بمجامع قلبي من إكبار وتقدير لمجلاتنا وصحفنا التي تبوأت مكانتها بين أخواتها وشقيقاتها بل "أمهاتها وجداتها" في العالم العربي بأسره! رأيت الاتجاه القويم والجهد الدائب في سبيل إبراز معالم "بلادنا المطهرة" وجزيرتنا العربية العريقة.. وبأقلام أبنائها وأدبائها وعلمائها الأفذاذ - وما من شك أن حضارة كل أمة وكل بلاد إنما تزدهر وتنتشر.. وتتطور وتتكبر.. بما تشيد وتبني.. وترتفع وتصنع.. وتجني وتزرع.. وتغرس وتحصد.. ويتردد صدى ذلك على أسنة الأقلام.. وفي كل ما يشيد به وينوه عنه ويدل عليه من التعبير الواضح.. والدليل الساطع والبيان الرائع؟
وفي الحق أنني أقدمت على التحدث بنعمة الله علينا خلال الأعوام العشرة أو العشرين الماضية بما أخرجت المطابع المحلية من العلم الواسع.. والشعر الماتع.. والدواوين والتواريخ والسير والتراجم.. وما كنت أحسب أن تبلغ هذا المدى في مثل هذه الحقبة القصيرة لولا أن الشعب والبلاد كل منهما قد سار شوطه الحثيث في النهضة الحديثة المتحفزة.. المتولية.. وكأنما انطلقت بها الطاقات الهائلة.. المدخرة.. لليوم الموعود.. ولهذه التقدم المشهود!! في كل مرافق الحياة مادياً وأدبياً..
ولعلي لا أبالغ إن قلت إنني لا أكاد أصدق ما أرى وأسمع من هذا التطور الأدبي العظيم.. وأنه لمدعاة للفخر والاعتزاز لكل مواطن.. زادنا الله بهم بركة ونعمة وشكراً.
كما أحجمت.. خشية أن يُسَاء بما أكتب.. أو أن يقال: "مادح نفسه يقرئك السلام"!! فإنني إذا توسعت فيها ظفرنا به في هذه المجالات مما لا عهد لنا به طوال حياتنا الماضية.. فإنما احتسب ذلك من باب الشكر لنعمة لله والتحدث بها قبل أن أعني.. الثناء على العاملين والمكافحين. والذين سهدوا أجفانهم.. وسخروا مواهبهم للصالح العام وأعم بذلك ولا أخص كل من قدم أثراً ونشر مطوياً.. أو أشاع خيراً.. وأحيا مأثرة. وأشاد بمفخرة، من السابقين واللاحقين على حد سواء..
ويتلو ذلك - ولو محلياً - قول البعض.. ما شاء الله؟ إنه تتعارض للثناء و "الزم لي اقطع لك".. وما والله رميت إلى شيء من ذلك.. في كلمة واحدة وإنما هو الاعتراف بالفضل لأهله.. والدعوة إلى الأسوة الحسنة والجهد المشكور.. والعمل الصالح.. وهل المجد.. إلا ما صدق القول فيه الفعل؟
وقديماً قال الشاعر:
إذا أنا لم أشكر على الخير أهله
ولم أذمم الوغد الذميم المزنما
ففيم: عرفت الخير والشر باسمه
وشق لي اللَّه المسامع.. والفما؟
.. ما بعد المقدمة!!
إذن - وبعد هذه المقدمة أو التمهيد - أجد لزاماً علي كمواطن سعودي أن أحمد الله تعالى على ما وفق إليه صديقنا الجهبذ وأستاذنا الكبير.. صاحب الأيادي البيضاء في تدوين المآثر الغراء.. والآثار الباقية والمفاخر الخالدة.. والذي لا يجحد مساعيه.. ولا ينكر أياديه.. إلا من حرم مثل ما أوتيه.. من الإكباب على الدرس والتعقيب.. والتحميص.. والتحقيق واحتمال المتاعب في اتحاف القراء من (أبناء الضاد قاطبة.. بما لم يحيطوا بعلمه من قبل.. (إلا قليلاً منهم).
ذلك هو الأديب العالم المؤرخ الصحفي المحاضر الشاعر الثائر الأستاذ (أبو نبيه) الشيخ عبد القدوس الأنصاري.
إن بين يدي الآن إحدى البراهين الساطعة.. أو النجوم اللامعة من نسج يده وباعه، وطرنسه ويراعه.
"ومالي من حيلة في السجع" وقد كان أول ما قرأناه (إبان الطفولة).. أو "اليفوعة" مقامات الحريري.. الذي لم يسلم من أهل عصره إذ قالوا فيه:
شيخ لنا في ربيعه الفرس
ينتف عثنونه من الهوس
أنطقه اللَّه المجون - كما
رماه وسط الديوان بالخرس
ولقد أتحفنا الأستاذ الأنصاري قبل الآن بعدة كتب ومؤلفات وتحقيقات ودراسات ومقالات شيقات منذ اكثر من ثلث قرن مضى وكان من أوائل الرواد في الصحافة الجادة العاملة الناصبة الداعية إلى الخير والصلاح.. ومن أبرز رجالنا الذين هم قدوة صالحة للأجيال الصاعدة المتطلعة إلى المجد الأثيل.. لا بما يقول ويدعو فقط.. بل بسمته وخلقه وسيرته.. وأخلاقه الفاضلة. وما هو في حاجة إلى من يدل عليه.. أو يطريه.. فإنه غني عن كل ذلك بما أسداه وما لا يزال يسديه!! وأنه لجدير بالإكبار والإشادة رغم أن (المعاصرة حرمان).
تاريخ عروس البحر الأحمر
وهل بي من حاجة إلى أن أكشف اللثام عن هذه الثمرة الناضجة.. التي هي الباكورة الأولى من نوعها.. في محيطنا حفولاً بالدسم.. وشمولاً لكل ما أسدل عليه الزمن أغشيته المعتمة.. عبر القرون الطويلة لا أظن ذلك لزاماً وقد ولى العمر بضيائه.. والنور بإشعاعه.. على ما لا يصفه إلا هما.. لا سواهما.
إنها كتابة أو مؤلفة أو مدونته أو (موسوعته) الجامعة.. "تاريخ مدينة جدة" فقد تناول فيه كل ما يتصل بهذه المدينة العريقة من ماضٍ وحاضر.. ورتب وبوب، وصعد وصوب وفصل وأجمل وحلق وأوغل؟ وما زال بالقارئ.. ينتقل به من واحة إلى روضة ومن روضة إلى جدول، ومن مجهول إلى معلوم.. ومن غامض إلى واضح حتى ليبصر المتأمل فيه (عروس البحر الأحمر.. وهي ترفل في حللها الزاهية.. وحضارتها النامية.. وما تقلبت فيه من عصور.. وأحداث وزانها بالصور (الفوتوغرافية) التي يتبنى به ما كانت عليه وما صارت إليه في عهدها الجديد وتطورها العتيد.
وما أنا بسبيل "النقد" ولا من أهله.. وأعلم مقدماً أنه على أتم استعداد لقبوله إذا كان سليماً.. قويماً.. وتقدم به أهله وأكفاؤه المخلصون، وإن كتاباً بضم أكثر من ثمانمائة صفحة من القطع المتوسط.. وبهذا التنسيق والتنميق.. والجهد والتحقيق.. والرجوع إلى المصادر التي لا يكاد يدري بها إلا من (اختصه الله بالإحاطة والقدرة على الاقتناء).
إن مثل هذا الكنز الثمين.. أو هذا الركاز الدفين.. وأن الظفر به - بهذه السرعة.. المدهشة.. وبهذا الأسلوب المشرق.. لهو ولا ريب إحدى البينات التي نملك بها أن نزاحم إخوتنا وبني عمومتنا في البلاد العربية الشقيقة.. بالإنتاج القيم.. والتدوين الذي نرجو أن يكون له ما بعده من كل مدينة وكل بلد وكل قرية.. وكل واد.. في بلادنا الحبيبة. فما من موضع فيها ولا سهل ولا جبل إلا وقد شهد من أحداث التاريخ ومعارك الحرب.. ومجامع العرب.. وقوافل التجارة.. ومواقف الخطابة.. ومنابر البلغاء.. ومواقف الفصحاء.. بل وملاعب الغزلان.. وحلبات الفرسان.. و (دعوات النبوة) - وعنعنات الأمجاد.. وغزوات الفتوح.. ما لا تستوعبه الأسفار العديدة!! ولا الموسوعات المديدة..
يفنى الزمان..
وبأقل تبصر يجد المرء.. أمامه.. وبين يديه فيما طبع حتى الآن وتناولته أيدي القراء.. من الأخبار والأنباء. والتحف والطرف.. والمآثر والمفاخر في (أغاني الأصفهاني) ومؤلفات الجاحظ.. وأمالي القالي.. وما بعدها ما يجتمع ولا يفترق.. في هذه الديار العريقة الغنية التي (يفنى الزمان - وفيها ما لم يوصف).. كما يقول ابن الفارض!!
وأحب أن أسجل هنا للأستاذ المؤلف هذه المكرمة الخالدة.. بالإضافة إلى ما قدمه قبل ذلك من مجهودات مشكورة.. وأياد مبرورة لا يكافئه عليها - ولا على ما بذل فيها من ذات نفسه ويده.. ثناء معطر.. ولا مقال محبر.. وإنما يجد ذلك مدخراً له يوم ينبأ الإنسان بما قدم وأخر!! أحسن الله جزاه.. وأدام توفيقه فيما يحبه ويرضاه.
وليس تقدير أصحاب الفضل بدعاً ولا مداهنة: ولا محاباة.. وإنما هو أقل ما يكافئون به من مواطنيهم الأوفياء.. هذا ونحن على اعتزام وتصميم أن نشق طريقنا بين الأمم المتطورة.. وأن نستعيد ما كان لنا من أمجاد يرتد عنها الطرف وهو حسير.. طرف أولئك الذين اعترفوا بأستاذية (الشرق العربي) واستمدوا من حضاراته.. ورسالاته.. وأخذوا منه ما لم يعطوه؟! واستقرضوا منه ولم يوفوه.. وما طلوه.. وعظلوه.. وقد تهجى أولادنا وأحفادنا المثل الذي هو من ميزاتهم وتراثهم وعن آبائهم وأجدادهم.
ما حك جلدك مثل ظفرك
فتول أنت جميع أمرك
وفي مجال هذا التقرير نجد أسبقنا إليه (أبو عبد الله) صاحب السمو الملكي ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء حيث كان أول من هنأ المؤلف على كتابه وشمله برعايته وقدره على ما بذل في كل مكرمة.
دعوة للمشاركة
وبعد: فإن من أسباب التقدير.. لمن أحسن أن لا يبخس حقه ولا يغمط سعيه وأن يسمع بأذنيه ويرى بعينيه - أثر ما قدم من خدمة لبلاده وقومه وذلك أضعف ما يمنح له، ولا يمن به عليه!
أما التقدير الأوفى.. والثناء الأبلغ والأفصح.. فإنه في المشاركة.. والمساهمة المادية.. من كل ثرى وذي يسار.. فإنه إذا هدف إلى النفع المزدوج.. والصالح العام.. فلا يتعذر عليه ولا يشق على نفسه إن هو نفع وانتفع.. انتفع بشراء كمية ذات شأن من هذا الكتاب الذي هو الأول من نوعه.. ونفع، بإهداء ذلك إلى كل ناشئ وكل طالب وافد.. فما ثمة من دعوة ولا من دعاية تجمع إلى الأدب التاريخ وإلى التاريخ الأدب.. كمثل هذه الروافد.. العذبة.. التي هي عماد "المكتبة العربية" من الخليج إلى المحيط.. ومن المحيط إلى الخليج - وهي التي يصح أن نتحدث عها بما قاله الخليفة العباسي "هارون الرشيد".. امطري حيث شئت فإن خراجك لنا، فكذلك هي (الكتب) القديمة والحديثة.. وأعني بها.. تلك التي تعني - بالعلم والأدب والتاريخ.. والحضارة العربية والإسلامية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها.. فسواء لدى كل ناطق بالضاد أن تضم رفوف مكتبته الخاصة - مجلداً - أو مخطوطاً أو مطبوعاً أو رسالة أو إثارة من كل ذلك عن بلاده خاصة: وعن كل (بلد عربي) أين كان موقعه تحت قبة الفلك.. وحتى ما هو عربي وفي بلد غير عربي!!
وسلام عليك أبا (نبيه) (3) في العاملين والمنتجين وبارك في حياتك وأمدك بالصحة والعافية.. وأرجو لك من الله جل وعلا الإعانة والتوفيق.. وما على كل قادر على التمام! إلا أن يصل ما انقطع! وأن يستشعر لتبعة في التفريط و (ما تجود يد إلا بما تجد).. والله لا يضيع أجر المحسنين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :397  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 631 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.