شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في مجلس الفضل والعلم والأدب (1)
حظيت بالسلام على حضرة صاحب السمو أمير قطر (سابقاً) عالم الأمراء الأديب الأكبر الشيخ على آل ثاني (2) - عصر الجمعة المبارك الموافق 15 شوال 1380 بمقامه الكريم بالقصر الملكي العامر بمكة المكرمة.. وكان مجلسه الأنيس مجتمعاً لنخبة من ذوي العلم والفضل والأدب وفي مقدمتهم سماحة العلامة الجليل الشيخ محمد بن مانع، وقد تفضّلَ سموه بأمر أمين سره بأن يقرأ على الحاضرين قصيدة (ابن دراج (3) الرائعة التي مدح بها المنصور بن أبي عامر في الأندلس وقد عارضها في مدح سموه الكريم الشاعر الفحل الكبير الأستاذ محمود شعبان .. فأخذ الأستاذ أحمد بن يوسف أمين سر سموه يتلوها في نغمة مرتلة جميلة، حتى إذا بلغ من القصيدة الفريدة قول ابن دراج:
وأنتَ فتى للدينِ والملكِ والندى
وتصديق ظن الراغبين برورُ
مجيرُ الهدى والدينِ من كلِّ ملحدٍ
وليس عليه للضلال مجيرُ
تلاقت عليه من (تميمٍ) و (يعرب)
شموسٌ تلاُلاُ في العلا وتدورُ
تفضل سمو الأمير وهو العالم بها ماذا يقصد ابن دراج من قوله: (تلاقت عليه من تميم ويعرب) الخ؟.. فقلت" أحسبه يريد كرم الخؤلة وكرم العمومة.. قال: أجل أحسنت كذلك هو، وعندما كان القارئ يردد أبيات القصيدة كان سموه مرتاحاً كل الارتياح وقد بلغ به الطرب لها والاستحسان أنه كان يهتز إعجاباً ويتلفت ليرى تأثيرها في وجوه الآخرين مما يدل على رقيق إحساسه.. وعمق تأثره وأنه الشاعر بطبعه، ولا غرابة في ذلك وهو سليل أعرق الأسر العربية في قلب الجزيرة.. وأحد أركانها الشامخة وأطوادها الباذخة في المجد الطريف والأثيل وفي ختامها جاء فيها قول (ابن دراج):
فقدني لكشفِ الخطبِ، والخطبُ معضلٌ وكلني لليثِ الغابِ وهو هصورُ
فقد تُخفضُ الأسماءُ وهي سواكنُ
ويعملُ في الفعلِ الصحيحِ (ضميرُ)
فتوجه سموه بالسؤال مرة أخرى وقال: ماذا يعني ابن دراج في قوله هذا.. "فقد تخفض الأسماء وهي سواكن.." الخ.. فقلت أطال الله بقاءك.. أما من حيث النحو.. ما إليه فإنني أعترف بتقصيري فيه.. غير أن معناه واضح صريح.. يدل عليه السياق.. وما قبله وما بعده.
وإلى هنا.. أكتفي بما ذكرت راجياً من فضيلة الأستاذ الشيخ عبد القدوس الأنصاري تفصيل هذا المعنى بما يكشف النقاب عنه.. ويدل كل قارئ عليه.. وأعتقد جازماً أن سموه عالم كل العلم بما قصد الشاعر..وإنما يهدف إلى زيادة تنوير من تشرف بالمجلس من الحاضرين.. كما أثق بقبول الأستاذ الأنصاري هذا الرجاء.. وفي هذا العدد.. ومع هذه الكلمة إن شاء الله.. وله الشكر الجزيل سلفاً.
شكر وتعليق (4) :
أزجي عظيم التقدير لشيخ الأدب السعودي الأستاذ أحمد بن إبراهيم الغزاوي، إزاء حسن ظنه وتوجيه شرف الإجابة عن المغزى الذي قصده الشاعر ابن دراج في قصيدته والذي سأل عنه - من غير جهل - سمو الأمير الجليل علي بن ثاني حاكم قطر سابقاً.
وقبل الإجابة أرى أن القارئ العادي أو المتوسط قد لا يكتفي بالمرور باسم (ابن دراج) هذا، قبل أن يعرف ترجمته.. فهو - على ما في (قاموس الأعلام) لخير الدين الزركلي، و (يتيمة الدهر) للثعالبي و (شذرات الذهب) لابن العماد الحنبلي، و (وفيات الأعيان) لابن خلكان - هو أبو عمر أحمد بن محمد بن دراج الأندلسي المعروف بالقسطلي.. قال الثعلبي: إنه كان بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشام، وهو أحد الفحول، ولد سنة 247هـ وتوفي سنة 421هـ، وكان شاعر المنصور بن أبي عامر وكاتب الإنشاء في أيامه، وله ديوان شعر في جزأين. وقد أوردت "اليتيمة" و "شذرات الذهب" جزءاً كبيراً من قصيدته هذه.. التي امتدح بها المنصور أبي عامر المجاهد العربي العظيم الذي دوخ أوروبا بغزواته وفتوحاته، والتي كان عارض بها قصيدة في بحرها وقافيتها كان أبو نواس امتدح بها الخصيب أمير مصر وجاءت الأبيات محل البحث في اليتيمة هكذا:
فقدني لكشف الخطب والخطب معضل
وكلني لليث الغاب وهو هصور
وقد تخفض الأسماء وهي سواكن
ويعمل في الفعل الصحيح ضمير
وتنبو الردينياتُ، والطولُ وافرٌ
ويبعدُ وقعُ السهمِ وهو قصير
ويبدو لي أن غرضه يتمثل فيما يلي: فهو يقول لممدوحه: ادفعني في وجهه الخطوب المدلهمة، وأرمني أمام أسد الغاب الهصور، ولا تخشى علي بأساً منهما.. فإني سأفوز عليهما وأقهرهما.. ومثلهما أمام همتي العالية، وسعة حياتي، وشجاعتي العارمة كمثل الأسماء (في النحو) وهي أشرف الكلمات وأقواها، تُخفضُ وهي سواكنَ.. مثل قولك (مررت برجلْ) بسكون اللام.. فهذا الاسم قد خضع لأمرين على شرفه هما: الخفض والسكون معاً.. وكذلك الضمير الضعيف يُعمل في الفعل الصحيح ويقصد "بالضمير" هنا القلب والعزيمة، ويقصد بالفعل الصحيح: "العمل الصالح القويم".. وهذه تورية من الشاعر الفحل فالضمير الموَّرى به، هو ما يعرف في علم النحو بالضمير، وهو الاسم المضمر سواء كان مستتراً مثل (أتعلم) وتقديره (أنا) أو ظاهراً متصلاً مثل (تعلمتُ) بضم التاء، أو منفصلاً مثل (أنا وأنت وهو).
و "الضمير" المقصود بالذات هو "القلب والنية والعزيمة"، وصيغة (الضمير) تعطي كلا المعنيين.. وقد استخدم الشاعر هذا الاصطلاح النحوي مشيراً فيه إلى أن الضمير المتصل يؤثر في حركات آخر الفعل الماضي والمضارع الصحيحين مثل (تعلمْتُ) بسكون الميم و (يتعلمَانِ) بفتح الميم.. ويضيف الشاعر إلى ذلك قوله للممدوح: ولا نظن أن بأس الدهر وشكيمة الليث يحطماني.. فقد تنبو الرماح الردينية وهي طويلة فيسلم المرمى بها.. كما يلفت نظره إلى حكمة أخرى فإن السهم القصير إذا رمى به يبعد وقعه ويصيب مقتل المرمى به.. ولا يضيره القصر عن إصابة الهدف السمين.. وهذان مثلان ضربهما لنفسه في حالة الدفاع والهجوم.
وهذا ويذكر ابن خلكان في (وفيات الأعيان) أن المنصور بن أبي عامر، كان أمر شاعره وكاتب إنشائه: ابن دراج بأن يعارض قصيدة لأبي نواس من وزنها وقافيتها كان امتدح بها الخصيب أمير مصر، ومطلعها:
أجارة بيتينا أبوك غيور
وميسور ما يرجى لديك عسير
وقد أفادني الأستاذ الجليل الغزاوي أن ابن علان المكي عارض قصيدة ابن دراج بقصيدة مثلها من قبل خمسين ومائتي عام.
وبعد ذلك يجيء الشاعر محمود شعبان الآن فينظم قصيدة يعارض بها قصيدتي ابن دراج وأبي نواس ويقولها في مديح أمير عربي معاصر، هو صاحب السمو الشيخ علي بن ثاني أمير قطر السابق، ومطلع هذه القصيدة كما في ديوان (درر المعاني):
إلى أي قصد في الفلاة تسير
ومالك من حرِ الهجيرِ مجير
إلى أن يقول:
ومن يقصدِ البحرَ الخضمَّ فإنّهُ
خبيرٌ بأسبابِ العطاءِ بصيرُ
إلى أن يقول:
أبَا أحمدَ لبيكَ يا سيفَ دارم
فأنت بإخلاصِ القلوبِ جديرُ
ثم يقول:
وأينَ خيامُ البدوِ في البيدِ بعد ما
أقيمتْ على الجردِ القفارِ قصورُ
وأينَ من (الباكار) جردٌ ضوامرُ
يُجِبْنَ الفلا أو ناقة وبعيرُ
وأنت "علي" لا يقاسُ بفضله
خصيبٌ ولا يرقى إليه أميرُ
وإن كان للمنصور عزُّ فإنما
بعزك يزهو غيب وحضورُ
هذا وقد نُشِرتْ في ديوان (درر المعاني) كلتا قصيدتي ابن دراج وأبي نواس بتمامهما..عقب قصيدة الشاعر الفحل محمود شعبان.. وهذا الديوان (ديوان درر المعاني) هو مجموعة قصائد لعدد من الشعراء في مديح آل ثاني، أعده الأستاذ محمود شعبان وطبع في 441 صفحة من القطع المتوسط على ورق أبيض صقيل، بمطابع كونستا تسوماس وشركائه بالقاهرة عام 1380هـ - 1960م.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :517  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 623 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج