شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العدالـة الجانيـة
خَرَجَتْ والصَّبـاحُ يَفْتَـحُ للشمـسِ
ذِراعيه ضاحِكاً جَذْلانا
والهَزارُ اللَّعوب في مَهْرجان
النورِ جَاثٍ يُسبّحُ الرّحمانا
والنسيمُ الثرثار يَفْضَحُ سرَّ
الزَّهْر آنا، ويَكتمُ السرَّ آنا
غادَةٌ في لِحاظِها سَكِرَ السِّحْر
وَغَنّى، ولَمْ يَزَلْ سَكْرانا
وكساها الشَبابُ مِنْ حُلَل
الحُسْنِ بُروداً تَماوَجَتْ ألْوانا
رَوْعةٌ زادَها الحياءُ كمالاً
وجَمالٌ يجلّ عَنْ أنْ يُدانَى
خَرَجَتْ والرَّجاء يَحْدو خُطاها
ومُناها تُغَالِبُ الأشْجانا
هيَ في مَطلعِ الحياةِ ولكنْ
ناصَبَتْها الخُطوبُ حَرْباً عَوانا
سَلَبَتْها ذاك الحبيبَ الذي لَمْ
يَعْشَقُ القَلْبُ مِثْلَه إنسانا
كان في ليلها شعاعاً سنيًّا
وتلاشى على الفضاء دخانا
كان في أيْكها هَزاراً، ولمّا
طَلَعَ الصُبْح غادَر الأفنانا
كان دُنْيـا مِـنَ السعـادة والأنـس
طَوَاها الذي طَوى الأبدانا
كلُّ ذاك النَّعيمِ لَمْ يبْقَ منه
غََيْر ذكْرى تُجَدِّدالأحزانا
وبقايا ابتسامَة في مَطاويها
يَؤُجُّ الأسَى لَظىً حَرّانا
ووليدٌ يَلُجُّ في فَمه النُطْق
ويَرْتدّ خائباً خَجْلانا
إن يَجُعْ يَمْلأ الفَضاءَ بُكاءِ
وإذا اقْتات هَزّه ألْحانا
لُغَةٌ لا يجيدُها غَيْر مَنْ يَجْهَلُ
فَنَّ الخِداع والدَّورَانا
هو في الكوخ صورةٌ لأبيه
رَسَمَتْه أسمى الأكفّ بَنانا
أفَتَرضْىَ بأن يجوع ويَذْوي
بُرْعُماً ناعِمَ الشَذَا ريّانا؟
هل هـيَ الشَمـسُ يَغْسِـل البَحْـرُ
رجْلَيْها ويَلْهو بتبرْها وَلْهانا
وابنةُ الكوخِ ما تَزال تُلاقي
أيْنَما دارَ طَرفُها الخِذْلانا
لَمْ تَجِدْ في الوَرَى كريماً
يُوايسها وحُرّاً إليْـه تَشكـو الزَمانـا
رنّةُ الفَلْس تَفْتَح السَمعَ لكنْ
أَنّةُ البُؤْسِ تُوقر الآذانا
يا لَفَقْـرِ النُفـوس إنْ سَيْطَـر المـالُ
عليها، وأسْلَمَتْه العنانا
كلُّ بابٍ دَقّتْه أطْلعَ ذِئباً
كلُّ كفٍّ تَحوّلَتْ أُفعُوانا
يا لَلُؤْم العَطاء إنْ فَحّت
الشَهْوةُ فيه وسَنّتِ الأسْنانا
* * *
وتَمَشّى العَيـاء في جسْمهـا الواهـي
وألغَى القُنوط فيه مكانا
فتَرامَت تَئِنُّ مِنْ وَطأة الجوعِ
وأضْحَى نَشيجُها هَذَيانا
رَبِّ _ قالَتْ – لَقَدْ فَقَـدتُ صوابـي
إنَّ في القَلْب للأسَى بُرْكانا
رَبِّ ماذا جَنَيْتُ حتَّى أقاسي
أنا وابني العَذاب والحرْمانا؟
أمِنَ العَـدْل أنْ نمـوتَ مـنَ الجـوع
وكَلْبُ الغَنيّ يُسقَى لبانا؟
أمِنَ العَدْلِ أنْ نتوقَ إلى الطَمْرِ
وهِرُّ الغَنيّ يُكسَى جُمانا؟
أنتَ أوْجَدتَنَـا مـنَ العَـدَم الأعْمـى
فهَلاّ دَفَعْتَ عنّا الهَوانا؟
أنْتَ أسْلَمْتَ للسفينة نَفْسَيْنا
فهَلاّ وَقْيتنا الطوفانا؟
رَبِّ ماذا أزقّ إنّ جاع طفْلي
وهو فَرْخٌ لا يحسنُ الطَيرانا؟
آه لَوْ سَدّت المدامِعُ جُوعاً
آهِ لَوْ يَرْضَعُ الوليدُ حَنانا
رَبِ عَفْواً إذا مَدَدْتُ يميني
لِحَرامٍ، ولَمْ أخَفْ دَيّانا
رُبَّ ذَنْبٍ نُساقُ قَسْراً إليْه
وجَنى نَسْتَبيحه عُمْيانا
* * *
نَشَرَ اللّيْلُ رايةَ الصَمْت إلاّ
حَيْثُ ألْقَـتْ يـدُ الغِـنى العِصْيانـا
فتفاوتْ بنتُ الشقاء وشَدّتْ
نَحْو قَصْرٍ يُشامِخُ العُقبانا
يَنْطِقُ العزُّ في مقاصِره الزُّرْقِ
ويزهو بحُسْنه نَشْوانا
قامَ فيه عُرْسٌ جَليلٌ عَزيزٌ
لَمْ ترَ العَيْنُ مِثْلَه مَهْرجانا
دَخَلَتْهُ كأنها خَطرةُ الشَكِّ
بِنَفْسٍ مَمْلوءةٍ إيمانا
تَذْكُرُ الطِفْلَ يسْتغيث فَتخْطو
بثباتٍ لا يَرْهَب الحَدَثانا
وتراءَى لها الفضيحةُ والسِجْن
فَينْهار قَلْبُها خَفَقانا
لَمْ تَزلْ هكذا إلى أنْ رآها
حارسُ القَصْرِ تَدْخل البُستانا
فانْتحى بالعَريس يهْمِس سِرًّا
هَوّلتْه ظُنونُه ألْوانا
قال يا سيِّدي رأيتُ لُصوصاً
يتهادَوْن في الحَديقةِ جانا
يَلْتظـي فـي عُيونهـم لَهَـبُ الشِّـر
كمـا هِجْتَ بالعَصَا ثُعْبانا
فاسْتًوى السيِّدُ النبيلُ المَفدَّى
يَسْتَفِزّ الشُيوخَ والشُّبانا
فإذا القَصْرُ بالسيوف مُحاطٌ
وإذا الشاةُ تُوقظ الذُؤبانا
وإذا القَيْدُ في يَدَيها وقاضي
العَدْل يُملي قراره غَضبانا
- قد تَجَرّأتِ يـا شَقيّـة أنْ تَسْطـي
على أرفَعِ المنازلِ شأنا
فاقْطَعوا كفَّها الأثيمة،إنّ
العَدْل يَقْضـي بـأن نُشيـعَ الأمانـا
هكذا حَقّقَ العَدالة قاضٍ
لا يخونُ الضَمير والوِجْدانا
هكذا اسْتأصَل الرذيلة راعِ
يَلْبَس الخَزّ منْ دِماء الحَزانى
* * *
نُفِّذَ الحُكْم في الفَتاة فضَجّ
القَوْمُ زَهْواً وزغرَدوا اسْتحسانا
وتعالَى هُتافهم كعَزيف
الجِنّ آناً وكالزَمازم آنا
فالتقى في الفَضاء أنّاتُ طِفْلِ
ماتَ في الكوخ جائعاً ظَمْآنا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :491  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 621 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج