هو البُرهانُ لا نَرتابُ فيهِ |
بهِ (الدنيا) تُزخرَفُ وهي (زئبقْ) |
فكم تَلقى من الأشباحِ شخصاً |
يروعُكَ ما تَهادى وهو أخرقْ |
تُباغَتُ منه بالأخلاقِ تُزري |
وبالنَّزواتِ فاجعةً تُغسقْ |
وتخشى ما اتصلتَ به قليلاً |
بوادِرَهُ وتحذرُ ما تَدفقْ |
وآخرُ متربٌ بَرٌ تَقيٌّ |
ولكن شأنَهُ ثوبٌ مُمزَقْ |
تُجاذبُ روحَهُ الأملاكُ تترى |
إلى ملأٍ بهِ الحَسناتُ تُنفَقْ |
إلى الفِردوسِ وهي له خلودٌ |
عَشِيةَ كلَّ من في الأرضِ يَزهقْ |
تعالى ربُّنا جَداً وماذا |
نُطيقُ ونحن بالطُوفانِ نَغرقْ |
مظاهرُ قدرةٍ للَّهِ تبدو |
وتَخفي وهي تُجمعُ أو تُفوَّقْ |
وما للعقلِ فيها من ظهيرٍ |
سِوى التوفيقُ والإيمانُ أعمَقْ |
وكم بين النباتِ قتادُ شوكٍ |
وأثمارٌ وأزهارٌ وزنبقْ |
وفي الملكوتِ من جِنٍ وإنسٍ |
وأفلاكٍ وأصباحٍ تُفلَّقْ |
ومِن مُوسى وفرعونٍ عتيٍّ |
وذي بطشٍ وطيشٍ قد تمزَّقْ |
وفي الشُّعراءِ بشارٌ وقيسٌ |
أخو ليلى وجرولُ والفَرزْدقُ |
وكم في الناسِ من سُودٍ وبيضٍ |
وذي لُبٍّ ومعتوهٍ وأَحمقْ |
كذاك هو ابنُ آدمَ وهو يَفنى |
على كُرهٍ ويَبقى وهو مُرهَقْ |
وما تقوى القلوبِ سِوى التَّواصي |
بما وصَّى به الوحيُ المُصدَّقْ |
* * * |