نَظَمْتُ الشِّعرَ لا أرجو |
على ما قُلْتُ دينارا |
ولا أسْعَى إلى جاهٍ |
ولا أجني به غارا |
فقالَ البَعْضُ ثَرْثارٌ |
يَخالُ سواهُ ثَرْثارا |
ويَحْسَبُ أننا نُغْرى |
بما يَدْعوه أشعارا |
وقال البَعْضُ زنْديقٌ |
على الأديانِ قَدْ ثارا |
يُحاولُ هَدْمَ إيمانٍ |
تَوارَثْناهُ أدْهارا |
ويَسْعَى كَيْ يَعُدُّ لنا |
بشرِّ ضَلالِه النَّارا |
* * * |
فنُحْتُ بمُهْجَةٍ حَرّى |
على ما ضاعَ مِنْ عُمُري |
على عَهْدٍ شُغلتُ به |
عَنِ اللَّذاتِ بِالشِّعْرِ |
وقُلْتُ وقَدْ ذَوَى أمَلي |
ودَبَّ اليأسُ في صَدْري |
غَبِيٌّ مَنْ يُذيبُ القَلْبَ |
بَيْن الطِرْس والحِبْر |
إليكَ إليكَ عنِّي يا |
يَراعُ وإنْ تَكُنْ ذُخْري |
فقال البَعْضُ مَجْهولٌ |
غبيّ خاملُ الذِّكْر |
وقال البَعْضُ بَلْ نَهَرٌ |
ولكنْ لَمْ يَعُدْ يَجْري |
* * * |
فعِفْتُ العَيْش بَيْن النَّاسِ |
والدُّنيا وما فيها |
ولُذْتُ بغابةٍ غنّاءَ |
راقَتْني حَواشيها |
أبُثُّ الطَيْرَ آمالي |
وآلامي فأشْجوها |
فقالَ ضميريَ المَعْتوهُ |
هَلْ أصْبَحْتَ مَعْتوها؟ |
دَع الغاباتِ للوَحْشِ |
فإن الوَحْشَ أهْلوها |
أيَخْنُق بُلْبُلُ الأيْكِ |
غناه عَنْ الورى تيها؟ |
وتَحْبِسُ زَهرةُ الوادي |
شَذاها أو تَثَنِّيها؟ |
* * * |
فعُدْتُ تَجُرُ أقدامي |
إلى العُمْرانِ آمالُ |
وثَبْتُ إلى القَريضِ وهَلْ |
يُطيقُ الحَصْرَ شَلاَّلُ؟ |
فقال البَعْضُ ثَرْثارٌ |
وقالَ البَعْضُ مُحْتالُ |
وقال البَعْضُ زِنْديقٌ |
وقالَ البَعْضُ دجَّالُ |
وقال ضَميري المعتوهُ |
لا تَحْفَلْ بما قالوا |
على الشُحرورِ أنْ يَشْدو |
إذا هزّتْه آصالُ |
ولَيْسَ عَلَيْه أنْ تَطْرَبَ |
غِرْبانٌ وأصْلالُ |