شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فَاطـمَة وَالأمِـيْر العَربي
كتبت هذه القصيدة عندما سال الدم العربي بالسيوف العربية. لحظة استيقظت الجاهلية الأولى، ودفعت عرب العراق لغزو عرب الكويت، وكانت تلك الحرب الكارثية التي أسميت بـ "حرب الخليج الثانية" والتي ترتب عليها هدر إمكانات، وضياع طاقات، وتأجيج أحقاد، وأفرزت الحصار لشعب، والهلاك. وزرعت الخنجر الجاهلي بين العرب والعرب.
يبرود 1992
مدخل:
رَسَمْتُ لِلَيْلى صورَةً فوْقَ جَـدَّةٍ
وأُخْرى على ثَغْرِ الْخَليجِ ائْتِلافُهـا
وثانِيَةً في الشَّامِ مـا زالَ أَصْلُهـا
يُحَمْحِمُ حـتى يَسْتَجيبَ عِراقُهـا
وأَدْنَيْتُ مِنْ صَنْعاءَ لِلْوَجْدِ غُصَّـةً
تَغَشّى ذُهولَ الْعاشِقينَ احْتِراقُهـا
وفي الْمَسْجِدِ الأَقْصى تُمَزِّقُني الرُّؤى
وتَهْدَأُ قُـرْبَ الأَطْلسِـيِّ عِتاقُهـا
فَمَنْ قالَ لِلْمَجْنونِ: إنَّكَ حالِمٌ
ولَيْلى رَميمٌ لَيْسَ يُجْدي عِناقُها؟
* * *
الوجه الأول
تَوَضَّأْتُ بالصَّحْوِ تَحْتَ جُفونِ الدُّجى
وارْتَدَيْتُ الصَّباحْ
وكانَتْ صَلاتي حُداءً يُمازِجُهُ الْوَجْدُ
يَرْحلُ في الظُّلماتِ وَحيداً
وشاهَدْتُ طَيْرَ قُرَيْشٍ يَرُشُّ النُّجومَ على الليلِ
خَفْقُ جَناحَيْهِ عُرْسٌ على كَتفِ الْكَوْنِ
يَحْمِلهُ في فَضاءِ السَّماواتِ أَلْفُ جَناحْ
تَلوحُ أَمامي
على بُعْدِ خُطْوَةِ شَوْقٍ وخُطْوَةِ عِشْقٍ
تَلوحُ أَمامي
على بُعْدِ خُطْوَةِ شَوْقٍ وخُطْوَةِ عِشْقٍ
قَوافِلُ للرّاحلينَ على صَهْوَةِ الضَّوْءِ
شَرْقاً وغَرْبا
مُحَمَّلَةً بِحَكايا الْمُحِبِّينَ نحو التُّخومِ الْعَصِيَّهْ
حُمولَتُها الطِّيبُ والشِّعْرُ والأُغْنياتْ
وأدركْتُ مَرْوانَ يَرْكضُ في نَبْضِ ذاكِرَتي
ويُبارِكُ سَيْرَ قافِلتِي
وتحتَ مَساماتِ جِلْدي يُقيمُ الصَّلاةْ
وفاطِمَةٌ
تَسْتَريحُ على كَبدي لَحْظَةً لَحْظَةً
وتَعْمُرُ في فُسْحَةِ الْقَلبِ مَقْصورةَ الأُمْنِياتْ
وَوِدْيانُ عَبْقَرَ
تَسْهَرُ شوْقاً إلى العاشِقينَ
وتَلْطوا بزاوِيَةِ العشقِ بينَ الْمُريدينَ
لتَهْمُسَ في أُذُنِ الْكَوْنِ: ها
مَرَّتِ الْحُلْوَةُ الْيَعْرُبِيَّهْ
وَ: كافْ. هاءْ. يَ. عَيْنْ. صادْ
رِياحٌ رَخِيَّهْ
مُحَمَّلَةٌ بالشَّذى الْعَرَبيِّ
تَسوقُ السَّحابَ ارْتِحالاً إلى الْبَلَدِ الْمَيْتِ
توقِظُ أَطُرافَهُ
مِنْ فُصولِ الْمُواتْ
وتَهْطُلُ حتى اخْضِرارِ الرُّؤى
واغْتِسالِ الْمَرايا مِنَ الدَّمْعَةِ الأَبَدِيَّهْ
وتَنْهَلُّ حتى يَفُكَّ الْمُريدونَ عَنْ جَوْهَري
عُقْدَةَ أَسْرارِهِ
وأيقظتُ فاطِمةً مِنْ مَنامٍ يُرفرِفُ في مُقلَتَيْها
ويَظْمَأُ شَوْقاً لِقامَتِها
وقلتُ: أَفاطِمُ
مالَتْ عُذوقُ النَّخيلِ على لِمَّتي
واحْتَوتْنِي مَوْجَةُ حُبٍّ
تَحومُ نَوارِسُها غِبْطَةً بِصُعودِ الْبَشَرْ
والنُّزولِ مِنَ الْجاهِليَّهْ
فاسْبَحي -قُلْتُ-
فاطِمَةٌ اِسْبحي في غِناءِ الْبَوادي
ورُشِّي بتُربَةِ عَبْقَرَ بِذْرَ الْخُزامى
وروِّي القُرُنْفُلَ بالبَسْمَةِ الأُمَوِيَّهْ
وهُزِّي إليكِ بِجِذْعِ الْقصيدَةِ
يَسَّاقَطِ الْعِشْقُ بَيْنَ الأَميرِ وفاطِمَةٍ
إنَّها لَمْحَةُ الْخَصْبِ جاءَتْ
لِتَنْشُرَ فَوْقَ الْجَزيرَةِ أَسْرارَها
اُنْظُري.. فُتِحَتْ كُوَّةٌ في السَّماءْ
لِتُرْسِلَ كَالْغَيْثِ أَطْيارَها
والطَّريقُ طويلٌ طويلٌ
وزادُ الرِّجالِ الْهَوى في الْبُقاعِ الْقَصِيَّهْ
اِسْمَعي زَغْرَداتِ الْحَصى
أُغْنِياتٍ غَمَّضَتْ مُقْلَتَيْها
على فَرَحِ الْعاشِقينْ
أُشاهِدُ.. فاطِمُ
كَيْفَ تَحِنُّ فُصولُ النَّماءِ إلى شَهْوَةِ الْخِصْبِ
وازَّيَّنَ الْكَوْنُ بالْمُعْجِزاتْ
وناديتُ ثانِيَةً:
أَفاطِمُ.. لم يَبْقَ مِنْ مَوْسِمِ اللَّيْلِ إلاَّ الْقَليلُ
هُوَ الْوَرَقُ الْمُتَساقِطُ أَرْهَقَهُ الْقَحْطُ
تَحْرِقُهُ الشُّعْلَةُ الْقُرَشِيَّهْ
والْبُيوتُ التي شادَها الفاتِحونْ
تُلَقِّحُ سِتَّ جِهاتٍ بِخُضْرَتها
والْخِضابُ فَرَحْ
خطاً.. وبَعْضُ الْخُطا
وتَمْشي الْمَناماتُ مُثْقَلَةً بالْجَنى
فاعْبُريها فِطامُ إلى الْعُدْوَةِ السَّرْمَدِيَّهْ
عَلِمْتُ بأَنَّ حُمولَةَ أَهْلي إلى السَّنَةِ الْقادِمَهْ
هِيَ الْخُضْرَةُ الدائِمَهْ
وإِنَّ أَصابعَ أُمي تُحوكُ جَناحَيْنِ لِلأَبْجَدِيَّهْ
* * *
الوجه الثاني:
وما كنتُ أَقْرَأُ في صُحُفِ الْغَيْبِ
ما يَخْتَفي في عَمائِمِ أَهْلي
ولا أَنْبَأَتْني طُيورُ قُرَيْش
بأني سَأُطْرَحُ في الْجُبِّ حتى يَمُرَّ بِيَ الْغُرَباءْ
فآكُلَ في الْعَتمِ كِسْرَةَ خُبْزٍ وأَبْلَعَ صَمْتي
إذا هَبَطَ الدَّرْبُ فينا
وغاصَتْ قوائِمُ مُهْري برَمْلِ ثَنِيَّهْ
وما كنتُ أَعْلَمُ
كيفَ يُبَدِّلُ أَبْناءُ عَمِّي قِبْلَتَهُمْ فَجْأَةً في الصَّلاةْ
وكيفَ يُفَسِّرُ شَيْخُ الْقَبيلَةِ قُرْآنَهُ
مثْلَما تَدْفَعُ الريحُ هَوْدَجَهُ
لتَظَلَّ الْغَنائِمُ دَفَّاقَةً مِنْ جَميعِ الْجِهاتْ
* * *
وفاطِمُ فَرْخُ حُبارى
تَزُفُّ الْقُرُنْفُلَ حَوْلي
وتَسْقي الْبَنَفْسَجَ دَمْعَ الْفَرَحْ
* * *
وناديتُ: فاطِمةٌ
أَبْعِدي الْمُهْرَ عَنْ زَلَّةٍ في الْفَلاةْ
وأَقيمي الصَّلاةْ
إنَّها وَجْهُنا إنْ تَهُبَّ رِياحَ الشَّتاتْ
اِحْذَري.. إنَّهُ زَمَنُ الْموبِقاتْ
وأنا مَقْلَعٌ لِلْجِراحْ
* * *
أَيُعْقلُ؟ أَنْ يَتَكفَّأَ هذا الطَّريقُ على نَفْسهِ بَغْتَةً
وتَعودَ الْمَصاحِفُ ثانِيَةً
لِتُغَطِّي رؤوسَ الرِّماحْ؟
تَحَسَّسْتُ في جَسَدي أَلْفَ جُرْحٍ مِنَ الْغُرَباءِ
وجُرْحَيْنِ مِنْ الْقافِلَهْ
شَمَمْتُ بِنَزْفِهما - غَيْرَ رائِحَةِ الْغَدْرِ-
رائِحَةَ العائِلَهْ
فَمَنْ يَتَطَوَّعُ مِنهثمْ لِتَضْميِدِ جُرْحَيَّ
قَبْلَ الْوُصولِ إلى هُوَّةِ الْمَهْزَلَهْ؟
ومَنْ يَسْتُرُ العارَ
قَبْلَ انْتِشارِ مآقيهِ في الْحِقْبَةِ الْمُقْبِلَهْ؟
فَجُرْحٌ يَنِزُّ على دَفْتَرِ الأَهْلِ يَطْمُسُ بَصْمَتَهُ
لِتَضيعَ خُطوطُ الْهَويَّهْ
وجُرْحٌ يُحَمْحِمُ كَالْمُهْرِ ما بينَ قَلْبي وعَيْني
ومُهْري بهِ راكِضٌ يَسْتَغيثُ الْجِهاتْ
ورَجْعُ الصَّدى صاخِبٌ
يُغْرِق كُلَّ الْمنافِذِ حَولي
فلا وَجْهةٌ مَشْرِقِيَّهْ
ولا وَجْهَةٌ مَغْرِبِيَّهْ
* * *
مُحَيِّرَةٌ رِحْلَتي في الدَّوائِرِ يا فاطِمَهْ
فلا تَبْعُدي عَنْ حَوافِرِ مُهْري
لئَلاَّ يَعودَ إلى الْجاهِلِيَّهْ
خُطاكِ فَطيمَةُ لُصْقي
دَعي رَفَّةَ الْهُدْبِ تَرْسُمْ طَريقي
فَبَوْصِلَةُ الدَّرْبِ، فارِغَةُ الْقَلْبِ، مِنْ نَبْضَةِ الْحُبِّ
يَلْوي عقارِبَها مَنْ تَطولُ على السُّحْتِ أَظْفارُهُ
فَكَذَّبَها الدَّرْبُ مِنْ أَلْفِ عامٍ، وَنامْ
وفَوْضى الْحُداةْ
تُغَطِّي رَهافَةَ قافِلَةِ الْعاشِقينْ
فَأَيُّ الْحُداةِ يُغَنِّي وأيُّ الْحُداةْ
يُصيخُ لَهُ السَّمْعَ؟ إنَّ الْجَميعَ حُداةْ
* * *
فَطِيمَةُ يَمْلَؤُني الصَّحْوُ حتى التَّمَزُّقِ قَهْراً
وأَمْشي على شَفْرَةِ الضَّوْءِ
مُنذُ اسْتَقالَتْ جَميعُ الْجُسورْ
ما بَيْنَ أَهْلي وَأَهْلي
وكُلُّ خَناجِرِ أَبْناءِ عَمِّي
مُعَرِّشَةٌ في طَريقي
والرُّجوعُ إلى الْخَلْفِ هاوِيَةٌ
والأَمامْ عَماءْ
أَفاطِمُ.. جُسِّي حُمولَةَ قافِلَتي في الْعَراءْ
يَدايَ تَغوصانِ في دَمِ قَلْبي
وعَيْني مُبَلَّلَةٌ في مَشاهِدِ قَتْلي
وطَقْسُ الْبكاءْ
كَبيرٌ على عاشِقِ الصُّبْحِ مِثْلي
* * *
وعادَتْ فَطِيمَةُ تَبْكي
صرخْتُ:
أَكانَتْ نِياقُ الْقَبيلِ مُحَمَّلَةً بالْغُبارِ إِذَنْ؟
والْفُحولُ تُجَرْجِرُ كِذْباً
وزَغْرَدَةُ الْحَصى مَوْعِداً للدِّماءْ؟
أَكانَتْ عُذوقُ النَّخيلِ بَقايا حَطَبْ؟
تُهيلُ على لِمَّتي ثَمَراً لِلْخَديعَةِ تَحْتَ شَهِيِّ الرُّطَبْ؟
وتَحْتَ عِمامَةِ كُلِّ دَعِيٍّ مُسَيْلِمَةٌ
يَدَّعي أَنَّهُ قُرَشِيُّ النَّسَبْ؟
يَتَداوى بلَحْمِ الْخَنازيرِ لَيْلاً
وفي مَطْلَعِ الصُّبْحِ يَصْرُخُ بَيْنَ الْعَرَبُ
-: إنَّهُ الْوَحْيُ فارَقَني
فاسْمَعوا ما أتاني
واقْرؤوا ما كَتَبْ؟
* * *
1992
 
طباعة

تعليق

 القراءات :372  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 30 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل