شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(أ)- علاقة التوازن بالنظام
من المباحث السابقة لحظت أن هناك علاقة بين "التوازن" و "النظام"، وأنهما -كما أتصور- أهم أسباب الجمال الفني.
فالجمال الفني -كما مرّ- عند علماء الجمال اليونانيين ومن شايعهم من الغربيين والعرب كان غالباً مبعثه "التوازن" في النص الأدبي.
فما علاقة "التوازن" بالنظام؟ وما علاقة الاثنين بالجمال؟
إن النظام هو العنصر الرئيسي الذي يقوم عليه "التوازن"، فلا "توازن" دون نظام، علماً بأن هذا النظام المقصود يقوم على التناسب في توزيع الأشياء، بما يحدث "توازناً" ما، تلتقطه النفس فتسكن، ويكون سبب شعورها بالجمال. و "التوازن" هو العنصر الرئيسي الذي يقوم عليه الجمال. ويؤكد ذلك عدة علماء:
- "سانت توماس":
يقرر "سانت توماس" أن متطلبات الجمال ثلاثة أمور: "التكامل أو الكمال، والتناسب التام، والوضوح" (1) .
وعودة إلى كلمة "التناسب التام" -في النص السابق- تجعلني أشعر بارتباط كل من "التوازن" والنظام بعضهما ببعض، فالتناسب هو: عبارة عن توزيع الأشياء وفق نظام معين.
- "بوسيه":
"بوسيه" من علماء الجمال الذين صرحوا بأن "النظام" عبارة عن ترتيب معين وفق نسب معينة. فهو يقول: "إن الجمال لا ينحصر إلا في النظام، أي في الترتيب والنسب" (2) .
- "سانت أوغسطين":
يؤكد "سانت أوغسطين" قيام الجمال على النظام بعد محاورة مع النفس جاء فيها: "هل هذا جميل لأنه مرضٍ؟ أم أنه مُرْض لأنه جميل؟ ثم يقرر – إن هذا يُرضي لأنه جميل وهو جميل لأن أجزاءه تتشابه وينتظمها انسجام واحد" (3) .
- د. "منصور عبد الرحمن":
يؤكد "د. منصور عبد الرحمن": أن الجمال لا يكون إلا في النظام بقوله: "فالجمال إما أن يكون هو التنظيم الذي يبدو في الخطوط والألوان والنغمات وإما أن يكون هو التنظيم الذي يتضمن الدلالة والمضمون" (4) .
لعل ما قصده العلماء السابقون من تأكيدهم أن الجمال لا يكون إلا في الشيء المنظم؛ أن الأشياء الجميلة تبدو "متوازنة" في ذاتها فتحدث شعوراً بما نسميه "الجمال" أو أنها تصنع مع النفس القلقة المتنافرة أو النفس الغافية "توازناً" يبعث فيها الانسجام والطمأنينة واليقظة والبهجة مما نسميه شعوراً بالجمال.
أما الأشياء القبيحة فتحدث عكس ذلك بسبب اختلافها في ذاتها، أو عدم توافقها مع المتلقي.
وبين الجمال الذي مصدره المعنى وهذا الجمال الذي مصدره المادة وشائج قوية ونسب حميم، وبينهما وبين الجمال الخاص في الأعمال الفنية كالأدب ألفاظه وتراكيبه وصوره وموسيقاه روابط وثيقة، أو هو تماثل إذا قسنا القيمة الجمالية بأثرها على الروح.
وهذا يقودنا إلى الحديث عن النظام والجمال الفني.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :790  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 32 من 86
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج