شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أولاً: الإِحيَاء والشعر العمودي
نجد في شعر عبد الله بلخير - سواء ما قاله وهو يعاصر جيل الرواد في الوطن العربي الكبير، أم ما قاله الآن، وهو يعاصر جيل الشباب -القلق- روحاً من شعراء مدرسة الإِحياء التي كان يعاصر جُلَّ شعرائها، الذين كانت القصيدة تجري لديهم مجرى تقليدياً، وتسير مسار القصيدة العمودية في جزالتها وسلامة تراكيبها وأساليبها وصورها ومضمونها، نحس ونحن نقرأ شعره، أننا أمام صوت عربي يحافظ على الروح العربية في التغني بالأمجاد والشمائل، والتفاخر بالمكارم والفضائل.
وإن في صوته الشعري نبرة جيل مؤمن مطلع على تراث العرب الشعري والفكري.
ولقد أكد شعر بلخير، أن الشعر العمودي قادر على أن يستوعب المضمون القومي والوطني والديني والحضاري والملحمي ثم يفيض به على الدنيا بأسرها.. بل هو الشعر الوحيد الذي يقوى على صياغة الموضوعات البطولية والملحمية، لأن الأحاسيس الوطنية والقومية والدينية، لا تستجيب في انفعالها إلاَّ لشعرنا العربي الأصيل (الكلاسيكي) شعر الأصالة والقيادة والريادة والبعث.
وإلى اليوم تتجاوب مشاعرنا الحماسية مع الأصوات التقليدية لشعراء الملاحم الفروسية والبطولية، العربية والإِسلامية من: عنترة فعمرو بن كلثوم، فحسان، فأبي تمام، فأبي فراس، فالمتنبي.. فإلى شعرائنا المعاصرين من: أحمد شوقي، فعمر أبي ريشة، فشاعرنا عبد الله بلخير.. وغيرهم.
فقد استطاع هؤلاء الشعراء -وعلى رأسهم بلخير- عبر الصوت الشعري العمودي الزخار أن يجسدوا أبعاد وشكل الصوت العربي الذي يصدح بالأصالة وأسرار البلاغة والموسيقى.. التي تتمكن من إثـارة حميـة العربـي ونخوتـه وانفعاله وحماسته.. على مرِّ الأزمان.. لما في هذا الشعر من تماسك البناء، وإحكام أسسه وقواعده، بالصياغة اللفظية الجزلة.. فينتهي ذلك التماسك والتراص إلى قافية واحدة، وكأنها قد رسَّخت إيقاع الصوت واستمرار صداه، فيجيء -بعد ذلك- الصوت جرساً موسيقياً متماوجاً في الأذن العربية. ولتتنبه وتتجاوب مع مضمون ذلك الشعر.
وحين حدد نقادنا القدامى مفهوم عمود الشعر وخصائصه، لم يكن ذلك التحديد أو التعريف كلاماً يُرمى جزافاً، وإنما هو تحديد دراية، ومعرفة وخبرة، واستشفاف لروح الشعر العربي، وسبر لدقائقه الدفينة التي تشكل عظمة قوته وروعة تألقه. وإن تلك الرؤية الشعرية والنقدية من أدبائنا القدامى، لتقوم على حقائق كبرى في تصور وتفهم للواقع العربي الفكري، وتستوعب تكوين شخصية العرب ومجتمعاتهم وأذواقهم ونظراتهم للقبيلة في أكمل صورها ومظاهرها.
ومن هنا كان الشعر العربي ترجمة صادقة للنفس العربية، وتعبيراً أصيلاً لما يجيش فيها من مشاعر وأحاسيس، تمثل طبيعة النفس العربية، ونموذجية الشخصية العربية. لذلك فإن بناء وهيكل وشكل القصيدة في إطار العمود الشعري، ما هي إلاَّ خلاصة للروح العربية عبر أجيال موغلة في عالم نقي ساخن مشرق لساحات النفس العربية.
ومن هنا أيضاً كان نقادنا محقين، حين أطلقوا على شعرنا العربي [ديوان العرب]، ولقد تفهم شاعرنا بلخير تلك الحقائق، وجاشت شاعريته، وانطلقت أصالته عبر تلك الحدود والآفاق من دنيا شعرنا العربي الأصيل. فكان شعره -وهو ينحو منحى تقليدياً في الصورة العمودية- استمراراً لتلك الروح الشعرية والعربية والفنية. لذلك عُدَّ أحد أفذاذ شعراء الإِحياء العربي.. إحياء القصيدة العربية الأصيلة الخالدة. بعد أن أضاف إليها الكثير من رؤاه وفكره وشخصيته وتجديده.. كما رأيناه في موضوعاته الملحمية وغيرها. وكما سنراه في ملاحمه الأخرى التي يزخر بها ديوانه الحبيسي المخطوط من الفصول الأخرى لملحمته الكبرى (محمد رسول الله) التي نشر منها فصلين وبقيت فصولها الأخرى تحت النشر، وبينها ملحمة (فتح مكة)، وملحمة المعتمد بن عباد، و(بلاط الشهداء) على نهر (اللوار) في فرنسا وعلى الطريق إلى (باريس)، ومعلقة (البتـرا) فـي الأردن و(القيروان) في تونس والثورة الجزائرية. وملحمة (الغازي شامـل باشـا الداغتالي) ورحلة إلى اليابان وملحمته (سبتة ومليلية) بالمغرب وغيرها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :676  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 36
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج