شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
  • بدأت الثنينية البث المباشر لفعالياتها بتاريخ 29-12-2014 مواكبة للتطور التكنولوجي
  • لمتابعة البث المباشر يمكنكم زيارة قناتنا على اليوتيوب أو متابعة الموقع الرسمي للاثنينية أثناء الفعاليات
  • تتوقف "الاثنينية" لموعد يحدد فيما بعد.
  • تعاود الأثنينية نشاطها في وقت لاحق بعد الانتهاء من الأعداد و التنسيق
  • الأن يمكنكم مطالعة و تحميل الجزء ال 31 من سلسلة كتب الاثنينية على الموقع
  • تم الانتهاء من الموقع الاليكتروني الحديث للاثنينية بما يتوافق مع العالم الافتراضي الحديث, نرجو ابداء الرأي في الموقع الجديد و التصميم الحالي عن طريق الاستبيان
  • يوجد في الموقع أكثر من 33 ألف صورة توثيقية لحفلات الاثنينية على مدار 33 عام , تابع ألبوم الصور
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الشيخ الحبيب ابن الخوجة ))
وبعد أن انتهى المضيف من كلمته تحدث المحتفى به الشيخ الحبيب محمد الخوجه فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. هذه ليلة غراء.. أشرُف فيها بانتماء حديث إلى هذه العصبة الكريمة، والصفوة الخيِّرة من العلماء والأدباء وأهل النبل الذين تتحدث آثارهم وألسنتهم وملامح وجوههم بكل خير يجعلني معقود اللسان، لا أستطيع أن أساير أحداً منهم في القول، ولا أن آتي بجديد فيما يحسب عليَّ بعد حين.
- فإن ما تفضل به أخونا الكريم الذي قدمني إليكم، وما أفاء علي من فضل لقبي الخوجه في تكريم ابن الخوجة من عناية ولطف وتقدير هو في الواقع دون ما أستحق. فلست العالم، ولست العلاّمة، ولست العَلَم. ولكن أريد على كل حال أن أشارك في هذه المادة الاشتقاقية بأن أكون طالب علم. وطالب العلم في كل بلد يزهو ويفتخر حين يجد أئمة العلم ورجال الفكر، ويشعر بأن الصدور والقلوب تحنو عليه حين يقدم إليهم ويسعى إلى مجالسهم. فإذا هو بحكم هذا الانتساب يجد سعادته ويحقق رغبته ويكون قد وفى لنفسه وهيأ لها من أسباب الخير ما كان يحلم به طويلاً منذ سنين. وأنا ذلكم الرجل، ولا أقول ذلكم الفتى لأن الشيب قد أصبح فاضحاً لي.. أنا ذلكم الرجل الذي كان يؤمل من عهد طويل في كل مرة يزور فيها الحرمين الشريفين أن يجد من نسيم وعطر وكل ما يتنسَّم من خير في هذه الأرض المباركة، التي بها قبلة المسلمين.. والتي بها مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير العالمين أن يكون من بين أبنائها الذين يعيشون في هذه الرحاب الطاهرة الكريمة.
 
- فإذا أنا أحدث نفسي كل مرة بأن أستزيد من الزيارة للحرمين الشريفين بأن أكون من المترددين على هذه البقاع المقدسة، حتى حقق الله أملي الذي كان دفيناً في نفسي والذي أحدث به مشاعري وخواطري وعقلي وكلي إن صح التعبير.. هذا الذي أحدث به نفسي وأن أصبح مقيماً بين ظهراني إخواني هنا في هذه الأرض الطيبة المباركة.
- وعندما تحقق هذا الأمر الذي هو جليل الأثر في نفسي، لأنه فيما أحسب وفيما أرجو يكون من علامات العناية الإِلهية والرحمة القدسية التي شملتني فهيأت لي أسباب الحضور إليكم.
 
- جاء عقب هذا.. عقب الاستقرار.. التشرف بالانتساب إلى هذا لمجلس، والارتباط بأهليه، والامتزاج بهم، والسعي إليهم لا لإِفادتهم كما قال سعادة الأستاذ الشيخ عبد المقصود، ولكن للاستفادة منكم وللأخذ عنكم.. فأنتم تعلمون أن أهل المغرب قاطبة.. من فاس إلى تونس، كانوا يرحلون من زمن مضى إلى الأراضي المقدسة بغية أداء فريضة الحج والزيارة ولكنهم يطمعون أيضاً في كل بلد ينزلون به في طريقهم إلى مكة والمدينة، وكذلك عند العودة إلى بلادهم يطمعون في أن ينزلوا عند علماء، وفضلاء، وكرماء، وأدباء، يملؤون ما بين صدورهم علماً وتُقىً، وأدباً، وفضلاً على حد قول أحدهم:
أُمَّ المغاربَ إمَّا رمتَ نيلَ عُلاً
أما ترى كل نجمٍ طالع غَرَبا
وسـوف يعرفنـي مـن كـان يجهلني
إمَّا يكن رغَباً منه يكن رَهَبا
إلى أن يقول:
- سأملأ الرحل واليدين حِباً
 
- فامتلاء الرحل.. وامتلاء النفس حباً وخيراً وعطاءً وعلماً هو الذي جرى عليه أسلافنا وأئمتنا من أهل المغارب، وهم يسعون إلى المشرق ويأتون إلى هذا البلد الكريم، إلى هذا البلد الأمين الذي خصه الله بعنايته ووصفه بهذا الوصف دون غيره من البلاد.
 
- فأنا عندما أحل بين ظهرانيكم أحل مستجدياً عطاءكم العلمي، وكرمكم الخلقي، وفضلكم الأدبي. وفي الجلسات القليلة التي شرفت بحضورها استمعت إلى شيء كثير من هذا. ولقيت رجالاً يشار إليهم بالبنان، وحضرت مناقشات تدل على علم غزير وعلى أدب جم. فأنا مستجيز لهذا الأدب ومستجيز لهذا العلم، أطلب الأسانيد فيه حتى أحقق لنفسي هذه النسبة الشريفة التي لا تتحقق على طريقة علمائنا القدامى إلاَّ عن طريق الأسانيد والإِثبات. فأنا ممن يطلب الإِثبات، وممن يبحث عن هذه الأسانيد، وممن يسعى إلى تحقيق هذه الصلة المباركة التي أول ما تشرِّف تشرِّف شخصي، وأول ما تنفح من الخير تنفح ذاتي، لأن في هذا ائتساء بأكارم العلماء وانتساباً إلى الرجال الذين اشتغلوا بأمرين: العلوم المختلفة سواء منها الوسائل أو المقاصد.
- وإذا كان لا بد لي أن أتحدث إليكم عن شيء من هذه المعارف التي أنا طالب لتحقيقها. وأرجو استكمال ما بقي علي منها، وهو كثير وراغب في أن أؤكد صلتي بكم عن طريقها. فكأنني أقدمها عربوناً لتحقيق هذه النسبة، وأقدمها سبباً يجعلكم ترضون عن انتسابي إليكم، وترضون عن اتصالي بكم حتى لا أكون في هذا الامتحان من الذين يؤوبون بالخسران مؤملاً صفحكم ورضاكم، وفضلكم وكرمكم في قبولي في هذه النسبة أو في تحقيق انتسابي إليكم. أنا من الذين اشتغلوا باللغة العربية اشتغال الطلاب لا الحاذقين، لكن الطلاب الذين يسعون إلى الجمع قدر الطاقة، ويحاولون من جهة أخرى أن يستخدموا الذوق العربي والنقد الحسي والفني، ويحاولون دائماً أن يتصوروا الأشياء التي لم تكتب ولكنها مدرجة فيما يكتب.. يقرؤون كما قيل عندنا في كثير من الأحيان بين السطور ويتعلمون ما وراء الكلمات قبل أن يفقهوا الدلالات اللغوية وحدها، وما يمكن أن تشير إليه تلك الدلالات اللغوية.
 
- اشتغلت بالأدب، وباللغة العربية وذلك بحكم عملي ولا فضل لي في هذا. بحكم عملي لأني كنت أُدرِّس اللغة العربية وأُدرِّس الأدب العربي. وفي تدريسي للغة وللأدب كنت مضطراً لأن أبحث عن تاريخ اللغة العربية وعن معاجمها، وعن كنوزها، ثم أبحث عن العلوم العربية والمدارس النحوية التي تكونت في المشرق وفي المغرب.. في الكوفة وفي البصرة.. في الأندلس وفي فاس.
 
- وبحثت أيضاً أو حاولت أن أبحث تاريخ أسرار اللغة العربية فيما صُنف من كتب عن علم البيان، وفي علم المعاني، وفيما تركه الحذّاق من الكتّاب والشعراء، فكان ذلك المدخل إلى آثارهم الزكية الطيبة، وإلى المقاطع الشعرية الرائعة، وإلى ألوان التفنن والإِبداع الأدبي الذي ظهر في الرسالة، وفي المقالة، وفي المقامة، وفي القصيدة، وفي الرجز، وفي الموشح، وفي الزجل، وفي كل ما يمكن أن ينسب إلى الأدب العربي من آثار رائعة كريمة مشرقية ومغربية مهما يكن وأنّى يكون مطلعها ومظهرها.
 
- دَرّستُ هذا ولكني بحكم ما منحني الله من توفيق صاحبني في تخريجي، كنت آمل أن يكون كل ما أكتسبه من علم وأدب في اللغة العربية، وفي ألوان البيان، وألوان الإِبداع الفني أن يكون هذا مدخلاً وسبيلاً لدراسة القرآن الكريم، ولدراسة السنَّة النبوية الشريفة. ومن ثمّ انتقلت من علوم الوسائل التي دَرّسُتها في شبابي إلى علوم المقاصد التي عُنيت بها في هذه الفترة الأخيرة، فكنت أُدرس القرآن كمادة، وأُدرس القرآن كتفسير، وأُدرس القرآن كألوان من التصرف الإِبداعي الإِعجازي البياني الذي لا يمكن أن يسمو إلى مقامه شيء على حد قول مصطفى الرافعي رحمه الله:"ألفاظ إذا اشتدت فكأمواج البحار الزاخرة، وإذا هي لانت فكأنفاس الحياة الآخرة".
- فإذا حاولت أنا أن أساير هذا المنهج الذي وجدناه عند الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي، فقد رمى بي النظر والبحث في بحر متلاطم الأمواج إذا صح التعبير امتلأ درراً ومفاخر، لكونه يصاحبني ويعينني على قصد الوقوف على تلك الأسرار البيانية الموجودة في القرآن الكريم. وبالطبع كلنا يعلم بأن الزمخشري رحمه الله كان هو القدوة والأساس بالنسبة لكل من بحث في أسرار التعبير القرآني وإعجازه البياني. ولكننا بعد ذلك وقفنا بفضل شيوخنا رحمهم الله وأذكر في مقدمتهم الشيخ الإِمام محمد الطاهر بن عاشور قدس الله سره، فإذا أنا أمام كتابه "التحرير والتنوير في تفسير القرآن" الذي يشتمل على ثلاثين جزءاً بأجزاء القرآن.. وهذا الكتاب قد تم طبعه أخيراً، وقد تتبع فيه الشيخ ابن عاشور الاستعمال القرآني والتصرف في أسلوب القرآن تصرفاً لا يمكن أن نجد له نظيراً لا بحسب الالتزام الديني الذي ملأ كثيراً من النفوس فجعلها بحكم قدسية القرآن تقول هذا الكلام فحسب، ولكنه فعل هذا بإيقاف الدارس على تلك الخصائص القرآنية، وبمصاحبة الناظر في كتابه في كثير من الرياض البيانية والإِبداعية، التي يجمع فيها بين النص القرآني وبين الكلام العربي، وتفننهم في ضروب الإِبداع ويقول لك هنا قصر الشعراء وهنا قعدت بالبلغاء أسباب القول، ووجدنا القرآن هو الذي يصل إلى القمة.
 
- فهذا الكلام الذي يصل إلى القمة لا باعتبار ما له من قداسة في نفوسنا، ولا باعتبار كونه كلام الله فنحن نصفه بهذا الوصف، ولكن بحسب الاختبار والدرس والوقوف على هذه الخصائص التي تجعلنا نجمع إلى اليقين الديني اليقين العلمي، واليقين الذي يصدر عن نقد ودراسة وبحث. فإذا بهذه الأشياء تتكامل في نفوسنا ونؤمن بإعجاز القرآن. لكن الإِيمان بإعجاز القرآن وببيانه وحده لا يكفي فالقرآن كتاب هداية، والقرآن بلاغ، والقرآن شفاء للنفوس، والقرآن فيه كل مطلب من مطالب الحياة الدنيا والآخرة. وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد تشرَّف بتبليغه إلى الناس كافة لهدايتهم وتوجيههم، فهو مصدر الشريعة، وفيه أحكام الله وفيه جميع الإِيحاءات التي يحتاج إليها المؤمن في كل ظروف حياته في حالات سروره وحالات نكده، في حالات تفاؤله وحالات تشاؤمه، في حياة نضاله وحياة خلوده، وفي كل مرحلة من مراحل العمر في الفتوة، في الكهولة، في الشيخوخة.
 
- وهناك شيء لا يمكن أن يستغنى عنه إلى جانب الكتاب، وفيه أيضاً من جوامع الكلم ما فيه وفيه من البيان الساحر ما فيه.. فيه كلام يكاد يصبح معجزاً وإن كان غير معجز، لأنه لا يمكن أن يرتقي إلى درجة القرآن، ولكنه على كل حال يملأ القلوب رحمة. وقد وصفه الله تعالى بأنه يزكّي النفوس، ووصفه بكونه الحكمة وإذا الحكمة هي الحديث النبوي الشريف.
 
- ونحن بدراستنا للحديث النبوي الشريف، وببحثنا عن الأحكام أيضاً في الحديث النبوي الشريف، وبتتبّعنا لعمل الأعلام من رجال الفكر والفقه والدين، وعلماء الأصول والاستفادة من تراثهم وتحقيقه والعمل به.. فإني أعتقد وأعتبر نفسي في أول الطريق لأداء هذه المهمة.. وبانضمامي إلى مجلسكم الكريم هذا، وبانتسابي إلى ناديكم المبارك الذي أتشرف بحضوره هذه الليلة أستطيع أن أعلل نفسي بأني سأفعل الكثير، وسأستفيد الكثير، وسأطرب كثيراً على حد قول الشاعر:
غننا إنَّ تلاحينَ الغنا
تملأ الأنفس عزماً ورجاء
وتهيج الحب في نفس الحبيب
ولا أقول:
عللينا بالأماني وابخلي
وعدينا بالتداني وامطلي
وإذا لم تسعدي الشاكي بما
يرتجيه فاسعدي بالأمل
 
- لأن أملي معقود في صفوة من أهل العلم وأهل الأدب والفكر. أنا بهم معتصم وبأسبابهم ملتزم. ومن أجل ذلك فإنَّ أملي في خدمة اللغة العربية، وفي خدمة الشريعة الإِسلامية ماضٍ بحمد الله ومتحقق لأن الله من وراء القصد. ولأني أجد في هذه الصفوة الخيّرة كل العون بحول الله وشكراً لكم.
 
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :2302  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 26 من 118
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.