شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
طوقان يرد على شوقي
المعلّمون في كل إنحاء الأرض مغبونون ونجدهم فوق غبنهم موضعاً لسخرية الساخرين ونكات المنكّتين. يكفينا من ذلك ما رواه الجاحظ في شأنهم من حكايات وطرائف، وما رواه الجاحظ له صداه في تراث سائر الشعوب. وهذه حقيقة محيرة، فالمفروض أن تغدق عليهم الحكومات بكرمها وعطاياها، ففي أيديهم سبل غسل دماغ الجيل الجديد. ولكن هذا لم يحدث وبقي المعلّمون في معظم جهات العالم يتقاضون أقلّ ما يمكن من الرواتب والأجور وهم المسؤولون عن تربية أطفالنا، ومع ذلك فلا يتلقّون منا غير السخرية والاستخفاف، ولا عجب أن نجد المعلّمين في دول كثيرة، ولا سيما فرنسا، يقودون الحركات الراديكالية ويمدّون الثورات والإنتفاضات بالوقود.
بيد أن أمير الشعراء أحمد شوقي ولم يكن معلّماً أو عرف التعليم، شاء أن ينصف المعلّمين، فقال فيهم قصيدته الشهيرة بمطلعها المعروف:
قم للمعلم وفّه التبجيلا
كاد المعلّـم أن يكـون رسولا
إذا كان أحمد شوقي غريباً عن عالم المعلّمين، فإن الشاعر إبراهيم طوقان لم يكن كذلك. فقد عاش طوقان في مهنة التعليم ومات وهو عليها. قرأ ما كتبه شوقي فانبرى ليعارضه في قصيدة مُرّة في سخريتها، فقال:
شوقـي يقول مـا درى بمصيبتي
"قـم للمعلم وفّـه التبجيلا"
اقعد فديتك هـل يكـون مبجّلاً
من كان للنشء الصغـير خليلا
ويكـاد يقلقـني الأمير بقولـه
"كاد المعلم أن يكـون رسولا"
لو جرّب التعليم شوقـي ساعـة
لقضى الحياة كآبة وخمولا
يكفي المعلّم غمّة وكآبة
مرئى الدفاتـر بكـرة وأصيلا
مئة على مئة، إذا هـي صلّحت
وجدَ العمى نـحو العيون سبيلا
لو كان في التصليح نفعـاً يرتجى،
وأبيك، لم أك بالعيون بخيلا
لكن أصلح غلطة نحوية
مثلاً واتّخـذ الكتـاب دليلا
مستشهداً بالغرّ من آياته
أو بالحديث مفصّلاً تفصيلا
وأغوص في الشعـر القديم فأنتقي
مـا ليـس منتحـلاً ولا مبذولا
وأكاد أبعـث سيبويـه من البلى
وذويـه مـن أهل القرون الأولى
فأرى بن كلب بعـد ذلك كلّـه
رفع المضاف إليـه والمفعـولا!
لا تعجبوا أن صحت يوماً صيحة
ووقعت مـا بين الـدروج قتيلا
يا من يريـد الانتحـار وجدتـه
"إن المعلم لا يعيش طويلا"
وكانت حكمة تنبؤية فما فتىء ابراهيم طوقان أن مات معلماً في سني شبابه، تغمّده الله برحمته الواسعة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :541  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 48 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج