شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قَصِيدة الإشْرَاقِ
كانَ عبدُ الله يستَجْلي الْمَدى
عندما دمَّرَتِ اليقظةُ ما قد شَيَّدا
فمضى.. مُسْتَتِراً في حُلمهِ
يرتدي عالَمهُ المنسوجَ مِنْ غَزْلِ النّدى
كُلَّما مَزَّقتِ الريحُ شراعاً حاكَهُ
نسجَ الريحَ شراعاً
والأَماني زَوْرَقاً
واستأنفَ السيرَ ليَجْتازَ الْغَدا
* * *
كان عبدُ اللهِ
في الأطلسِ مَلاَّحاً
وفي الإسراءِ صوفِيّاً
وفي الْجَوِّ خَيالاً جُسِّدا
مُسْرِعاً في طرقاتِ العُمرِ
محمولاً إلى وعدٍ
ولا مَنْ وَعَدا
فإذا خادَعهُ الليلُ بدربٍ
نفَضَ الليلَ وسارْ
واستوى ثانيةً يبحثُ عن صُبْحِ الْمَسارْ
وهو لا يعلَمُ في أَيِّ الثَّنايا صَعَدا
* * *
وسِنونَ الْعُمر نامَتْ خَلْفَهُ
جُثَثاً مَنسِيَّةً
كفَّنَها الْوَهْمُ وغَطَّاها الْعَذابْ
لم تَنَلْ مِنْ لَذَّةِ الْعَيشِ ولا ثانِيَةً
وهيَ لم تعرفْ لِضوءٍ مَوْرِدا
* * *
قال عبدُ الله:
ما أَبْعَدَني عن هذهِ الدنيا
وما أقربَها مني
فهل نحنُ عَدُوَّانِ يَسيرانِ مَعاً
هو يَطْوي ذاتَهُ في ضَوْئها
وهي تَطْويهِ إذا ما اتَّقَدا؟
كيف لي أنْ أُبْصِرَ الأَحْلامَ في الْعَتمِ إذَنْ؟
وأرى الداني من الْحُلْمِ أَوِ الْمُبْتَعِدا؟
* * *
ورأى يوماً على إحدى الْمَرايا
لُمَّةً مُنْطَفِئَهْ
وجبيناً نَسِيَ الدهرُ عليهِ صَدَأَهْ
وأخاديدَ انحنَتْ في وَجْههِ
يَتَحرَّى صَمْتُها أَسْرارَهُ
ومَناماً خَبَّأَهْ
كُلَّ ما شاهدَهُ كانَ غَريباً فاجَأَهْ
قال عبدُ الله:
ما أَصْعبَ أَنْ أَحْيا ولا أَحْيا
بغاباتِ الرُّؤى الْمُنْكَفِئَهْ
فهلِ امْتَصَّ أَمانِيَّ الزَّمانْ
وأنا أَحْرُسُ في قَلبي هَديراً
لينَابيع الْهَوى الْمُخْتَبِئَهْ؟
وانُثَنى للخَلْفِ عبدُ اللهِ
يسْتَجْدي السِّنينَ الْمُطْفَأَهْ
* * *
وعلى مائدةِ الليلِ الذي
واكَبَ عبدَ اللهِ في الغُرْبةِ إِلْفا
حَلَّ عبدُ اللهِ ضَيْفا
مُنْزلاً عن كَتِفَيْهِ
سَلَّةَ الْحُزْنِ وَمِصْباحاً
على كَفَّيْهِ أَغْفى
ورأى مِنْ فَجْوةِ الليلِ امْرَأَهْ
يَرْتَديها الضُّوْءُ شِفّا
أَقْبَلَتْ كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ إِشْراقاً ولُطْفا
ظَنَّها في بادئِ الْمَشْهَدِ طَيْفا
أَوْ كياناً مِنْ نَسيجِ الْوَهْمِ قد رَقَّ وَشَفّا
قالَ: لا
لكن بَلى
إنَّ ما أُبصِرُ.. قَدّاً يَتَوالى مَوْلِدُ الْحُسْنِ بهِ
قِطْفاً فَقِطْفا
فِتْنَةٌ تَغْفو على الثَّغْرِ لِتَصْحو فِتْنَةٌ أُخْرى
إذا ما الْهُدْبُ رَفّا
* * *
قال عبد اللهِ:
ما أَجْملَ أَنْ أَسْتَأْنِفَ الرِّحلَةَ في فَصْلِ الْخَرِيفْ
وأَنالَ الْحُسْنَ إِقْبالاً وقَطْفا
بعْدَ أَنْ شُلَّتْ أَمامي الطُّرُقاتْ
ودليلُ السَّيْرِ أَغْفى
وأنا في عَتْمةِ الْعُمرِ
وحيدٌ أَتَخَفَّى
وغَريبٌ أَتَكَفّا
والذي ما ذُقْتُهُ
منْ ثَمَرِ الأَفْراحِ جَفّا
* * *
هلْ تَجيئينَ مَعي؟
كي نَبْدَأ الرِّحْلَةَ خَطْفا؟
لم يَزَلْ مُنْتَظِراً مَوْعِدَها
وهي حَتّى الآنَ
ما قالَتْ لِعَبْدِ اللهِ حَرْفا
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :401  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.