شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دمعَــــة جَاهِليَّــــة
كانت مناسبة للفرح، وكنت كعادتي في هذه السنين، عابساً حزينا. فقال أحد المحبين: ألا تفرح؟ قلت: في زمن السقوط والانهيارات كيف يجيء الفرح، والله أنا أشبه متمم بن نويرة بعد مقتل أخيه مالك. والذي عاتبوه على دوام حزنه وتواصل بكائه، فأجاب:
وقالوا: أتبكـي كـل قـبر رأيتـه
لقبر ثـوى بين اللـوى فالدكـادك؟
فقلت لهم: إن الأسى يبعث الأسـى
دعوني فهذا كله قبر مالك
والذي يرثيه متمم شقيق قتل، أما أنا وأبناء جيلي؛ فيُبكينا تمزق أمة، وانهيارات وطن، واستسلام المستسلمين لمن يزرع الخناجر في خواصرهم.
1995
أنُنْشِدُ في زُحامِ النَّادبينا؟
ونَفْرَحُ والْهَزائِمُ تَزْدَرينا؟
وتَبْتسِمُ الْقُلـوبُ على الْمآسـي؟
فُعُذْراً يا عَلِيُّ إذا بَكينا
فَعَصْـرُ الْمُضْحِكاتِ بكَى عَلَيْنـا .
ليُضْحِكَ حَوْلَنا الْمُتَفَرِّجينا
لنا في كُلِّ نائِبَةٍ نَصيبٌ
ولَوْ كُنّا خِفافاً هارِبينا
كأَنَّا بُؤْرَةُ الْبَلْوى بعَصْرٍ
له كَفَّانِ مثْلَ الرَّاجِمينا
ونَجْتاحُ الـدُّروبَ رَحيـلَ لَيْـلٍ
فلا ضَوْءٌ شِمالاً أَوْ يَمينا
ونَسْتافُ الطُّيـوبَ ولا طُيـوبٌ
تُزَغْرِدُ في لَيالي الْعاشِقينا
رَحَلْنا والشَّتاتُ لنا دَليلٌ
تُؤَرْجِحُنا رياحُ الْغاصِبينا
فَزَرْقاءُ الْيَمامَةِ فارَقَتْنا
وعَرَّافُ الْيَمامَةِ ليس فينا
وحاديَـةُ الرُّؤى بلَعـتْ رؤاهـا
وعينٌ أُطْفِئَتْ ماذا تُرينا؟
* * *
أَتذكُـرُ يا عَلِيّـاً كـم كَبُرْنـا؟
بأَطْيافِ الكِبارِ الرَّاحلينا
وأسكَرَنـا شَميـمُ المجـدِ آنـا
فَحَلَّقْنا بأُفْقِ الْفاتِحيناِ
وأَشْرَفْنا على وَطَنٍ مُوَشّىً
بزهرِ الْعِشْقِ مُزْدَهِراً حَصينا
كما جَنَّـاتُ عُـدْنٍ في الْمَآقـي
مُقَرَّبَةُ الْجَنى للْمُؤْمِنينا
وزَغْردتِ الْقَصائِدُ راقِصاتٍ
إلى الأَقصى تَزُفُّ الزَّاحِفينا
أتذكُرُ كَمْ شَهيداً سابقونا
لِساحاتِ الْخُلودِ لِيَفْتَدونا؟
زَهَتْ أَحْلامُنا حتى رَأَيْنا
رَوابي الْقُدْسِ تُفْرَشُ ياسِمينا .
وغازَلْنا جِيادَ الْفَتْح شَوْقاً
لِمَنْ عَبَـروا إلى الْيَرْمـوكِ حينـا
حَسبْنا خالِداً سَيَعودُ يَوْماً
يعانِقُهُ أبو بَكْرٍ قَرينا
وفي الأَحْلامِ عُقْبـةُ صـارَ مِنّـا
وسَعْدٌ نَلْتَقيهِ ويَلْتَقينا
* * *
وبَعْـدَ رحيلنـا خَمْسـينَ عامـاً
رأَيْنا الْحُلْمَ مَثْقوباً حَزينا
تُعابِثُهُ الرِّياحُ فلا هِشامٌ
ولا عُمَرٌ يَعودُ لِكَيْ يَقينا
وأَشْياخُ الْهَوى سَقَطوا سُكـارى
وما ذاقوا خُمورَ الأَنْدَرينا
ولكنَّ المَذَلَّةَ قَدْ سَقَتْهُمْ
يَهودِيَّ الْكُؤوسِ مُعرْبِدينا
ورَكَّعَهم يَهودِيٌّ فَهَرُّوا
هَريرَ الْكَلْبِ إذْعاناً وَلينا
وروميٌّ يُصفِّقُ مِنْ بَعيدٍ
ومَلْكُ الـرُّومِ يَهْـوى الرَّاكِعينـا
وأَظْلمتِ الدُّروبُ، وقيلَ: سِلْمٌ
وأُطْفِئَتِ الصُّوى بالْمُدْلِجينا
* * *
عليٌّ.. كيـف نَفْـرَحُ يا عَلِيّـاً؟
وكُلُّ جِراحنا جُنَّتْ أَنينا
تَجوسُ خَناجِـرُ الطُّغْيـانِ فيهـا
لِتُبْدِلَ ماءَها حَمَأً وطينا
وتُبْكينا الضَّواحِكُ لا الُبَواكي
بعَصْرِ الْمُؤْمِنينَ الْمُشْرِكينا
فَسَفَّاحٌ نَموهُ إلى عَلِيٍّ
ويُصْلَبُ مَنْ يَـراهُ فَـتىً هَجينـا
وعَبْدٌ نَسَّبوهُ لعَبْدِ شَمسٍ
سِفاحاً أَوْ جُنوناً أَوْ ظُنونا
أَيَسْمو الْعَبْـدُ في أُفُـقِ الْمَعالـي
إذا كانَ ابْنَ زانِيَةٍ خَؤونا
وكُلُّ مُسَمَّرٍ في شِبْهِ عَرْشٍ
بِشِبْرٍ مِنْ تُرابِ الأَوَّلينا
لَهُ نَسَّابَةٌ وَوَلِيُّ عَهْدٍ
وحَبْـلٌ مِـنْ عُـروقِ الْجائِعينـا
وشَيْخٌ أَجْنَبِيٌّ خَلْفَ سِتْرٍ
بعَتْمتِهِ يَخُطُّ لَهُ الْمُتونا
وسَجَّانٌ وسَيَّافٌ وجابٍ
وسِمْسارٌ وعُصْبَةُ مُخْبرينا
ويحسِبُ أنه الْمَهْدِيُّ آتٍ
على قَدَرٍ إلى الْمُسْتَضْعَفينا
لِيَمْلأَ عَصْرَهُ نوراً وعَدْلاً
ألسنا يا عَلِيُّ بِمُضْحِكينا؟
فَوا خَجَلَ الْخَلائقِ مِـنْ جُـدودٍ
بظَهْرِ الشَّمْسِ كانـوا سابِحينـا .
* * *
سنفرَحُ يا عَلِيُّ لأَنَّ
جُرْحاً يُذَكِّرُنا بأنّا واقِفونا
فلم نَسْجُدْ لقاتِلَةٍ بيومٍ
ولم نجهَلْ سَلامَ السّاجِدينا
ونرفَعُ كَفَّنـا الدامـي احْتِجاجـاً
ونُطْعِمُ مِنْ مَواجِعنا بَنينا
وننهضُ مِنْ حَرائِقِنا كِباراً
كَعَنْقاءِ الْخَرافَةِ مُصْبِحينا
* * *
1995
 
طباعة

تعليق

 القراءات :598  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج