شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
النَـدوة بأقلاَم الكُتّابْ
الذين تحدثوا عن الندوة ومحاسنها وأهدافها، وما يدور فيها من بحوث علمية، ونقاشات أدبية، وحوارات اجتماعية، لم يكتفوا بما قالوه لمن سألهم عنها، وإنما وثقوا أقوالهم بكتاباتهم عنها، وهم كثر ولو أحببنا أن نستعرضهم ونحصي ما كتبوه لاحتجنا إلى مجلد خاص بذلك. لأن ما وقع تحت يدي من المقالات والقصائد والمكالمات الموجزة المتناثرة هنا وهناك في الصحف المحلية والعربية والإسلامية، يمثل في نظري حديقة بها من الورود والرياحين ما يسحر العيون، ويأسر الألباب، وفيها من الثمار ما لذ وطاب، فلا تقع عين القارئ إلا على زهرة متفتحة، تحث القارئ أن يقترب منها ليشمَ عبيرها وشذاها، أو يبصر ثماراً دانية قد اكتمل نضجها، تدعو المتلقي أن يمد يده ليقطفها، ويجددها بغرسها أو بالأصح غرس بذورها في حديقة معارفه، ولقد ذكرت وأنا أتصفح تلك المقالات والأشعار برنامجاً إذاعياً ثقافياً كان يعده الأستاذ مطلق الذيابي - رحمه الله - عنوانه من ثمرات الأوراق، يقدمه طبقاً شهياً إلى المستمع، فيه من صنوف الأدب والثقافة ألواناً شتى.
ولقد وجدت نفسي في موقف حرج عند اختيار المقالات التي أرشحها لأضمها ضمن هذا الكتاب، وقد اضطرني هذا الإحراج إلى أنني كلما بدأت كتابة مقالة تم اختيارها من بين المقالات الكثيرة، ألمح مقالة أخرى تشدني لأضمها ضمن المقالات المرشحة، فألجأ إلى شطب الأولى واختيار الثانية، وكنت أحس وأنا أشطب المقالة الأولى بأنها تعاتبني، وكأنها تقول لي لِمَ تفرق بيننا، وكل منا سقي بماء طاهر نابع من الحب والوفاء؟ وهناك وجدتني داخل سور حديقة ترابها يضوع مسكاً وعنبراً، وصاحبها لم يفرق بيننا، وضمنا جميعاً إلى صدره وكأننا عينان في وجه. وأحبس الدموع حينئذٍ، فتخنقني العبرات، فألقي بالقلم بعيداً، لأحاسب نفسي بنفسي. وبعد أن تزول غيمة الحزن عن نفسي، وتهدأ مشاعري، أعاود الكتابة من جديد مستعيناً بالله على أن يوفقني ويعينني على إخراج هذا الكتاب بالشكل الذي تقر به أعين قارئيه.
هذه مقتطفات من مقالات تحدث كاتبوها فيها عن الندوة الخميسية فمن موضوع في الأربعاء الأسبوعي الصادر بتاريخ 20/4/1414هـ عنوانه "الرفاعي كما عرفته" بقلم الأستاذ علي بخش جاء فيه:
"لا أقول مبالغاً إذا قلت إنَّ الندوة بالنسبة له - أي عبد العزيز الرفاعي - على درجة كبيرة من الأهمية، وأنه لا يشغله عنها شاغل مهما عظم، إلا أداء الصلاة المكتوبة، وفي هذا الخصوص استشهد بموقف للتدليل على ما أردت تِبيانه، فقد وقع قبل نحو عقد من الزمن حادث تصادم، تزامن مع انعقاد الندوة، وذلك بين السيارة التي كان يقودها نجله الأكبر وسيارة أخرى، نتج عن الحادث وفاة امرأة، وإصابة الابن إصابات بالغة استدعت أن يرقد في المستشفى، إلى أن شفاه الله. فماذا كان يا ترى رد الفعل في نفس شيخنا عندما بلغه هاتفياً ذلك النبأ المفزع، وهو يتوسط ضيوف الندوة، وقد اكتمل عقدهم؟. لقد أخفى رحمه الله الخبر عن الجميع رغم كل ما يكابده، حتى لا ينفرط عقد الندوة، وبشجاعة الشجعان كتم كل عواطفه، وكأنَّ شيئاً لم يكن، مكتفياً بأن أسَرّ بالخبر لصديقه الحميم الأستاذ عبد العزيز الربيعي - أمد الله في عمره - الذي غادر الندوة في هدوء تام دون أن يلحظ ذلك الحاضرون ليقوم بما يتوجب عمله لمعالجة الأمر.
أما الندوة فقد بلغت غايتها، وانصرف المشاركون قرب منتصف الليل، دون أن يعلموا شيئاً عن الحادث الأليم".
ولن أقف أمام هذه الفقرة المنتقاة من مقال الأستاذ علي بخش لأعلق عليها، لأنها قادرة بنفسها أن تعطي الدلالة منها لقارئها، وتبين عظمة من قيلت فيه.
وهذه فقرة من مقال طويل بقلم معالي السيد مسلم بن عبد الله المسلم نشر بجريدة الرياض بتاريخ 2/4/1414هـ بعنوان "الرفاعي وجه مشرق بين أدبائنا، وواجهة مشرقة لأدبنا"، ولن أعلق عليها بشيء فكل كلمة منها تنبض بإيحاءاتها، التي تخترق جدار السمع، وتسري منسابة إلى الأعماق في يسر وهدوء، وتلقي بنفسها في الشرايين، حتى تصل إلى القلب فالمخ، وهو مصدر كل الأفعال ومصدر التحليل والتعليل. ويلمس القارئ في هذه الفقرة تناسق الكلمات، وترابط الجمل التي تشير إلى أن القلم الذي خطها كان بيد ملاح ماهر يعرف كيف يبحر بسفينته في خضم الأمواج المتلاطمة، ويصل إلى الشاطئ سالماً.
كتب السيد مسلم يتحدث عن عبد العزيز الرفاعي - رحمه الله - فقال في إحدى الفقرات الأخيرة ما يلي: "ولم يكفه أن يبلغ به جهده الثقافي، وتطلعه الفكري منزلة الكاتب والشاعر، وإنما تفوق على شخص الكاتب والشاعر الذي يعيش داخل ذاته، وذلك بتوسيع نطاق اتصالاته الخارجية إلى جانب الاتصالات الداخلية، فقد وثق علاقاته بكثير من العلماء والأدباء والشعراء، فعمل على إرساء دعائم الاتصالات، وتوطيد العلاقات الثقافية في الأقطار العربية، عن طريق اللقاءات والمكاتبات. وقد زاد من توسيع دائرة هذه الاتصالات الندوة الأدبية التي كان يقيمها في منزله مساء كل خميس من كل أسبوع، وهي ندوة تجمع شخصيات علمية وأدبية، وتحفل بمناقشات مفيدة في العلوم والآداب، وهو - لتواضعه - آخر متحدث في هذه الندوة. وتأتي تعليقاته تأكيداً لمعلومة أو توضيحاً لموقف أو إفادة تضاف إلى ما يدور من حديث، ويهمه أن يكون المجتمعون سعداء، بما يدور من أحاديث شائقة، وما يثار من مناقشات علمية أو أدبية مثمرة، وبهذا المستوى المتميز، ظلّت هذه الندوة الأدبية مستمرة بوجوده حتى شغله المرضُ عنها وقد كان ليالي انعقادها يترقب مجيء الأصدقاء بوجه مشرق بالفرحة وروح يتجلى فيها البشر والسرور، فترتسم على محياه كل معاني النبل والكرم، وتتهلل أسارير وجهه كلما قدم وافد قد طال غيابه عن حضور الندوة، أو له مكانة مرموقة في مجال العلم والأدب".
وفي فقرة لاحقة لهذه الفقرة قال الكاتب: "وما رأيت إجماعاً على محبة شخص، كما رأيت هذا الإجماع على حب هذا الشخص النبيل".
وهذه فقرة مختارة من رثاء كتبه معالي الدكتور محمود محمد سفر وزير الحج، ونشر بجريدة عكاظ بالعدد رقم 9901 تاريخ 25/3/1414هـ نقتبس منه هذه الفقرة المتعلقة بالندوة الرفاعية الخميسية:
"لقد ظل رائدنا الرفاعي لا يكذِبُ أهلَه حتى آخِر لحظة من حياته، ففتح داره لتستقبل الأدباء والمفكرين والعلماء والشعراء من أبناء المملكة وغيرهم من المقيمين فيها، أو الزائرين لها في ندوته الخميسية وظل يحافظ على عقدها أسبوعياً، فكانت أشبهَ ما تكون بمنتدى أدبيِّ - أزعم أنها كانت بالفعل منتدى أدبياً - يتبارى فيه المفكرون والعلماء بأفضل ما عرفوا، وأعمق ما علموا، ويتزاحم على مورده الشعراء بأعذب ما نظموا وأرق ما قالوا، وكانوا جميعُهم يخصون ندوة الرفاعي بجديد فكرهم، وحديث قصائدهم ليلقوها فيها ثم تنشر فيما بعد للناس، وكان - رحمه الله - حفياً بهم وكريماً معهم في تعامله، وبتواضعه مع جميع ضيوف ندوته دون تمييز بذات الرقة، وحسن الاستقبال، وكريم الخلق، حتى أنه كان يشعر الجميعَ بأنهم أصحاب الدار وهو الضيف. وكان كثيراً ما يدعو إلى ندوته العديد من أدباء ومفكري وعلماء الأمة الذين يقدمون إلى المملكة للعمل أو للزيارة فيحتفي بهم، ويفسح المجال لمرتادي ندوته، ليستمعوا إليهم ويحاوروهم فيما يلقونه من شعر، أو يعرضونه من فكر، أو يناقشونه من علم، فكان بذلك يساهم بفعالية راقية وعميقة في التلاحم الفكري والتواصل الأدبي والالتقاء الثقافي بين مرتادي ندوته من مفكرين وأدباء وعلماء وشعراء من داخل المملكة وزوارها من أقرانهم من البلدان العربية والإسلامية، وكثيراً ما كان الحضور يفاجأ بزائر من مشاهير الأدباء والعلماء والمفكرين والشعراء في العالم العربي والإسلامي مشاركاً في ندوة الرفاعي، فلا يعرفون بوجودهِ في المملكة قبل أن يلتقوا به في الندوة، مما يؤكد شهرة أديبنا الكبير واتساع صداقاته في العالم العربي والإسلامي رحمه الله رحمة واسعة".
وفي مقال للدكتور عبد الرحمن صالح السبيلي نشر بجريدة الشرق الأوسط بتاريخ 27/3/1414هـ جاء فيه: "ولعلّه - غفر الله له - من أوائل من استحدث فكرة المنتدى الثقافي الأسبوعي المنزلي ليكون ملتقى للمفكرين والمثقفين والعلماء، حتى أصبحت ظاهرة محمودة متأصلة في مجتمعنا السعودي، وخاصة في الحالات التي قام بها من هو أهل لها في الكفاءة والتدبير السليم، بل إنّ أبا عمار نفسه سمة خاصة من السمات البارزة في المجتمع الثقافي السعودي".
وفي مقال مطول نشر بالملف الصحفي لمؤسسة تهامة بعنوان "عبد العزيز الرفاعي وداعاً"، ونشر المقال في مجلة الداعي الصادر في شهر أكتوبر عام 1993م التي تصدر بالهند، ويتولى رئاسة تحريرها الدكتور نور عالم خليل الأميني أستاذ الأدب العربي بالجامعة الإسلامية - دار العلوم - بمدينة ديوبند بالهند بعنوان "فقيد الأدب والفكر عبد العزيز الرفاعي - ذكريات وانطباعات" بقلم رئيس تحرير المجلة نقتطف منه هذه الفقرة التي نلمسُ فيها إعجابه بما شاهده عن كثب في الندوة الخميسية يقول:
"معرفتي بالفقيد الغالي الحبيب ترجع إلى مساء الخميس 17/1/1403هـ حيث حضرت منزله بالملز بالرياض لأسعد بلقائه، والمشاركة في جلسته الخميسية الأدبية الثقافية الشهيرة التي دعاني إليها عندما عرّفه بي غيابياً الأخ الكريم الأستاذ أزهر رشيد القاسمي خريج الجامعة الإسلامية "دار العلوم" - ديوبند بالهند والذي كان يحضر شهادة الماجستير والدكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكان على صلة وثيقة بمعالي الشيخ الرفاعي، وعندما وصلنا إلى باب دارته، وجدناه واقفاً يترقب مجيء الأصدقاء والأدباء والكتّاب والمثقفين، بوجه مشرق باسم، فتلقَّاني عندما تعرفت إليه بتَرحاب حار وفرحة غامرة، تجلّتُ فيها روح البشر ومعاني الكرم والنبل ودماثة الخلق والتواضع، وبعد تبادل التحية والمصافحة، أخذ بيدي إلى الغرفة التي كانت مهيأة لانعقاد الندوة الأدبية وكان بعض الإخوة قد حضروا قبل أن يحين وقت دخول صلاة المغرب فصلّوها معه جماعة بعد دخول الوقت في ساحة منزله ثم خرج ليستقبل الإخوة الآخرين بالباب وبعد أن شعر بأن الأمر يستدعي حضوره ليفتتح الندوة دخل وأخذ مكانه فيها ثم قدمني إلى ضيوفه قائلاً - رحمه الله -: هذا هو الدكتور الأستاذ نور عالم خليل الأميني رئيس تحرير مجلة الداعي، وأستاذ الأدب العربي بالجامعة الإسلامية دار العلوم "ديوبند بالهند" وسيتفضل بالحديث عن الحركة الأدبية والثقافية في الهند، لنستفيدَ جميعاً. وتكلمت بإيجاز نحو نصف ساعة عن الجهود المبذولة قديماً وحديثاً، في مجال خدمة اللغة العربية في الهند وقد أشرت من خلال حديثي إلى خدمة العلماء الهنود لعلوم الكتاب والسنة خاصة. والعلوم الإسلامية عامة.
ثم جاء دور بعض الأخوة المشاركين فتحدثوا عن مقالة كتبوها أو كتاب ألفوه أو قصيدة أنشؤوها أو جديد ورائع في العلم والأدب أو مقال في الصحافة اطلعوا عليه وهكذا دار الحديث نحو ساعتين حول الأدب والفكر وقضاياه وقضايا الأمتين العربية والإسلامية وكان مسك الختام إنشاد بعض الشعراء الحاضرين لقصائدهم الحديثة، ثم أكرم - رحمه الله - ضيوفه بالعشاء اللذيذ الذي كان متعوداً على إكرامهم به في كل خميسية.
ولم يكن لي عهد من ذي قبل بمثل هذه الندوة الموقرة التي كان بإمكان من يحضر فيها، أن يتعرف في وقت واحد وفي سهولة على مجموعة ممتازة وخلاصة مصطفاة من أدباء المملكة وكتابها وصحفيِّيها والمثقفين الكبار فيها، بالإضافة إلى رجال العلم والأدب والفكر المتوافدين إليها من خارجها.
ومنذئذٍ علمت عظمة معالي الشيخ عبد العزيز الرفاعي، وفضله في إقامة صلات الود وجسور المحبة بين علماء وأدباء كبار في المملكة وخارجها، وقد أودع الله الكريم الوهاب فيه من سمو الأخلاق، وسماحة النفس، ورحابة الصدر، ولين الجانب، والكرم والسخاء، وحلاوة المنطق وسعة المعارف والإطلاع الغزير، ما جعله قادراً على إقامة التواصل الفكري والأدبي بين الأدباء والمثقفين في داخل المملكة وخارجها.
وقد أدركت في حضوري الأول في الندوة أن وارديها تربطهم فيما بينهم وشائج حب متشابكة، نابعة من قلب مؤسسها ومديرها العامر بالحب والإخلاص وسمو الفكر وحسن الإدراك، ولم أعرف في حياتي بين جماعة يؤلفها الحرص على العلم والرغبة في الأدب والثقافة وتنمية المعارف، مثل هذا الحب الوثيق الصافي الذي لمسته في أسمى معانيه، وأشمل دلالاته، وأصدق مفاهيمه في الجماعة التي كانت ترد خميسية معالي الأستاذ الأديب الرفاعي.
كم كان لهذه الندوة الرفاعية فضل في صقل المواهب الأدبية والفكرية! وتغذية الوجدان الأدبي لدى الأدباء والكتاب، الذين بدؤوا مشوارهم الأدبي حديثاً!، وكم كان لها فضل في إبراز المغمورين منهم، وتشجيع المبتدئين، وتغزير المواد والمعلومات، أو صقلها لدى الناضجين والنابهين! ثم ربطهم بصلات الحب التي جعلتهم يتعاونون في الأداء والعطاء، بقوة أكثر ونشاط أوفر وبركة أكبر في مجالات اختصاصاتهم".
وجاء في مقال للدكتور مصطفى البارودي، نشر في جريدة الشرق الأوسط عنوانه "الرياض وندواتها" هذه الفقرة التي تناول فيها الحديث عن الخميسية فقال:
"أما خميسية الرفاعي فصاحبها ذو ثقافة إسلامية عالية، وهو الإعلامي القدير، وهو الذي ما يفتأ ينشر ما يغني المكتبة العربية، وفي مجلسه الأسبوعي يتجلى الشعر متقدماً على النثر، لأنه هو نفسه شاعر كبير، لكنه يفتح الندوة للشعراء ويؤثرهم على نفسه، ويحضر مجلسه رواد المعرفة، ورجالات من عشاق الأدب، فيهم السفير الذي يمثل بلاده في الأرض الطهور، وفيهم الذي يفد من المهجر ليسمع أهل المشرق ما أينعته قرائح المغتربين، في الأمريكتين أو في مراغم أخرى، ضمت الذين هاجروا من الوطن إلى الغربة".
أما الأستاذ عامر العقاد - رحمه الله - فقد بعث فصلاً من كتابه "لهيب السطور" تحدث عن الندوة وما شهد فيها فقال:
في زورتي الأخيرة للرياض حرَصت أن أبقي في مدينة الرياض حتى أشهد ندوة الأستاذ الكبير عبـد العزيز الرفاعي التي يعقدها مساء كل خميس بدارته العامرة بالملز، وهي ندوة أدبية عامرة بالآراء الأدبية والنقدية البناءة، وملتقى للشعراء والأدباء، من أبناء المملكة، أو الزائرين لمدينة الرياض.
وندوة الأستاذ الرفاعي من الندوات الجادة، التي تترك في نفس من يشهدها مرة، أثراً لا تمحوه الأيام، وقد كنت أسمع عنها منذ سنوات، وأتتبع ما ينشر عنها في الصحف والمجلات الأدبية من أحاديث تدور حول الشعر والشعراء، وحول قضايا الأدب قديمه وحديثه، فهي بحق يمكن أن تعتبر سجلاً حافلاً لمكتبة عصرية.
قصدت ندوة الرفاعي ليلة انعقادها بصحبة أحد الأصدقاء، فاستقبلني صاحبها مرحباً وقادني إلى حيث ينعقد السامر، فإذا بي أجد نفسي بين جمع كبير، ضم بعض من أعرف من أبناء مصر، أمثال أستاذنا الدكتور بدوي طبانة والشاعر الإذاعي عبد الملك عبد الرحيم.
وأول ما لفت نظري أن أستاذنا الرفاعي لا يفرض الرأي، ولا يسيطر على الحاضرين، وإنما ألفيته يدع الكلمة تأخذ منطلقها والرأي يجري كالماء النمير.
وبعد أن أخذت مكاني اتجه الأستاذ الرفاعي إلي، ليلخص ما فاتني من حديث، فأشار إلى أخ مصري وقال : إن أخانا هذا كان يحدثنا عن بعض ذكرياته الشخصية مع الدكاترة زكي مبارك لأن بينهما قرابة، فقلت في نفسي يا سبحان الله لقد كنت منذ أيام بمصر وقد مرت بها الذكرى السابعة والعشرون على رحيل الدكتور زكي مبارك ولم يذكره أحد بكلمة، فأكبرت الأستاذ الرفاعي وأدباء الرياض الذين يذكرون الراحل بمدينة الرياض في هذا الزمن الذي قل فيه الوفاء لمفكرينا الكبار. وبارك الله في ندوة الأديب السعودي الشيخ عبد العزيز الرفاعي التي كانت زيارتي لها سبباً في كتابة هذه السطور عن الدكتور زكي مبارك".
في جريدة الجزيرة الصادرة بتاريخ 10 رجب 1412هـ كتب الشيخ الفاضل عثمان الصالح إشادة بندوة الأستاذ عبد العزيز ودورها في المساهمة في بث الوعي الثقافي والأدبي بين أوساط الشباب، وطلاب العلم والمعرفة والأدب والثقافة فقال:
"من أنجح ما رأينا، وأوسع ما علمنا، من النوادي الأدبية، هو نادي الشيخ عبد العزيز الرفاعي الذي له الآن أكثر من ثلاثين عاماً وما زال رافعاً علم الثقافة ناشراً الكلمة الطيبة ويؤم ندوته الأقطاب من رجال الجامعات وأرباب الثقافة وأركان الأدب شعراً ونثراً، وإن استضافته للشاعر المهجري زكي قنصل في ندوته البارحة يعتبر شيئاً رائعاً جداً، إذ عبق أريج الشعر فيها، وحيّي الشعراء السعوديون ضيف وزارة الإعلام في دارة الأستاذ عبد العزيز الرفاعي وفي ندوته فقد كانت أمسية فريدة في أترابها".
 
طباعة

تعليق

 القراءات :631  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 13 من 30
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج