شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الدكتور نور الدين صمود ))
ثُم تعطى الكلمة للدكتور نور الدين صمود، فيقول:
- حضرات الأخوة الكرام، أنا سعيد جداً بوجودي بين هذا الجمع الكريم، وبين هذه الوجوه المشرقة التي تهتم بالأدب والشعر، وتعيدنا إلى تلك الأيام العربية المجيدة التي كانت تهتم بالروحانيات أكثر مما كانت تهتم بالماديات.
- وقد قفزت بي الذاكرة الآن إلى سنة تسع وأربعين وتسعمائة وألف، عندما عاد والدي من الحج وهو يحمل لي بعض الكتب من بينها كتاب "وحي الصحراء" تصفَّحت هذا الكتاب، فوجدته أنيقاً، جميل الإِخراج، أعطاني صورة مشرقة عن شعراء الجزيرة العربية، حاولت أن أربط بين الوجوه وبين امرئ القيس، وبين الشعراء القدماء.
- وقد ظلت هذه النسخة بين يدي أحافظ عليها كأنفس الأعلاق حتى استعارها مني صديق حميم رأى أن يستأثر بها ولم يعدها إليَّ، وقد سمعتُ منذ أيام من بعض أصدقائي هنا، بأن دار تهامة تنوي إعادة طبعها، ويسرني اليوم أن أكون في ضيافة ابن أحد مؤلفي هذا الكتاب، وقد صدق المثل العربي القديم الذي قال: "إن هذا الشبل من ذاك الأسد".
- فلا غرابة أن يهتم مضيفنا الكريم الأستاذ عبد المقصود خوجه بالأدباء وأن يكرمهم كل أسبوع هذا التكريم وأن يقيم لهم هذه المأدبة الحاتمية، ولا غرابة أن يقف البعض منا فيكون كزهير بالنسبة لهرم بن سنان.
- وعلى كل حال فإنني أحب أن أبارك هذه الأمسية لأن بابا طاهر زمخشري قابلته منذ بضعة أشهر في تونس، فقال لي: إنني قد طلقت الشعر، ولكني أراه اليوم يعود فيتزوج بالشعر ثانية في هذا الحفل البهيج، ويعود إليه لأنه لا يمكن أن يهرب منه لأنه قدره، أما الشاعر محمود عارف فقد عرفته من خلال بعض دواوينه التي وصلت إلى تونس، وقد ذكر لي الآن قائمة دواوينه فتذكرت البعض منها، وأظن أننا قد تحدثنا عنها في مجلة الشعر، فأنا رئيس تحرير مجلة الشعر، وتحدثنا عن كثير من الشعراء السعوديين في العدد الأخير من هذه المجلة التي سأقدم منها بعضاً من النسخ للأستاذ عبد المقصود وسترون أن هناك دراساتٍ عن الأدب السعودي أيضاً.
- أنا أود أن أقترح اقتراحاً، وهو أن تسجل كل هذه الكلمات التي تقال في هذه المناسبات وأن تجمع، وأن تُطبع كل سنة لأنها بالفعل تمثل نشاطاً أدبياً وحركة أدبية يجب أن تُحفظ.
- طلب مني البعض أن أعلق على شعر الأستاذ عارف، طبعاً أنا لست أهلاً لهذا التعليق، فالشاعر عارف شاعر معروف، وقصائده قد نشرت منذ سنوات طويلة، ولكن أحب أن أساهمَ بدوري بقراءة قصيد له مساس بقصيد الأستاذ عارف الأول، "قصيد مكة"، فقد كتبتُ قصيدة بمناسبة افتتاح القرن الهجري الجديد حاولتُ أن أعارض فيه قصيدة مشهورة جداً، لكن صاحبها مجهولٌ جداً، وهي قصيدة "اليتيمة" التي مطلعها:
هل بالطلول لسائل رد
أم هل لها بتكلم عهد
وقد سُمِّيت "اليتيمة" لأن صاحبها غير معروف، ولها قصة طريفة، وقد ركبت في محاولتي لمعارضة هذه القصيدة، مَرْكباً صعباً، لأنها مكتوبة على بحر الكامل الأحذ، فاسمحوا لي أن أقرأ لكم من هذه القصيدة بعضاً من الأبيات لأني لا يمكن أن أجد آذاناً تستمع إلى هذه القصيدة أحسن من هذه الآذان:
هذي القلوب تشوقها نجد
عاد الصبا وتبسمت دعد
لعنيزةٍ ذكرى مُحببة
ولخولة أطلالُها الجُرْد
وعكاظُ يحلم بالألى رَحَلُوا
وعليه من أمجادهم مجْد
شمختْ معاطسهم وقد بلغتْ
هام السماء كأنهم أسْد
ساروا على الرمضاء يدفعهم
عزمٌ قوي صامد صلْد
ومفاوز الصحراء يغمرها
وعد السراب وملؤه وقد
ووعوده كذب وتسلية
كالغيد ليس لغادةٍ وعد
لو سار فيها الجن ممتطياً
صهواتِ جن ما لها ند
لمضوا حيارى في مفازتهم
تاه الدليل وضُيِّع القصد
ويظل يسأل من يمر بها
ولـــه فــؤاد فـوقهــا جلــد
ما بال هذا الأفق منسرحاً
ومهامه الصحراء تمتد؟
وتلوح فيه قوافل ضربت
كبد الصحارى سيرها وخد
فإذا شدا الحادي مضت قدماً
ويظل خلف بعيره يحدو
وهوادج الغيد الحسان مضت
بسعاد في أعقابها هند
ويلوح لي نسج الرياح على
ذهب الرمال كأنه بُرد
تتفنَّن الصحرا فكم رسمتْ
صور الجمال وما لها قصد
وتظل تنضد إذ تهب على
سقط اللوى فيروقنا النضد
ولكم بنت من رملها جبلاً
أثر البناء تراه ينهد
نحتت بأزميلِ الهوى فهوى
واندك ذاك الشامخُ الطود
والرمل في الرمضاء مضطرب
فيه يلوح الجزْر والمد
فكأنه سيل به ثبجٌ
عالي الغوارب ما له سد
قد جاده هطل فوا عجباً
تبكي السماء فيضحك الورد
وتهب أنسام معطرة
فترى الزُّهور على الرُّبا تعدو
فكأنها قلب المحب إذا
ذكر الحبيب يشوقه وعد
تتسابق الأزهار في شغف
ويكاد ينطق ثغرها الوجد
وعرار نجد يستبي خلدي
وتروقني بجمالها نجد
وأرى اليمامة في الرياض شدت
فتمايلت أغصانها المُلْد
قمرية تشدو على فنن
إنَّ الغصون لشدوها مهد
من أين يأتي الحزن غانية
في صدرها يتلألأ العقد؟
وتخضَّبت مثل العروس وذا
لون الخضاب بساقها يبدو
وترنَّمت بهديلها فلها
تتراقص الأغصان إذ تشدو
غنتْ بأمجاد الأُلى زرعوا
ما طاب منه القطْف والحصْد
وامتد منهم تحت كل سما
عيش رخي ناعم رغد
فغدت رمال البيد ضاحكةً
فيها يرف الطير والورد
كانوا ليوثاً لا ينالهمُ
ضيمٌ وليس لعزهم حد
لا يؤمنون بغير عزتهم
إن الذليل لديهم عبد
ويهل في الصحراء فجر سنىً
عنوانه الإِسلام والحمد
جمع الأُلى كانوا بها شِيَعاً
ضلتْ خطاهم ما لهم رُشد
نشأوا على الفوضى فكم ولدت
بنت فكان مصيرها الوأد
وتقاتلوا دوماً بلا سبب
وتخاصموا وتفاقم الحقد
بالسيف كاد يذوب من حنَق
لو لم يضم شباته الغِمْد
وسنابك الخيل التي دميت
من طول ما كانت هنا تعدو
حتى أتى الإِسلام فانبجست
منه الغيوث وأطفئ الوقد
وإذا القبائل وحدة فتحت
كل الحصون فما لها وصد
كانت مشاعرهم بمقدمه
كالروض حين يقهقه الرعد
رفعوا على البيداء رآيتهم
وغزا المدائن ذلك الجند
كانوا غيوثاً أينما نزلوا
يخضر منها السهل والنجد
وانداح في الآفاق متَّسعاً
مثل الصدى في الأفق يمتد
فحدوده في الغرب أندلس
وحدودُه في المشرق الهند
وجنودُه آي الكتاب وكم
فتح المعاقل ذلك الجند
ملأوا الدُّنى عدلاً ومفخرةً
ومآثراً ما إنْ لها جحد
وسرت بنا الأعوام دون ونىً
فكأنها في جيدنا عقد
ألف ونصف الألف يتبعها
طال الزمان وأرهق العد
يا للثواني في مسيرتها
تمضي القرون وما لها عود
طوراً نرى في قمة سمقت
ولكم نرى ومكاننا الوهد
ذقنا بها المر الزعاف وكم
ذقنا زلالاً دونه الشهد
كنا لهذا الكون سادته
وبنا يكون الحل والعقد
ومنارة تهدي الأُلى عشيتْ
أبصارُهم فعيونُهم رَمْد
أيام قادت زحفنا فئةٌ
ما فيهم إلاَّ الفتى الجَلْد
إلى آخر القصيدة...
 
ويطالب المستمعون الأستاذ صمود بالاستمرار ولكنه يكتفي بما قال حتى يتيح للآخرين المشاركة في تكريم المحتفى به، وقد أوضح الشاعر نور الدين صمود في ختام حديثه أنه يكتب الشعر الحر والشعر الموزون، لكنه حاول في هذه المرة أن يكتب الشعر العمودي في القصيدة، مستوحاة من وحي البلد الجميل، المملكة العربية السعودية، كما أشار إلى أنه قد قام بتأليف كتابين في العروض، وأنه نظم شعراً على جميع بحور الشعر باستثناء بحر "المنسرح".
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :689  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 71 من 126
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج