شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صرَاعٌ .. وَإذْعَانٌ؟!
انتهتْ لُعْبَةُ الحياةِ التي ظلت طويلاً.. إلى خُواءٍ رهيبِ!
كنْتُ فيها الجَنِينَ في المَهْبـلِ المُظُلِـمِ
يَحُنو فيها عَلَيَّ حَبِيِبْي!
هي أُمِّي الـتي تَجَشَّمَـتِ الهَـوْلِ
وعانَتْ مِن وعْكَةٍ وطبيبِ!
وأنا نُطْفَةٌ بِصُلْبٍ عَطُوفٍ
يَتَمَنَّى قُدُومَ طِفْلٍ نَجيبِ!
* * *
وتَحدَّرت مِن مَعينين صُلْبٍ
عَلَويِّ.. ومَهْبَلٍ عَرَبِيِّ!
وتّلَفَّفْتُ بالقِماطِ .. فمـا يُدْفـيءُ
مَهْدي غَيْرُ الحنَانِ الشَّجِيِّ!
لّسْتُ أَدْرِي أأسْتَوي في حياتي
كَرَشيدٍ. أَمْ أَسْتَوي كَغَوِيِّ؟!
كيف يَدْرِي الطِّفْلُ العمِـيُّ بِمـا يُفْضـي إلَيْـه.. مِـن عاطِـلٍ وسـوِيِّ؟!
* * *
وتَدَرَّجْتُ في الحيـاةِ صَبِيّـاً وفَـتىً
ساهِماً .. وكَهْلاً حرِبيا!
كان صَدْرِي كالأرض تَرْتَقِبُ القَطْرَ
ليَغْدو الجدِيبُ مِنْها خصِيبا!
ويَشِحُّ القَطْرُ السَّخِـيُّ ولـو جـادَ
لأمْسىَ اليَبِيسُ منها رطيبا!
وتراهُ يَهْمي على غَيْرِها .. الـرّوض
وما احْتَاجُهُ .. فَتَشْكـو النَّصيبـا!
* * *
وأَراني غَدَوْتَ مِن شَجَـنِ الدُنْيـا حَكِيمـاً.. يَـرى مـن البُـؤْسِ ُنعْمـي!
بَعْد أَنْ كنْتُ شاكِيـاً .. أَنْـدُبُ الحَـظَّ.. وأَطْـوي غَمّـاً. وأُنْكِـرُ ظُلْمـا!
عادَ غُرْمي الذي تخيَّلْـتُ بالأَمْـسِ
بِرُوحي الذي تَرَفَّعَ.. غُنْما!
وبَدَتْ لي الخُطُوبُ . وهـي تُناغِيـني وتَكْسـو العِظـامَ لَحْمـاً وشَحْمـا!
* * *
كانَ وَهْماً ما خِلْتُـه قَبْـلُ مَجْـداً
وحُطاماً .. والمـاءُ كـانَ سرابـا!
فَهُما يُشْقِيانِ إنْ لم يكونا
عَمَلاً مُسْعِداً.. ورأْياً صَوابا!
والكَثيرُ.. الكثيرُ مِنَّا شَحِيحٌ
وعَنِيفٌ.. إذا اسْتَقَلَّ السَّحابا!
في يَدَيْهِ الحُطامُ والمَجْـدُ مـا عـاش
على النَّـاسِ.. أَسْهُمـاً وحِرابـا!
* * *
وتَفَكَّرْتُ فاسْتَبانَ لِيَ الأَمْرُ
وقد كان خَلْـفَ شتَّـى السَّتائِـرْ!
رُبَّ تِبْرٍ هو التُّرابُ.. وما يُغْني فَتَيلاً .. ولا يَصُدُّ الفَواقِرْ!
إنَّه كالهباءِ يُرخِصُهُ الشُحُّ
ويُشْقي بحجزه في الغَرائِرْ!
رَبُّهُ لا يَحُوزُ منـه سـوى الفقْـرِ
سوى المَقْـتِ. واحْتِـواءِ المآثِـرْ!
* * *
أيُّ فَقْرٍ أَنْكى من الجَشَع المُزرِي وَجَمْع الحُطامِ .. لا إنْفاقِهْ!
بِئْسَما المَرْءُ وهـو يَلْهَـثُ في السَّقـي لئيمـاً .. يَخـافُ مِـن إمْلاقِـهْ؟!
وهو في ذُرْوَةِ الثَّراءِ. فَلَـوْ أغْـدَقَ
لاقى المزيد من إغْداقِهْ!
رُبَّ جَدْبٍ يَعـودُ خَصْبـاً ولكـنْ
بَعْدَ تَشْذِيبِهِ. وبعد احْتراقِهْ!
* * *
يا عَبِيدَ المَجْـدِ الحَقِـيرِ تَرَخَّصْتُـمْ
فلم تَسْلكُوا السَّبِيلَ القَوِيما!
لم تَنالُوا المَجْدَ اللُّبابَ وهَيْهاتَ فإنَّ القُشُورَ تُرْضي اللَّئيما!
ورَضِيتُمْ بِها. وخُضْتُم إِليْها
لُجَجاً واصْطَفى الرَّميـمُ الرَّمِيمـا!
رُبَّ مَجْدٍ يَقُـول سُحْقـاً لِراعِيـهِ
فَإنِّي وأَنْتَ نَصْلى الجحيما!
* * *
إنَّ في اثنَيْكُما .. حُطامـاً ومَجْـداً
ما يُزَكِّي الضَّمِـيرَ.. أَوْ ما يَغُـولُ!
ما يَرى النَّاسُ فيـه خَيْـراً وشَـرّاً
من نُفُوسٍ تَطْغَى عَمًـى وتَصُـولُ!
ونُفُوسٍ أَوَّابةٍ تَشْتَهي العَوْنَ فَتَـروِي
به الصَّدى .. وَتَعُولُ!
كم تُضِيءُ الحُلُولُ سَـودَ الدّياجِـير
وكم تَنْشُرُ الظَّلامَ الحُلُولُ!
إنَّ نَفْسـي ما بَيْـنَ تلْكَ وهـذي
فهي نَفْسٌ غَوِيَّةٌ. وبَتُولُ!
فَصُعُوداً حِينـاً إلى النَّجْـم بالخَيْـرِ
وحيناً يحْلُو لَديْها النّزُولُ!
آهِ مِمَّا عانَيْـتُ مِنْهـا فأجْهشـتُ
ولكنَّها العليمُ.. الجَهُولُ!
طال ما بَيْنَنا الصِّراعُ ولَمَّا
تؤْثِر السَّلْمِ فَهـي حَـرْبٌ تَطُـولَ!
* * *
يا إلهي لو أَنَّـني كنْتُ مُخْتـاراً.. لما اخْتَـرْتُ غَيْـرَ نَهْـجِ الرَّشـادِ!
غَيْرَ أنِّي مِن بَعْدِ عَجْزي تَنَوَّرتُ سَبِيلَيَّ في الذُّرى والِوِهادِ!
فَتَطَلَّعْتً لِلسَّماءِ.. وأَلْقَيْتُ إلى رَبِّها العلِيِِّ قِيادي!
فإذا بي قَلْبٌ شَجِيٌّ.. وفِكْرٌ
عَبْقَرِيٌّ طابا بِطِيبِ المعَادِ!
جدة/ 29/6/1412هـ
4/1/1992م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :596  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 14 من 174
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الأول - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج