شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عود على بدء ..! (1)
جمادى: ستة؟
إنها قدوة حسنة و (مثل صالح) - هذا الذي تفضل بكتابته في صيغة السؤال والاستفهام، أخي وصديقي الأديب الكبير الأستاذ (عبد (2) الله بن خميس).. وهو من في مكانته الأدبية وإنتاجه القيم.. وإنه في اعتقادي لأوسع علماً وأعرف بما استوضح عنه. لكنه الظرف وحسن الخلق - وما هما بغريبين من هذا (العلم) الخفاق في سماء الأدب الحي الناهض.. وإنها لمجرد استجابة مني على ما تكرم به أن أقول ما يدريه:
إن استشهادي بأبيات (مرة السعدي) إنما جاء عرضاً وفي غير كبير إمعان بمناسبة اشتداد (البرد) في جمادى.. الثانية - خصوصاً في (نجد - والرياض).. وهي في الواقع ما عناه (لبيد) في بيته:
حتى إذا سلخا جمادى ستة
جزاء فطال صيامه وصيامها
ذلك أن صاحب تاج العروس (الزبيدي) يقول: "وفي شرح شيخنا ناقلاً عن الغنوي عن ابن الأعرابي بإضافة جمادى إلى ستة.. وقال: أراد ستة أشهر الشتاء وهي أشهر (الندى).. وكان أبو عمرو الشيباني ينشده بخفض (ستةِ) ويقول جمادى ستة أشهر فعرف بجمادى وروى (بندار) بنصب ستةَ على الحال. أي تتمة ستة أراد الآخرة..".
ومن المسلَّم به بديهة أن الشتاء لا يلزم وقوعه أو حلوله دائماً في جمادى خمسة ولا جمادى ستة.. بصفة دائمة.. طالما أن الشهور القمرية دائرة على سائر فصول العام كما تفضل الأخ الأستاذ عبد الله بن خميس.
ولذلك كان ما قلته: ".. إن الشتاء كان يتفق حلوله في شهري جمادى.. الخ ".. ويتفق هنا بمعنى يصدف أو يصادف تزيل الشبهة في الدوام والاستمرار.
أجل، قد يكون (مرة) متأثراً بالشتاء في جمادى - لأنه كان شاعراً به - في إحدى الشوامخ من عالية نجد.. أو في بطون الصحارى التي تمر بها الريح إبان الزمهرير!! فنطق بأبياته تلك في طرفة هذا..
فأما أن تكون (جمادى) هي الشتاء.. فأحسب أن صديقي الكريم يوافقني على أن ذلك لا يضطرد إلا إذا جعلناها محصورة في مفهومها أو مصدرها الأول.. قبل أن تطلق ويخصص بها الشهران المعروفان وهما الخامس والسادس من السنة!! ويلزم من ذلك أن لا تكون مقترنة بالعدد!! كما أن الشتاء في جميع مدته لا يستغرق في جزيرة العرب أكثر من شهرين إلى ثلاثة في الغالب الأعم.. ومع هذا فقد قال أبو سعيد في (نفس المصدر): الشتاء عند العرب (جمادى) لجمود الماء فيه.. وأنشد للطرماح:
ليلة هاجمت جمادية
ذات صرٍ جربيا التسام
وما أعجب أن يتفق لنا فعلاً - عودة هذه الليلة.. بهذا الوصف الشعري عينه في ليلتنا الماضية (بأم القرى) وهي ليلة الاثنين الموافقة 28 جمادى الثانية سنة 1397.. فقد ومض البرق وزمجر الرعد.. وصرت الريح الباردة صريراً.. تفزعت له الدور.. والمقاصير.. نحن بين جدران أربعة من بيوت الحاضرة.. فكيف بالطرماح وهو بين أحضان البادية وإن بلغ به الترف حد (الوقاية).. فإنه تحت خدور الوبر؟!! ولا شيء غير ذلك..
إذن - نستطيع الجمع بين كافة المفاهيم.. إن الجمادين من الأشهر إنما سميا بذلك.. أصلاً.. لاتفاق حلولهما في صبارة الشتاء.. كما قال ذلك (الزبيري) وهذه عبارته نصاً: "وجمادى كحبارى من أسماء الشهور معرفة - مؤنثة.. سميت بذلك لجمود الماء عند تسمية الشهور.
أما أن الشتاء كله (جمادى) فإن الفلكي لا يؤيده.. فكم من مرة بلون فيها (حمارة القيظ) في "الجمادين" معاً.. ليلاً ونهاراً خلال نصف قرن مضى فقط؟!!
وأغلب الظن أن المخضرمين الذين تابعوا (السعدي) في قوله.. إنما يجرّون في ذلك على التقاليد.. تقرباً للمعاني التي تعهدها الأخيلة والمدارك من العصور العتيقة.. والمدلولات العريقة.. ولعلّ بعضهم قد اتفق له ما اتفق لمرة السعدي بتطور الفصول وتداولها.. حتى أدرك الشتاء في جمادى ستة أو خمسة.. فعلاً..
وأرجو أن يكون القول الفصل في ذلك كله لأستاذنا العلامة البحاثة اللغوي الجليل الشيخ حمد الجاسر، بارك الله فيه..
هذه - وأني لأحمد الله على هذه الفرصة التي أتاحها لي الأخ الأستاذ عبد الله رعاه الله للاستزادة من أدبه وظرفه وكريم أخلاقه.. فما (جهر) عن حق ولا تدفق في باطل.. وله مني كل تقدير وإعجاب؟
لنا في "الندوة" الغراء "فجر"
"جديد" كله عبق، ونور
بدت "بجمالها" الزاهي - (هلال)
وها هي - ما تشع به البدو
"الغزاوي"
إنها لمناسبة طيبة وفرحة سانحة أحيي بها "ندوتنا" الفتاة.. (ذات الثنايا البيض) وأن أقدم لها التهاني بعامها الأول في جهادها الطويل.. وحظها الحفيل.. وأن أقدر لها كمواطن أو كقارئ.. ما بذلته من جهد مبارك.. وسعي متواصل.. ما حملته من أتعاب ومشاق في سبيل الوصول بمستواها إلى هذا الأمد الواسع.. خلال أشهر معدودات.. ما كان لها أن تتيح الوقت الكافي لهذا التطور الحثيث وهذا الانطلاق المهذب اللطيف.. لولا حسن النية.. والاستعانة بالله قبل كل شيء في مجالاتها المتعددة.. وخطواتها الوطيدة.. وإذا كان من الإنصاف أن لا يجحد الفضل لأهله.. فإن علينا الإشادة بمكانتها من التنوير العام والتهذيب الشعبي لأنها لم تأل في نشر (المعرفة) وتقرير الحقائق.. وتبصير الناس بما لهم من ماضٍ عظيم.. ولما يقاصرونه من تطور وتقدم في مرافق الحياة ومظاهرها بالجد والسهر والدأب وما يرتقبونه من مستقبل مشرق تتطلع إليه القلوب والأبصار..
أجل، إنها لم تبلغ الغاية التي تسير وراءها.. ولا هي بالتي تنخدع بالثناء عن مواصلة السير ولا بما قطعته من المراحل القصيرة أو الطويلة.. ومازالت تتطلع إلى الكمال ما استطاعت سبيلاً إليه..
وساعدتها إمكانياتها المحدودة عليه.. غير أنها وهي من الطلائع الأولى في (زحفنا) العتيد.. وتطورنا الهادف الجديد لا نبخسها حقها من التقدير وهي تتغلب على كل ما يعترض طريقها في حكمة وتبصر وتسديد.. ونهيب بها في الوقت نفسه بأن تتعجل الوصول إلى أبعد مدى ممكن في تنوير الرأي العام وتهذيب الأخلاق.. وتصحيح الأوضاع والتقدم بالمرافق والأخذ بالأصلح.. والدعوة إلى ذلك كله (بالحكمة والموعظة الحسنة).. كما هو العهد بها في مراحلها الأولى حتى الآن.. فإنها بهذه الطريقة الحكيمة تستطيع أن تحصل فوراً على النتائج الباهرة.. في كيانها وتكوينها.. وندائها وتأذينها!!
ولا أجد أي حرج في صدري إذا كاشفتها بما يتمناه كل مواطن صادق مخلص.. وهو أن تربأ بنفسها كما هو شأنها - عن كل جدل عقيم!! وطعن أثيم.. وأن تحرص كله على إحياء التراث الخالد القويم.. وتضيف إليه ما تفخر به (اللغة الفصحى) من الأدب الناضج الحديث.. وأن لا تدخر وسعاً في التعريف بكل شبر وفتر من أنحاء بلادنا العريقة الواسعة..سواء منها ما كان من الحواضر أو من البوادي.. واعتماد على الرحلة والاكتشاف.. أو المراسلة والمواصلة.. أو النقل والعزو إلى ما دونته الرحلات والأسفار المطبوعة أو المخطوطة.. وبودي أن يكون ذلك هدفاً جميلاً لصحفناً ولمجلاتنا الناضجة التي احتلت مكانها بين صحف ومجلات الأمم الحية الواعية والتي لها شرف التقدم في هذا العهد المشرق الميمون.
ومن المفروغ منه أن كل تقدير وكل ثناء.. يتوجه به أي كاتب من الدخل أو من الخارج إلى إحدى الصحف أو المجلات المنطلقة الهادفة في بلادنا العزيزة.. وكل ثمرة تجنى من جهادها المشترك في (المجتمع) أو في حقول الأدب.. أو اللغة.. أو الأخلاق أو العوائد والتقاليد. كل ذلك - يعتبر موجهاً ومنسوباً إليها جميعاً.. باعتبارها جهازاً صالحاً مصلحاً متجاوباً مع مطالب الحياة.. ومطامح الشعب.. ومصادر التاريخ! والعكس بالعكس..
ومعنى ذلك بعبارة أوضح.. أن اعتزازنا بإحداها وإشادتنا بأثرها وتأثيرها في محيطنا الثقافي أو الأدبي أو الاقتصادي أو الاجتماعي يشمل كل أخواتها ولدّاتها.. إنما هي تصدر وحيثما هي تكافح.. فالهدف واحد والبلد واحد.. وهو ما نطمع أن يغمر به الشعور جميع الأقطار والأمصار العربية تحت كل كوكب!
ولعلي ألقي بعد ما أوجزته آنفاً سعة في النهر أو الجدول أو العمود المحدد لكلمتي هذه من "الندوة" الغراء.. فأتقدم إليها برجاء مازلت شديد الإلحاح فيه.. قوي الإيمان به:-
وهو أن مجدنا الشامخ وشرفنا الباذخ.. في القديم والحديث.. وفي الأرض وفي السماء.. إنما هي في حقيقته وأصوله.. وفروعه تمسكنا بديننا الحنيف.. ومحافظتنا على أتباعه ونشر أعرافه ومعارفه في مشارق الأرض ومغاربها.. فلا يضارع هذا المجد أي مجد آخر كائناً ما كان! فهو الجامع الخيري الدنيا والآخرة.. وليس معنى ذلك أبداً وفي كل حال ما يجنح إليه الكسالى من التواكل أو الركون إلى الدعة.. أو الرضاء بالدون.. أو الانصراف عن التضلع بالفنون.. أو ما إلى ذلك من شهوات النفوس ومساوئ الظنون.. كلا ألف كلا.. ولكنه التمسك بحبل الله المتين.. وكتابه المبين - وهدي نبيه خاتم المرسلين.. صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.. وأن يقوي انتباهنا.. ونفطن إلى ما تعج به دنيا الناس ونحذر من منكرات الأخلاق ومحدثات الفتون.. وما تشكي من عواقبـه السابقـون واللاحقون من ذوي العقـول الراجحة.. والقلوب الصالحة.. وأن نتعوذ بالله من شياطين الإنس والجن.. والذين هم في طغيانهم ونزواتهم يعمهون. ونعلم أننا لا نساوي شيئاً مذكوراً عند الله والناس. وفي حساب الأمم والشعوب ما لم نحافظ على كل ما حافظ عليه أسلافنا الطيبون من الأخلاق العالية المتينة البنيان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإلى الأمام - إلى الأمام أيها الصالحون المصلحون.. وفي سبيل الله ما تقولون وما تفعلون فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (3) .
هذا - وأن للقراء وحدهم أصدق الحكم على ما أدته هذه الصحيفة الفاضلة من خدمات مشكورة.. وأعمال موفقة مبرورة.. ولها في خطواتها الواسعة المقبلة في عامها الجديد كل ما تصبو إليه من تقدم وإنتاج بناء فيما كرست جهودها عليه في سبيل الصالح والإصلاح العام، وإنها لواجدة كل تسديد وتوفيق بإذن الله ممن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، كما هي مؤيدة في سبيلها هذا من قبل نجاحها وفلاحها أقبل القراء عليها واغتباطهم بها وما تلمسه يوماً بعد يوم وأسبوعاً بعد أسبوع وشهراً بعد شهر.. من صدى عميق في نفوس الأجيال الصاعدة ومن رضى في قلوب جميع الطبقات الواعية. إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (4) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :387  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 650 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج