شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عيـد الفـداء
أنشدها في مهرجان أدبي أقامته الجالية العربية في كراكس تكريماً له ولمجلة "الفـداء" التي كانت تصدر في تلك المدينة، عام 1982
جِئْنا تَحُثُّ مَطِيَّنا الأشواقُ
هَلْ بَعْدَ أفراح اللَّقاء فراقُ؟
لا تَسْتَبقْ يـا قَلْـبُ عادِيـةَ النَّـوى
هَيْهات لَن يتفرّق العُشاقُ
دَعْنا نَعِشْ في الوَهْـم يومـاً واحـداً
العيـشُ لـولا الوَهْـمُ ليس يُطـاقُ
هِبةُ السماءِ… فكـل وَهْـم واحَـةٌ
رَيًّا تَضاحَك غَيْثُها الغَيْداقُ
في ظلَّه يَجِدُ المُعَنَّى راحةً
وَيبلُّ حُرْقَةَ وَجْده المُشْتاقُ
هَبْني بسـاط الريـحِ، وهْـوَ خُرافـةٌ
وخُذِ التي بالكَهْرباء تُساقُ
لولا سَراب الوَهْم لَـم يَـكُ شاعِـراً
قَيْسٌ، ولم يَكُ مُطْرِبا إسحاقُ (1)
لَوْلاهُ لَـمْ أحَسَـبْ تُرابـي عَسْجَـداً
ويَطِبْ لأثْمارِ العقولِ مَذاقُ
دَعْني أقلْ هذا التلاقي سَرْمَدٌ
أَوَ لَمْ يَحِنْ للأهلِ أنْ يَتَلاقوا؟
كَمْ كنتُ في الأحْـلام أهْبِـطُ حَيّكـم
وأقولُ أسعَد عَبْدَه الرزّاقُ
أَسْعَى إلى جَناتِكم، وأطير في
آفاقِكم… يا حَبَّذا الآفاقُ
حَقَّقْـتُ آمـالـي بطيـبِ لقائِكـم
شُكْـراً لِربَّي، استَرْوَحَ الأفَّاقُ
إني لأرْفَعُ هامَتي زَهْواً بكم
وكَم انْحَنَتْ لـذوي الغِـنى أعْنَـاقُ
مالي ولِلْقَصر المُنيفِ إذا خَلا
مِمَّن يَبُشّ، وهَابَه الطُرّاقُ
دَعْني بعيداً عنه، إني شاعرٌ
بيني وبَيْنَ العابسين طَلاق
قَدْ يأكلُ الهمّ المبرِّحُ مُهْجَتي
لكنَّ وَجْهي ضاحِكٌ برّاقُ
"غَلْواءُ" لو عَبسَت لقلتُ لهـا اذهـبي
لم تَنْسَجِمْ ما بيننا الأذْواقُ
تَشْفي جُروحيَ بَسْمَةٌ زَيانَة
ويُمِضُّني مِنْ صاحبٍ إغساقُ
أسْكَرتُمُ روحي بخَمْرة حُبِّكم
أو لا يَهُزُّ نفوسَكم إشفاقُ؟
طَوَّقْتُموني بالبَشاشة والنَّدَى
لم تَجْل إلا في الهَوَى الأطواق
ما حاجَتي للمـالِ؟.. أنْتـم ثَرْوتِـي
هَيْهات يَسْرقُ ثَرْوتي سُرّاقُ
ستظَلُّ شَمْسُكم تُغَذَّي كَرْمَتي
ويَظَلُّ نَهْرُكُم هُو الدَّفّاق
ويظَلُّ صَوْتُكم يثيرُ صَبابَتي
لا يَسْتوي الغرِّيد والنقّاق
ويظلُّ ذِكْركُم صَلاةً في فَمي
أيلامُ في صَلَواته مُشْتاقُ؟
أنا لَسْتُ إلا جَدْوَلاً في بَحْرِكم
ماذا يُفيدُ الجَدْولُ الرَّقْراق؟
أنا زَهْرةٌ، لولا شَذَاكم لم يَفُحْ
مِنْ كُمَّها هذا الشَّذا العَبّاق
أنا بُلْبُلٌ، لكنْ إذا لم تَطْربوا
لِشجيِّ ألحانِي فهُنّ نُعاقُ
في ظِلَّكم أحبُّـو، وتحـتَ جَناحكـم
يَطأ الثُّرَيّا بَنْدِيَ الخفَّاق
أوْسَعْتُ صَدْري لـ"الفـداء" فلَيْلُهـا
ليلي، وفَجْري فَجْرُها الألاّقُ
وفَتَحْتُ قلبي للذين تَحَلّقوا
مِنْ حَوْلِهـا وعلـى الـوَلاءِ تَلاقُـوا
مَرْحَى لأعلامِ الثقافة والهُدَى
يَرْوي العُقولَ نَداكُم الغَيْداق
عَزّتْ بكُـم أمُّ اللُّغـات، وصَفَّقـتْ
لَكُمُ قلوبٌ وانَحَنَتْ أعناقُ
أخْشَى إذا سَمّيتُكُم أن تَخْجلوا
إنَّ البَنَفْسَج طَبْعُه الإطْراقُ
عيدُ "الفِداء" وعيدُكـم عيـدي، فيـا
فَخْرَ العُلا والمجْدِ نَحْن رِفاقُ
قلّمتُ أَظْفـارَ الزمـانِ بكـم، فـلا
يَطْرُقْ جداري بُومُه النَّعَّاقُ
غَرَّقْتُم قلبي بوابِل فَضْلِكم
كيفَ النّجـاةُ وغَيْثُكـم غَـرَّاقُ؟…
* * *
يا سائلي عَنْهُمْ أتَجْهَل أنهم
عُرْبٌ على سـن الرمـاحِ عِتَـاق؟ (2)
وَرثوا الشهامةَ والَّنـدَى عَـنْ حَاتَـمٍ
زَكَتِ الفُروع وعَزّت الأعْراقُ
غَسَّان أنْجَبهم عَمالِقةً، فلا
تَعْجَبْ إذا بلغَ السُّهَى عِمْلاقُ
سابَقْتُهم في الجود، فانكَسَـرَتْ يـدي
كم ذا يَجـور علـى الدَّعِـي سِبـاق
أخلاقهم روح الربيعِ ورَاحُه
إن الشعوبَ قوامُها الأخلاقُ
طابوا كأنفاس الرياضِ سَرائراً
وكمِثْلِ دَمْعات الجداول رَاقوا
يَزْهو بهم وَطَنٌ ويَفْخَر مَهْجرٌ
مَنْ قال يحتكـرُ السحـابَ عِـراق؟ (3)
* * *
يـا إخْوَتي اشْتـاقَ الغريـبُ لِـداره
أَتَرَى هنالك للغريبِ اشتاقوا؟
لَهْفي عليهـم، كلَّمـا قُلْنـا التقـوا
يتجدّد الإرْعادُ والإبْراق
عَصَفَ الخِلافُ بهم، فَمَـزَّق شَمْلهـم
وجَنَى علـى حُلُـم العُصـورِ شِقـاقُ
رَضَخُوا لأقـزام الـوَرَى وتَصاغَـروا
وجُدُودُهم سـادوا الملـوكَ وَساقـوا
ناموا على مِثْل الحريرِ نُعومة
وعلى أشدِّ من القَتاد أفاقوا
ليتَ الغِـنى ما فـاض مِـنْ آبارهـم
خَيْرٌ مِنَ الذهبِ الكثير وِفاقُ
أسواقُ إسرائيلَ تَشْرب نَفْطَهم
لهوانهم ما تشرب الأهواقُ
بُعْداً لأرزاقٍ تُفَرّقُ أهْلَها
أرزاءُ قومي هذه الأرزاقُ
الوَحْدَةُ الكُـبْرى الـتي حَلِمُـوا بهـا
ذَهَبَتْ، ولم يُعْرفْ لها ميثاقُ
أقسمْتُ لولا "حافظُ" العهـدِ الـذي
ترنو القلوبُ إليه والأحْداقُ
الباعِثُ الآمالِ مِنْ أجدائها
والماسِحُ الآلام، وهْيَ عِماقُ
والحاملُ الأعباءِ عَنْ أوطانه
لا جُهْد يُقْعِدُه ولا إرهاقُ
لَنَفَضْتُ مِنْ أهلي ومِنْ وَطَـني يـدي
وخَنَقْتُ شَوْقاً بُرْده حَزّاقُ
ولَقْلتُ يـا فيحـاءُ حُبُّـكِ شاغِلـي
لكنَّما بينَ القلوب طَلاقُ
يا "حافـظ" الأوطـانِ مـن أعدائهـا
للشمس بَعْدَ غيابها إشْراقُ
حَقَّقْتَ في تشرينَ أحلامَ العُلا
سَلمتْ يدٌ تحيا بها الأرْماقُ!
وَفَضَحْت "جيشَ النَّصْرِ" شَرّ فضيحـةٍ
خَجِلَتْ تخوضُ بوَصْفِهـا الأبـواقُ (4)
أثْنَيتُ فيك علـى الرجولـةِ والنَّـدَى
مَنْ قـال أفْسـدَ شِعْـريَ الإِغْـراقُ؟
أرْضَيْتُ وجْداني، فما همّي إذا
غَضبَ السَّفيهُ وثَرْثَرَ الوَقْواقُ؟
مَنْ لَمْ يميّز صالحاً مِنْ طالحٍ
فكلامُه – عَفْوَ الكلام – نِفاقُ
* * *
يا شـامُ يَشْجيـني فِـراقُ عشيرتـي
هَلْ يَسْتَعيدُ رجاءَه مُشْتاقُ؟
قسَماً لَنَحْمل في القلـوب جِراحهـم
ونَذوقُ مِنْ آلامهم ما ذاقوا
لم نَسْلُ رِفْقتهم علـى رَغْـم النَّـوَى
سِيَّان عندي إخوةٌ ورفاقُ
نَهَشَ الأسَـى قلـبي، وأفْـرَغَ سُمَّـه
فيه، فأين الطَِّبّ والتَّرْياق؟
لا تَعْجَبوا مِـنْ بَسْمَـتي، لا تَعْجَبـوا
تبكي السماءُ ووَجْهُها بَرّاقُ
لا هَمّ إلاّ مِنْ جِراحاتي ارْتَوى
كأسي بألوان الهُموم دِهاقُ
لولا هَـوَى "غلـواء" يَغْمُـر بالسَّنَـا
دَرْبي لضاعَ الشاعرُ الخَلاّقُ
كرَّسْتُ للوطنِ الحبيبِ يَراعتي
فَلْيَغْضَبِ العُمَلاءُ والمُرّاقُ
أنا مِنْ ثراه ذَرَّةٌ، فإذا كَبَا
لم يُجْدِ أني الفارسُ السّباقُ
فارَقْتُه لا راضياً، لكن كما
هَجرَ الرّياضَ هزارها الصّفّاقُ
أعصَى المدامع في الحـوادثِ مَدْمَعـي
لكنْ على ذِكْر الدِّيار يُراقُ
تباً لأوراق سَعْيَنا خَلْفَها
أصْل البَلَّية هذه الأوراقُ
لا مَجْدَ يُنْسِينا مراتعَ أُنْسِنا
ولو أنَّهنّ حَظيرةٌ وزُقاقُ
* * *
عَفْواً صحابي إنْ تَلَعْثَم ساجعٌ
وتَنازع القَمَرَ المنيرَ مَحاقُ
حَطّت عَلى عتَبَاتكم طَيَّارتي
كيف اهتدَى للجنةِ السَّواقُ؟
إني اختََصَرْتُ الروضَ في قارورةٍ
وثَفَى صَباباتِ السنينَ عِناقُ
أحيا لقاؤكمُ زهورَ حَديقتي
وغَداً يعيد لها الذُّبولَ فِراقُ
ذِكْراكمُ عندي أعزُّ ذَخيرةٍ
بإزائها تَتَضاءلُ الأعْلاقُ
يا ليتكُم لم تَحْتَفوا بأخيكمُ
خَيْرٌ مِنَ المتشاعر الذَّوَّاقُ
أوْ ليتَ أبياتي استعَرْن جَناحَكم
أوْ لَيْتَ لم يُقْعِدْني الإرْهاقُ
شوقي إليكم هـاجَ شَوْقـي للحِمَـى
يا قَلْبُ لا انطَفَـأت بـك الأشـواقُ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :367  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 495 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج