شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حول مائدة الصيادية
دعى الأديب الشاعر المرحوم محمد القريشي عدداً من أصدقائه الى وليمة "صيادية"، أكلة السمك التي اشتهرت بها مدينة جدة. وكان بينهم الدكتور زاهد محمد زهدي. ويظهر أن الملأ الحاضر لاحظوا أن صديقنا أبو عمار قد نزل قصفاً في السفرة، فحاولوا إشغاله عنها بالشعر. ومن عادة الدكتور أن يترك أي شي إذا حضر الشعر وتحرّكت قريحته، وكانت بالفعل حيلة بارعة. نفض يديه من الأكل وراح مداعباً مضيفه، رحمه الله:
دعينا لصيادية لذ طعمها
ولذ حواليها جلوس الأحبة
جلسنا لها لصق الخوان كأننا
يتامى (قريش) أُكرموا يوم جمعة
ومد (القريشي) الوحيد بجمعنا
الى الأكل كفّيه وشد بعشرة
كأن له ثأراً قديماً توزعت
مقاتله البخلاء في كل لقمة
فواحدة في الكف حيرى وأختها
تنال من الفكين كل بلية
وثالثة عند المريء أسيرة
تحاول إذنا بالدخول لزحمة
ومن قبلها عشر تداعت بجوفه
سراعاً كسيل حط من فوق ربوة
وبين اليتامى واحد كان فكه
يلوك من الأسماك عشراً بلحظة
يلفلفها بالرز صنعة حاذق
ويلقي بها في جوفه في هنيهة
كأن لم يذق شهراً طعاماً بداره
وما لاح في نومه له طيف سمكة
ألا أيها الداعي حذار تعيدها
وإياك تدعو هؤلاء لحفلة
فهم أوسعوا قبل الطعام بطونهم
وجاؤوا جياعا منذ يوم وليلة
وقد شبعوا في بيتك اليوم شبعة
أخاف عليهم بعدها داء تخمة
بقدر معرفتي بالولائم، فأرى أن هذه أول مناسبة في الشعر يهاجم فيها الضيف مضيفه الكريم. ولكن المضيف لم يكن أقل باعاً. فما أن انتهت الوليمة ورفعت السفرة حتى انطلق القريشي ليجيب الدكتور زاهد:
(دُعينا لصيادية لذ طعمها)
فلم يبق غير صحن وسفرة
أخذت معي عرباً وأنت ببدلة
لتبدو من (الأكراد) جئت ببدلة
فإن كان بنطال عليك هدية
فمن أي غسال أتيت بسترة؟
كأنك في وفد تُمثل سادة
فصرت على الأسماك شر بلية
فمن صحن رب الدار تخطف لقمة
وإن غفلت عيني تغص بعظمة
وإن لمحت عيني فعالك تنثني
تداري الذي قد كان منك ببسمة
فكم ذيل (سيجان) بلعت بشوكة
وكم رأس (هامور) بلعت بموزة
مخافة أن تبقى بحلقك شوكة
وهل أنت تدري عن قشور وشوكة؟
تحرج رب الدار قيل من الذي
أتانا بهذا الضيف؟ قلت مروءتي
له زوجة في مصر عند عياله
وقد مرّ نصف العام دون وظيفة
فليس سوى الزيتون عند فطوره
وإن بات جوعاناً تغذّى بجبنة
وفي عطلة الأسبوع يأكل فرخة
وكام صاغ أبياتاً على كل فرخة
يسافر في شط الفرات على النوى
ويذكر أياماً على شط دجلة
فدعه إذا أوى بصحنك كله
ودعه إذا حلّى بخس وفجلة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :912  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج