شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دعك من تخمين عمري
كنت قد ذكرت في مناسبة في معرض استشهادي بالشاعر أحمد صافي النجفي، أن الشعراء لا يحبّون الكشف عن أعمارهم ويرتاعون من الشيخوخة والمشيب. أذكر من ذلك أن المرحوم سعيد العيسى حافظ على أسرار عمره وكانها أسرار كنز مكين. كنّا نتصور أثناء عملنا كزملاء في إذاعة لندن أنه حرص على ذلك خوفاً من إحالته على التقاعد، ولكنه واظب على ذلك وبإصرار أعظم حتى بعد تقاعده وانتهاء عمله الإذاعي.
وصلتني في هذا الخصوص رسالة طريفة من الزميل الدكتور فؤاد حداد يخوض فيها في هذا الموضوع في معرض تعليقه على الإخوانيات التي جرت بينه وبين المرحوم العيسى -وقد نشرتها سابقاً- يقول صديقنا الشاعر:
أشكرك على ما نشرته من إخوانيات بيني وبين المرحوم الشاعر سعيد العيسى، فقد جرت بيننا في الواقع مطارحات كثيرة؛ وها أنت تكرمت بنشر بعضها بينما كانت ستبقى لولاك في عالم النسيان، أو لا تتعدّى أوراق مكتبتي الخاصة، فحق لك الشكر على هذا التنويه الكريم. إن ما صنع "الحداد" لم يكن في هذه الحالة إلاّ المحبة والود والصداقة والوفاء لهذا الرجل الطيب الوديع. فقد تعاشرنا -كما ذكرت- في أيام يافا وعملنا في محطة الشرق الأدنى بالقدس، ثم في إذاعة لندن وجمعنا أكثر من ذلك حبنا للأدب والشعر العربي، وقد كتب فيّ مديحاً كثيراً لا أزال أحتفظ به وبخطه إلى حدّ أنه قال لي مرة: سيكون في ديواني فصل كبير اسمه (الفؤاديات). وأذكر أنه في يوم ميلادي بعث لي بقصيدة يهنّئني فيها بتلك المناسبة، ويقول:
إن ينس خلّي فإني لست بالناسي
وكيف أنسى فؤاداً أطيب الناس
أصبو إلى عيده جذلان ذا لهف
وحبّه في دمي يسري وإحساسي
ويا فؤاد بعيني ما يزال فتى
وسوف يبقى فتى في عيده الماسي
هذا الشباب الذي بالأمس فارقني
نظراً... إليك أتى سعياً على الراس!
وقد سألته يوماً عن عمره، فأرسل لي هذه الأبيات جواباً على سؤالي، فقال:
دعك من تخمين عمري يا أخا ودّي الأمينا
أنت إن تنظر إلى وجهي تجد فيه غضونا
أسطراً قد زيّن الدهر بها مني الجبينا
دعك لا تنظر إلى وجهي ولا تحص السنينا
وإلى قلبي تعال انظر، تجد حباً دفينا
فأنا في العمر ما جاوزت حد الأربعينا
إنما جزت في حبّك أعواماً مئينا!
يا عزيزي فؤاد حداد، إنك تزور الأردن بين الفينة والفينة، هل لي أن أكلّفك في زيارتك المقبلة، أن تزور قبر الفقيد سعيد وتقرأ شاهدة القبر وتكشف لنا حقيقة عمره، أم هو يا ترى قد حافظ على "سرية" الموضوع حتى في طريقه إلى دنيا الآخرة، واقتضى علينا أن ننتظر حتى يوم الحساب لنعرف حساب عمره؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :458  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 60 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج