شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ثالثاً: الروّاد وأعلام الفكر والأدب
إن أعلام الفكر والثقافة والأدب هم صفوة الأمة وخلاصة روحها وحضارتها، ورمز إشعاعها وتقدمها. وتاريخنا الأدبي حافل بقصص وأخبار أولئك الأعلام الذين وجدوا كل تقدير وإجلال ومدح من رواد الشعر العربي. فنقرأ الكثير عن مدائح كل من بشار للعالم واصل بن عطاء، وأبي تمام للكاتب محمد بن عبد الملك الزيات، والمتنبي للكاتب ابن العميد، والشريف الرضي للصاحب بن عبّاد، والمعري لصديقه الأديب الشاب أبي الخطاب الجبلي صاحب القصيدة الخالدة "غير مجد". وكذلك في العصر الحديث نقرأ الكثير من مديح وثناء الشعراء للأعلام والمفكرين والشعراء وكتبهم ودواوينهم، كحافظ إبراهيم للإمام محمد عبده. والشعراء الآخرين كالبارودي وشوقي وإسماعيل صبري في مدحهم لمعاصريهم من المفكرين (1) .
وإنها لمواقف حميدة وطيبة ومشرفة للأدب والفكر من أولئك الشعراء، ودليل على أصالتهم ومثلهم. كما أن اهتمام الشاعر عبد الله بلخير بمثل تلك المواقف لأكبر دليل أيضاً على معدن الرجل وأصالته وقيمه. فحين كان يمدح الملوك لأنهم يصنعون الأمجاد العظيمة.. كذلك كان يمدح المفكرين ومؤسسات العلم والمعرفة لأنهم يمتصون ما في أعماقنا ومشاعرنا ورغباتنا وآمالنا ويصوغونها أعمالاً فنية عظيمة، ويفجرون في دمائنا دفقات من التطلع والتوق إلى الأفضل والأجمل.
* وأول شخصية فكرية بارزة مدحها الشاعر عبد الله بلخير كانت شخصية "شكيب أرسلان" المثلى في الدين والعروبة والوحدة والتراث، وإننا لا نستغرب ذلك المديح والثناء، فأمير البيان يستأهل من شاعرنا كل ما قاله فيه - ولا سيما أننا نعرف مدى الحب الذي يكنه له مفكرو ومثقفو الجزيرة العربية لأفكاره ومواقفه العربية والإسلامية الريادية، ولدوره الكبير في يقظة الأمة العربية وتنبيهه للأخطار المحدقة بها، وللأهداف التي رسمها لشعوبها، وللمنهج القويم الذي سار عليه. فكان خير معلم قومي وديني ووطني للجزيرة ولكل العرب.. ولقد كانت معظم كتبه رائجة أيام الشاعر عبد الله بلخير، مثل: لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟ ورحلة إلى الأراضي الحجازية، والارتسامات اللطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف.. وغيرها.. وقد أرسل الشاعر إلى أمير البيان قصيدة بعنوان "تحية شاعر الفلاح…". وقد نشرت بجريدة "صوت الحجاز" في العدد: (108) تاريخ 7 صفر 1353 هـ منها:
لك في قلـوب المسلمـين مقـام
سام أشاد صروحه الأعظام
ولك المآثر والمفاخر جمة
والمكرمات وكلهن جسام
يا كاتب الشرق الكبير ومـن بـه
في المعضـلات يفاخـر الإسـلام
حيتك (مكة) و (الحجاز) ومن بها
بين (الرشيد) إلى (تريـم) أقامـوا
ومشت إليك قلوبهم يحدو بها
نحو الأمين (الحب) والإلهام
يا قبلة الكتاب إن نظموا وإن
نثروا فأنت لهم أب وإمام
وإذا كتبت فأنت أبلغ كاتب
وإذا نظمت فمن هو النظام؟
من ذا ينازعك الإمارة؟ إنها
ألقت إليك زمامها (الأقدام)
وقد رد عليه أمير البيان بكلمة منها "أخذت قصيدتك الغراء التي تدل على نجابتك ومتانة عروبتك، وإني لعاجز عن تأديتكم حق الشكر على عواطفكم الأخوية... ".
* وثاني قصيدة لشاعرنا يمدح بها العلماء والرواد، هي "تحية البعثة الفلاحية" (2) ، والتي تكاد تؤرخ فترة هامة من فترات تاريخ الجزيرة التعليمي والثقافي.. هي فترة التعليم بمدرسة (الفلاح) التي تعلم فيها وتخرج منها معظم رواد المملكة العربية السعودية.
وليس أفضل على قلب الشاعر من أولئك الفتية الذين قدموا من الهند مزودين بالعلوم الدينية والمثل الإسلامية.. ولا بد أن يكون الشاعر يعرفهم، وله معهم ذكريات أدبية ومواقف مشرفة، وجاء دوره ليعزز هذه المواقف، ويشارك في إكرامهم ومديحهم والافتخار بهم، وعلى رأسهم مؤسس مدارس الفلاح في الحجاز والهند والبحرين (محمد زنيل علي رضا).. ويجيء مدحه متفقاً مع المبدأ الذي لا يحيد عنه في تقديره للرجال، ومآثرهم العظيمة لأمتهم وأوطانهم، ولقد صور الشاعر حالة الجهل التي سادت الجزيرة العربية، وكان أهلها في تيه وجمود وغيبوبة، فقام (موفق) -لقب للزنيل- مستعيناً بالله يكابد الأهوال فاندفع بحماسه العظيم غير مكترث للعراقيل:
وقد قام من آل (الرضاء) (موفق)
أتيح له فتح المهيمن والنصر
رأى العرب حيرى في دياجير جهلها
تتيه بلا وعي وقد مسها الضر
يُرَوْن سكارى سابحين وما همو
سكارى. ولكن ذلك الجهل لا السكر
فقام وحيداً مستعيناً بربه
يكابد أهوالاً يشيب لها الشعر
ولم يكترث بالحاسدين وما به
رموه وقالوا إن إحسانه نكر
ولم يأل جهداً في المضي بشعبه
إلى مستوى يخشى المضي له النسر
ففي الهند والبحرين أنشا مدارس الـ
ـفـلاح وفي أم القرى فلـه قصـر
وبالطائف المأنوس أيضا و (جدة)
قصور لنشر العلم زينها الذكر
ويظل الشاعر متجاوباً مع الشباب المتعلم.. ودائماً يشيد بدور العلم في نهضة الشعوب وتقدمها من خلال أسلوب المقارنة بين الغرب والعرب في الماضي.. وكيف كانوا وكيف كنا وحققنا؟ فتنهال عليه المعاني والمشاعر، وكلها فخر بجدوده العرب وأمته.. وهكذا يختلط معه دائماً الحاضر بالماضي، والشباب المتعلم الطموح المتدين بأمجاد الماضي العريق القائم على العلم والدين. ثم يلتفت للحاضر المؤلم، والمصير الكئيب الذي داهم العرب وما لحقهم من تفرق وقهر وجمود وجهل وانحلال وضعف (وأشياء لا يطاق لها ذكر)، بسبب انحرافنا عن شريعة محمد، وتمادينا بالفرقة والجهل والفقر، والناس لا تسمع الوعظ والإرشاد والتوجيه، وقد بحت الأصوات (وكيف ينادى من بآذانه وقر؟). ويشارك الشاعر في دعوة ويقظة النفوس وإلهاب المشاعر. ولكنه يلوذ أخيراً بالله.
فإن لم يداركنا الإله بنفحة
تهب فتحيينا فينجبر الكسر
ويبدل هذا الجهل بالعلم والتقى
وننهض جمعاً والعلوم لنا أزر
فيا ضيعة الأعمار يا ضيعة الحجى
ويا ويح قلبي ما لكسرهمو جبر
وتتفاقم ثورة الشاعر، ويحدد نوع الرجال الذين يصنعون التاريخ والمجد.. لذلك فهو يتوق إليهم ويريدهم.. ويراهم في فتية الفلاح المتعلمة الرائدة لقومهم ووطنهم ودينهم.
وهكذا ينبري الشاعر في مديحه وفخره من مواقف جليلة مشرفة، مواقف الوطنية والمثل والمعرفة والعلم والرجولة والشرف.. فتتألق قصائده روحاً وفكراً وعاطفة كلما برز فرد أو جماعة في صنع تلك المواقف. هذه هي أصالة الشاعر التي يستمدها من جذور أصيلة.
* وتسمو وتتألق هذه الأصالة أكثر في مرحلة الشاعر الحالية وهو يشيد من جديد بقادة الفكر وأعلام الثقافة والأدب.. ويظل نبعه الشعري غزيراً وفياضاً كما اعتدنا وعودنا عليه الشاعر.. من احتفاء بالمديح والفخر.. وقصيدته "صحافتنا على هضبات نجد" (3) وكذلك قصيدته "زرعوا الحديد فأثمـر الكتـب" تمثل عملية مزج هذين الفنين لبلورة وتجسيد مآثر رجال المعرفة والثقافة والأدب، وعلى مشهد ملكي وفكري. فأصبح شعره سجلاً صادقاً، ووثيقة أدبية، ومصدراً لنوعية وتعداد الرواد وفضلهم على الصحافة والأدب والثقافة، وإن كان يعتذر -بأخلاق الأكارم- عن عدم ذكرهم جميعاً فهم كثيرون.. وممن أشاد بآثارهم المحمودة: علي وعثمان حافظ.. وهما أخوان أسسا جريدة "المدينة"، وقد خصهما الشاعر بقسم كبير من القصيدة التي بلغت واحداً وستين بيتاً. وهما ظاهرة متميزة في تاريخ الصحافة، ومما يقول فيهما:
فيـا (عثمـان) طبت ويـا (عليـاً)
كفاحكما المرير اليوم طابا
تطاولت (المدينة) في (هشام)
ونالت في (محمدها) الرغابـا (4)
كـأن دعاكما فـي كـل فجـر
تقبّله الذي لكما استجابا
فها أنتم على الآفاق ذكر
تعالى من رماه وقد أصابا
ويشيد بأدباء ومفكرين آخرين أسسوا صحفاً ومجلات أو كان لهم دور كبير في عملية الصحافة والنشـر والأدب، أمثـال: عبـد القدوس الأنصـاري -صاحب مجلة المنهل- ومحمد حسين زيدان:
ولا أنسى أخا الأنصار فيهم
وذاك (المنهل) العذب الشرابا
و (زيدان) البيان إذا تجلى
وحلق واعتلى فصل الخطابا
كأنك قد سمعت به (عكاظاً)
أو أنك قد قرأت به كتابا
إن اهتمام شاعرنا بأولئك الأعلام وغيرهم يظل رمزاً لاهتمامات وتطلعات عبد الله بلخير لمعاني: الأدب والعلم والدين:
إذا ما المترفون بنوا قصوراً
وشدوا (للملايين) الرطابا
بنى المتنافسون على المعاني
(الصحايف) و (المدارس) و (القبابا)
* ويبدو أن عودة هذا الصوت العربي إلى الأسماع مـن جديـد، يمثـل -وبالأخص لمثقفي التراث والأصالة- عودة الشاعر العربي القديم الفذ بزي عصري. ونحس بأننا نزداد ثقة، وأن الشعر العربي الأصيل قادر على الاستمرار بتلك الأصالة، ومتجدد بما يلائم الروح العربية المعاصرة، وصادق ومؤثر بما يترجم عن بيئة وواقع العرب وما يعج به من قيم دينية وروحية وتاريخية.
ولهذا فقد جاءت البرقية الموقعة باسم "المخلص المحب عبد الرحمن المعمر" من "الملز- ندوة الأستاذ الرفاعي" وبعنوان "إلى الحاضر الغائب" (5) جاءت رمزاً كبيراً، ووثيقة صادقة، لمكانة وحضور شاعرنا دوماً في ذهن ووجدان المثقف العربي في المملكة. ونداء للشاعر كي يترجم لمعجبيه حضوره المعنوي إلى حضور مادي محسوس، ويلتصق بهم وجداناً وفكراً وحساً.
ويستجيب عبد الله بلخير لمشاعر وعواطف محبيه، طائراً مغرداً من (جدة) ليحط على دوحة الرفاعي، وليأنس الحضور بحضوره.. فقد تحقق لهـم أعظم نصر، وعمتهم أكبر فرحة، وينطلق الشاعر كدأبه المعهود –فـي تقديـر
أعلام الفكر والأدب- بقصيدة (6) بلغت أعلى مكانة للشعر العربي الأصيل المعاصر، في وزنها ورشاقتها ومضمونها وثقافتها وصدقها.. تجمعت لها كل خصائص فنَّي المديح والفخر التي امتاز بها الشاعر، ولا سيما ذاك المزج بين الفنين، والاتكاء على التاريخ وأعلامه. والفيض العاطفي في إجلال ذوي الفكر والأدب -وعلى رأسهم الأستاذ الرفاعي الذي يُشهد له بالأصالة والمثل وخدمة المعرفة والثقافة والأدب والعلم- وما دارته أو (صالونه) العامرة منذ ربع قرن، والغاصة بأهل العلم والمعرفة إلاّ دليل على شخصية الرجل. فبعد أن يمجد الثقافة والفكر من خلال الإشادة "بسفيرة الأدب" المتمثلة بمجلة "عالم الكتب" يشيد "بدار ثقيف" كضوء من أضواء الجزيرة، وسمة من سمات البعث، ثم يعرج على التاريخ ويحيي أبطاله من رقدتهم مثل: (محمد بن القاسم الثقفي). و (بني ثقيف) وأمجادهم عبر التاريخ، لينتهي الشاعر كعادته في مدح رجاله وأعلامه وتخليد مآثرهم وتجسيد صفاتهم وأخلاقهم:
(عبد العزيز وقد عنيت بمن
سميت منشئ (ندوة الأدب)
ذو النبل يلمع فوق جبهته
بالفضل والأخلاق والحسب
و (ابن المعمر) من سمعت به
زين الشباب الناهض الذرب
قاما بما قاما، فحي هلا
بهما، وليس بذاك من عجب
فهما من (الرواد) قد خطوا
في العلم خطوة راية، ندب
سيظل ما قاما به مثلاً
يزجى لغيرهما، على نصب
ناداهما الوطن المهاب بما
نادى شباب (جزيرة العرب)
فتقدما لنداه، في رغب
يتباريان، بغير ما وهب
شتان بين مجيب دعوة من
نادى، ومن نودي، فلم يجب
* * *
وفي قصيدة [زرعوا الحديد فأثمر الكتب] (7) تمثل هذا الجانب الذي نحن بصدده، إذ يوضح لنا من جديد شاعرنا عبد الله بلخير مدى التصاقه بأعلام الفكر والصحافة، ودورهم الفكري والصحفي، من خلال مؤسساتهم ودور نشرهم وصحافتهم، ومدى تقديره واعتزازه بأولئك الأفذاذ، وإن تعاطفه معهم، وحبه لهم، يجسد العمق الأصيل للفكر والوجدان لدى الشاعر. فيظل اهتمام بلخير بالمفكرين رمزاً لإيمانه الكبير بالدور الحضاري الذي تلعبه الكتب والصحافة والعلم.
كما أن شاعرنا في هذه القصيدة، التي بلغت ثمانين بيتاً، يبرع براعة آسرة -ومنذ المقطع الأول- في توظيف فنه الشعري، من وسائل تصويرية مشخصة ومجسدة، لإبراز مضمونه الفكري، فتفيض أفكاره عبر الصورة الحية الموحية، التي راحت تستثير القارئ أو السامع حتى آخر بيت. يقول في المطلع:
زرعوا الحديد.. فأثمر الكتبا
والعلم.. والعرفان.. والأدبا
وبنوا على الفولاذ صرحهم
قبباً. بنوا من فوقها قببا
وسقوه بالحبر الطهور، فأيـ
ـنع طلعهُ.. واهتز حين ربا
حتى استوى صرحاً تطاول في
عليائه. في الأفق منتصبا
لبس السحاب مطارفاً جدداً
ثم اكتسى ببياضه خببا!
يستقطب الأنظار تحسبه
في الليل نور البدر منسكبا
وإن تلك الدار، وما فيها من آلات حديدية صماء للطباعة، قد تحولت إلى رموز عظيمة كانت هي هم الشاعر من طموحات وحقائق. فغابت تلك الآلات، أو الوسيلة، ولم نعد نرى ونحس إلأ بآثارها العلمية والدينية والحضارية -وإن كنا نسمع إيقاع صخبها وضجيجها- التي عمت أصقاع المملكة والجزيرة العربية وكل بلاد العرب:
صرح بناه المصلحون. فقد
شدوا له الأوتاد والطُنبا
فيه المطابع.. كل واحدة
فيها تعادل جحفلاً لجبا
قامت صفوفاً في جوانبه
وتجاوبت أصداؤها صخبا
تصطك في رجع تتابع من
إيقاع ما قد ضج أو ضربا
عزف (الحضارة) في تماوجه
كالسيل، فوق هضابه ركبا
يغشى (بلاد العرب) مصطفق الـ
.. أمواج.. هـداراً بمـا انسكبـا!
ويعرف الشاعر بلخير دور الصحافة والمعرفة في تحقيق التقدم والازدهار وبلوغ المجد.. كما يركز في قصيدته، على ما لعبته الصحافة السعودية في الوحدة الوطنية بين اليمامة والحجاز، والوحدة القومية بين أصقاع الجزيرة العربية، وما كان لها من آثار طيبة في احتضان كل الأقلام الشريفة، كمنبر يلوذ به المبدعون من مختلف الأجيال. والمصلحون حسب مدى إصلاحهم.
وتتوارد أفكار الشاعر بتلقائية وعفوية، في إطاره الوطني والعربي، ليحط بنا عند قضية الإعلام.. لأن للصحافة -كذلك- دورها في بلورة تلك القضية، التي كانت وما زالت علة لدى العرب، بسبب الإعلام وأسلوبه، وما يرتكب بوسائله من فرقة واشتعال نار الحقد، مما أضعفت العرب، وشجعت إسرائيل لتضرب ضربتها..
إن الشاعر، يقول شعراً ملتزماً، ومن منطلق المجرب الخبير بقضية الإعلام.. ولا سيما قد كان أول وأكبر مسؤول إعلامي في الدولة السعودية الحديثة.. وقد عانى من علة الإعلام الأمرين (الصاب والوصب).
هذا وإن مصاب أمتنا
(إعلامها) في ما قد ارتكبا
وأنا الخبير بما سأذكره
مذ ذقت منه الصاب والوصبا
على أن الشاعر لا يرى مرض الإعلام قد استشرى في الصحف السعودية، ولا سيَّما في (المدينة) أو دارها.. لأنها ظلت منارة للآخرين بجهود القائمين عليها الذين ضربوا المثل الأعلى في المثل والإصلاح.
ومن هنا، فالشاعر، إذا ما وقف عند فضائل أولئك القائمـين المفكريـن، أو رواد دار المدينة، فإنه يستوحي معاني مدحه وتعاطفه من القيم التي رسخوها، والآثار التي خلفوها.. ويخص! بالذكر منهم (الأخوين: علي حافظ وعثمان حافظ):
خمسون عاماً في الصحافة لم
يهدأ كفاحهما. ولا نضبا
كانا.. وما زالا حداة سرى
من جاء بعدهما. بما كتبا
يتباريان مع الشباب على
قصب. السباق. فأحرزا القصبا
حمل الأمانة بعدهم نفر
وهبوا (المدينة) حبهم رغبا
شعوا بدوراً في جزيرتنا
وتجاوزوا آفاقها شهبا! (8) .
إن كل ما تناوله الشاعر، وعرضه علينا -من خلال انطباعاته عن أعلام الأدب والثقافة- ليبرز قيمة من يحترف القلم والفكر، ويحرر بهما صنوف المعرفة، كما يبرز مدى المعاناة أو المكابدة التي يتجشمها أولو النشر والتحرير والإصدار.. من صحف ومجلات وكتب، كغذاء روحي مفيد شهي للقارئ الذي ينعم بالاسترخاء والراحة ولا يحس قسوة وصعوبة تلك الحرفة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1272  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 10 من 36
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.