شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ترتيلة لأفق غارب!
.. وانهمرت فُلول المغول -هذه المرة- من الزوراء إلى الكويت الوادعة التي كانت تهوِّم على أفنان الوسن.
واقتحم الغزاة فجر الكويت في الساعة الثانية صباحاً من يوم الخميس الحادي عشر من شهر المحرم الحرام سنة 1411هـ؛ الثاني من شهر أغسطس عام 1990م.
وانصبُّوا يقتلون، ويحرقون، ويهدمون، ويسرقون، ويغتصبون!!
جدة – الخميس: 22/3/1411هـ
مكة المكرمة – الثلاثاء: 12-4-1411هـ
 
ترتيلة لأفق غارب!
"إلى الشعراء.. والمفكرين.. وأحرار العرب الثوريين التقدميين؛ الذين باركوا الغزوَ المغوليَّ العربيَّ للكويت.. صباح الخميس 11/المحرم/1411هـ 2/أغسطس 1990م".
* * *
المدار:
مَنْ لهذا المدارِ الذي كان مُكتسياً
بالنَّدى.. والهديلْ؟
كانَ مؤتلفَ القلبِ
مؤتلقَ الوجهِ
تَرْفُلُ أغصانُ غَوطَتِهِ في الفَضاءِ الخَضيلْ!
مَنْ لهذا المدارِ المهوِّمِ
في رَسَنِ الريحِ
مُنتثراً
مِنْ تلابيبِ خيطٍ نحيلْ؟
يتدلَّى على غسقِ الموتِ
مُنْتكساً
في مَقامِعِ فَيْلَقِه الدَّمويِّ البَديلْ!
يتدلَّى على غسقِ الموتِ
فوق الجماجمِ
لا الفجر يُسبِلُ نُورَ جَناحَيْهِ..
أو يتألَّفُ عُنقودَ أجراسِه
الزمنُ العربيُّ الضَئيلْ!
* * *
يا صباحاً
على سَوْسَنِ الماءِ،
ما بالُ سَوْسَنِكَ المتباسِقِ
شذَّ عن الفننِ العربيِّ البَليلْ؟
باذخاً كانَ،
عَذْبَ الغمائمِ..
كنا نُراوِدُ ريحانَ أنوائِه
أن يكونَ الرَّخيَّ.. المُنيلْ!
باكرتْنا حَمائمُه البيضُ
بين العناقيدِ..
كنُّا نَئولُ إلى غُصْنها.. وتَئولْ!
في خليجِ جناحَيْكَ،
كنَّا نُبادِرُ آصِرَةَ الزَّهْرِ
كَيْلا يفضَّ عُراها المحُولْ!
أمحلتْ في العراقِ الشقائقُ
ممهورةً بالحِرابِ
ومحنيَّةً في الكبولْ!
نَاهِضي يا رياحَ الشواطئ
نارَ البُروقِ المُغِيرةِ
واكتسحي عُرْيها في التُّلولْ!
* * *
في العراقِ الذي يتدلَّى على لهبِ الموتِ
يخفُتُ صوتُ العراقِ النبيلِ
ويَبْرُقُ صوتُ العراقِ الذليلْ!
في العراقِ المُبلَّل بالنَّوْءِ والدَّمْعِ
والانتظارِ الخجولْ.
في العراقِ الظليلْ.
يتكسَّرُ ظِلُّ الفُراتِ
وتُطرِقُ دِجْلَةُ
كابِيةً في الأصيلْ!
كيفَ هذا الذي يتجهَّمُه الحزنُ
والخيلُ تحْجِلُ
مصبوغةً بدماءِ الخَميلْ؟
كيف هذا الذي يتناغمُ بالصمتِ
والسَّادةُ الهانِئونَ
يُوارونَ أعناقَهمْ
عن جراحِ الطُّلولْ؟
ولماذا تَنوءُ السَّماوَةُ
في القمعِ،
وهْيَ تُعانِقُ وجهَ الضَّليلْ؟
* * *
أزمرُّدةَ الشَّاطئينِ،
أفيقي!
أما كنتِ دُرَّةَ ذاكَ الزَّمانِ الحَفِيلْ؟
كنتِ تفتحينَ فضاءَ يدَيْكِ
بِزهرِ الحُقولِ،
وتبتدرينَ بنيكِ بوجهٍ جَليلْ!
كنتِ في الضِّفَّتينِ
مَنارَ المدائنِ؛
ما يتصبَّاكِ إلاّ: البَهِيُّ
الأبيُّ.. الوَصُولْ!
- أتُفيقينَ؟
ما زالَ بين قناديلِ نهرِكِ:
ذاكَ الجَفولُ من القيدِ،
ذاكَ الأَنوفُ الحَمولْ!
* * *
أيُّها العربيُّ الأبيُّ،
مضى زمنٌ كنتَ فيه تُغامرُ
بالياسمينِ المندَّى بصوتكَ..
قبلَ الأُفولْ!
حينَ كنتَ تُداري
أهِلَّةَ مائكَ
مُؤتزِراً بالنخيلْ!
حينَ كنتَ الجميلَ.. الجميلَ،
وكانَ مَدارُكَ
رُؤيا الزمانِ الأَثيلْ!
حين كنتَ الكثيرَ،
وكانتْ سيوفُ مَرامِيكَ
تشحذُ ميقاتَ أفقٍ جَفولْ!
أيُّها العربيُّ الأبيُّ،
مضى زمنٌ
كانَ فيه الغزاةُ يُساقُونَ
تحتَ لواءِ الكميِّ الدخيلِ،
وها.. نحنُ في زمنٍ؛
مِنْ تُخومِ العروبةِ تنهلُّ خيلُ المغُولْ!!
جافِلاتٌ..
تعفِّرُ زُخرُفَها
في دمِ الجسدِ العربيِّ الكليلْ!
* * *
أيُّها العربيُّ الحَفولْ
كنتَ في المِهْرجانِ
تُلوِّحِ باسم الطواويسِ؛
كيفَ -ترى الآن- مرآة
ذاكَ الوِعاءِ الثقيلْ؟
هَلْ تُعاطِرُ طاووسَكَ المستحيلْ؟!
للشَّمالِ تواشيحُه البارِقاتُ
علينا،
فكيفَ الجنوبُ العليلْ؟
تتقازمُ فيه العقولُ
وينهمِرُ الجوعُ
والحلكُ المستديرُ المَهُولْ!
والذي بينَ أطيارِ هذي الخَميلةِ
صار بأيدي
الجهولِ.. العميلْ!
يَثِبُ الخامِلُ المستريبُ
إلى سُدَّةِ الضَّوءِ
ينثرُ أطواقَه في الرِّقابِ
ويطوي الصباحَ البتولْ!
ما الذي في الكِنانةِ؟
ما قضُّها.. والقضيضُ؟
وما ضِغْثُها.. والفُضولْ؟
ما الذي تنتقي من كتابِ الحياةِ؟
فما ثَمَّ إلا ضجيجُ
قِناع هزيلْ!
كُلَّما نَمَّ في البَوْنِ أفقٌ،
تنحَّى له غائلٌ..
وخَذولْ!
إن تيامَنْتَ
كنتَ العَتِيقَ المسجَّى!
وإِمَّا تياسَرْتَ،
فِئْتَ إلى خَدَرٍ من شَعَاعٍ نَثيلْ!
إنَّه الحزنُ ينهضُ في القلبِ
مُجترحاً زمناً لانكسارِ الخليلِ،
وذبحِ الخليلْ!
كُلُّنا نتجرَّعُ أكؤسَنا الدَّامياتِ
على جُثث
في نجيعِ الحواشي تسيلْ!
كُلُّنا نتهامَى
وكلٌّ -على همِّه-
يتقلَّبُ في جمرةِ الصمتِ،
أو يتملَّى مَساحِبَ طاووسِه المستحيلْ!
* * *
أيُّها العربيُّ المكلَّلُ بالنَّارِ
من نقماتِ الخليجِ
إلى عتماتِ المحيطِ،
تيقَّظْ.. فأنتَ الحصانُ القتيلْ!
وتوجَّسْ مَطالِعَ لَيْلِكَ
مِنْ سَلْسَبِيلِ المياهِ
إلى الأرخبيلْ!
أنتَ أولُ من يَحْتَبي
في زوايا المحارةِ
مُرتفقاً بالسُّهادِ الطويلْ!
أنتَ آخرُ من ينتضي
قُوتَ ساعدِه المتجهِّمَ
مُنكفئاً بالقليلِ.. القليلْ!
قِفْ!
تأمَّلْ خُيولَ المُغيرينَ
في ساحةٍ
تَتَصَافَنُ
فوقَ سَنابِكها الجارحاتِ الخُيولْ!
هَلْ ترى غيرَ وجهِكَ:
هذا المغضَّنِ بالقَهْرِ
هذا المعفَّرِ بالصَّهْدِ
في نمنماتِ الذُّبولْ؟
بينَ أزهارِ صَرْحكَ
والصَّوْلجانِ المُزجَّجِ بالنَّهْرِ
نَصْلٌ يصولُ،
وريحٌ تصولُ!
وأخٌ يتنفَّجُ بالورْدِ،
والليلُ مُحْتلِكٌ
في الإهابِ الخفيِّ الصَّقيلْ!
فحذارِ! حذارِ!
فإنَّ أخاكَ المقارِبَ
قد يتصوَّبُ أطيارَ بابِكَ
حينَ تُغِيرُ الفُصولْ!
وحذارِ! حذار!
فإنَّ أخاكَ المخاتِلَ
يرقبُ مِنكَ مُخالَسَةَ الوقتِ
كيما يَجُولْ!
(وسِوَى الرُّومِ من خلفِ ظهرِكَ رُومٌ
تجوسُ المدى
فعلى أيِّ جنبيكَ سوفَ تميلْ؟)
يا حبيبي،
ترقبْ تُخومَكَ؛
فالأرضُ حينَ تدورُ..
تدورُ الذُّيولْ!
يا حبيبي،
شَمالُكَ ما عادَ ذاكَ الشَّمالَ
وما عادَ هذا الجنوبُ
يُطالِعُنا بالأصيلْ!
يا حبيبي،
فضاؤكَ لؤلؤةٌ
في نِصالِ البعيدِ الغريبِ
وياقوتةٌ
في مِطالِ القريبِ الخَتُولْ!
أيُّها المتنامي على زَنْبَقِ الوهمِ،
ما عادَ وهماً!
ألا تبصرُ -الآنَ- ما كانَ مُستتراً
في السَّديم الأَسِيلْ؟
فتلمَّسْ خُطاكَ
تمثَّلْ رؤاكَ
تدبَّرْ فُلولَ جناحَيْكَ
قبلَ ابتدارِكَ نارَ الفَتيلْ!
واطَّرِحْ عنكَ أبرادَ عطرِكَ
فالطيرُ حولَ بُروجِ النَّدامَى شُكولْ!
والطيورُ على مثلها تتداعى
وتنكبُّ في رَنَقِ الموجِ
وهْيَ تَطُولُ -على جهلِها- ما تَطُولْ!
وحواليكَ،
مما ترى العينُ أو لا ترى
حَفْنةٌ من صميمِ العُرى
لَوْ ترى!..
إنهم لاقْتِسَامِ السِّباءِ مُثولْ!
لا تُقايضْ على نُورِ وجهِكَ
مَنْ يتنكَّبُ
ماءَ بني عمِّه.. والخُؤولْ!
مَنْ يُواطِئُ سَرْحَ الحُواةِ
ومَنْ يتحرَّفُ عن قسماتِ القبيلْ!
وأَدِرْ لبلادِكَ ماءَ السَّواقي
فأرضُكَ أحرى
بهذا الحِباءِ الجزِيلْ!
أتَرَى -الآنَ- حولَ خليجِ مَنارِكَ
بارِقةً تتجاسَرُ
بينَ أعِنَّتها السَّابِغاتِ النُّصولْ؟
يا إناءً ترنَّقَ
في يدِ غِرٍّ غَلولْ.
يا فضاءً تَوانى،
فأرختْ عليه الليالي السُّدولْ.
يا كتاباً
تمشَّتْ عليه فصولٌ
مِنَ السَّمْهَرِيِّ المُدِيلْ.
تتناءَى الصَّبَا
والنَّدى
والغمامُ الهَطُولْ!
مَسَّنا الغُلُّ حتى كَبِرْنَا
ولمْ ندرِ ماذا نقولْ؟
قَيْدَ أُنْمُلَةٍ مِنْ دمِ الوقتِ
نَغْمِسُ أقواسَنا.. أو نَزُولْ!
* * *
يا عراقْ،
يا صِباً كان حُلْوَ المذاقْ.
يا دماً لا يُطاقُ
رؤىً لا تُطاقْ!
يا جَريحاً.. كسِيحاً
طريحَ الوِثاقْ!
كمْ شَدَدْناكَ بالحُبِّ؛
كيفَ تضِنُّ علينا ببعضِ العِناقِ،
وبعضِ الوِفاقْ؟
آهِ.. ما أكثرَ الحزنَ حينَ يُطوِّقُ نهرَ العراقِ
ونخلَ العراقِ
ونجمَ العراقْ!
كُلَّما نزفَ القلبُ حزناً
بكيْنا العراقْ!
كلَّما أسبلَ الدَّمْعَ: طفلٌ
بكيْنا العراقْ!
كُلَّما انتقضتْ في النُّذورِ الأجِنَّةُ،
مخضوبةً بنجيعِ الدِّماءِ العِتَاقِ
بكيْنا العراقَ
بكيْنا العراقْ!
كُلَّما انهمرتْ في العراقِ النَّوارِسُ
مَوْشومةً بجراحِ العراقِ،
بكيْنا العراقَ
بكيْنا العراقَ
بكيْنا العراقْ!
كُلَّما انتكسَتْ في العراقِ المآذِنُ
مَجْدُولةً بالعراقِ المسَجَّى
بكيْنا العراقَ
بكيْنا العراقَ
بكيْنَا!
يا عراقُ الذي سَلَّ نارَ الفِرنْدِ
وفتَّح جُرْحَ السَّوادِ الوَبِيلْ.
يا عراقُ الذي أنجبتْه الميامينُ
هَلْ تَقْبُرُ الشغفَ العربيَّ النبيلْ؟
يا عراقُ انتفضْ!
يا عراقُ انبثقْ!
يا عراقُ، تحسَّسْ جِراحَكَ
أَحْكِمْ سِلاحَكَ
أَطْلِقْ سَراحَكَ
وانهضْ إلى دُرَّةِ الماءِ..
إنَّ الذي ضيَّعَكْ
لَنْ يكونَ مَعَكَ!
يا عراقَ الجيادِ،
عراق الصهيلِ:
امْتثِلْ مِنْ زَنيمِكَ
قَبْلَ ارتِسَامِ دَمِ العارِ
في كُلِّ جِيلْ!
يا عراقَ المياهِ،
عراقَ النخيلِ:
أَفِقْ!
إنَّ هذا أوانُكَ
قبلَ انتِثارِ الغِشاءِ النَّسِيلْ!
أتَرى ما نراهُ؟
أتُدرِكُ ما خبَّأَتْه: الذُّرا
والثَّرى
والسُّهولْ؟
هَلْ تُلامحُ بينَ زِنادِ الرَّحَى
ما انتضاهُ الكَمِينُ المزجَّجُ بالصَّحْصَحَانِ
لتَعْرَى قِلادَةُ هَذي العُرى
والشُّمولْ؟
طوَّقتْكَ مَخالبُ هذا الزَّمانِ الرَّديءِ
الرَّديءِ
فهلْ تستضيءُ؛
فتنتضحَ عَنْ بُؤْبُؤِ الرَّافِدَيْنِ
السَّوادَ الخَبيءْ؟
* * *
يا عراقُ،
ويا نخلُ،
يا ظِلُّ،
يا أقحوانَ الرُّصافَةِ،
يا ماءُ،
يا سلسبيلْ،
هلْ تُظَلِّلُ بيضُ الحمائم
وجهَ العراقِ المَحُولْ؟
أيُّها العربيُّ الأبيُّ
الفتيُّ
العِصيُّ
الأصيلُ
الملولُ
القليلُ
أَفِقْ! إنما أنتَ –حينَ تُفِيقُ– الجميلْ!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :397  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 40 من 67
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج