كان بين الزميلين الشاعرين المرحوم سعيد العيسى والدكتور فؤاد حداد، ما صنع الحداد، فرغم صداقتهما الطويلة والحميمة كان كل منهما يتربّص للآخر ليجد ثغرة يناغشه ويدغدغه فيها، ولد كلاهما في يافا ودرسا في القدس وهاجرا إلى لندن وعملا سوية في الإذاعة البريطانية، وتولّى الدكتور فؤاد تصليح أسنان العيسى، وتولّى العيسى تجريح أشعار فؤاد. لا عجب أن يكون بينهما ما صنع الحداد من المداعبات الإخوانية.
كان المرحوم سعيد يخاف ركوب الطائرة، ضمن الأشياء العديدة التي كان يخافها في الحياة. وقد وجد فؤاد في هذه البرانويا من الطائرة ما يفتح له ثغرة لمداعبة أخيه الشاعر، فبعث إليه بقصيدة منها هذه الأبيات:
يا ابن الأكارم والأما
جد وابن يافا الزاهرة
اعدل فديتك من عبور
فوق متن الطائرة
فالطائرات مصيبة
في الآونات الحاضرة
فيها الطريق قصيرة
وسريعة للآخرة
ما ضرّكم لو أنكم
سافرتمُ بالباخرة؟
فيها الفخامة والسلامة
والرياش الفاخرة
قرأ سعيد العيسى قصيدة الدكتور، فأجابه عليها هو الآخر بقصيدة من ذات الوزن والقافية، قال فيها: