شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فتشّت عن وجهي
لا توقدي شمعَ البكاءِ.. وأَوْقِدي
حقدي على دَغْلِ الخطيئةِ واحْقِدي
فإذا سَقَطْتُ على التراب مُضَرَّجاً:
شُدِّي ذراعَكِ وانهضي بِمُهَنَّدِ
ما العَيْشُ إنْ ثَكِلَ العَفافُ وأَصْحَرَتْ
سُبُلُ الفضيلةِ في العراقِ المُرْمَدِ؟
إنْ يُوصِدوا بابَ الحياةِ بوجهنا
فجهادُنا أبوابُهُ لم تُوْصَدِ
وَلَطَالَما كابرتُ رغمَ فجيعتي
أرنو إلى فجر الصلاحِ وأَغْتَدي
لا تَجْزَعي مما أصابَ سفينتي
وَلْتُرْخِصي الدنيا لدين محمَّدِ
فَتَيَمَّمي صوبَ العراقِ شهيدةً
أو شِئْتِ بيتاً للأمانِ: فَأَنْجِدي
أعداؤنا جاروا، لهم في حقلنا
دغلٌ خبيث الجذرِ في العشب النَدِي
فاضَتْ عواديهم على عُوّادِنا
فاسْتطعموا قلبَ الأخِ المُتَوَدِّدِ
هل كان عدلاً سَبْيُ ذاتِ مروءةٍ
ويُصانُ في وضحِ النهارِ المُعْتَدي؟
* * *
أغفوا على رمحٍ يُغِلُّ حشاشتي
وإنِ اسْتَرَحْتُ على وثيرِ المَقْعَدِ
أَوْرَثْتَني يا حزنُ كلَّ رزئيةٍ
ما كان أشقاني بغيرِ تَعَبُّدي!؟
وأَضاءني وَعْدٌ بأنَّ مسيرةً
بغدِ العراقِ تدكُّ عرشَ المُفْسِدِ
فَتَمَرَّدي كالسيلِ في غلوائِهِ
فالخيرُ يا بغدادُ: أَنْ تَتَمَرَّدي!
وطني؟ يُقال بأنَ ليْ وطناً، فما
أبصرتُه إلاَّ وقيدي في يدي!
وأَراهُ أحياناً ينام كطعنةٍ
فوق الخرائطِ، أو بصوتِ المُنْشِدِ!
يا موجَةَ العَدَمِ اشهقي في ليلِهِ
وَتَقَحَّمي تلك الكهوف، وَعَرْبِدي
عَبَثَتْ بيَ الأغلالُ ثمَّ تَقَيَّأَتْ
ظِلّي على نهرٍ عَصِيِّ المورِدِ
فَنَهَضْتُ: أكفاني على كتفي، وفي
قلبي كتابُ اللَّهِ… لم أَتَرَدَّدِ
أنا ما كَبَوْتُ لأنَّ مهرة ثورتي
جزعتْ وأنّ الدربَ غيرُ مُعَبَّدِ
لكنَّ بعضَ القانطين قد ادَّعى
إرْثاً بِسَيْفي قبل قتلِ مُشَرِّدي
* * *
يا قَلْبُ قد يَبِسَ الفراتُ، فماؤنا
كالقيحِ، واخْتَلَطَ التَقِيُّ بِمُلْحِدِ
هذا عراقُ الخيرِ يَشْحَذُ خُبزَهُ
يقتاتُ أحزاناً، وَذُلاًّ يرتدي
بادَأْتُهُ عِشْقي فبادَأَني الضنى
والْتَذَّ مفتوناً بجمرِ تَسَهُّدي
كَحَّلْتُ أجفاني بطينِ "فراتِه"
وَعُصَيَّةٌ من سَعْفِ "دجلة" مِرْوَدي
آهٍ! متى جذري يَضُمُّ غصونَهُ
فيعود لي نهري وزورقُ سُؤْدَدي؟
فَلْتُطْفِئي يا ريحُ نبضَ رجولتي
إنْ بعتُ إيماني بماءِ العَسْجَدِ
* * *
وَوَقَفْتُ شَحّاذاً على باب المنى
فرأيتُ جرحَ الأمسِ يشربُ من غدي!
ورأيتُ ذُلّي في حدائق مقلتي
يسري مسارَ الماءِ في الجسمِ الصَّدِي!
فَتَّشْتُ في المرآةِ عن وجهي فما
أبصرتُ غيرَ مقاتلٍ مُستَشْهِدِ!
عَكّازتي؟ وطني وقد غادَرْتُهُ
قَسْراً غداةَ اسْتأسَدَ النذل الرَدِي
ولربما وَجَدَ الفتى بمفازةٍ
ما لم يَجِدْهُ على بساطِ زُبُرْجُدِ
فَدَريئةُ العاصين غيرُ دريئتي
وَتَزَهُّدُ العافين بعضُ تَزَهُّدي
يا قلبُ: كُنْ صخراً ولا تَدَعِ الهـوى
يُغْري، وإنْ ثَقُلَ المَصابُ: تَجَلَّدِ
فإنْ ارْتَعَبْتَ من الطغاةِ وَجَدْتَهمْ
وَثَبوا عليكَ بشهوةِ المُسْتَأْسِدِ
فاغْضَبْ إذا غضبوا، فإن نيوبَهم
تخشى قِراعَ الفارسِ المُتَوَقِّدِ
ويدي إذا أَسْلَمْتُها لِخَصيمِها:
أدركتُ أَنَ الموتَ تجلبه يدي!
إنْ لم يَقُمْ فجرُ الصلاحِ بعمرِنا:
فالموتُ أَوْلَى لامرئٍ مُتَعَبِّدِ
فيمَ التَشَبُّثُ بالحياةِ إذا اعتلى
سَقْطُ الخليفةِ فوق منبرنا الهَدِي؟
إنَّ العصورَ – وإن تطاول عمرُها –
لمحٌ إذا قِيْسَت بروضةِ أَحْمَدِ
فَوَحَقِّ مَنْ جَعَلَ "البُراقَ" سحابةً
فَسَجى وصلَّى في رحابِ الأَوْحَدِ
وبجوعِ أطفالي وَعِفَّةِ أُمِّهِمْ
وبسبي أختي واغترابِ تَشَرُّدي
أمشي على هدبي إذا قدمي اشتكى
وَهْناً، فأمضي للصباحِ الأَرْغَدِ
وأَمُدُّ كفّي كالضريرِ، يقودني
نسكي، وفانوس البصيرةِ مُرْشِدي
فأصيحُ: تَبّاً يا حياةُ، إذا ابْتَغَتْ
ذُلّي بِمَدِّ يدي لكفِّ مُهَدِّدي
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :559  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 26
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

البهاء زهير

[شاعر حجازي: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج